بعد معارضة قوية، أرجأ مجلس النواب مناقشة مشروع قانون مقدم من الحكومة يفرض رسومًا جديدة على بعض السلع الغذائية والمعمرة وأقساط التأمين على الحياة، فيما وافق على تعديلات ضريبة القيمة المضافة بما يتضمنها من إعفاءات لعدد من الصناعات.
كانت لجنة الخطة والموازنة، ناقشت التعديلات التي تقدمت بها الحكومة على قانون ضريبة القيمة المضافة، مساء الأحد الماضي، وفق الجدول المعلن من جانب الأمانة العامة لمجلس النواب، لكن اللجنة أضافت لجدول اجتماعها التعديلات التي تقدمت بها الحكومة على قانون ضريبة الدمغة وقانون تنمية موارد الدولة وقانون ضريبة مقابل دخول المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي، وجاءت موافقة اللجنة على مشروعات القوانين سريعة في اجتماع واحد، حضره وزير المالية محمد معيط، فيما أعدت تقريرها الاثنين، وأعلنت الأمانة العامة إضافته لجدول أعمال الجلسة العامة للمجلس أمس الثلاثاء.
أهلًا بالإعفاءات لا الأعباء
بدأ رئيس مجلس النواب جدول أعمال اليوم بنظر تقرير لجنة الخطة والموازنة بشأن تعديلات قانون الضريبة على القيمة المضافة، وواجه مشروع القانون بعض الاعتراضات المتوقعة، من جانب المعارضة، فيما دافع وزير المالية عن المشروع وساندته الكتل البرلمانية الأخرى عدا الكتلة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي.
وقال النائب إيهاب منصور، ممثل الكتلة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي "رفضنا الأصل في هذا القانون منذ خمس سنوات واليوم نرفض الفرع أيضًا"، وبشأن الإعفاءات التي تروج لها الحكومة في القانون وتشمل بعض المحاصيل والبذور والشتلات، وصناعات الأمصال، تساءل منصور "هل ستؤدي الإعفاءات لتغيير الأوضاع على أرض الواقع؟"، واستند منصور في رفضه إلى فرض ضريبة قيمة مضافة على الصابون المخصص للاستخدام المنزلي، وحذف سيارات ذوي الإعاقة من جدول الإعفاءات، بما يفتح الباب لفرض ضرائب عليها، وهو ما نفاه معيط في كلمته موضحًا أن قانون ذوي الإعاقة يضمن حقوق أكبر لهم.
الأمر نفسه تكرر مع النائب أحمد الشرقاوي الذي قال "أوافق على الإعفاءات وأرفض أي أعباء جديدة، أرفض القانون من حيث المبدأ"، بينما قال النائب ضياء الدين داود إنه "في الفصل التشريعي الأول صدر قانون ضريبة القيمة المضافة في إطار خطة الإصلاح الاقتصادي، قلنا للناس ومنيناهم بأن فترة الحصاد وصلت، ولكن مع موجة تضخمية خارجية، السهل فرض أعباء جديدة ولما أعمل إعفاءات أعملها للأكثر قدرة"، ورفض داود مشروع القانون وقال "الناس محتاجة إننا نطبطب عليها".
وكانت الحكومة بدأت تنفيذ خطتها لـ "الإصلاح" الاقتصادي في عام 2016، وتضمنت تخفيض دعم الطاقة، وتحرير سعر الصرف، ورفع سعر الفائدة ومحاولة السيطرة على التضخم، ومع إطلاق المرحلة الثانية أكد مدبولي أن المرحلة الثانية "لن تتضمن إجراءات تزيد من أعباء المواطنين، وأن الحكومة ستستمر في دعم السلع التموينية والإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية خلال السنوات الثلاث المقبلة".
وأمام مخاوف فرض الأعباء الجديدة، وافق المجلس على تعديل في مشروع القانون تضمن الإبقاء على نص الإعفاء الخاص بالصابون والمنظفات الصناعية المخصصة للاستخدام المنزلي وفقًا لقانون ضريبة القيمة المضافة الحالي.
واستجاب معيط خلال الجلسة لمقترحات التعديل التي تقدم بها النائبان عبد المنعم إمام أمين، وميرفت إليكسان، لعدم تحميل المواطنين بأعباء مالية جديدة، خاصة مع استمرارات موجات فيروس كورونا، وما تستلزمه من متطلبات التطهير والنظافة لتجنب العدوى.
وخرج قانون القيمة المضافة بعد موافقة المجلس عليه بلا أي زيادات أو أعباء إضافية، للمرة الأولى، بل على العكس تضمن مجموعة من الإعفاءات للدواء والمواد الفعالة في إنتاج الأمصال واللقاحات، وكذلك أكياس جمع الدم ووسائل تنظيم الأسرة والمنتجات الزراعية مثل البذور والشتلات ومدخلات صناعة الورق.
فيما أضافت التعديلات التجارة الإلكترونية للمجالات التي تخضع لضريبة القيمة المضافة، التي اعترض عليها النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة، وأوضح في تصريحات للمنصة أن النص الذي وافق عليه المجلس يؤدي إلى "إلزام المشتري بدفع ضريبة القيمة المضافة لو التاجر غير مسجل"، وهو ما استنكره إمام "بهذه الطريقة سيكون الشعب كله متهرب من الضريبة".
