لم تتوقف تبعات أزمة قتل المستشار أيمن حجاج نائب رئيس مجلس الدولة لزوجته المذيعة شيماء جمال، بل طالت زملاءه في مجلس إدارة نادي قضاة المجلس، والذي كان حجاج أمينًا لصندوقه، ووصل الأمر حد استقالة مجلس الإدارة جماعيًا مؤخرًا، إثر أزمة جديدة تسبب فيها المستشار السابق، ومفتاحها تلك المرة نادي الزمالك.
ومنذ توقيف حجاج بتهمة القتل وحتى قرار إحالة أوراقه إلى المفتي تمهيدًا للحكم بإعدامه، لم تتوقف الاضطرابات داخل مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة، حتى قدم أعضاء المجلس استقالة جماعية مؤخرًا بعد اكتشاف اختفاء مبلغ مالي كبير كان حجاج قد جمعه من 42 قاضيًا من قضاة مجلس الدولة، لعمل عضويات استثنائية لهم في نادي الزمالك.
وفيما يُنتظر النطق بالحكم في قضية مقتل شيماء يوم 11 سبتمبر / أيلول المقبل على حجاج وشريكه المقاول حسين الغرابلي لإدانتهما بقتل زوجة الأول، بعد إصدار محكمة الجنايات قرارها في جلسة 16 أغسطس/ آب الجاري، بإحالة أوراقهما للمفتي، لا زال مصير أموال العضويات غامضًا، فيما يحاول مجلس إدارة النادي المستقيل البحث عن حل لإعادة الأموال، وهو العبء الذي سيظل يلاحق المجلس السابق والجديد عند انتخابه.
وتستعرض المنصة تفاصيل الأزمة ودخول مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة برئاسة المستشار سمير البهي، على خطها، ومحاولاتهم التواصل مع حجاج داخل محبسه للتعرف على مصير ذلك المبلغ بعد شكاوى الأعضاء من عدم سداده لنادي الزمالك، أو إثباته في دفاتر نادي القضاة.
فرصة لن تتكرر
رغم غلق نادي الزمالك منذ العام 2018 لباب العضويات الاستثنائية أمام بعض الفئات (القضاة وأعضاء الهيئات القضائية والصحفيين)، والتي كانت تسمح لهم بالانتساب للنادي مقابل رسوم اشتراك تقل عن 50% من إجمالي قيمة رسوم العضوية، قرر مرتضى منصور، وبالتحديد عقب صدور حكم محكمة القضاء الإداري في 24 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بإعادته لمجلس إدارة النادي الزمالك، تقديم عرض لنادي قضاة مجلس الدولة فقط، بمنحهم عضويات مستثناه، مقابل مبلغ 40 ألف جنيه فقط من قيمة العضوية التي كانت تبلغ وقتها نحو 150 ألف جنيه، دون أن يتم الإعلان عن ذلك.
وبحسب مصادر قضائية مطلعة داخل نادي قضاة مجلس الدولة، فإن عرض منصور نقله لأعضاء المجلس بتاريخ 27 نوفمبر / تشرين الثاني 2021 المستشار أيمن حجاج، الذي كان يشغل وقتها منصب أمين صندوق نادي القضاة.
وكان لتصدر حجاج تلك الفرصة أوجه كثيرة، فمن جهة عمله كأمين للصندوق ومن آخرى علاقة الصداقة القوية التي تربطه بالمستشار أحمد جلال إبراهيم، نائب رئيس مجلس الدولة والنائب السابق لرئيس نادي الزمالك، والمقرب من مرتضى حتى الآن، رغم عدم ترشح إبراهيم في انتخابات النادي الأخيرة وتركه لمنصبه، عقب رفض مجلس الدولة الذي يمثل جهة عمله السماح له بالترشح في تلك الانتخابات.
