كان يوم أمس صاخبًا، ترقب فيه الجميع كيف سينتهي مجلس النواب من قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية، لكن دعني عزيزي القاريء أقدم لك كواليس ما جرى في لجان المجلس.
كان من المقرر أن تناقش اللجنة التشريعية مشروع قانون التظاهر الذي تقدم به أكمل قرطام، ومشروع قانون المواطنة ومنع التمييز الذي تقدم به علاء عبد النعم، ولكن النتيجة كانت مليئة بالدراما.
1. علاء عبد المنعم
فوجيء النائب علاء عبد المنعم بسحب مشروع القانون من اللجنة التشريعية، وكان تقدم به ووقّع عليه عدد من النواب في دور الانعقاد الأول، وبدأوا بالفعل في مناقشته في اجتماعات سابقة.
سَحْب مشروع القانون من اللجنة التشريعية جاء بناء على خطاب من الأمين العام لمجلس النواب، لرئيس اللجنة، يوضح فيه أن عدد من الموقعين على مشروع القانون نفوا توقيعهم عليه وبناء عليه يفقد صفته كمشروع قانون ويُعتبَر مجرد مقترح تنظره لجنة الاقتراحات والشكاوى.
الأزمة لم تنته في اللجنة التشريعية بل انتقلت الى الجلسة العامة، عندما أعطى رئيس المجلس حق الكلمة لعلاء عبد المنعم الذي تحدث بلهجة عكست غضب شديد وقال: "إن ما أتحدث فيه اليوم أمر خطير يؤثر على أداء المجلس بصفة عامة، وأثناء سردي لهذه الوقائع أتمسك بأقصى درجات ضبط النفس".
وأضاف: "تقدّمتُ في شهر مايو الماضي بمشروع قانون المواطنة وعدم التمييز موقّع من 64 نائبًا وتمت مناقشته في عدة جلسات في دور الانعقاد الأول ثم الثاني، ووافقت اللجنة على المشروع من حيث المبدأ وتَحددت جلسة اليوم لمناقشة المواد، وفوجئت بخطاب من الأمين العام لرئيس اللجنة".
وأشار عبد المنعم الى الخطاب الذي تلقاه رئيس اللجنة وجاء فيه: "إيماء للطلب المقدم من بعض السادة النواب الموقعين على مشروع قانون المواطنة وعدم التمييز والذي يقرون فيه عدم توقيعهم على مشروع القانون المشار اليه وعدم سبق علمهم به أو عرضه عليهم، وبناء على هذه الأقوال اتخذت رئاسة المجلس قرارًا بسحب مشروع القانون من اللجنة التشريعية والدستورية وإحالته للجنة الاقتراحات والشكاوى".
وقال عبد المنعم: "الجزاء الذي يترتب على هذه الواقعة أنني زورت توقيع النواب، والجزاء لا يكون بإحالة الأمر للجنة الاقتراحات والشكاوى ولكن إجراء تحقيق وإسقاط عضويتي وإحالتي للنائب العام وأدخل السجن لأنني زورت توقيعات".
وأضاف: "انتشر الأمر على أنني زورت توقيعات للموافقة على مشروعي، وأقول إنه إذا ثَبَت أن عضوًا واحدًا لم يوقع على هذا المشروع فأنا أستقيل اليوم من المجلس، وأهيب السادة الزملاء بقراءة مشروع القانون قبل التوقيع عليه، ولا يجوز أبدًا بعد التوقيع أن يسحب توقيعه لأنه أمر غير متعارف عليه، ما معنى التوقيع على قانون ثم نقول سحبنا التوقيع".
وطالب النائب المجلس وعبد العال بالتحقيق معه في هذا الأمر، مؤكدًا انه يرضخ لأي قرار يتخذه المجلس، وقال: "أنا متنازل عن العضوية ومستقيل إذا ثبت ذلك".
احتوى عبد العال غضب عبد المنعم وقال: "أنت نائب محترم وملتزم وأدائك البرلماني معروف داخل القاعة وخارجها، وأنت تعلم أنه حدث خطأ واعتذر الأمين العام كتابة عن هذا الخطأ غير المقصود وهناك فرق كبير بين عدم توقيع الأعضاء وسحب العضو لتوقيعه".
وأوضح عبد العال أن الأعضاء لم يقولوا إن التوقيعات مزورة، لكنهم سحبوا توقيعاتهم من مشروع القانون، وقال لعبد المنعم: "الأمين العام سيرسل لك خطاب يعتذر عن هذا الخطأ غير المقصود، ما حدث هو سحب الأعضاء توقيعهم، وطبقًا للائحة إذا بدأت اللجنة في دراسة المشروع فسحب التوقيع لا يؤثر في ذلك".
2. أكمل قرطام
بالطبع سبق وأعلن النائب أكمل قرطام استقالته من المجلس نهائيًا، اعتراضًا على الصراع الذي جرى في انتخابات لجنة حقوق الإنسان، لكنه في الحقيقة لم يقدم استقالة مكتوبة، وعاد بعد أيام يمارس دوره كنائب.
بالأمس، أعلن قرطام مرة أخرى استقالته من المجلس خلال وجوده في اللجنة التشريعية، التي كانت تناقش مشروع قانون التظاهر الذي تقدم به.
وقال إنها استقالة نهائية لا رجعة فيها، وجاء في نص الاستقالة المكتوبة التي لم نتأكد بعد إن كان سلمها للأمين العام للمجلس: "فكرت طويلًا قبل اتخاذ قراري بالاستقالة من مجلس النواب، والتي سبق أن ارسلتها لسيادتكم على هاتفكم الخاص وفوّضت سيادتكم فى تحديد الموعد الملائم سياسيًا لإعلانها".
وأضاف: "اليوم أتقدم بها مطبوعة"، مؤكدًا قناعته بعدم استطاعته تقديم فائدة تُذكَر للوطن أو المواطنين من خلال العمل البرلماني.
وفي حوار نُشِر بالأمس بجريدة الشروق تحدث قرطام بوضوح عن جهات في الدولة وأجهزة تحرك النواب وخضوع المجلس لأغلبية غير حقيقية ورائها جهات في الدولة، مشيرًا الى ائتلاف دعم مصر.
ستُظهِر الأيام المقبلة مدى جدية قرطام في الاستقالة من المجلس، خاصة أنه لا يُعرَف عنه تاريخ معارض للدولة وأجهزتها بل على العكس.