في السابع عشر من مارس/ آذار الجاري، يتوجه أعضاء نقابة الصحفيين لانتخاب نقيبهم وستة من أعضاء المجلس ضمن انتخابات التجديد النصفي التي تأتي في جو من الاستقطاب، مع تدهور أوضاع المهنة والعاملين فيها وفق مؤشرات عالمية، مما يتطلب مراجعة لما قدّمه المجلس السابق على اﻷقل في العامين اﻷخيرين.
يتألف المجلس الحالي من 12 عضوًا بجانب النقيب، 6 منهم مستمرون لعامين مقبلين هم أيمن عبد المجيد، وحسين الزناتي، وإبراهيم أبو كيلة، ومحمد سعد عبد الحفيظ، ومحمد خراجة، ودعاء النجار، فيما تنتهي ولاية الستة الآخرين وهم خالد ميري ومحمد شبانة ومحمد يحيى يوسف وحماد الرمحي ومحمود كامل وهشام يونس، الذين أعلنوا جميعًا خوض الانتخابات، فما الذي "يقوي قلوبهم" للترشح مرة أخرى؟
الستة الذين يخوضون الانتخابات أمضى أقلهم في المدة أربع سنوات داخل المجلس، منذ انتخابات مارس 2019، مرت خلالها المهنة وأبناؤها بتحديات عدّة، بدءًا من فترة جائحة كورونا، وانخفاض أسقف الحريات المهنية، والقبض على عدد من الصحفيين، فضلًا عن استمرار تسريح الصحفيين من مؤسساتهم.
وتحتل مصر المركز 166 من 180 دولة لعام 2021، بينما تحتل المرتبة الثالثة عالميًا بقائمة أكثر الدول احتجازًا للصحفيين، بحسب لجنة حماية الصحفيين الدولية. وفي ظل غياب إحصائية رسمية بعدد الصحفيين المحبوسين، سبق أن قال عضو مجلس النقابة محمد سعد عبد الحفيظ في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن 14 صحفيًا نقابيًا، بالإضافة إلى آخرين غير نقابيين، محبوسين على ذمة قضايا رأي.
"سجناء رأي" وقت الانتخابات
باستثناء أصوات عبد الحفيظ وكامل ويونس وخراجة، اعتاد المجلس ترديد أن "الصحفيين المحبوسين مجرد سجناء جنائيين ولا علاقة لهم بتهم النشر والرأي"، وفق تصريح ميري، المرشح نقيبًا، في مايو/ أيار 2019، ردًا على تدشين حملة صحفية وقتها لدعم الصحفيين ضحايا الحبس والتدابير الاحترازية والاختفاء القسري، وهي الرواية ذاتها التي تتبناها السلطات الرسمية.
ومع حلول الانتخابات، تغيرت لهجة ميري من "الصحفيين المحبوسين مجرد سجناء جنائيين ولا علاقة لهم بتهم النشر والرأي"، إلى أن "مجالس النقابة المُتعاقبة عملت على ملف الصحفيين المُحتجزين، وعمل مجلس النقابة برئاسة النقيب الحالي المُنتهية ولايته ضياء رشوان، على هذا الملف بقوة"، مضيفًا في بيان له "نجح (رشوان) بالتعاون مع المجلس في الإفراج عن عشرات الزملاء، وذلك بتفاوض مع أجهزة الدولة المُختلفة"، قبل أن يعد بالعمل "على هذا الملف حال فوزه بمقعد النقيب، حتى الانتهاء منه، وغلقه بشكل كامل".
وقبيل أيام، أعلن رشوان أن النقابة أعادت إرسال طلب الإفراج عن الزملاء الصحفيين المُحتجزين احتياطيًا للنائب العام للنظر فيه، مؤكدًا أن ذلك جاء استكمالًا لجهود كثيفة، جرى بذلها خلال الأعوام الأربعة، التي كان فيها نقيبًا للصحفيين، لدورتين متتاليتين منذ عام 2019، تكللت بالإفراج عن 32 زميلًا نقابيًا، وأكثر من 18 آخرين غير نقابيين.
لم يتوان شبانة أن يدافع عن نفسه، بقوله "للفخامة عنوان بقلب عبد الخالق ثروت"
واجهة سوداء
واحدة من النقاط التي أثارت جدلًا طوال السنوات الماضية، واجهة مبنى النقابة، الذي استغرق تجديده نحو 4 سنوات، احتلت طوالها السقالاتُ وأدوات الإنشاء سلم المبنى رقم 4 بشارع عبد الخالق ثروت، الذي طالما شهد احتجاجات سواء للعاملين بالمهنة أو لغيرهم.
وكثيرًا ما لعبت نقابة الصحفيين دورًا مهمًا في المجال العام، وكانت ساحة لاحتضان الاعتراضات والتظاهرات الخاصة والعامة، قبل أن يتراجع ذلك الدور عام 2014 مع إصدار قانون التظاهر.
وخلال السنوات اﻷربعة الماضية، لم يُجِب عضو المجلس محمد شبانة والمسؤول عن ملف التجديد عن أيّ تساؤلات أو يصرح بأية معلومات، بشأن الموعد المقرر لانتهاء التجديد أو سبب طول فترة الإنشاءات، اﻷمر الذي فسرته قطاعات داخل الجماعة الصحفية بـ"قصدية احتلال السلم"، منعًا ﻷي مظاهرة محتملة، كما كان الحال منذ عقود طويلة.