وبالفعل نشر حجاج على الجروب الرسمى للنادى والذي يحمل اسم "نادي قضاة مجلس الدولة المكتب الإعلامي" إعلانًا عن فتح باب التقدم لراغبي الحصول على عضويات جديدة بنادى الزمالك الرياضي، مؤكدًا أن تلك العضويات استثنائية لقضاة مجلس الدولة والعرض لمدة أسبوع بمبلغ 40 ألف جنيه، يتم دفع النصف والباقى على أربعه أشهر، ونوه إلى أنه كلف اثنين من موظفي النادي بتسلم الأوراق ومقدم الاشتراك من الأعضاء.
ووفقاً للمصادر، التي فضلت عدم نشر اسمها نظرًا لحساسية موقفها، نال العرض ترحيب أغلب أعضاء النادي، وعلق أحد المسؤولين البارزين بمجلس إدارة النادي بأنه عرض متميز، قائلًا "الاشتراك فى نادٍ كبير أصبح صعبًا جدًا جدًا. أعتقد هذه فرصه لن تتكرر "، على حد وصفه.
وفي الأيام التالية على الإعلان تقدم 42 من قضاة مجلس الدولة للاستفادة من هذا العرض وسددوا مبالغ مالية كمقدمات للعضوية تقدر بـ 840 ألف جنيها للموظفين المختصين.
بعد تحصيل الأموال
ظل حجاج يعد هؤلاء الأعضاء بإنهاء إجراءات عضوياتهم داخل نادي الزمالك على مدار 7 شهور منذ نوفمبر 2021 وحتى يونيو/ حزيران 2022، وقت إلقاء القبض عليه بتهمة قتل زوجته.
وبحسب المصادر التي أشارت إلى أن المستشار ساق خلال هذه المدة العديد من الحجج والمبررات لعدم حسم تلك العضويات، والتي من بينها "انشغال النادي بإجراء انتخابات مجلس الإدارة خلال الشهور الأولى من العام الحالي، ثم التأكيد للأعضاء على حاجة عضوياتهم لموافقة الجمعية العمومية للنادي في أول اجتماع لها، ومن ثم طالبهم بانتظار الجمعية العمومية".
ذات المصادر أكدت للمنصة أنه عقب إلقاء القبض على حجاج في أواخر يونيو الماضي للتحقيق معه بتهمة قتل زوجته، تلقى مجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة، شكاوى وتساؤلات من الأعضاء الذين سددوا لمبالغ مقدمات العضوية بنادي الزمالك حول مستقبل تلك العضويات.
وكانت المفاجأة عندما أصدر المستشار سمير البهي، رئيس نادي قضاة المجلس، بيانًا في 9 أغسطس/ آب الجاري، قال فيه إنه بخصوص المبلغ المسدد للحصول على عضوية نادي الزمالك، فإنه على الرغم من أن سداد المبلغ المشار اليه، لم يكن بناء على عرض وافق عليه مجلس الإدارة، أو أحيط به علمًا، على حد وصف البهي، ولم يودع خزينة النادي، أو حسابه البنكي.
وتابع "لذلك وبعد اتخاذنا المناسب من الإجراءات، يمكن لسعادتكم التقدم بطلب استرداد مقدم الحجز، والحصول على قيمته، وذلك اعتبارًا من يوم الأحد القادم الموافق 14 أغسطس الجاري".
وكشفت المصادر أن البهي وأعضاء مجلس إدارة النادي كانت لديهم النية لإبلاغ النيابة العامة بتلك الوقائع لتحريكها كقضية إهدار مال عام ضد حجاج، إلا أنهم تواصلوا مسبقًا مع زوجة حجاج الأولى، والتي وعدتهم بسؤاله عن مصير هذه الأموال لدى زيارته له بمحبسه.
وفي مرحلة تالية، توصل مجلس الإدارة إلى اتفاق تسوية مع الزوجة، يتضمن إلغاء تخصيص إحدى الشقق المملوكة لهم بالمدينة السكنية لقضاة مجلس الدولة بالتجمع الخامس، حيث يمتلك حجاج بهذه المدينة شقتين وروف، على أن تباع الشقة ويخصص مقابل بيعها لسداد مستحقات الأعضاء، وهو الاتفاق الذي واجتهه عراقيل فيما بعد، ليظل الموقف عالقًا.
