امرأة واحدة من بين كل ثلاث تتعرض للعنف الجنسي أو الجسدي على مستوى العالم على الأقل مرةً واحدة في حياتها، حسب منظمة الصحة العالمية. هذه النسبة الكبيرة دفعت المنظمات الأممية ومنظمات المجتمع المدني للتحرك وإطلاق حملات توعية ودعاية متنوعة.
وبمناسبة حملة "16 يوم" للنشاط ضد العنف القائم على النوع لزيادة التوعية بهذه الانتهاكات التي تطال ثلث نساء العالم؛ نستعرض في هذا التقرير 16 شكلًا من أشهر أنماط العنف والإيذاء العاطفي والنفسي الذي تتعرض له النساء حول العالم، مستندين في ذلك على مجموعة من احصاءات رسمية متنوعة حديثة أجرتها الأمم المتحدة.
تُعرّف المنظة الأممية العنف ضد المرأة باعتباره "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية النوع، gender، ويترتب عنه أو يُرّجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بالإيذاء، أو الحرمان من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة".
عدم احترام الخصوصية
وهى من أهم أشكال العنف العاطفي والنفسي. قد يتحقق شريكك من رسائلك وبريدك الإلكتروني إما عن طريق اختراقها أو الإصرار المباشر على منحك إياه كلمات المرور لجميع حساباتك على الشبكات الاجتماعية.
الإضرار المتعمد للممتلكات
هذا الفعل يعتبر بمثابة الخط الفاصل بين الإساءة الجسدية والعاطفية. في هذا النمط من الإيذاء يقوم الشريك المسيء عمدًا بكسر أو إتلاف شيء يعرف قيمته لديك، كوسيلة لمعاقبتك وتذكيرك بالقوة التي يمتلكها.
إحكام القبضة على الموارد
يمكن أن يتحكم شريكك في مواردك المالية أو أية موارد أخرى لديكِ، كشكل من أشكال العقاب، أو كوسيلة للحفاظ على السيطرة في العلاقة، مما يجعلك تعتقدين أنك لن تكوني قادرة على الاعتناء بنفسك وأطفالك إذا حاولت المغادرة وإنهاء العلاقة. ولا تقتصر الموارد المعنيّة بالضرورة على المال، فقد يتحكم المعتدي في سيارتك الخاصة أو تليفونك.
العزل عن العالم
غالبًا ما يريد الشخص المسيء التحكم في علاقاتك بأصدقائك، ومدى عمق هذه الصلات الشخصية. وهو ما يدفعك، بمرور الوقت، للاحساس بفقد العلاقات الداعمة من الأصدقاء والعائلة، فقط لأن شريكك يريد ذلك.
إصدار الأحكام والتقليل من الشأن
يقوم الشريك بإصدار أحكام حول وجهة نظر الطرف الآخر دون محاولة فهمه. وينبع هذا الإيذاء من عدم التسامح مع الاختلافات الشخصية بين البشر. أو أن يعتبرك شريكك أقل شأنًا ويقوم بالتعبير عن ذلك بطرق مهينة على نحو متزايد.
يخبرك كيف يجب أن تكون مشاعِرك
يتجسد احتقار المرأة والهيمنة عليها في أن يخبرها شخص ما كيف يجب أن تشعر حيال موقف معيّن. هذا الفعل يأتي تحت عنوان "أنا متعاون معكِ". ارتكاب هذا التصرف يدل على عدم احترام لخصوصية مشاعرك، كما يدل على غرور الطرف الثاني في العلاقة لدرجة اعتباره أن مشاعرِك أمرًا يخصه وله أن يحدد ما هو المناسب وما هو دون ذلك.
الاتهام بالحساسية المفرطة
هى أحد أشهر أساليب الإيذاء العاطفي الممنهج. وهو أن يتلقى الشخص اتهامًا بالحساسية المفرطة عقب التعرض للأذى والشعور بالامتهان جراء الأفعال المؤذية أو السلوك المهين من الشريك.
لستِ ذكية بالقدر الكافي
لن يقولها لفظًا، لكن كل تصرفاته وتعبيراته المباشرة وغير المباشرة تقول بأنكِ "لستِ جديرة أو ذكية بدرجة كافية للتصرف بشكل مستقل، حتى يصل في نهاية المطاف للسيطرة التامة عليكِ.
العقاب العاطفي
يأتي التوقف عن المودّة كوسيلة للعقاب العاطفي بهدف ممارسة السلطة والتحكم في الطرف الآخر. يتم ذلك عن قصد، كأن يقول في بعض الأحيان "لا قبلات حتى تعودي لطيفة مرةً أخرى".
هذه الطريقة مختلفة تمامًا عن عتاب الأحباء الطبيعي، والهدف منها رسالة واضحة لكِ "لا تكوني إلا ما أريد، وإلا لن أهتم".
التهديد والإنذار
قد يهددك شريكك بنشر معلومات خاصة عنكِ لفضحك، أو يهدد بأخذ شيء منكِ مثل المال أو المنزل أو الأطفال. وقد يهدد الشريك بالتخلي عنكِ إذا لم يتمكن من الوصول إلى ما يريد، أو قد يقول إنه سيخبر أصدقائك أو عائلتك بشيء شخصي عنك.
