(1)
هل لديك عينين؟
حسنا.. متى رأيت آخر مظاهرة على سلالم نقابة الصحفيين؟
لم تعد ترى شيئا كهذا، واضح أنك ذكي وقوي الملاحظة.
حسنا، هل هناك برلمانيون يرفضون الطوارئ بشارات سخيفة على صدروهم؟ هل رأيت فضائية تتابع احتجاجًا عماليًا لتحقيق مطلب أيًا كان؟
اختفى كل هؤلاء كما اختفت المنظمات الحقوقية السمجة التي تهلل لكل خطأ، مثل النديم، بل حتى المواقع الإلكترونية التي سمح بها مبارك، لسبب مجهول، حُجِب ما يزيد عن 465 منها.
كنتم تريدون تصحيح أخطاء مبارك؟
ها نحن نفعل.
(2)
ساحة متربة، عمارات على الطوب الأحمر، ترعه بائسة مجهولة الهوية بالنسبة لنا هنا في القاهرة.
هذا هو الكاتب الذي كنتم تقرأون له في شبابكم؟ إن كنتم لاحظتم فأنتم أصلا لا تروقون لنا كثيرًا ولدينا مشكلة معكم ومع شبابكم.
جنازة كاتبكم خرجت من مسجد اسمه السلام بطنطا؟
أين مسجد عمر مكرم الرائع؟ ألن تكون صور الجنازة أجمل بين رخام مسجد الشرطة؟
لو لاحظتم ليس هناك ممثل رسمي يتقدم الجنازة، وهذا منطقي، فالكاتب ليس له عمود في الأهرام، وأنا وأنت نعلم أن كل كاتب كبير لديه عمود في الأهرام، غالبا يوم الأربعاء.
لم يحصل الفقيد على جائزة الدولة التشجيعية ولا فاز بجائزة الدولة التقديرية، هو حتى لم يحصل على جائزة في أدب الشباب، فمن أين وصلتكم قناعة أنه كاتب مهم؟
لا نراه على شاشتنا، فهو لا يقدم برنامجًا عن القراءة على أون تي في؟ ومن المعروف أن كل الناجحين يقدمون برامجًا على أون تي في، أنتم تتابعون كابتن مدحت شلبي هناك حتمًا.
رجلكم هذا لا يسكن معنا في القاهرة من الأساس، نحن نشك أصلا في وجوده.
هل هناك كاتب كبير يسكن في طنطا؟ ماذا يفعل هناك عند السيد البدوي؟ على حد علمنا لا كاميرات هناك.
إن كاتبكم الذي يكتب إليكم لمجنون.
(3)
هناك كارثة، هل لاحظتموها؟
إنه في يوم الخميس 29 مارس/آذار 2018 الموافق 12رجب 1439، رصدنا ظاهرة بالغة الخطورة، اكتشفنا جريدة تقوم بعملها، المصري اليوم كتبت مانشيت.
هذا أمر سيئ كما تعرفون.
قال لك "الدولة تحشد الناخبين في آخر أيام الانتخابات" وكتب تحت المانشيت معلومات "الوطنية تلوح بالغرامة، مسؤولون يعدون بمكافآت مالية، وهدايا أمام اللجان".
مانشيت ومعلومات؟ طبعًا غضبنا، لكن زملاءهم ممن توقفوا عن ممارسة مهنتهم منذ يوليو/تموز 2013 غضبوا أكثر.
فيهم الخير والله.
ولمن لا يذكر، المصري اليوم سبق أن نشرت في 2005 "شهادة مستشارة شاركت في الإشراف على الانتخابات، تزوير الانتخابات تحت إشراف القضاة"، ونشرت مانشيت "ثورة المتظاهرين" في 2011.
حان وقت محاسبة الجريدة عن مجمل أعمالها.
تحقيقات وغرامات، وكل من مارس مهنته لابد أن يلقى جزاءه العادل.
نيابة أمن الدولة العليا استدعت للتحقيق 9 صحفيين، بينهم من كان رئيسا للتحرير.
