لفت نظري مؤخرًا عند تصفحي مجموعات السفر على السوشيال ميديا اتجاهًا عامًا يشير إلى أن الآباء "راحت عليهم"، وإذا كنت تفكر في التخطيط لإجازة سعيدة تتطلب السفر بالطائرة، فيجب أن تكون "سنجل" لتتمكن من الاستمتاع بوقتك. أتفق أن السفر دون أطفال أسهل بكثير، خاصة إذا كان يتطلب البقاء في الطائرة لساعات طويلة، ولكن وجود الأطفال أيضًا لا يجعل السفر مستحيلًا، خاصةً إذا كنت مضطرًا.
وبصفتي أم لطفلين، في عمر التاسعة والرابعة، تعاملت مع هذه المواقف مرارًا بصفتي محبة للسفر.، أردت أن أقدم هنا خلاصة خبرتي عن السفر لأي أسرة بها أطفال، وكيفية التعامل معهم خلال رحلات الطيران الطويلة للحفاظ على صحتهم النفسية، وأفضل الأنشطة المسلية التي من شأنها التخفيف من عناء السفر والملل.
في السفر متعة لا ينكرها أحد، والطريق في حد ذاته جزء من البهجة. ولكن طول رحلات السفر يؤدي إلى ملل شديد لدى بعض الأطفال، وفي بعض الأحيان يتحول هذا الملل إلى حالة من البكاء والانهيار يُطلق عليها انهيارات الأطفال/children meltdowns، ومن منا لم ير طفلًا يصرخ ويبكي في الطائرة.
يشعر الأطفال بالملل أسرع كثيرًا من البالغين، ساعتين من الطيران يشعر الطفل وكأنها ست ساعات، وبدلًا من الاستمتاع بالتجربة، نجد العديد من الآباء والأمهات أخرجوا التابلت أو الموبايل من الحقيبة ليتخلص الطفل من ملله، ويتخلصوا من صراخه.
وعلى الرغم من بساطة هذا الفعل وانتشاره، فهناك مقالات وأبحاث تقول أنه لا بد أن يشعر الطفل بالملل لكي يطور مهاراته، وأن أخطر أنواع التخلص من الملل هو توجيهه للشاشات.
بعد قراءة كثير من المقالات، وتجربة مختلف وسائل التسلية داخل الطائرة، التي لا أخجل أن أعترف بفشل الكثير منها، وجدت أن هذه هي أفضل سبع خطوات لتهيئة الطفل نفسيًا للرحلة وتسليته أثناء السفر:
أولًا: ضبط توقعات الطفل
يشعر الطفل بالملل إذا لم يكن مستعدًا وعلى دراية بما يحدث، وهناك العديد من الصور المتاحة مجانًا على الإنترنت في هيئة جدول زمني مصوَّر، والتي يمكن من خلاله تهيئة الطفل للخطوات التي ستتخذها الأسرة أثناء السفر؛ وبهذا يستفيد الطفل مرتين، مرة لإثراء معلوماته عن السفر بشكل عام، ومرة في تهيئته نفسيًا أن هناك بعض الخطوات ستتطلب وقتًا أطول من غيرها أثناء السفر، ومنها ركوب الطائرة.
مثل هذه الأنشطة ستترك أثرًا وذكرى طيبة في نفس الطفل
أتذكر أنه خلال رحلتي الأخيرة من القاهرة إلى لندن العام الماضي، كانت طفلتي متحمسة جدًا للذهاب إلى حديقة وينتر وندر لاند، التي طالما حلمت بالذهاب إليها. لذلك قمت بطباعة صورة الحديقة وخريطتين كل منهما يوضح كم من الوقت سنحتاج إلى أن نصل إلى الحديقة، واحدة لخط السير من منزلنا إلى مطار القاهرة، والأخرى من مطار هيثرو إلى الفندق، ثم الحديقة. وهي تعي تمامًا أن بين الخريطتين علينا أن نركب الطائرة لمدة أربع ساعات ونصف كي نصل إلى وجهتنا.
ثانيًا: التلوين أثناء الرحلة
من أنجح وسائل التسلية أثناء الطيران هي رسومات التلوين، فهي لا تقضي فقط على ملل الوقت الطويل، ولكنها أيضًا تعمل على تقوية الحس الإبداعي والتوافق الذهني والعضلي لدى الطفل، فإذا كنت على وشك السفر مع أطفالك في رحلة طويلة، لا تتردد في طباعة بعض أوراق التلوين وشراء بعض الألوان.
