
الاتجاه إجباري.. التاكسي الأبيض في طريق اللاعودة
"ما بقتش جايبة همها، التاكسجية بقوا شغالين عند الحكومة"، لم يجد أحمد جمال، سائق التاكسي الأبيض، من وسيلةٍ للنجاة بنهاية المطاف إلا تغييرَ رخصةِ وشكلِ سيارته من أجرة إلى ملاكي، والانضمام إلى أبلكيشنات النقل الذكي.
بعد يوم عمل طويل، يجلس "جمال" على مقهى صغير بشارع الجيش في العباسية، يشرب الشاي، وهو يكشف لـ المنصة طبيعة الصراع الذي عاشه لسنوات حاول فيها التأقلم مع صعوبات العمل على التاكسي.
يلخص جمال الواقع الصعب الذي يعانيه عشرات الآلاف من سائقي التاكسي في القاهرة الكبرى في أنهم باتوا محاصرين بين ارتفاع قيمة تجديد التراخيص السنوية، ومزاحمة أبلكيشنات النقل الذكي، وهو ما يدفعهم إما إلى الهروب من المهنة أو التحايل للتكيف مع المستجدات.
الملك القديم لشوارع العاصمة
قبل نحو 20 عامًا استقبلت شوارع القاهرة التاكسي الأبيض الذي أحدث ثورةً كبيرةً على الصورة النمطية لشوارع العاصمة المكتظة بسيارات التاكسي الأسود الشهيرة، حيث أزاحه التاكسي الجديد بعداد الدجيتال.
اليوم يواجه التاكسي الأبيض مصيرًا مشابهًا؛ ليس هناك تاكسي بلون جديد سيحل مكانه، لكنه محاصر بسياسات حكومية تهدد بقاءه.
في مرور التبين، حيث يتجمع سائقو التاكسي من محافظة القاهرة لتجديد تراخيصهم، يرصد وائل السيد، سائق تاكسي، تراجعًا ملحوظًا في عدد التاكسيات "من تلات سنين، كنت بلاقي طابور طويل فيه 100 عربية، دلوقتي يدوب 10 أو 15 عربية بس، الأعداد قلت جدًا وده باين كمان في الشوارع، وحتى الجراج اللي ببيت فيه العربية كنا 7 تاكسيات كلهم حولوا ملاكي ما عدا أنا وواحد تاني هيحول هو كمان السنة دي".
ملاحظة وائل ليست مجرد انطباع شخصي، إنما تؤكدها بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، التي تشير إلى تراجع مستمر في أعداد سيارات التاكسي بالقاهرة منذ عام 2020 حين سجلت 98 ألف مركبة، ثم انخفضت إلى 95 ألفًا في 2021، و90 ألفًا في 2022، قبل أن يتسارع التراجع بشكل ملحوظ في 2023 لتسجل 80 ألفًا فقط.
وفي 2024، وصلت الأعداد إلى 70 ألف مركبة، حسب بيانات محافظة القاهرة، لتسجل انخفاضًا بنسبة تقارب 30% خلال الخمس سنوات الأخيرة ما يعكس تحولات كبيرة في قطاع النقل داخل العاصمة.
ليس فقط في القاهرة، بل أيضًا في القليوبية والجيزة. في القليوبية سجلت أعداد سيارات التاكسي 13.681 مركبة عام 2020، وظلت الأعداد متقاربة في 2021 عند 13.398 مركبة، قبل أن يبدأ التراجع الواضح في 2022 ليصل العدد إلى 12.416 مركبة، ثم شهدت المحافظة انخفاضًا أكثر حدة في 2023 ليسجل 9.792 مركبة فقط، أي بتراجعٍ بلغ 28.4% خلال أربع سنوات.
أما في الجيزة، فارتفعت الأعداد من 23.955 مركبة عام 2020 إلى 24.326 خلال 2021، قبل أن تبدأ في التراجع عام 2022، إذ انخفضت إلى 24.107 مركبة، ثم بوتيرة أسرع في 2023 لتصل الأعداد إلى 21.515 مركبة، أي بتراجع بلغ 10.2% خلال الفترة ذاتها.
لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء تراجع أعداد التاكسي في القاهرة، المنصة التقت 10 سائقين واستطلعت آراء 40 آخرين.
30 ألف جنيه كل سنة؟!
"فضلت أقاوم سنين، لكن في الآخر التاكسي بقى مشروع خسران"، يقول علي عبد الستار، الذي استمر في عمله لمدة 20 عامًا، حتى وجد نفسه مجبرًا على تحويل تاكسيه الأبيض إلى سيارة ملاكي، "ما كانش قرار سهل، التاكسي كان أكل عيشي طول عمري، وكنت شغال عند نفسي لكن لما بقيت مضطر أشيل كل شهر حوالي 1500 جنيه على جنب لتجديد الترخيص، كان لازم أفكر في حل تاني".
ويلزم قانون المرور السيارات الأجرة بتجديد تراخيصها سنويًا على عكس الملاكي التي يُسمح لها بالترخيص كل ثلاث سنوات.
ويعتبر غالبية السائقين الذين التقتهم المنصة ارتفاع تكلفة التراخيص والتأمينات السبب الرئيسي لتحويل سياراتهم إلى ملاكي، فالعبء المالي الذي يتحدث عنه عبد الستار هو نفسه الذي دفع علاء إبراهيم لحسم قراره بتحويل التاكسي الذي يمتلكه، عندما ينتهي ترخيصه، إلى سيارة ملاكي، يقول "أنا بجدد الرخصة في شهر أكتوبر، وإن شاء الله هحولها لملاكي المرة الجاية، مش معقول يكون مطلوب مني حوالي 30 ألف جنيه فحص ورخصة وكاوتش كل سنة".
يضيف "عشان أجدد الترخيص هدفع 6 آلاف جنيه تأمينات، وألف جنيه ضرائب، وشنطة إسعاف وأمان في المرور بـ1850 جنيه، غير مصاريف الترخيص نفسه والمخالفات، يعني الإجمالي ممكن يوصل لـ12 أو 13 ألف جنيه، دا غير مصاريف العربية نفسها، زيت وأعطال وكاوتش، السؤال بقى أنا بعمل كام ألف؟".
الملاكي في الأبلكيشن يحصل على نفس نسبة التاكسي الأبيض لكن في المرور الأجرة يدفع أكثر
يعمل سائقو التاكسي بنظام الوردية إذا لم يكن السائق مالكًا للسيارة، حيث يتفق مع المالك على مبلغ لاستئجار السيارة لمدة 10 أو 12 ساعة يوميًا، "بأجَّر العربية الوردية بـ300 جنيه، والمالك مالوش دعوة بالبنزين أنا باخدها متفولة وبسلمها متفولة، وبخصم يوميتي"، يقول السائق هشام مصطفى، مضيفًا "صاحب العربية كان الأول بيكسب أكتر طبعًا دلوقتي الدنيا بقت أصعب على الكل".
أما إذا كان صاحب السيارة هو من يقودها، مثل علاء إبراهيم، فالحسبة أسهل، إذ يعمل يوميًا نحو 10 ساعات، يحقق فيها دخلًا شهريًا يتراوح من 10 إلى 12 ألف جنيه بعد خصم تكاليف الوقود والزيت والصيانة والجراج.
هذا الدخل لا يكفي دائمًا، فحسب إبراهيم "العربية مش بنزين وبس، الناس فاهمة غلط، يعني مطلوب مني أغير الكاوتش كل 140 ألف كيلو، وتيل فرامل كل 4 شهور، وأي حادثة أو عطل يعني العربية هتقف وهتفتح بقها مصاريف ممكن تاخد تحويشة شهر".
التحويل من تاكسي إلى ملاكي ليس قرارًا فرديًا، فوفق نتائج استطلاع رأي أجرته المنصة شمل 40 سائق تاكسي في القاهرة، هناك 29 منهم (72.5%) قرروا تحويل سياراتهم إلى ملاكي والعمل عبر تطبيقات النقل الذكي، معتبرين أن هذه الخطوة باتت الحل الوحيد أمامهم للاستمرار في كسب قوت يومهم دون قيود مرهقة.