مجلس النادي يدفع الثمن
تحدثت المنصة إلى أحد القضاة الذين سددوا قيمة مقدم العضوية، والذي أكد أنه تقدم منذ 14 أغسطس بطلب لاسترداد أمواله، إلا أن النادي لم يتخذ أي إجراءات منذ ذلك التاريخ، لافتًا إلى أن هناك مشكلات أعاقت التسوية التي تم الاتفاق عليها بشأن بيع الشقة، حيث تبين أن حجاج باع الشقة بتوكيل عام رسمي لصديقه المحامي السويسي فاروق الكيال، الذي سبق له الاختباء لديه بمحافظة السويس قبل إلقاء القبض عليه.
وبحسب مصدر قضائي آخر بمجلس الدولة فقد دفعت أزمة تورط حجاج في قضية مقتل زوجته المذيعة، وما ارتبط بها من توابع كأزمة مستحقات الأعضاء الراغبين في الحصول على عضوية نادي الزمالك، مجلس إدارة النادي إلى التقدم بطلب لرئيس مجلس الدولة المستشار عادل فهيم عزب، يطالبونه فيه بتشكيل لجنة لتسيير شؤون النادي، على نحو يبدو وكأنه استقالة جماعية من النادي.
وأضاف المصدر أن مجلس إدارة النادي استغل إقدام النادي على إجراء انتخابات على جميع مقاعد أعضائه والتي كان مقررًا لها سبتمبر/ أيلول المقبل، وبرَّر مطالبته بتشكيل لجنة مؤقتة، بضمان توافر الحيدة والاستقلالية في إدارة تلك الانتخابات، غير أن الأسباب الرئيسية للاستقالة ارتبطت بما سبق الإشارة إليه من أزمات، خاصة وأن رئيس مجلس الدولة لدى قبوله استقالة مجلس إدارة النادي، ألغى جميع المواعيد التي حددها مجلس النادي لتلك الانتخابات وكلف اللجنة بإمداده بتقارير عن نتائج أعمالها بالنادي بواقع كل 3 شهور.
خطابات رسمية
حصلت المنصة على نص الخطابات المتبادلة بين المستشار عادل فهيم رئيس مجلس الدولة، والمستشار سمير البهي، رئيس النادي المستقيل، حول هذه الأزمة مؤخرًا.
ووفقًا لهذه الخطابات قال البهي في خطاب أرسله لرئيس مجلس الدولة في أول أغسطس الجاري، إنه بمناسبة قرب فتح باب الترشح لانتخابات النادي، فقد صدر قرار مجلس إدارة النادي التقدم باستقالته تحقيقًا للشفافية، وتأكيدًا لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المرشحين المزمع ترشحهم.
وتابع البهي "لذا نتوجه إلى سعادتكم بهذا الكتاب آملين " أولًا: اتخاذ ما يرى نحو تشكيل لجنة تكون مهمتها الإشراف على العملية الانتخابية بدء من تلقي طلبات الترشح اعتبارًا من 13 أغسطس 2022 حتى تمام إعلان النتيجة المقرر لها 23 سبتمبر 2022، مع قيام هيئة المكتب بتسيير أمور النادي حتى تاريخ تشكيل اللجنة المشار إليها.
ثانياً: التكرم بمخاطبة الجهات الرقابية المختصة، إذ لا يستقيم مخاطبة هذه الجهات - قانونًا - إلا من خلالكم، وذلك بغرض تكليف أي من السادة أعضائها - وفي إطار لجنة مشكلة منها - لفحص كافة الأعمال المالية والمحاسبية الخاصة بنادي قضاة مجلس الدولة والمدينة السكنية لقضاة مجلس الدولة، وغيرها، اعتبارًا من تاريخ تشريفنا بثقة الجمعية العمومية بتاريخ 30 يوليو 2017، وحتـى تاريخه".
