منشور
الأربعاء 16 نوفمبر 2022
- آخر تحديث
الثلاثاء 20 ديسمبر 2022
مرة واحدة في التاريخ الأمريكي، عاد فيها رئيس جمهورية سابق لتولي الحكم لفترة ثانية، بعد ترك منصبه لأربع سنوات تلت فترته الأولى وفوز رئيس آخر.
كان هذا منذ مائة وثلاثين سنة مع الرئيس جروفر كليفلاند، من الحزب الديمقراطي، الذي فاز بالرئاسة عام 1884 وأصبح الرئيس الثاني والعشرين للولايات المتحدة. وعندما ترشح لفترة ثانية عام 1888 خسر الانتخابات، لكنه عاد ورشّح نفسه بعد أربع سنوات من خروجه، وفاز لفترة ثانية عام 1892، ليصبح الرئيس الرابع والعشرين!
بترشيح نفسه اليوم، أصبح الرئيس السابق دونالد ترامب أول رئيس جمهوري يسعى لفترة ثانية بعد خروجه من المنصب. ولكن ما هي فرصه في الفوز؟ أولًا بترشيح حزبه مرة ثانية، ثم بانتخابات الرئاسة 2024 ليصبح الرئيس رقم 47 بعد أن كان الرئيس رقم 45 في التاريخ الأمريكي؟
لم يختلف خطاب ترامب بإعلانه التقدم للترشح، من منتجعه بولاية فلوريدا، كثيرًا عن خطابات ترشحه السابقة، بما فيها الإشارة إلى "الخطر الإسلامي المتطرف" الذي قال إنه أبعد تهديده خلال فترة رئاسته، والحد من تدفق المهاجرين بلا ضوابط عبر الحدود، ومكافحة الجريمة، و"إعادة أمريكا إلى مجدها التليد".
لكن ترامب هذه المرة سيصبح أول مرشح رئاسي يسعى للمنصب بينما تلاحقه المحاكم والقضاء بكل أنواعه:
- المباحث الفيدرالية داهمت منذ أسابيع مسكنه بالمنتجع نفسه الذي أعلن منه ترشحه، لاستعادة وثائق سرية للغاية لا يحق له الاحتفاظ بها بعد ترك منصبه، ويتم الآن مراجعتها لتحديد ما إذا كان احتفاظه بها للانتفاع بأسرارها لمحاكمته، أم لمجرد إرضاء غروره ونرجسيته!
- تحقيقات وزارة العدل وكذلك لجنة بالكونجرس بشأن مدى تحريضه لأنصاره لاقتحامهم الكونجرس لتعطيل التصديق على نتائج خسارته الانتخابات الماضية.
- تحقيقات النيابة وقضايا بولايتي جورجيا وأريزونا بشأن مدى تدخله وتحريضه مسؤولي الانتخابات للتلاعب بالنتائج.
- تحقيقات في تهم التهرب من الضرائب لشركته في ولاية نيويورك، وتعاون مسؤول الحسابات بالشركة مع المحققين للاعتراف بمخالفات جسيمة. إلى جانب تحقيقات أخرى.
بالتالي، هناك اعتقاد سائد بأن الدافع الحقيقي وراء إسراع ترامب بإعلان ترشيح نفسه مبكرًا قبل عامين من انتخابات الرئاسة وقبل غيره من الجمهوريين، هو التأثير السياسي على تلك القضايا والتحقيقات، خصوصًا من وزارة العدل التابعة لإدارة بايدن، بحيث يبدو أي اتهام جنائي رسمي ضده بمثابة انتقام سياسي نتيجة خصومات ومشاحنات حزبية، وليس لأنه مذنب. خاصة مع ترديده أن "الدولة العميقة" تحاربه، وقوله في خطاب ترشحه إنه يسعى لتفكيكها.
رغم أن نتائج الانتخابات الأولية لمرشح الحزب الجمهوري للرئاسة لن تُحسم حتى صيف 2024، لكن من الصعب استبعاد نيل دونالد ترامب ترشيح حزبه للرئاسة
يحاول ترامب أيضًا أن يسبق منافسه الجمهوري رون ديسانتيس، المحتمل ترشحه للرئاسة عن الحزب، وهو من نفس الولاية التي أعلن منها ترامب ترشحه. ورون ديسانتيس هو حاكم ولاية فلوريدا، الذي أُعيد انتخابه بأغلبية كبيرة جعلته البديل الذي يسعى إليه الجمهوريون لإنقاذ الحزب من تطرف أنصار ترامب، خصوصًا العنصريين ورافضي نتائج انتخابات الرئاسة السابقة أو أي انتخابات لا يفوزون بها.
مشاكل ترامب في حزبه لن تقتصر على منافسه المحتمل ديسانتس الذي يبلغ من العمر 44 عامًا، ليصغر ترامب بثلاثين عامًا. لكنها تمتد أيضًا إلى انتقادات نائب الرئيس السابق مايكل بنس، الذي نشط في أحاديثه التليفزيونية تزامنًا مع نشر مذكراته، قائلًا إن الشجاعة بالنسبة له ليست ما كان يريده أنصار ترامب ممن اقتحموا الكونجرس لمنع التصديق على نتائج الانتخابات، بل الشجاعة تكمن في احترام الدستور والالتزام بما يمليه عليه ضميره.
حتى ابنة ترامب، إيفانكا، التي جعلها وزوجها جارد كوشنر مستشارين للأمن القومي بصلاحيات غير معهودة خلال فترة رئاسته، صرحت عقب إعلان والدها الترشح، بأنها لا تنوي الانخراط في السياسة من جديد حتى في حملة والدها لانتخابات 2024.
وبينما أكدت ايفانكا ترامب اعتزالها العمل السياسي رغم حبها لوالدها، علقت ليز تشيني، ابنة دك تشيني، نائب الرئيس الجمهوري الأسبق، على ترشح ترامب بأنه لا يصلح للرئاسة ولن ينتخبه الأمريكيون ثانية. لكنها رغم ذلك أقرت بقدرة التيار العنصري المتطرف، بزعامة ترامب، على الإمساك بخناق زعامات الحزب الجمهوري.
بالتالي، ورغم أن نتائج الانتخابات الأولية لمرشح الحزب الجمهوري للرئاسة لن تُحسم حتى صيف 2024، لكن من الصعب استبعاد نيل دونالد ترامب ترشيح حزبه للرئاسة وفوزه على منافسيه من داخل الحزب، بافتراض أن كل التحقيقات والقضايا المفتوحة ضده لن تنال منه قبل هذا الموعد.
بينما المشكوك فيه، هو فرص ترامب في الفوز بالانتخابات العامة للرئاسة، وليس الحزبية. فالمستقلون غير الحزبيين الذين أعطوا ترامب فرصة في انتخابات 2016، لم يعرفوا حقيقته فقط في السنوات الأربع من رئاسته، بل الأخطر كان سلوكه في الشهرين، وليس فقط السنتين، التاليين مباشرة على خسارته الانتخابات ورفضه الاعتراف بها وتهديد العملية الديمقراطية بتداول السلطة سلميًا.
لكن ستبقى فرصة ترامب في العودة للرئاسة مرهونة أيضًا بمن سينافسه في الانتخابات عن الحزب الديمقراطي. فلو أصر جو بايدن على الترشح لفترة ثانية سيكون الاختيار صعبًا لدى الناخب الأمريكي المعتدل وقتها بين شيخين: أحدهما عمره وقتها 78 سنة (ترامب)، والآخر عمره 81 سنة (بايدن) مع افتراض تحييد العوامل الأخرى!