رئيس التحرير محمد السيد صالح أقيل، وهو هنا أفضل حظا من رئيس تحرير مصر العربية عادل صبري الذي اقتحمت قوة مقر موقعه الالكتروني، والقت القبض عليه ثم أغلقت المقر بالشمع.
وفقا لتحريات الأمن الوطني فإن عادل صبري بث الشائعات والأخبار الكاذبة عن غلاء الأسعار وحقوق الإنسان.
نعم ما قرأته صحيح، بث "شائعات" عن غلاء الأسعار.
موقع المنصة لم يتعلم من الثور الأبيض والثور الأحمر والأخضر والأصفر المذبوحين في كل مكان، ونشر تقريرًا بمعلومات موثقة يكشف حقيقة من قيل إنهم أعضاء كونجرس زاروا مصر خلال الانتخابات الرئاسية.
حجبنا موقعهم والحمد لله.
مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حاسب جميع هؤلاء "مهنيًا"، فالرجل مهني مخضرم تضايقه المانشيتات، في نفس الوقت الذي وصف فيه معارضيه على الهواء مباشرة بأنهم "قوادين".
للأمانة لم يقُل قوادين هذه، هو قال عليهم "معرصين" حضرتك.
هل تعرض له أحد؟ لا طبعا، لأنه معنا.
كن معنا، كن مثل مكرم.
(4)
من كل هؤلاء في جنازة كاتب طنطا؟
هذا مربك لنا، لم نحشد للجنازة لكنكم احتشدتم، لماذا ذهبتم إليه؟، فهل يعجبكم فعلا ما يكتبه خالد توفيق؟
قصصه الأشهر بطلها عجوز مريض بالقلب يسخر من كل شيء بل ويكتب "ما أمام الطبيعة" ويسخر من نفسه، أو فتاة متوسطة الجمال تقرأ كثيرا، هذا سخف، هناك سلاسل أخرى جميلة، أبطالها ضباط وسيمون أذكياء، مفتولو العضلات يرددون كلمة مصر في كل سطر، وتزعجهم تلك الصحفية السمجة الفضولية السخيفة التي لا تراعي أمن الوطن.
أليس أبطالنا أجمل؟
نحن أجمل، نحن أحلى.
(5)
"ألوم نفسي بالوقوع في فخ مرثية أحمد خالد توفيق المصطنعة والمطعمة بالنحيب والعويل، ما كنت أحسبه شكا في علاقة أحمد خالد توفيق بالإخوان وتعاطفه معهم أحسبه حاليًا انتماءً تنظيميًا خفيًا غير منظور".
احمد الباشا رئيس تحرير جريدة روز اليوسف الحكومية.
(6)
يقال إن تعريف الصحافة هي نشر ما لا يريد آخرون رؤيته منشورًا، فكل شيء عدا ذلك هو علاقات عامة.
نحن نريد كل شيء "عدا ذلك".
الشائعات أن انفراجه ستحدث قريبًا وجريدة الوسيط ستصدر دون مضايقات، لا تصدقوا، فنحن منزعجون الآن من ارتفاع سقف النقد السياسي في المجد للقرآن الكريم.
خيري رمضان مذيع التلفزيون الرسمي بات في القسم، فهل ستنجو أنت بفعلتك؟
سترددون جميعا ما قل وضل، والصحافة هي صفحات رياضية عن رئيس الزمالك، وأخبار خفيفة عن الحظ الذي ابتسم لمتسول في شنغهاي.
المصري اليوم والمنصة ومصر العربية حلمهم المهني تقديم صحافة وحلم رجالنا المهني ألا يقدم هؤلاء صحافة.
هناك من يرون أن حرية التعبير أم الحريات، وجهة نظر تحترم، لكننا نرى انه أم الحريات.
تتصورون مشكلتنا مع يناير، مساكين والله، الأزمة في الحريات المبالغ فيها بعد 2005، المشكلة في مبارك، الرجل اخطأ ونصلح خطأه.
آلاف الصحفيين أصبحوا عاطلين عن العمل بعد حجب المواقع والتضييق على الجرائد، مصير رائع تستحقونه.
فالوطن باق وكلنا زائلون، ولأنكم من ضمن كلنا، سنزيلكم.