هذا الفعل يتجاوز التهديد إلى رسالة أكبر "هناك شيء خاطئ قمتِ به، وعليكِ أن تشعري بالخجل من نفسك بسببه".
أما الإنذارات؛ فهي في الحقيقة تهديد سري، حيث يلومك الشريك على إجباره أن يتصرف معكِ على هذا المنوال. حقيقة هذا الأمر هو إلقاء اللوم عليكِ وكأن الشريك يمنحك الخيار بأن تصححي الوضع من خلال القيام بما يريد، واعتبار ذلك بادرة كرم منه، وبالتالي فإن أية عواقب لأفعالِك تتحملينها أنتِ بالكامل.
هدايا ما بعد "الخناقات"
يقدم بعض المسيئين هدايا بعد الشجار كمؤشر على الاهتمام، أو كتهديد ضمني لتذكيرك بالكرم الذي قد تخسرينه إذا اخترتِ انهاء العلاقة. في مثل هذه الحالات، قد تسمعينه يقول أشياء مثل "أشتري لك الكثير من الأشياء الجيدة، على الرغم من أنكِ لا تقدرين أي شيء أفعله" أو "كل إمرأة أخرى ترى ما لديكِ، وتتمنى أن يعطيها زوجها كما أعطيكِ".
السخرية
السخرية هي طريقة للتعبير عن العداء بشكل مقبول اجتماعيًا. وإذا قام الشريك بالدفاع عن سلوكه عبر السخرية من أفعالك وكأنها "نكتة" أمام الآخرين، فإن الإساءة ستصبح أكثر علانيةً وأكثر ايذاء.
قلب "الترابيزة"
تبدو العديد من السلوكيات المسيئة عاطفيًا كـ "حيّل سحرية" تهدف إلى صرف الانتباه عن واقع سوء المعاملة. قد يأخذ هذا شكل إعادة توجيه اللوم عن أفعاله السيئة وتحميلك مسؤوليتها، بدءًا من الشجارات، وإطلاق الاتهامات عليك مباشرة. الغرض الوحيد من كل هذه الخدع هو صرف الانتباه عن الإساءة التي تتعرضين لها مرارًا وتكرارًا.
تأتي هذه "اللعبة" في أحد الأشكال التالية "لا يعجبكِ صياحي؟ هذا بسبب أنك لم تتصلي بوالدتي للإطمئنان عليها وأنتِ تعلمين أنها مريضة؟"، أو "تشتكين من تأخري المتكرر؟ ما كل هذه الفوضى في المنزل وكيف لا يمكنك الحفاظ على المكان نظيفًا ومرتّبًا؟"، أو "تريدين المال لتشتري شيئاً لنفسِك؟ هل انتبهتِ أنني مرهق ولست في مزاج جيد لهذا الطلب؟".
وتمتد خدعة اللوم، إلى اللحظات التي قد تجدين لديكِ بعض القوة لمواجهته بسوء معاملته. ونظرًا لأنه غير مستعد لتحمل المسؤولية؛ فإنه سيفضل إلقاء اللوم عليكِ، فمثلًا "أنتِ من تدفعينني للتصرف بتلك الطريقة".
التمركز حول الذات
بعد اللوم المتواصل للشريك؛ تأتي مشكلة التمركز حول الذات والنرجسية. فمثلًا عند ارتكاب الطرف الثاني في العلاقة أحد الأخطاء في حق شريكه فإنه يلوم نفسه على هذا الفعل "مفيش راجل يعمل كدا في ست" وليس "أخطأت في حق شريكتي ويجب عليّ الاعتذار عن ذلك".
الخيانات الصغيرة
التواصل العاطفي مع أخريات دون علمك هو أحد أشكال الأذى النفسي والعاطفي الذي تتعرض له النساء، وقد يصل الأمر إلى الرسائل السرية وتسمية الأشخاص بالشفرات في قائمة الإتصال على الهاتف.
السير على قشر البيض
هى مرحلة التشكك في النفس والتصرفات والأحكام. هى مرحلة الانتباه لكل تفصيلة مهما كانت صغيرة لتفادي تخييب ظنه. دعينا نكون أكثر صراحة: بدأتِ مرحلة الخوف من الشريك. عند هذه المرحلة؛ فقد وصل الشريك المسيء لغرضه: الآن هو داخل كل فكرة من أفكارك، وهو الآمر الناهي في عقلك.
بعد استعراض أبرز أنواع الإساءات العاطفية التي تتعرض لها النساء في العلاقات، يبقى الجانب الأسوأ وهو استمرار بعضها عقب الانفصال والتخلص من العلاقة المسيئة. في مثل هذا الموقف يتطلب الأمر دعمًا أكثر من الآخرين.. سواء كانوا أصدقاء أو من أفراد الأسرة.
إذا اكتشفتِ مجموعة من هذه العلامات في علاقتك؛ فاعلمي أنك في علاقة مسيئة، وتواصلي للحصول على مساعدة من الأصدقاء أو العائلة أو المعالج أو شبكة المشورة. ستشعرين أنها حرب، وهى بالفعل كذلك، هي حربك لاسترداد روحك وشخصيتك. وكل ما يجب عليك تذكره: لستِ وحدِك.