يمكن أن تكون الرسومات أيضًا عن أهم معالم البلد التي تقومون بزيارتها. في حالة طفلتي، كانت بالتأكيد وينتر وندر لاند على رأس قائمة أوراق التلوين مع بعض معالم لندن الشهيرة.
ثالثًا: ألعابًا مسلية
يمكنك أيضًا اصطحاب ألعاب البازل وحل المتاهات وغيرها من الأنشطة المسلية، التي تشجع الطفل على التفكير والنشاط الذهني، ويمكنك الابتكار باختيار متاهة مرتبطة بالبلد التي تقومون بزيارتها، مثال ذلك صناعة نماذج لأشهر معالم لندن من الورق، ولا شك أن مثل هذه الأنشطة ستترك أثرًا وذكرى طيبة في نفس الطفل.
رابعًا: قراءة قصة جديدة
أحيانًا تكون الطرق الكلاسيكية في التسلية هي أنجحها، فقبل عصر التكنولوجيا والثورات المعلوماتية كان الكتاب مصدر التخلص من الملل، إلى أن جاءت الفيديو جيمز لتحل محل الكتب؛ لذلك قامت بعض المواقع الإلكترونية بإتاحة كتب للأطفال يمكن قراءتها من خلال التابلت أو الموبايل، بل إن بعضها مسجَّل صوتيًا بحيث يستمع الطفل إلى القصة بنطق سليم وصحيح.
وفي هذا السياق يمكن للأسرة اختيار موضوع قصة ملائم للأحداث، مثل طفل يسافر حول العالم، أو كتاب عن الكرة الأرضية والخرائط أو ما شابه، لأن اختيار الموضوع الجذاب هو أساس نجاح التجربة.
من أشهر المواقع التي توفر كتبًا، بعضها مجاني: مكتبة نوري، وتوينكل، وعصافير، ومكتبة أ ب ت.
خامسًا: ألعاب الفيديو التعليمية
إذا كان لا بد من استخدام التابلت، خاصة في ظل مشاهدة أطفال آخرين يلعبون بأجهزة إلكترونية أخرى على متن الطائرة، يمكنك توجيه طفلك إلى استخدام التابلت بصورة مفيدة، عن طريق اختيار ألعاب فيديو تعليمية. والكثير منها متاح مجانًا على الإنترنت، فهناك ألعاب فيديو لتطوير مهارات الحساب والرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية وغيرها، وهو بلا شك أمر يستحق التجربة.
سادسًا: بكاء الأطفال أثناء الإقلاع والهبوط
يعد بكاء الأطفال وقت إقلاع وهبوط الطائرة أمرًا شائعًا جدًا، خاصة الرضع. ويرجع ذلك إلى شعورهم بآلام في أذنيهم نتيجة تغير الضغط الجوي داخل الطائرة، لذلك من أهم طرق التغلب على هذا الألم هو شغل فم الرضيع بالرضاعة أثناء الإقلاع والهبوط، سواء كانت طبيعية أو صناعية، حيث توازن حركات المص والبلع من ضغط الهواء على الأذنين. إذا لم تكن الرضاعة متاحة، يمكن أيضًا استخدام "التيتينة".
أما الأطفال الأكبر سنًا، فيمكن إعطائهم علكة/لبان وقت الإقلاع والهبوط، كما يمكن طلب سدادات الأذن من أحد أفراد طاقم الطائرة قبل الإقلاع.
سابعًا: النوم جيدًا قبل الرحلة
قد يعتقد البعض أن بقاء الطفل مستيقظًا لمدة طويلة قبل ميعاد الرحلة أمرًا صحيًا، ظنًا منهم أن ذلك سيساعده على النوم داخل الطائرة بصورة أفضل. ولكن هذا اعتقاد خاطئ، ويمكن أن يؤثر سلبًا على الجهاز العصبي للطفل، وبالتالي يجعله أكثر عرضة لنوبات التوتر والبكاء والصراخ على أتفه الأسباب. أما إذا حصل الطفل على مدة كافية من النوم في الليلة التي تسبق الرحلة، فغالبًا سيكون الطفل في مزاج جيد. حتى لو لم يتمكن من النوم في الطائرة، فسيكون على الأقل هادئًا.
رحلة سعيدة.