مقارنة ظالمة
يشير السائق علاء إبراهيم إلى أنه حاول الاستفادة من إتاحة تطبيقات النقل الذكي عملَ التاكسي تحت مظلتها لكنه واجه الأزمة نفسها "الملاكي اللي شغال معايا في التطبيق بياخد نفس نسبتي لكن في الترخيص هو بيدفع أقل لأنه عربية خاصة وأنا بدفع أكتر لأني أجرة وده بالنسبة للحكومة معناه إني مشروع تجاري بيكسب".
المشكلة لا تتوقف عند التراخيص فقط، فمهنة سائق التاكسي نفسها على وشك الاختفاء، حسب محمود عبد الحميد، رئيس رابطة سيارات الأجرة، الذي يرى أن وضع سائقي التاكسي مع سائقي التطبيقات الذكية في خانة واحدة ظلم كبير، فهناك فارق بين من يريد تحسين دخله ومن يعتبر هذه مهنته الأساسية "أنا عارف إن فيه كتير دلوقتي بيعتمدوا على التطبيقات كشغل أساسي وغالبيتهم كمان سواقين تاكسي لكن فيه سؤال مهم: الدولة هتستفاد إيه؟".
ويلفت إلى أنه في ظل هيمنة شركات النقل الذكي أنشأ بالمشاركة مع مجموعة من السائقين شركة خاصة لتنظيم التاكسي في القاهرة الكبرى، واتخذ لها مقرًا "قدمت كل الأوراق المطلوبة إلى جهاز النقل بمحافظة القاهرة للحصول على التراخيص، وأنشأنا تطبيقًا ينظم عمل التاكسي، وقولنا إننا على استعداد لسداد كل الرسوم المطلوبة، في محاولة لإنقاذ مهنة التاكسي من التراجع لكن محدش رد علينا".
رغم ما يتحدث عنه رئيس رابطة سيارات الأجرة من مزاحمة تطبيقات النقل الذكي للتاكسي، فإنه وفق استطلاع المنصة لا يشكل ذلك إلا نسبة 12.5% من أسباب عزوف السائقين عن العمل على التاكسي، فيما يرجع 50% السبب إلى ارتفاع تكاليف التراخيص والتأمينات، ويضع 32.5% أسبابًا متعددة، و5% فقط لزيادة أسعار الوقود والصيانة.
في 2018 صدر قانون تنظيم خدمات النقل البري للركاب باستخدام تكنولوجيا المعلومات الذي نص على أن "تؤدي مركبات النقل البري المصرح لها بالعمل مع الشركات المرخص لها بإتاحة أو أداء الخدمة الضرائب والرسوم المقررة على المركبات، أو أداء ضريبة ورسم إضافيين بنسبة 25% من قيمة الضرائب والرسوم المشار إليها".
وفي سبتمبر/أيلول 2019 أصدر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي اللائحة التنفيذية للقانون، وفي عام 2022 صدر قرار بتحديد مقابل توفيق الأوضاع للشركات القائمة، تتدرج من 600 ألف جنيه إلى 6 ملايين، ثم لم نسمع عن أي إجراء لاحق، رغم مرور سنتين تقريبًا.
ويؤكد رئيس رابطة سيارات الأجرة أنه تقدم بمذكرة تفصيلية إلى وزير المالية السابق، محمد معيط، قبل نحو ثلاث سنوات، للتحذير من التأثير السلبي لشركات النقل الذكي على قطاع التاكسي "ليس فقط من ناحية المنافسة، لكن أيضًا على مستوى إيرادات الدولة"، لافتًا إلى أن "تراجع أعداد سيارات التاكسي يؤدي إلى انخفاض العوائد التأمينية التي تحصلها الدولة من ملاك هذه السيارات وسائقيها".
