حوار| مصر والشرق الأوسط في ميزان الانتخابات الأمريكية

منشور الاثنين 7 نوفمبر 2016

 

نيويورك- خاص للمنصة

https://www.facebook.com/plugins/video.php?href=https%3A%2F%2Fwww.facebook.com%2Falmanassanews%2Fvideos%2F1204575362914919%2F&show_text=0&width=560

"أفكار ترامب بالنسبة لي مخالفة للدستور"، كانت تلك بداية حديثنا المطول مع الباحث الأمريكي المصري مايكل وحيد حنا، زميل مؤسسة سينشري، التي تعد واحدة من أعرق مراكز الأبحاث السياسية والاقتصادية في العالم.

تركزت مساهمات حنا البحثية منذ نحو 16 عاما على دراسات الشرق الأوسط، وله مقالات منشورة في صحف نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وتقرير الشرق الأوسط، ولوس أنجلوس تايمز، وغيرها.

 وعلى الرغم من رحلته البحثية الطويلة إلا أنه أكد في حواره لـ "المنصة" أن الحياة السياسية الأمريكية على مدار عقود، لم تشهد تعقيدا وغموضا كالذي تمر به في انتخابات 2016، المنتظر حسمها يوم غدٍ الثلاثاء.  

تعريف بمؤسسة سينشري للأبحاث السياسية والاقتصادية

اقرأ أيضًا: ترامب.. هوس الأضواء يمهد الطريق لحكم العالم

هل يعبر دونالد ترامب عن الحزب الجمهوري؟

وصول ترامب لهذا المكان مفاجأة كبيرة! أفكار الرجل بالنسبة لي مخالفة لفكرة الليبرالية وأشياء كثيرة أخرى اعتدنا وجودها في الولايات المتحدة. لم أكن أتخيل أن يصل شخص مثله لأن يكون هو المرشح الجمهوري لرئاسة البلاد.

 حتى الآن هو متفق معهم [قيادات الحزب] في بعض الأمور، لكنه يخالفهم في كثير غيرها. لم يتغير ترامب نهائيا منذ بدء حملته الانتخابية، هم من تغيروا، لم أكن أتخيل في حياتي أن يأتي مرشح جمهوري يمدح الرئيس الروسي مثلا. الحزب أصبح يغير آراءه لصالح ترامب بشكل يثير الاستغراب.

كيف يمكن تحليل وصول رجل أعمال ضعيف الخبرة السياسية مثل ترامب لتمثيل للحزب؟

الجمهوريون أصبحوا يزدادون تطرفا يوما بعد يوم. لم يعد هذا الحزب كما كان عليه قبل 20 سنة مثلا. هم أيضا يسيطرون على أغلبية مناصب عُمد المقاطعات وحكام الولايات، وأغلبية الكونجرس، لدرجة أنهم استطاعوا التواجد في نيويورك، وهو ما كان مستحيلا قبل عقود.

 ومع الوقت تغيرت مفاهيم هذا الحزب تماما. واللافت أنه على الرغم من اختلاف الكثير من الجمهوريين معه، إلا أنهم يراهنون على أن فوزه في الانتخابات سيسهل مهمتهم في الحفاظ على غالبية النواب والمحافظين.

إلى أي مدى أثرت الفضائح المتتالية للمرشحين على شعبيتيهما؟

ترامب له مشكلة مع النساء وفضائح متتالية، هو يثير الأزمات مع سيدات حزبه أيضا، ولكن لن نعرف حجم هذه المشكلة وتأثيرها على شعبيته إلا بعد ظهور النتائج يوم الثلاثاء، لأن هذه الانتخابات مختلفة عما سبقها تماما، وسيكون من الصعب أن نفهم كيف لم تؤثر هذه الفضائح على شعبيته بشكل واضح

 أما هيلاري فقد ظهر تأثير إعادة فتح التحقيقات في قضية الإيميلات، وكيف  في استطلاعات الرأي. الغريب أن فضيحة البريد الإلكتروني أثرت بشكل أكبر من الفضائح الجنسية المتتالية لترامب.