ثورة الملاهي
القسم الثاني من اليوم كان أكثر سخونة، وواجهت تعديلات ضريبة الدمغة وتنمية موارد الدولة وقانون ضريبة مقابل دخول المسارح وغيرها من محال الفرجة والملاهي معارضة كبيرة، حيث انضمت كتل برلمانية للمرة الأولى لطابور المعارضة، مثل الكتلة البرلمانية لحزب الوفد، الذي لم يسبق له رفض قانون من حيث المبدأ خلال الفصل التشريعي السابق والحالي.
وبجانب المعارضة المعتادة التي يمثلها النواب ضياء الدين داود، وأحمد الشرقاوي، وكتلة نواب الحزب المصري الديمقراطي، انضم لهم معظم نواب تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، والكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية التي يمثلها النائب أيمن أبو العلا.
ورفضت الكتل البرلمانية التعديلات التي تتضمن إضافة رسوم وزيادات على أقساط التأمين على الحياة أو التأمين ضد الأمراض، ورفع رسوم مغادرة البلاد، وفرض رسوم جديدة على السلع المعمرة، ورسوم على المياه الغازية، وضرائب على بعض السلع الغذائية المستوردة مثل السلمون والأنشوجة والشوكولاتة، بخلاف زيادات الرسوم المفروضة على دخول حفلات السينما والمسارح والرحلات الترفيهية والسياحية مثل السفاري والغوص.
وعلمت المنصة من مصادر برلمانية، أن إضافة مشروع القانون لجدول الأعمال مساء أمس، أعقبه مجموعة من الاتصالات بين نواب التنسيقية لمناقشة القانون، خاصة مع تداول معلومات عن الزيادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقال مصدر نيابي إن الوقت غير مناسب ولا يصح أن تتحمل الدولة ومؤسساتها مسؤولية إضافة أعباء جديدة على المواطنين في الوقت الحالي، وكان لابد من رفض مشروع القانون.
وبشأن اتفاق نواب التنسيقية قال مصدر إنه "لم تصدر توجيهات موحدة لنواب التنسيقية برفض مشروع القانون، والأمر كان متروك لهم".
وقال نائب مستقل للمنصة، تحفظ على ذكر اسمه، إن "اتجاه الكتل البرلمانية لرفض مشروع القانون يمهد لتعديله وليس رفضه، وسيعيد المجلس مناقشة المشروع مع تخفيف بعض الأعباء، لو كان تم الموافقة عليه بصورته الحالية ستكون خطوة غير محسوبة"، وقال مصدر في تنسيقية شباب الأحزاب للمنصة "يجب إعادة النظر في المواد التي تفرض ضرائب إضافية على الأنشطة الثقافية والرحلات السياحية، وضرائب المياه الغازية والسلع المعمرة ومستحضرات التجميل".
النائب محمود بدر، عضو تنسيقية شباب الأحزاب، قال في الجلسة العامة إنه"غير معقول في الوقت الذي يواجه فيه المواطن زيادة كبيرة في السلع والخدمات وفواتير الكهرباء والمياه، نتقدم بمشروع قانون يزيد أعباء ضريبية جديدة"، واستنكر بدر زيادة الرسوم المفروضة على مقابل دخول حفلات المسرح والسينما في الوقت الذي تواجه فيه الدولة الإرهاب.
أما النائب أيمن أبو العلا، الذي انضم للمعارضة في موقف لا يتكرر كثيرًا قال "مش عاوز أقول لفظ خارج، ولكن هذا القانون هو عبارة عن السم فى العسل"، مضيفًا "أرفض دغدغة المشاعر فى الحديث عن أن تلك الزيادة المفروضة تتعلق بسلع مثل الكفيار والخمور، لأن هناك سلع معمرة وغيرها من السلع مثل البن والشيكولاته والمشروبات التى تندرج تحت تلك التعديلات، وهى سلع تهم وتمس كل بيت مصرى"، واعتبر أن التعديلات تدمر قطاع التأمين والسوق الحرة والثقافة والسياحة.
وأمام حملة الاعتراضات، اقترح النائب عاطف ناصر، نائب رئيس الهيئة البرلمانية، لحزب الأغلبية (مستقبل وطن)، تأجيل مناقشة مشروع القانون، لمزيد من الدراسة، مشيرًا إلى رفض عدد كبير من النواب مشروع القانون.
ولاقى اقتراح ناصر ترحيبًا من القاعة ووافق النواب على تأجيل المناقشة، ورجحت مصادر إجراء بعض التعديلات المحدودة على مشروع القانون وعرضه مرة أخرى على المجلس، وقال المصدر البرلماني للمنصة إنه "في مقابل الإعفاءات التي وافق عليها النواب في القيمة المضافة، توجد احتياجات سيتم تأمينها من مصادر أخرى موجودة في هذه الضرائب"، فيما أكد آخر تحدثت إليه المنصة "أن التأجيل جاء بعدما أدركت الأغلبية أن القرار في القاعة قد يتجه للرفض"، مضيفًا "كان الأفضل التأجيل بدلًا من الرفض".