بدأت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، اليوم، مناقشة مسودة مشروع قانون الإجراءات الجنائية، التي سبق وأعدتها اللجنة الفرعية التي شكلها رئيس مجلس النواب حنفي جبالي، وكان لافتًا رفض رئيس اللجنة حضور الصحفيين تفاصيل المناقشات حول المواد، على خلاف المعتاد في المشاريع القانونية الأخرى.
ويعود قرار تشكيل اللجنة الفرعية لإعداد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى ديسمبر/كانون الأول 2022، لإعداد مشروع متكامل للإجراءات الجنائية.
ووفق المادة 57 من لائحة مجلس النواب، فإن "جلسات اللجان غير علنية، ولا يجوز حضورها إلا لأعضائها وغيرهم من أعضاء المجلس والعاملين بأمانتها ومن تستعين بهم اللجنة من المستشارين والخبراء، طبقًا للأحكام المقررة فى هذه اللائحة، ولا يجوز أن يحضر ممثلو الصحافة وغيرها من وسائل الإعلام اجتماعات اللجان إلا بناء على إذن من رئيسها". وعادة ما يسمح لوسائل الإعلام بحضور هذه الجلسات.
وقبل أن يطلب رئيس لجنة الشؤون الدستورية النائب إبراهيم الهنيدي من الصحفيين الخروج، سمح بحضورهم افتتاح الاجتماع الذي شهد إلقاء كلمات عامة وإشادة بمشروع القانون ودور اللجنة الفرعية من قبل الهنيدي نفسه، ووكيل اللجنة النائب إيهاب الطماوي.
واعتبرت رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان مشيرة خطاب، في تصريحات صحفية على هامش مشاركتها في الاجتماع، أن مشروع القانون يمثل "الدستور الثاني"، موضحة "المشروع يعزز ترسيخ حقوق الإنسان والحقوق والحريات"، ومضيفة "إحنا لسه بنبدأ، مصر لسه بتبدأ خطواتها في هذا الملف".
ويتضمن المشروع، الذي اطلعت عليه المنصة، 540 مادة، تضع ضوابط لتفتيش المنازل والقبض على المتهمين، واستجوابهم والاستماع إلى الشهود والمنع من السفر والتحفظ على الأموال، والإيداع في مراكز الإصلاح والتأهيل.
كما وضعت النصوص ضوابط للحبس الاحتياطي، وخفضت مدته عن المدد المقررة في القانون الحالي، فنصت على أنه "لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي أو التدابير على ثلاثة أشهر في مواد الجنح ما لم يكن المتهم أُعلن بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة".
أما إذا كانت التهمة المنسوبة للمتهم جناية، وفق مشروع القانون، فلا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي أو التدابير على خمسة أشهر إلا بعد الحصول قبل انقضائها على أمر من المحكمة المختصة بمد الحبس أو التدبير مدة لا تزيد على خمسة وأربعين يوماً قابلة للتجديد لمدة أو لمدد أخرى مماثلة وإلا وجب الإفراج عن المتهم أو إنهاء التدبير بحسب الأحوال.
وربط المشروع بين مدة الحبس الاحتياطي وطبيعة العقوبة، واشترط ألا تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، بحيث لا تجاوز أربعة أشهر في الجنح واثني عشر شهرًا في الجنايات، وثمانية عشر شهرًا إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة هي السجن المؤبد أو الإعدام.
أما التدابير البديلة للحبس الاحتياطي، فنسخها المشروع الجديد من القانون الحالي، وأبقى على ذات النصوص التي تلزم المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه، أو إلزام المتهم بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة، أو حظر ارتياد المتهم أماكن محددة.
وتنص المادة 36 من مشروع القانون على أنه "فيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبَّب يستلزمه التحقيق".
وينص مشروع القانون أيضًا على أن "كل من يُقبض عليه أو يُحبس أو تقيد حريته، تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا. وللمتهم حق الصمت، وكل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يُهدر ولا يعول عليه".
وتلزم المادة 40 من مشروع القانون مأمور الضبط القضائي بإبلاغ المتهم المضبوط فورًا بسبب تقييد حريته، وبالتهم المنسوبة إليه، والاستماع لأقواله، وإحاطته بحقوقه كتابة، وأن يمكّنه من الاتصال بذويه وبمحاميه، واشترط أنه "إذا لم يأت المتهم بما ينفي التهمة عنه، يرسله مأمور الضبط القضائي خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته إلى سلطة التحقيق المختصة".
وتضمن الفصل العاشر ضوابط منع المتهم من التصرف في أمواله أو إدارتها والمنع من السفر، فتنص المادة 144 على أنه "لكل من صدر ضده حكم بالمنع من التصرف أو الإدارة أن يتظلم منه أمام المحكمة الجنائية المختصة بعد انقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ الحكم، فإذا رفض تظلمه فله أن يتقدم بتظلم جديد كلما انقضت ثلاثة أشهر من تاريخ الحكم برفض التظلم"، وينص قانون الإجراءات الجنائية الحالي على ذات الضوابط.
بينما استحدث مشروع القانون نصوصًا تتعلق بضوابط المنع من السفر، حسب كلمة رئيس اللجنة الفرعية، إيهاب الطماوي، خلال افتتاح الاجتماع، فيجوز لمن صدر ضده حكم بالمنع من التصرف أو الإدارة ولكل ذي شأن أن يتظلم من إجراءات تنفيذه.
ويحصل التظلم بتقرير في قلم كتاب المحكمة الجنائية المختصة، وعلى رئيس المحكمة تحديد جلسة لنظر التظلم يعلن بها المتظلم، وكل ذي شأن، وعلى المحكمة أن تفصل في التظلم خلال مدة لا تجاوز خمسة عشر يومًا من تاريخ التقرير به.
ومن المقرر أن تستكمل لجنة الشؤون التشريعية مناقشة مشروع القانون، تمهيدًا لعرضه ومناقشته في الجلسات العامة مع بدء دور الانعقاد الجديد في أكتوبر/تشرين أول المقبل.
يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه المطالب بتعديل إجراءات الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية، وهو ما ناقشه الحوار الوطني خلال جلسة امتدت لـ6 ساعات في 23 يوليو/تموز الماضي، ثم ناقش مجلس أمنائه في جلسة أخرى 11 أغسطس/آب الجاري ما توصلوا إليه وصاغوه في توصيات، تمهيدًا لرفعها للرئيس.