اقرا أيضًا: النساء العازبات.. الرقم الصعب في الانتخابات الأمريكية


ترامب الغامض

                   

لقاء السيسي والمرشح الجمهوري دونالد ترامب

 

ما هي أبرز الاختلافات بين رؤيتي ترامب وكلينتون للسياسة الخارجية؟

من الصعب أن نتحدث عن سياسة ترامب الخارجية، فحتى الآن لم نسمع منه كلاما واضحا عن القضايا الخارجية، إلا أن هناك بعض المؤشرات؛ فمثلا خلال مقابلته للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الأمم المتحدة مؤخرا، لم يناقش ترامب أيًا من النقاط الخلافية بين واشنطن والقاهرة، فلم يتحدث عن ملف حقوق الإنسان أو غيرها من الأمور.

بالتالي سيكون هناك اختلاف كبير عن سياسة الرئيس باراك أوباما وكلينتون أيضا التي [أوضح لقاؤها بالسيسي أنها] ستسير على نفس النهج فيما يتعلق بمصر، فالأخيران ينتقدان بعض الأوضاع السياسية بمصر.

هل كان سيتضح هذا الموقف دون لقائه بالسيسي؟

ترامب بالنسبة لي ولكثيرين مرشح غريب، فأفكاره غير واضحة، وحديثه عن السياسة الخارجية قليل جدا وهو ما لم نعتده [من مرشحي الرئاسة] في الولايات المتحدة. ويمكن أن نقول إن السياسة الخارجية بالنسبة لترامب شخصيًا غير واضحة في رأسه. أعتقد لم يفكر كثيرا في هذه المواضيع حتى الآن.

ما دور مستشاري ترامب في تعديل رؤيته للسياسة الخارجية؟

لا دور لهم تقريبًا، وهذا يختلف عما شهدناه في كل الانتخابات السابقة. وأعتقد أنه يرجع لرفض كثير من الجمهوريين الذين يعملون في مجال السياسة الخارجية -منذ ترشح الرئيس السابق بوش الأب، وبوش والابن- التعاون مع ترامب.

 مستشارو الحزب عامة يرفضونه. ومن يلتفون حوله قليلين جدا، وليس لهم وزن تاريخيا، وهذا ما يجعل أفكاره بالنسبة لنا غامضة جدا. فكان يمكن أن ننظر للمستشارين وسياساتهم لنستشف خطته السياسية، إلا أن من حوله غير معروفين وليس لهم ثقل. [وما زاد الامور صعوبة أنه] صرح قائلا إنه سيستشير نفسه، ما يوضح أن الفكرة الديكتاتورية موجودة بداخله، وهذا خطر؛ نظرا للصلاحيات الواسعة التي سيتمتع بها حال انتخابه رئيسًا.

إلى أي مدى تمتد تلك الصلاحيات؟

وفقا لنظام الحكم الأمريكي، فالرئيس له سلطة أكثر في الخارج عن الداخل، ففي الداخل؛ هو متفق مع الجمهوريين الذين يمثلون الأكثرية في الكونجرس في بعض الأمور، كخفض الضرائب وتقليل الإنفاق على الرعاية الصحية وغيرها. أما في الخارج؛ فلديه فرصة أكبر للانفراد بالقرارات. وكرئيس جمهورية يمكنه أن يغير العلاقة التاريخية بين واشنطن وموسكو ودول أخرى أيضا. (وهو ما فعله أوباما فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية الكوبية).

اقرأ ايضًا: ملاحظات غير منهجية حول صعود ترامب وإخوته


العراق وسوريا

 

ولكن تصريحاته بخصوص سوريا مثلا واضحة؛ فقد هدد بإيقاف عمليات التحالف الدولي، فما قد يكون موقفه من العراق مثلا؟

بالنسبة للعراق لا تزال الحرب قائمة، وهناك قوات أمريكية موجودة على الأرض. ومع ذلك فالمرشح الجمهوري ليس لديه رأي معلن بشأن دور أمريكا في العراق.

 ولكن ما شهدناه أثناء حملته الانتخابية مختلف عن أي شيء حدث أو مر علينا من قبل، فلم نرّ أي كلام جدي عن العراق تحديدا. وحتى بالنسبة لسوريا، يظهر خلاف في الرأي ووجهات النظر بين ترامب والمرشح لشغل منصب نائبه مايك بنس، وهو ما يعد موقفا غريبًا كليا. وبشكل عام فالحملة الجمهورية لترامب ونائبه لها العديد من المواقف الغريبة.