وفي 9 أغسطس الجاري، وردًا على ذلك الخطاب، أصدر رئيس مجلس الدولة المستشار عادل فهيم عزب، القرار رقم 520 لسنة 2022، بتشكيل لجنة مؤقته لإدارة شؤون نادي قضاة مجلس الدولة وتسيير أعماله برئاسة السيد المستشار ناصر رضا عبد القادر عبد الرازق نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية كل من المستشار الدكتور حمدي حسن الحلفاوي، والمستشار حمدي عبدالله مرسي، والمستشار أحمد محمد شمس الدين، والمستشار محمد عبدالعليم محمد عبد العال أبو الروس.
تسيير وتحقيق
وحدد القرار اختصاصات اللجنة بأن أناط بها تسيير أعمال الإدارة المعتادة واللازمة لانتظام العمل بالنادي، بما يضمن عدم تأثر الخدمات والمميزات التي يقدمها لأعضائه.
كما ألحق القرار باللجنة اختصاصات رقابية تمثلت في التحقق من مطابقة أعمال إدارات النادي للقانون، ومراجعة مصروفاته، وإيراداته وإيداعها بالبنوك، وقيـد هذه الإيرادات والمصروفات في الدفاتر الخاصة بذلك، والتأكد من أن أمواله تنفق في الأوجه والمصارف المحددة لها.
كما تتولى اللجنة مراجعة لائحة النظام الأساسي للنادي، وإعداد مشروع بتعديل أحكامه بما يلبي حاجة أعضاء مجلس الدولة، ويتوافق وأحكام قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي الصادر بالقانون رقم (149) لسنة 2019، ولائحته التنفيذية.
وكذلك كلَّف القرار اللجنة بتقديم تقرير كل ثلاثة أشهر للمجلس الخاص للشؤون الإدارية، يتضمن قامت به من أعمال وما تكشف لها من ملاحظات.
وفيما يتعلق بالانتخابات كلف القرار اللجنة بالدعوة لجمعية عمومية فور الانتهاء من أعمالها لاعتماد النظام الأساسي للنادي، وتنتهي أعمال اللجنة بانتخاب المجلس.
ويسمح القرار للجنة في سبيل مباشرة عملها تشكيل لجان فرعية، أو الاستعانة بمن تراه، كما يكون لها اتخاذ كافة الإجراءات والقرارات اللازمة لتصحيح أي إجراء أو عمل وقع بالمخالفة لأحكام القانون، وذلك بعد العرض على المجلس الخاص للشؤون الإدارية.
ونوهت المصادر للمنصة إلى أن قرار تشكيل اللجنة فضلًا عن استناده إلى الخطاب المقدم من المستشار سمير البهي بشأن الاستقالة، فإنه استند أيضًا إلى خطاب مقدم لرئيس مجلس الدولة من رئيس إدارة التفتيش القضائي بالمجلس بتاريخ 31 يوليو الماضي، بما يعني أن قسم التفتيش القضائي بمجلس الدولة، قد فتح تحقيقات في بعض المخالفات المرتبطة بأداء المجلس.
وفي هذا السياق قال أحد أعضاء مجلس إدارة النادي للمنصة، إنهم التزموا على مدى توليهم المسؤولية في النادي باتباع كافة الإجراءات القانونية فيما يتعلق بالمسائل المالية، مؤكدًا أن المستشار البهي هو من طلب في خطابه بمراجعة اللجنة لكافة القرارات المتعلقة بالنواحي المالية التي أصدرها مجلسه.
وأضاف المصدر أن مجلس الإدارة التزم بتحرير مذكرة رسمية لصرف الشيكات المرتبطة بمصروفات النادي، على النحو الذي رسمه القانون، مؤكدًا أن الدفاتر الموجودة في النادي مثبت بها كافة الإيرادات والمصروفات التي تمت في عهده.