في الرابعة فجرًا استيقظ عبد العزيز استعدادًا لرحلته المرتقبة، حيث سيسافر من الإسماعيلية إلى القاهرة ومنها إلى العاصمة الإدارية، حيث سيصلي الجمعة في مسجد الفتاح العليم بعد قبول اسمه في كشوف صلاة الجمعة التي تصدر كل أربعاء عن وزارة الشباب والرياضة، وهي الكشوف التي أثارت انتقادات واسعة.
لم يأبه عبد العزيز (20 سنة) الطالب بجامعة قناة السويس لكل الانتقادات التي وجهّت للحكومة بسبب إصدارها قوائم بأسماء معينة يسمح لها بالصلاة في أحد المساجد، فهو يعتبر ورود اسمه في الكشوف "يومًا سعيدًا أن أقبل للصلاة في مسجد الفتاح العليم، أكبر المساجد المصرية، ومن أهم وأكبر مساجد العالم"، حسبما ذكر لـ المنصة.
ويضيف مسترسلًا "بدأ الأمر بالتقديم للصلاة لإدارة الجامعة والتي فتحت الباب للطلاب مع جامعات أخرى للصلاة في مسجد الفتاح العليم يوم الجمعة، فتقدمت أنا ومجموعة من زملائي لنيل هذا الشرف، وتم إبلاغي بعدها بفترة بالفعل بالقبول لأداء صلاة يوم الجمعة في المسجد".
عبد العزيز كان واحدًا من 800 شاب وفتاة نشرت أسماؤهم في كشوف وزارة الشباب والرياضة لأداء الصلاة في المسجد الذي افتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي في السادس من يناير/ كانون الأول الماضي، ليصبح أكبر مسجد في مصر، والأعلى في الشرق الأوسط.
ووفقا للمعلومات التي توصلت إليها المنصة فإن طوابير المصلين في المسجد جميعًا أبلغوا بالموافقة على أدائهم الصلاة في المسجد إما من جهات تابعة لوزارة الشباب والرياضة أو لوزارة التعليم العالي.
وعلى الرغم من أن هذه الكشوف كانت لتحدث في أوقات سابقة بحكم وجود شخصيات سياسية رفيعة المستوى في المسجد، إلا أنها تعد المرة الأولى التي تخرج إلى العلن، لتثير جدلًا كبيرًا وتطرح تساؤلات ساخرة أحيانًا وجدية في أحيان أخرى، حول التضييق السياسي على ممارسة شعائر دينية.
ولكن العميد خالد الحسيني المتحدث باسم العاصمة الإدارية نفى بشكل قاطع في البداية لـ المنصة أن تكون هناك قوائم تتعلق بقبول مصلين في مسجد الفتاح العليم.
واعتبر الحسيني أن الكشوف الصادرة بالفعل من وزارة الشباب والرياضة هي "اجتهاد من بعض الجهات بشكل زائد"، رأى أنه "يؤدي إلى نتائج عكسية".
وأكد المتحدث الرسمي أن المسجد مفتوح للجميع وفي أي وقت.
إلى جوار المسؤولين
إسلام محمد طالب جامعي وأحد أعضاء أسرة طلاب من أجل مصر التابعة لحزب مستقبل وطن، أوضح أن مسؤولا عن إدارة الشباب في الجامعة عرض عليه الصلاة في مسجد الفتاح العليم، وأبلغه أن شخصيات سياسية رفيعة المستوى ستكون حاضرةً في صلاة الجمعة، وأنه من المتوقع أن يصلي الرئيس عبد الفتاح السيسي في أي يوم جمعة "خاصة وأن المسجد أصبح المسجد الرسمي للدولة وتقام فيه الصلوات الهامة ومنها صلاة الجمعة والأعياد الرسمية".
ويضيف إسلام لـ المنصة فى اتصال هاتفي "زيارة المسجد كانت حلمًا كبيرًا. هو مسجد عظيم وكان من ضمن أمنياتي زيارته، والحمدلله قد تحققت هذه الأمنية الهامة، لم أصدق نفسي عندما علمت باختياري صلاة الجمعة (في المسجد) خاصة وأنني أعرف أن هناك المئات من الشباب يقدمون في الجامعات والمراكز الشبابية الآن لزيارته، إلا أن الأمر كان في غاية الروعة حتى التفتيش لم يكن بالشكل الذي يتحدث عنه البعض وإنما كان طبيعيًا وعاديًا لمكان يحضر فيه كبار الزوار والساسة والمسؤولين".
هاجر محمد طالبة مصرية، وعضو فريق رعاية الشباب في جامعة القاهرة، تذكر لـ المنصة أن حالتها مشابهة للحالات السابقة، دكتور جامعي اختارها من بين أصدقائها، فرحت بالأمر وقررت المشاركة، عشرات غيرها تمنوا نفس الزيارة ولم يصبهم الحظ.
تصف هاجر الزيارة التي كانت مخصصة للصلاة في المسجد فقط، بأنها كانت "في غاية الجمال والاهتمام بمشاركة فعالة من المئات من الشباب المصريين، خاصة وأن أفواجًا أجنبية تزور المسجد كل جمعة لأداء صلاة الجمعة في نفس المكان، بعد تنسيق مع الجهات في العاصمة الإدارية الجديدة".
وتكمل هاجر "الأمر ليس مثارا للسخرية على الإطلاق، ولكن بالفعل مسجد الفتاح العليم كبير بشكل لا أحد يتخيله من الداخل، كما أن المباني الملحقة به بها أشياء غير طبيعية على مسجد في مصر، من المفترض أن يكون محلًا للصلاة فقط، وبالتالي كان الأمر مصدر إبهار كبير، مع وجود عدد كبير من الشخصيات السياسية والدينية رفيعة المستوى والتي اهتمت كافة الوفود من المحافظات للتصوير معهم وتبادل الحديث".
وأقيم مسجد الفتاح العليم على مساحة 59 فدانًا على الطريق الدائري الأوسط الجديد، ويصل ارتفاعه إلى 45 مترًا، ومن المقرر أن يكون هو المسجد الرئيسي للدولة في العاصمة الإدارية الجديدة. مساحته تسع 6500 مصلٍ و1200 سيدة، أما المساحة الكائنة أمامه فتبلغ نحو 6500 مترًا مربعًا وهي مساحة تكفي من 6500 إلى 7000 مصل.
وللمسجد خمسة مداخل رئيسية، ثلاثة للرجال ومدخلان للسيدات، ويحيط بالمسجد سور طوله 3.5 كيلو متر على مساحة 103 أفدنة، كما يتضمن المسجد مهبطًا للطائرات، ويتكون من دور أرضي والصحن الخاص به فيأتي على مساحة 6325 مترًا مربعًا.
الصلاة كنشاط ترفيهي
الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة كان من ضمن الحاضرين في صلاة الجمعة في مسجد الفتاح العليم ونشر العديد من الصور التي تجمعه بطلابه في الجامع، وهو يعتبر زيارة المسجد وأداء الصلاة فيه فرصة لكسر أجواء الدراسة والامتحانات.
ونشر الخشت على صفحته على فيسبوك "نحن نتحدى الطريقة الكئيبة للامتحانات المصرية. صلاة الجمعة مع بناتي وولادي طلاب جامعة القاهرة في مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الادارية".
وتابع أن "طلاب جامعة القاهرة يعني الوطنية والجدعنة والشهامة في قلب الامتحانات نلتقي لنصلي، وفي قلب الامتحانات سبق أن التقينا على مائدة الموسيقي السيمفونية في حفلتين لموسيقار العصر عمر خيرت".