يوضح محمود عبد الحميد أن مالكي سيارات التاكسي، ضمن التراخيص السنوية، يلتزمون بدفع رسوم تأمينية مرتفعة، حيث يسدد مالك التاكسي الذي يحمل رخصة مهنية 4 آلاف و350 جنيهًا في بند التأمينات سنويًا، كما يدفع السائقون وفقًا لدرجات رخصهم المهنية مبالغ شهرية تتراوح بين 242 جنيهًا لحاملي الرخصة المهنية درجة ثالثة، و252 جنيهًا للدرجة الثانية، و256 جنيهًا للدرجة الأولى. وتجدَّد الرخصة المهنية كل ثلاث سنوات ورخصة السيارة بشكل سنوي، مما يعني التزامًا ماليًا دوريًا.
وفي حال كان مالك التاكسي لا يحمل رخصة مهنية، يتحمل تكلفة إضافية تُعرف بـ"حصة صاحب عمل"، تبلغ 5 آلاف و850 جنيهًا، إلى جانب الرسوم الأساسية وقدرها 4 آلاف و350 جنيهًا، ما يزيد من الأعباء المالية على مُلاك وسائقي التاكسي التقليدي.
هل ينقذ الأبلكيشن التاكسي؟
على خلاف العاملين في تطبيقات النقل الذكي، يضطر سائقو التاكسي للسير في الشوارع بحثًا عن ركاب، وهو ما يستنزف السائق والسيارة معًا، ومع بداية ظهور النقل الذكي في 2016 انطلقت تطبيقات للتاكسي، إلا أنها فشلت، "السواقين مكنوش بيعرفوا يتعاملوا معاه، وفي سواقين كانوا يوافقوا على الطلب ولما يلاقي زبون تاني على الأرض ياخده وميعبرش الطلب الأساسي" حسب أحمد زهران، سائق تاكسي.
لكن الوضع تغير خلال خلال السنوات الماضية، وفقًا لأحمد، لافتًا إلى أن عددًا كبيرًا من سائقي التاكسي الآن بدأوا التعاون مع تطبيقات مثل أوبر وكريم وغيرهما ممن تتيح خدمةَ طلب التاكسي "لو فيه تطبيق بيشغل التاكسي بس، أعتقد يكسب، عشان سواقين التاكسي ناس خبرة ويقدروا يوصلوا لأي مكان بسهولة".
وفقًا لاستطلاع المنصة، يرى 67.5% من سائقي التاكسي الأبيض في القاهرة أن إطلاق تطبيق خاص بالتاكسي سيُحسِّن ظروف العمل عبر جذب المزيد من الزبائن، بينما يعتقد 32.5% أن المنافسة مع التطبيقات الأخرى ستظل غير عادلة، ما يجعل الفكرة غير مجدية بالنسبة لهم.
ووفق الاستطلاع ذاته، قال 80% من السائقين إن دخولهم في الفترة الأخيرة من العمل على التاكسي انخفضت بشكل ملحوظ، وأصبحت غير كافية، بينما قال 12.5% إن الدخل لم يتغير كثيرًا، وقال 7.5% إن الدخل أفضل مما كان سابقًا، ويرجعون السبب إلى أنهم يتعاملون مع زبائن تربطهم بهم علاقة مباشرة من خلال الهاتف، إضافة للعمل لصالح بعض الشركات.
الهوية البصرية للمدينة
لا يشكل اختفاء التاكسي من العاصمة تهديدًا للسائقين فقط، وإنما له مردود على الهوية البصرية للمدينة، ولا يرى أحمد زعزع، الباحث العمراني، التاكسي مجرد وسيلة مواصلات، بل هو جزء أصيل من الهوية البصرية للمدن، تمامًا مثل الأوتوبيسات العامة وعلامات المترو التي تميز كل مدينة وتضفي عليها طابعها الخاص.
التطبيقات الذكية أكثر أمانًا من التاكسي لكنها أغلى في التكلفة
يشدد الباحث العمراني المتخصص في العشوائيات والإسكان لـ المنصة على أن بعض الدول تهتم بشدةٍ بهذا الجانب، مثل إنجلترا، حيث أصبح التاكسي الأسود ذو التصميم الكلاسيكي المقوس رمزًا بصريًا يحدد ملامح لندن، وكذلك الحال في نيويورك، حيث يعكس التاكسي الأصفر هوية المدينة الصاخبة، لدرجة أن رؤيته في الأفلام أو الصور كافية لمعرفة موقع المشهد دون الحاجة إلى توضيح.
