تصوير سارة الحارث- المنصة.
أهال في زقاق كوم الشيخ سلامة في العتبة لشراء شنط المدارس عام 2023

حسبة شنط المدارس.. مصري أو مستورد "مفيش حاجة رخيصة"

منشور الأحد 20 أغسطس 2023

داخل زقاق متعرج في منطقة العتبة يُدعى كوم الشيخ سلامة، بدأت منى محمد وإيمان صلاح، كل على حدة، بصحبة أطفالهما، رحلة بحث عن حقيبة مدرسية استعدادًا للعام الدراسي الجديد، وكلهما أمل في تحقيق معادلة الجودة والسعر، لكن سرعان ما تلاشى الأمل أمام القفزة الكبيرة في الأسعار.

تمكنت إيمان ذات الـ36 سنة من شراء حقيبتين لطفليها التوأمين الملتحقين بمدرسة "سيمي إنترناشونال" وعمرهما سبع سنوات بـ"3000 وشوية"، بينما فشلت منى التي اشترت العام الماضي "شنطة حلوة بـ350 جنيه"، في الحصول على أي شيء مناسب، حين التقتها المنصة خلال تفقدها المحال.

تقول منى "شكلي هرجع مش هشتري بالوضع دا أبدًا"، في إشارة إلى ارتفاع سعر نفس نوعية الحقائب التي تعتاد شرائها لأبنائها الملتحقين بمدارس تجريبية حكومية، إلى 500 و600 جنيه، فيما كانت تضع هي ميزانية "400 جنيه للشنطة"، وتقول "المفروض اشتري 4 شنط لأربع بنات في مراحل تعليمية مختلفة".

تضاعف الأسعار 

 تشهد أسعار الحقائب المدرسية ارتفاعًا في الأسعار لا يستثني أيًا منها سواء الماركات أو الشعبية. يحصر هاني عشري، وهو بائع شنط شعبية على الرصيف منذ 35 عامًا، نسبة الزيادة بأكثر من 100%، موضحًا "أقل شنطة مصرية متوسطة سعرها 250 و300 جنيه بعد ما كانت بـ 90 و110 جنيه السنة اللي فاتت".

 أما الحاجة منى، وهي إحدى وكلاء ماركة مومولي المستوردة من الصين، فحددت الزيادة بنسبة "40 %"، فيما قيّم صاحب توكيل لبيع ماركة Three M، محمود سالم*، الزيادة في العلامة التجارية التي يعمل بها بما نسبته 60% مقارنة بالعام الماضي.

كوسيلة لتخفيف الأسعار، اتجهت إيمان للشراء من الكوم بدلًا من مدينة نصر "بيقولوا أسعاره أرخص"

بسبب هذه الأسعار تصف إيمان جولتها، التي امتدت لساعتين، بـ"المحبطة" حتى بعدما انتهت بالشراء. وتُفسر أنها استغنت عن علامة جلوسي بيرد المستوردة التي اعتادت شراءها بعدما "وصل سعر الشنطة فيها 3000 جنيه مقابل 1600 و1700 السنة اللي فاتت". وتتابع "اخترت حاجة مصري كوالتي مش بعيد عن جلوسي بيرد"، مشيرة إلى أن السعر الذي اشترت به الحقيبة الواحدة هذه المرة وهو 1500 جنيه، "كان بيشتري السنة اللي فاتت شنطة ولانش باج ومقلمة، السنة دي اشترى شنطة بس".

ماذا حدث؟

يعطي سامح عيد، وهو صاحب ورشة لتصنيع وتقفيل حقائب صورة عن قرب لما حدث للسوق، مرجعًا للمنصة، الارتفاعات إلى ثلاث أسباب، أولها أن العام الماضي كان "سنة الحرق". ويشرح "التجار كانوا خارجين من كورونا، وعندهم شغل بزيادة، اللي عنده قطعة كان عايز يخلص منها، الجدع اللي يبيع بضاعته، الكل ماكنش بيبص لمكسب، ولكن كان بيحاول يجمع رأس المال اللي كان معاه".

وزاد عيد أن "الشنطة اللي كانت تسوى 250 جنيه اتباعت السنة اللي فاتت بـ 180 و150 جنيه".

أما السبب الثاني وفق عيد فهو ارتفاع الدولار والجمارك، مؤكدًا "الشنطة اللي كنت بيبعها السنة اللي فاتت بـ150 جنيه بقت بتقف عليَّ بـ300 جنيه و400 جنيه، دا بالنسبة للمستورد، أما المصري فالإكسسوارات كلها ضربت الدُبل، فغصب عني عرضت الشنطة اللي كانت بـ 50 و60 جنيه بـ150 جنيه".

 إلى جانب الدولار، يصف عيد سوق الخامات بـ"العقيم"، مبررًا ذلك بأن "أربع أو خمس أشخاص هما اللي بيستوردوا الخامات، وبيتحكموا في سعرها"، مؤكدًا في الوقت نفسه فإن 80% من الخامات مستوردة.

 وتابع "اللى كان بيدخل 10 حاويات شنط مستوردة بقى يدخل حاويتين؛ الداخل قل والمصري مش بيكفي احتياجات السوق".

مستورد أو مصري

يقسّم عيد مستويات الحقائب المطروحة بالسوق إلى مستوردة ومصرية. وتنقسم المستوردة وفق قوله إلى علامات تجارية يزيد سعرها عن 4000 جنيه مثل "هاي سييرا"، وأخرى يتراوح سعرها بين 1000 إلى 1500 جنيه مثل علامة Three M، ونوع ثالث يتراوح سعره بين 300 و400 جنيه.

