بالنسبة لرجل تجاوز الـ76سنة، يقبع في الحبس الانفرادي منذ توقيفه في ديسمبر/ كانون الأول من العام 2020، قد لا تختلف وحشة زنزانة في طرة عنها في مدينة بدر، لكن ما اختبره رجل الأعمال صفوان ثابت، كان غير ذلك.
فعقب أول زيارتين له ولنجله في محبسهما الجديد، خرجت مريم صفوان ثابت، لتشكو عبر صفحتها على فيسبوك، مما يعانيه والدها، مبدية قلقها الشديد عليه.
ويواجه صفوان ونجله سيف الذي قُبض عليه بعد والده بشهرين، تهم تمويل الإرهاب، ولكنهما لم يُحالا إلى المحاكمة حتى الآن.
وثابت الأب ونجله، كانا ضمن المحتجزين الذين نقلوا من سجن طرة إلى بدر، دون إبلاغ أسرهم رسميًا، حتى تمكنت عائلة ثابت من زيارتهما في الزيارة الاستثنائية التي سمح بها بمناسبة ذكرى 6 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وبعدها بعدة أيام، عادت الأسرة في زيارة ثانية روتينية، تأكد لهم بعدها، بحسب مصدر مقرب من العائلة تحدث إلى المنصة، أن حال صفوان يزداد سوءًا، حتى أنه "رفض استلام الطبلية اللي جايبنها، قالهم مش هاخد حاجة غير التمر والعسل بس. رجعوا الباقي" حسب المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه.
والطبلية هي ما يحضره أهالي السجناء من مستلزمات أسبوعيًا في غير أيام الزيارة. ولا توجد معايير محددة لما يمكن تمريره للسجين في الطبلية "مرة يدخلوها ومرة لا"، إلا أنَّ الرفض تلك المرة كان من السجين نفسه، ما يعد مؤشرًا على "تردي حالته النفسية"، حسب المصدر المقرب من العائلة.
المصدر أكد أن ثابت ينام على الأرض في الزنزانة الخالية من الأسرّة، وأنه محروم من اقتناء راديو أو كتب. وهي الشكوى التي تتكرر مع عديد من السجناء الآخرين، في مقدمتهم علاء عبد الفتاح.
وأشار المصدر إلى تدهور الحالة الصحية لثابت الذي يعاني تاريخًا مرضيًا طويلًا من أمراض المعدة والركبة، وأنه لم يكن قادرًا على المشي في آخر زيارة.
وفقد ثابت زوجته بهيرة الشاوي خلال فترة حبسه، إذ توفيت في مارس/ آذار الماضي، بعد تعرضها لأزمة صحية نقلت على إثرها إلى المستشفى للعلاج، والتي خرج لتشيعها بعد موافقة السلطات.
وكانت مريم قالت في بوست على فيسبوك "في أول زيارة لبابا بعد نقله لسجن بدر، أنا مصدومة وخايفة على حياة أبويا، أحواله النفسية والصحية في تدهور، دة كله فوق الحبس الانفرادي والعزلة التامة ومنعه من التريض، المروحه شغالة 24 ساعة.. وبابا بردان حتى باللبس الشتوي، النور النيون مفتوح 24 ساعة، مش عارف الليل من النهار و مش بينام". وأضافت "كاميرا 24 ساعة! شيء غير آدمي، سحبوا منه حتى المصحف، بابا رفض كل الأكل اللي جبناه ومع الأسف رجعني به".
سعي إلى "جهينه"
وأشار المصدر المقرب من العائلة إلى أن ثابت وسيف تعرضا لعملية مساومة من جهة أمنية لم يسمّها داخل محبسهما من أجل التنازل عن حصص العائلة في جهينه، لكنهما رفضا التفاوض وهما محبوسان.
وسبق وأصدرت منظمة العفو الدولية في سبتمبر/ أيلول من العام 2021، تقريرًا حول حبس صفوان ونجله، أوردت فيه الروايات نفسها الخاصة بتفاوض جهة أمنية مع المحبوسين للحصول على حصتهما في الشركة، وانتقدت المنظمة ظروف حبسهما، وقالت إنها ترقى إلى مستوى التعذيب. وعقب صدور ذلك التقرير أعلنت وزارة الداخلية عن التصدي لمحاولة لإحياء جماعة الإخوان متورط فيها ثابت المحبوس بالفعل.
وفي سياق الحديث عن جهينه، كانت أنباء قد ترددت في وقت سابق عن سعي صندوق استثمار إماراتي لشراء حصة من جهينه، تحديدًا بعد نحو ستة أشهر من حبس صاحب الشركة ثم نجله فور إعلان أنه سيحل محله في إدارتها.