كيف يمكن أن ينعكس الغزل بين ترامب وبوتين على الوضع في سوريا؟

أكثر ما أثار استغراب المتابعين لهذه الانتخابات، هو تصريحات ترامب فيما يخص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فقد شكّل ما قاله صدمة للسياسة الأمريكية المتبعة على مدار عقود. للمرة الأولى نشهد مرشحا لمنصب سياسي رفيع مثل رئيس الجمهورية يمدح في الرئيس الروسي، وهنا تظهر فرصة كبيرة لتغيير الموقف الأمريكي في سوريا.

على الجانب الآخر.. هل ترى أن هناك فرصة لتغيير في علاقة واشنطن بدول الشرق الأوسط حال فوز كلينتون؟

لا أعتقد أن تغييرات كبيرة ستحدث، فمثلا كلينتون تدرك أن الوضع في سوريا تغير تماما الآن، ولم يعد هناك مجال لتدخل أمريكي أكبر. ويمكن أن نقول أنها كانت تريد التدخل في الماضي بطريقة مختلفة عن أوباما، الذي كان مترددا بشكل كبيرا جدا. لكنها باتت متفقة معه عند حد الدعم الأمريكي لبعض الأطراف على الأرض، ولا أعتقد أن هناك مزيد من التدخل سيحدث حال فوزها.

إقرأ أيضًا: لقاء السيسي ومرشحي الرئاسة الأمريكيين 


هيلاري والإخوان

 

 

غموض ترامب يحمل الأمل لقادة الشرق الأوسط- أما هيلاري فمواقفها معروفة

    ماذا عن مصر.. هل ترى أن العلاقات ستكون أكثر سوءً في ظل ما يثار عن علاقتها بالإخوان؟

لا أعتقد أن الفترة الأولى من رئاستها ستغير درجة العلاقة الحالية، إلا أن سياسة كلينتون تجاه مصر  لن تختلف عما هو قائم في عهد أوباما. وما تردده الصحافة المصرية عنها، إذا أردنا أن نصفه بتعبير مهذب، فهو لا يخرج عن إطار نظرية المؤامرة.

الحديث عن علاقات كلينتون كوزيرة خارجية بالإخوان المسلمين نظريات خاطئة غير منبنية على حقائق، وهي شيء مؤسف، ويعطي فكرة خاطئة عما يحدث داخل أروقة السياسة الأمريكية وسياسة كلينتون تحديدا.

اقرأ أيضًا: ترامب وكلينتون ومشكلة مصر الهائلة

مم تنبع الشائعات التي تشير لعلاقة قوية تربط كلينتون بالإخوان في مصر؟

لا أعرف كيف أحكم على هذا الكلام، ولكن التخاريف كثيرة، ماذا أقول بخلاف ذلك؟ فنظرية المؤامرة لها دور كبير في تحريك الإعلام المصري، خاصة بعد ما حدث في 2013، فكثرة ما يتردد في الصحافة المصرية ضد أمريكا، نابع من رغبة في ترويج صورة محددة للنظام الحاكم باعتباره منافس للولايات المتحدة، ولكن واقعيا فالجيش المصري مثلا لا يزال يتلقى مساعدات عسكرية أمريكية تقدر بأكثر من مليار دولار سنويا (1.3 مليار)، والعلاقات بين الدولتين مستمرة من سبعينيات القرن الماضي حتى الآن.

الإعلام المصري أصبح غير معبر عما يحدث في الواقع.

هل دفعت تجربة كلينتون كوزيرة للخارجية بعض الأطراف في الشرق الأوسط للميل لترامب؟

كلينتون لها تجربة معروفة في المنطقة، ولها علاقات كبيرة برؤسائها. وأعتقد أن هناك نوع من الثقة في أن السياسة الخارجية الأمريكية لن تتغير إذا وصلت للحكم. لكن ترامب شخصية ليس لها ماضٍ سياسي، أو حتى تجربة في السياسة الخارجية، هو مجهول كبير إن صح التعبير. لا أحد يعرف ما الذي يريد تنفيذه ومدى جدية ذلك سواء في الداخل أو الخارج.

هذا أحدث نوعا من القلق، ليس فقط بالنسبة لنا [كأمريكيين]، ولكن أعتقد لدى قيادات دول الشرق الأوسط أيضا. عندما نتحدث عن ترامب فنحن لا نخرج عن نطاق التخمين. وأعتقد كذلك أن مشكلات كلينتون مع بعض دول الشرق الأوسط تقليدية وعادية جدا، ولا يوجد خلافات قوية بينها وبين رؤساء المنطقة من شأنها عرقلة العلاقات الثنائية، لكن ترامب مثلما قلت مجهول كبير.