وقبيل بدء تلقي اللجنة المشرفة على تقديم أوراق طلبات الترشح لانتخابات التجديد النصفي لمجلس نقابة الصحفيين، فوجئ الصحفيون بإعلان شبانة بانتهاء أعمال التجديد "هكذا"، وبتكلفة بلغت نحو 6 ملايين جنيه، ورفعت الستائر، لتلقى الواجهة الجديدة موجات من الاستنكار والسخرية من قبل أعضاء الجمعية العمومية، أي "قضبان سوداء تلك التي تحيط بالصحافة"؟
لم يتوانَ شبانة أن يدافع عن نفسه، سواء في تصريحات صحفية أو على حسابه بفيسبوك بقوله "للفخامة عنوان بقلب عبد الخالق ثروت"، قبل أن يوضح أن "التصميم الجديد للواجهة يشمل مسلتين عليهما شعارات نقابة الصحفيين على مدار تاريخها، ومكتوبة بالهيروغليفي، وبأنوار مدفونة، فضلًا عن وجود صور الشهداء على الواجهة الجديدة، ومحدش قرب منها وحفرناها على الرخام بالليزر لمواجهة عوامل التعرية"، فيما لم يرد على اتصالات المنصة لاستيضاح الأمر أكثر منه.
ولكن هل وافق مجلس النقابة على تصميمات الواجهة؟ هنا يوضح عضو مجلس نقابة الصحفيين محمود كامل، للمنصة، أنه سبق أن طلب التصميمات فكان ردّ أغلب أعضاء المجلس بـ"أنت مش مهندس علشان تشوف التصميمات"، وجرى التعامل بقول كامل مع المسألة على نحو "كأنها مفاجأة للجمعية العمومية".
اجتماعات نادرة بلا محاضر
بشأن كامل ذاته، سألناه عمّا قدمه المجلس عمومًا طوال الدورة الماضية، ليعرب عن أسفه أن "المجلس في مجمله لم يقدم الكثير ﻷعضاء الجمعية العمومية"، في ظل تجاهل عقد اجتماعات مجلس النقابة على نحو دوري "خاصة وأن اللائحة تنص على عقده مرة على اﻷقل شهريًا"، و"كنّا بنهاتي علشان يعقدوا اجتماع".
على المستوى الشخصي، رأى كامل أنه طوال السنوات الماضية كان "عين وصوت الجمعية العمومية داخل المجلس، من خلال اﻵليات التي تتيحها اللوائح، كالاعتراض على بعض القرارات التي لا تخدم مصالح أعضاء النقابة، أو حتّى بإخبار الجمعية العمومية بما يدور في الغرف المغلقة".
يتوقف كامل عند اعتراضه مثلًا على جمع كل من محمد شبابة وإبراهيم أبو كيلة بين عضوية مجلس الشيوخ ومقعدي السكرتير العام وكيل النقابة على الترتيب، على الرغم من صدور فتوى من القضاء الإداري توصي بعدم الجمع بين المنصبين، واعتبر المجلس "الفتوى غير ملزمة"، ليلجأ البعض إلى القضاء ليحكم ببطلان الجمع بين العضوتين، فيعاد تشكيل هيئة مكتب النقابة في أبريل/ نيسان الماضي.
في نهاية يناير/ كانون الثاني، أعلنت نقابة الصحفيين اعتماد ميزانيتها لعام 2022، دون توضيح أي تفاصيل بشأن مناقشتها داخل المجلس، هنا يكشف كامل أنه طالب بتسجيل رفضه للميزانية أو تأجيل مناقشتها نظرًا لتسلم أعضاء المجلس مسودتها خلال الاجتماع ذاته ولم يتسن لهم الإطلاع عليها، فقوبل طلبه بالرفض رغم دعمه من زميليه عضوي المجلس هشام يونس ومحمد سعد عبد الحفيظ.
وبيّن أن "أعضاء مجلس النقابة يجتمعون لأكثر من 6 سنوات، دون كتابة محاضر للاجتماعات، تُثبت موقف كل عضو تجاه أي قضية أو ملف يناقش".
على المستوى الخدمي، أوضح رئيس لجنة التدريب حماد الرمحي أنه "خلال عام قدمت اللجنة نحو 140 برنامجًا تدريبيًا حديثًا ومتطورًا، في علوم الصحافة والإعلام والتحول الرقمي وشمل الصحفيين وأسرهم في الصحف القومية والحزبية والمستقلة". وأضاف في حديثه للمنصة أن عدد الدورات التدريبية التي نظمتها اللجنة بلغ نحو 102 دورة، بمشاركة نحو 2990 متدربًا.
وتقام هذه الجولة الانتخابية تحت إشراف هيئة النيابة الإدارية، بناء على طلب رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات ضياء رشوان. وهي انتخابات دورية تُنظّم كل عامين، يُجدد فيها نصف أعضاء مجلس النقابة البالغ 12 عضوًا بالإضافة إلى النقيب.
في الجمعة "الموعودة"، تتجه اﻷنظار ناحية "عنوان الفخامة" بتعبير شبانة، بعد أن كان حصنَ العاملين في بلاط صاحبة الجلالة، لاختيار من يمثلهم في الدفاع عن مهنتهم ومصالحهم، وهي انتخابات طالما جرت دون أي توقعات، حتى إن ظنّ البعض أنها "محسوبة لمرشحي الدولة"، فكلمة الجمعية العمومية مؤكد هي القول الفصل.