ويؤدي التاكسي الأبيض دورًا مشابهًا في القاهرة، إذ أصبح، حسب زعزع، أحد العناصر المميزة للطابع البصري للعاصمة المصرية، معتبرًا أن الحفاظ على هذه الرموز لا يقتصر فقط على ضمان استمرار وسيلة النقل، بل يمتد ليشمل تعزيز هوية المدينة والترويج لها سياحيًا، تمامًا كما تفعل كبرى العواصم العالمية.
تاكسي ولا أوبر؟
للتّعرف على العوامل التي تقف وراء تفضيلات الركاب بين التاكسي التقليدي وخدمات النقل الذكي، سألت المنصة اثنين من الركاب لكلٍّ منهما وجهة نظر مختلفة تعكس احتياجاته وأولوياته.
تقول هناء خالد، 39 سنة، مقيمة في منطقة العباسية، وتعمل بإحدى الشركات الخاصة في وسط القاهرة، إنها تحرص على استخدام المواصلات العامة "لكن أوقات بكون متأخرة ومحتاجة مواصلة أسرع فبطلب أوبر أو إندريفر".
تُلزم هناء ابنتها لوجين، 15 سنة، باستخدام أبلكيشنات النقل الذكي في تنقلاتها داخل العاصمة "بحس بأمان أكتر وأنا شايفاها على الخريطة ماشية ولو لا قدر الله حصل حاجة أكون عارفة هي راكبة مع مين ومكانها فين وده مش بيوفره التاكسي العادي".
ويتفق محمد بهاء، 23 سنة، المقيم في المقطم ويدرس الهندسة في جامعة القاهرة، مع هناء في أن التطبيقات الذكية أكثر أمانًا من التاكسي، لكنه يرى أنها مكلفة خاصة في أوقات الذروة "عداد التاكسي أرخص من الأبلكيشن ولو مشغلوش باتفق معاه على الأجرة ومليش دعوة بالزحمة".
ولا يتوقع بهاء أن يختفي التاكسي تمامًا "لأنه ببساطة موجود في أي وقت، وأحيانًا يكون أرخص من أسعار الأبلكيشنات".
الحيلة الأخيرة
تحت هذه الضغوط، يرى سائقو التاكسي في التحويل إلى سيارة ملاكي الحيلةَ الأخيرةَ التي يلجؤون إليها؛ وأثناء جولة في شوارع القاهرة رفقة علي عبد الستار، سائق تاكسي، أحصى 10 سيارات ملاكي كانت أجرة في السابق "كل العربيات دي كانت تاكسي أبيض، أصحابها تنازلوا عن رخصة الأجرة، ورخصوها ملاكي، بس لسه شغالة تاكسي عادي وأوبر كمان، والزبون مش هياخد باله"، مشيرًا إلى أن السيارات الملاكي التي كانت أجرة في السابق تحمل آثارًا واضحة مثل بقايا الملصق الأسود الجانبي أو الشبكة الحديدية أعلى السقف.
ورغم ما يعانيه محمود عبد الرحيم، بعد 25 عامًا في العمل على التاكسي جراء العبء الثقيل لتكاليف التراخيص، فإنه يتمسك بمهنته في ظل التحولات التي تشهدها سوق النقل في القاهرة، ويرجع ذلك لكونه المتحكم في سيارته، "أنا صاحب العربية، الآمر الناهي فيها. لو زبون مش مرتاح له، أقدر أنزله، لكن في أوبر، الزبون هو اللي يتحكم، ولو لغيت مشاوير كتير، الشركة توقف حسابي".
ويتحسب محمود أيضًا من خطورة تحويل سيارته إلى ملاكي، يقول "أنا كبرت في السن، ولو قلبت العربية ملاكي، هبقى معرَّض إن حد يقول لي إنت مش تاكسي سواء من الزملاء أو من أمين شرطة يرخم عليا، ومش مستعد أجيب لنفسي الكلام"، أما أحمد جمال فغير نادم على قراره تغيير هوية التاكسي الخاص به إلى ملاكي؛ "كل شغلانة ولها قرفها، المهم هتعمل كام آخر اليوم".