أرجع خبراء اقتصاديون تحدثت إليهم المنصة توقعات وكالة رويترز بتعافي الجنيه أمام الدولار بنهاية يونيو/ حزيران 2023 إلى مستوى 26.24 جنيهًا، قبل أن يرتد سعر الصرف في يونيو 2024 إلى 28.50 جنيهًا، إلى التدفقات الدولارية المنتظرة خلال هذا العام، التي من شأنها تعزيز موقف العملة المحلية.
وارتفع متوسط سعر صرف الدولار في البنوك من 15.76 جنيهًا إلى 29.92 جنيهًا خلال الفترة من مارس/ آذار 2022 إلى يناير/ كانون الثاني الجاري.
وقال محمد بدرة، الرئيس التنفيذي السابق لأحد البنوك الخليجية، للمنصة، إن "خلال النصف الثاني من 2023 ستكون لدينا زيادة ملموسة في المعروض من العملة الصعبة، مع استمرار إقبال المستثمرين الأجانب على الاستثمار في أدوات الدين الحكومية تحت إغراء الفائدة المرتفعة، كذلك سيساهم طرح البنوك مؤخرًا لشهادات استثمار مرتفعة العائد في دفع قطاعات من المواطنين للتخلي عن اكتناز الدولار".
ويضيف بدرة إلى الأسباب السابقة نجاح الحكومة في استغلال موارد النقد الأجنبي في الحد من ظاهرة تكدس البضائع في المواني خلال الشهر الجاري، وهو ما سيسهم في الحد من فرص السوق الموازية في المضاربة على سعر الصرف.
واستطاعت البلاد استعادة اهتمام المستثمرين الأجانب إلى طروحاتها من أدوات الدين قصيرة الأجل، أذون الخزانة، المقومة بالعملة المحلية خلال يناير الجاري، مع انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار وارتفاع سعر العائد على هذه الأدوات مقارنة بنظيراتها دوليًا.
واستغلت البلاد الوفرة النسبية في العملة الصعبة في الاستجابة لطلبات الاستيراد المتراكمة، حيث قال البنك المركزي المصري في بيان هذا الشهر، إن القطاع المصرفي قام بتغطية أكثر من ملياري دولار من طلبات المستوردين المصريين.
"رغم عدم اليقين الذي نعيشه في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، لكن كل المؤشرات ترجح انخفاض الدولار أمام الجنيه خلال الفترة المقبلة، هذا ما نستطيع أن نستنتجه من تجاربنا السابقة مع صندوق النقد الدولي"، كما قال نائب رئيس قطاع المعاملات الدولي في أحد البنوك الخاصة للمنصة، فضل عدم ذكر اسمه.
وكان صندوق النقد الدولي وافق في ديسمبر/ كانون الأول الماضي على طلب مصر بالحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، وهي المرة الرابعة التي تلجأ فيها البلاد للصندوق منذ 2016.
وكان البنك المركزي رفع سعر الفائدة 8% خلال العام الماضي منها 3% دفعة واحدة في منتصف ديسمبر الماضي
ويضيف المصدر "حسب تقديراتنا فإن السعر العادل للدولار أمام الجنيه سيكون بين 25 و26 جنيهًا على مدار 2023 نتيجة عوامل مختلفة منها وجود خطة للحكومة لسداد الفجوة التمويلية خلال العام المالي الجاري الذي ينتهي في يونيو القادم، وكذلك الانتهاء من أكثر من 60% من الطلبات المعلقة للاستيراد في البنوك بعد وفرة العملة، وتنفيذ الحكومة لخطة طرح حصص من شركات حكومية في البورصة أمام القطاع الخاص".
وبحسب تقرير فريق صندوق النقد الدولي عن مصر الصادر هذا العام، فمن المتوقع أن تقوم البلاد ببيع أصول عامة بـ 2 مليار دولار و4.6 مليار دولار، على الترتيب، خلال العامين الماليين 2023 و2024 لمستثمرين من ضمنهم مستثمري الخليج.
ويؤيد الرأي السابق المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في إحدى شركات الاستثمارات المالية، محمود نجلة، قائلًا للمنصة "لو استمرّينا في سياسة رفع سعر الفائدة التي تحفز من تعزيز دخول المستثمرين الأجانب للاستثمار في أدوات الدين الحكومية، وكذلك وجود تدفقات دولارية من الطروحات الحكومية القادمة مع العمل على الحد من الاستيراد سيصل سعر صرف الدولار بين 26 إلى 27 جنيهًا تقريبًا خلال العام الجاري".
وكان البنك المركزي رفع سعر الفائدة 8% خلال العام الماضي منها 3% دفعة واحدة في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وهو ما ساهم في زيادة العائد على الديون الحكومية.
كما طرح بنكا الأهلي ومصر هذا العام شهادة مرتفعة العائد أجل سنة واحدة بسعر فائدة 22.5% شهريًا، وأخرى بفائدة 25% تُصرف نهاية الاستحقاق.
لكن التدفقات الدولارية القادمة من أدوات الدين جاءت بشكل أساسي من الأذون قصيرة الأجل، التي لا يمكن ضمان استمرارها بنفس المعدلات، بينما لم تلجأ الدولة لسوق سندات اليوروبوندز طويلة الأجل منذ مارس 2022 عندما طرحت وزارة المالية سندات ساموراي بقيمة 60 مليار ين (493.26 مليون دولار) في السوق اليابانية.
كذلك تشير المصادر التي تحدثنا معها إلى إمكانية تأثير عوامل دولية على دعم الدولار مقابل الجنيه، ومنها اتجاه اقتصاد الصين مؤخرًا للنمو بقوة ما سيؤدي إلى خلق طلب كبير على شراء النفط وعلى العملة الأمريكية.
وقد يتسبب استمرار الحرب الروسية الأوكرانية في نقص سلع استراتيجية وارتفاع أسعارها عالميًا، ما سيزيد من الطلب العالمي على العملة الأمريكية ويدعمها أمام عملات الأسواق الناشئة.
"من الصعب توقع سعر الدولار أمام الجنيه خلال 2024 إلا بعد الاطلاع على خطة الحكومة حول كيفية سد الفجوة التمويلية للعام المالي القادم الذي سيبدأ في يوليو/ تموز 2023" كما يقول نجلة.
وتوقع صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير أن يسهم برنامجه الإصلاحي في حصول البلاد على تمويلات بقيمة 14 مليار دولار تشمل قروضًا من مؤسسات إقليمية ودولية، ما يعزز من قدرة البلاد على سد فجوتها التمويلية.