شنط مختلفة الأسعار والجودة في العتبة

أما المصري ففيه "اللوكس والعادي والشعبي"، ويصل سعر اللوكس إلى 1500، بحسب يوسف أحمد*، وهو أحد العاملين في بيع شنط علامة BZ المصرية ذائعة الصيت. 

ويتراوح سعر المحلي بين 180 و250 جنيهًا للشعبي، ويصل أحياًنا لـ300 و400 جينه للمتوسط، بحسب عيد الذي أكد "أسعار المصري بقت تضاهي أسعار المستورد". ويضيف عيد "بنسميه ما يتشلش".

يتفق معه عشري، بائع الرصيف، ويشير إلى كيس في يده "الكيس دا أجمد منه"، ويبرر عمله في بيع تلك الشنط قليلة الجودة "بجيب اللي بيحتاجه الغلابة". وخلص عيد وعشري إلى أنه سواء "مصري ولا مستورد مافيش حاجة رخيصة، وولي الأمر مجبر يتقبل السعر".

الجودة أم السعر؟

يقسم الباعة المشترين إلى نوعين، "في زباين بتوع جودة وزباين بتوع سعر"، بحسب عمرو محمد، بائع بمحل للحقائب في زقاق الشيخ سلامة.

وإيمان واحدة من الباحثين عن الجودة، ومع ارتفاع الأسعار استغنت عن علامة تجارية مستوردة مقابل علامة تجارية مصرية لا تقل كثيرًا عنها. وكوسيلة لتخفيف الأسعار، اتجهت للشراء من الكوم بمنطقة العتبة، بدلًا من مدينة نصر "بيقولوا أسعاره أرخص"، على حد تعبيرها.

 لكن هذه التجربة لم تجعلها توفر أكثرمن 100 جنيه في الشنطة التي يبلغ سعرها 1500، وهو ما وصفته بـ"مش مستاهلة البهدلة"، مشيرة إلى أنها حاولت تفادي تلك الزيادات الكبيرة، "سألت عليهم في شهر اثنين اللي فات كانوا ساحبينها"، مؤكدة "يبعوها ليه رخيص في شهر اتنين لما بعد كام شهر هيبعوها غالية".

"براندات" للبيع

وبخلاف حيلة إيمان، اتجهت وسام الأشقر، وهي أم لطفلين، إلى حيلة أخرى "فكرت أعرض شنط ولادي للبيع، عشان أجيب شنط جديدة"، معللة "لو جابت ربع تمنها تساعد في الشنط الجديدة وفي نفس الوقت هفيد بيها غيري".

تنتمي حقيبتا وسام للعلامة التجارية BZ، وتعرض الواحدة بـ 450 جنيهًا، ورغم أن هذا السعر بإمكانه أن يشتري حقيبة جديدة، تبرر "حالتهم كويسة، والمستعمل من الماركة أحسن من شنطة جديدة ب400 جنيه". ويبلغ سعر BZ اليوم 1500 جنيه كحد أقصى، فيما كانت العام الماضي بـ800 جنيه.

وسام ليست الوحيدة، إذ تنتشر إعلانات على مجموعات فيسبوك لحقائب مستعملة، تتراوح أسعارها بين 100 أو 150 جنيه للحقائب المتهالكة، و400 و600 جنيه للحالات الجيدة.

ويشير البائع في BZ إلى أنه "من سنتين تقريبًا بقوا يبيعوا البراند بتاعنا على النت"، وفسّر "شنطتنا ممكن تقعد ست وسبع سنين. لما الأم تغيرها بعد تلت سنين عشان الولد كبر أو زهق منها، هياخدها حد تاني تقعد معاه".

على الجانب الآخر، يرصد بائع الرصيف هاني عشري، ومحمود سالم وكيل Three M، ميل شريحة ليست قليلة لشراء الشنط المصرية الأرخص، "في ناس محددة 150 أو 200 جنيه ومش هتقدر تعلي عنهم"، بحسب سالم، مضيفًا "الناس المحكومة بمبلغ قليل يا إما يشتروا مصري رخيص أو مستعمل".

لكن حتى خيار المستعمل ليس متاحًا دائمًا بحسب حمادة حمادة، الذي كان يبحث عن شنط عبر جروبات فيسبوك، وقال للمنصة، "حتى المستعمل غالي، بالشكل ده ممكن مشتريش خالص"، مشيرًا إلى أن لديه 3 أبناء في المدارس.

شنط المدارس خلال عرضها في العتبة

موسم مضروب

العزوف المتوقع من الكثيرين، يشعر به التجار حاليًا، يقول وكيل Three M للمنصة "البيع قل 70% عن السنة اللي فاتت"، مضيفًا "الناس بتستغنى عن الشنط بشنط قديمة أو بيجيبوا مستعمل". وأكد "مكاسبنا بتقل والتجارة بتتراجع".

الأمر نفسه أكده البائع عمرو محمد، قائلًا "الموسم كان بيبدأ من شهر سبعة، النهارده احنا في تمانية والكوم فاضي".

 يختلف معه سامح عيد الذي توقع خلو الكوم وسط النهار مع ارتفاع الحرارة، مشددًا "البيع كويس الصبح وبعد المغرب"، لكنه في الوقت نفسه أكد "الموسم أهدى، مش بنفس قوة السنة اللي فاتت"، وبرر "الأب اللي كان بيجيب شنط بـ500 جنيه مطلوب منه 2000 جنيه السنة دي".

ينطبق ذلك على منى أم الفتيات الأربع، التي أبدت استسلامًا بعد صدمتها بالأسعار، وغادرت الكوم دون شراء، قائلة "هدور في أماكن تانية".


* اسم مستعار بناء على طلب المصدر.