وبالتزامن مع تلك المساعي في صيف 2021، قالت الشركة إنها تواجه إجراءات "غير مفهومة وغير مبررة" من شرطة المرور التي أحاطت دورياتها بمصنع الشركة وسحبت رخص العديد من سيارات البيع والنقل الثقيل الخاصة بها.
وأموال ثابت السائلة والمنقولة والعقارية متحفظ عليها منذ أغسطس/ آب 2015، لكنها لا تشمل جهينه، التي صدر لها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 قرار بالتحفظ على 7.2% من أسهما فقط، والتي يمتلكها رجل الأعمال بطريقة غير مباشرة. وأضاف القرار أن ثابت يمتلك تلك الحصة من خلال مساهمته بنحو 14.2% في صندوق فرعون الذي يمتلك نحو 51.02% في جهينه.
وأرجع المصدر المقرب من العائلة عدم السيطرة بشكل مباشر على جهينه إلى كونها مدرجة في البورصة "لو تحفظوا عليها هيدي مؤشر سلبي للمستثمرين، في وقت الحكومة بتحاول تطمنهم عشان يضخوا أموال".
التماسات دون صدى
في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، تقدمت أسرة ثابت بطلب إلى النائب العام المستشار حمادة الصاوي، لتحسين أوضاع حبسه، وهو واحد ضمن طلبات عدّة أطلعت المنصة على أرقام بعضها.
"عادة ما تقدم الأسرة الطلبات والالتماسات سواء لنيابة أمن الدولة العليا أو للنائب العام، يُرد عليهم برسالة على الهاتف تفيد تسلم العريضة، ولا يحدث شيء بعدها سوى أن تتراكم الطلبات دون إجابة" يقول المصدر المقرب من العائلة.
أطلعت المنصة على نص آخر عريضة، والمقدمة من قبل المحامي محمد سليم العوا، وعنوانها "التماس بشأن ظروف احتجاز موكلي المهندس صفوان ثابت ونجله سيف المحبوسين احتياطيًا على ذمة القضية رقم 865 لسنة 2021 أمن دولة".
يقول العوا خلال الالتماس إن صفوان ثابت ونجله "يعانيان أشد المعاناة في ظروف احتجازهما، وأن أسرتهما تخشى تدهور حالتهما الصحية، وأن الإضاءة مستمرة ليلًا ونهارًا مما يستحيل معه النوم، وأن المراوح المسقفة تعمل 24 ساعة دون توقف، مما يعرض صحتهما، ولاسيما صحة المهندس صفوان ثابت، لخطر داهم لا يمكن التنبؤ بآثاره".
وأضاف الالتماس أنه لا يسمح لصفوان بالاحتفاظ بأية متعلقات شخصية بما في ذلك مصحفه الذي صادره أمن السجن عند نقله من سجن طره إلى بدر. فضلًا عن منعهما من التريض، فلا يريان أحدًا إلا في الزيارات الروتينية أو الاستثنائية حسب الأحوال.
وفي غضون ذلك، طالب العوا تكليف النيابة المختصة بالتفتيش على محبسي المذكورين بسجن بدر 1، والسماح لكل منهما بالاحتفاظ بمتعلقاته الشخصية وبالحصول على الأدوية اللازمة، وبفسحة التريض اليومية طبقًا لما يقرره قانون السجون، وتنص عليه وثائق حقوق الإنسان، فضلًا عن الدستور المصري.
وتابع "ذلك لئلا يتحول الحبس الاحتياطي من إجراء وقائي إلى عقوبة قد تقضي، مع ظروف تنفيذها التي أوجزت لمعاليكم وصفها، إلى الضرر الذي لا يتدارك بصحة المهندس صفوان ونجله".
ورغم مرور أكثر من أسبوعين على تقديم الالتماس الأخير، لم تتلق الأسرة أي رد حتى الآن، بحسب ما أكده المصدر "غالبًا سيذهب مع الريح ككل الطلبات السابقة"، وأضاف "ثابت ونجله ليسا مدانين في شيء، لماذا لا يتم الإفراج عن الكهل ولو حتى بوضعه قيد الإقامة الجبرية، أسرته طالبت بذلك مرارًا، المهم عندها أن يتلقى الرعاية الصحية ويحافظون على حياته".
كما تقدمت الأسرة بطلبات إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان، وتحدثت إلى رئيسته مشيرة خطاب، دون جديد.
وكانت نيابة أمن الدولة العليا جددت حبس ثابت ونجله في 4 أكتوبر الجاري لمدة 45 يومًا. ودفع المحامون خلال جلسة التجديد بانتفاء مبررات الحبس الاحتياطي لثابت الذي اقترب من عامين، وكذلك لسيف الذي اُستدعي لمناقشة حبس والده، بعد القبض على والده بشهرين، فتم التحفظ عليه وحبسه دون مبرر، بحسب ما نقله المصدر عما دار في الجلسة.