منشور
الثلاثاء 11 أبريل 2023
- آخر تحديث
الأربعاء 19 أبريل 2023
قبل بضعة أسابيع، أعلنت الحكومة زيادة قيمة دعم الصادرات إلى ما بين 28 و30 مليار جنيه في موازنة العام المالي المقبل، بزيادة نحو خمسة أضعاف قيمتها في الموازنة الحالية والبالغة 6 مليارات جنيه.
وعلى الرغم من ضخامة قيمة برنامج الدعم لهذا العام، والذي وصفه وزير الصناعة بأنه الأكبر في تاريخ مساندة الصادرات، فإن رؤساء وأعضاء مجالس تصديرية قالوا للمنصة إنه جاء بأقل من توقعاتهم، في ظل الظروف الاقتصادية الضاغطة التي يعانون منها.
غير كافية.. لماذا؟
قبل إعلان وزارة المالية عن مشروع الموازنة العامة الجديدة التي ستبدأ في يوليو/تموز المقبل، كان المجلس التصديري لمواد البناء تقدم بمقترح لرفع قيمة دعم الصادرات هذا العام إلى 40 مليار جنيه، أي ما يزيد بعشرة مليارات جنيه عن مشروع الموازنة الذي أعلن عنه مجلس الوزراء، بحسب ما قاله رئيس المجلس التصديري لمواد البناء، وليد جمال الدين، للمنصة.
ويُرجع جمال الدين مطالبات المصدرين بدعم أكبر هذا العام إلى أن "الزيادة التي طلبها المجلس كانت تتماشى مع الانخفاض في قيمة الجنيه مقارنة بالعام الماضي".
ويمثل سعر صرف الدولار عاملًا أساسيًا في تحديد قيمة دعم الصادرات، لأن قيمة الدعم الذي تقدمه الدولة تتحدد كنسبة من قيمة المنتج الذي يتم تصديره، فضلًا عن أنه يُصرف بالجنيه وإن كان مُقوّمًا بالدولار، لذا تضخمت قيمة دعم الصادرات في موازنة العام المالي المقبل مع ارتفاع سعر صرف الدولار من نحو 19 جنيهًا في يوليو/تموز الماضي إلى نحو 31 جنيهًا في الوقت الراهن.
ويضيف جمال الدين أن مطالبات المصدرين بإضافة صناعات جديدة للاستفادة من دعم الصادرات ساهمت أيضًا في زيادة قيمته "طالب المجلس التصديري لمواد البناء بإدراج منتجيّ الأدوات الصحية وقطاعات الألومنيوم ضمن البرنامج الجديد لرد الأعباء التصديرية لتحصل على الدعم التصديري خلال العام المالي المقبل".
من جهة أخرى، يعاني المصدِّرون من تضخم كبير في تكاليف مدخلات الإنتاج، بسبب صعوبة استيرادها، وهو ما زاد توقعاتهم لدعم الصادرات هذا العام.
ويقول رئيس شركة RKB للصناعات البلاستيكية، مصطفى الركايبي، إنه يشتري البولي بروبلين من التجار في مصر بسعر 55 ألف جنيه للطن، في حين يصل سعره في السعودية التي تصدره لمصر ما يعادل 36 ألف جنيه.
ويعزو هذا الفارق الكبير في السعر إلى أن التجار المحليون يسعّرون المنتج بسعر صرف يتراوح بين 38 و40 جنيهًا للدولار، كما أن المنتج ذاته غير متوفر في السوق للصعوبات التي تواجه الاستيراد.
وبجانب الأسباب السابقة، كانت هناك حاجة لتضخيم موازنة الدعم لكي تتوفر السيولة الكافية لسداد مستحقات المصدّرين في موعدها، ولا تتكرر مشكلة تأخر المستحقات، كما يقول جمال الدين.
وأعلنت وزارة المالية في 2019 عن برنامج لصرف مستحقات دعم الصادرات المتأخرة، وفي مارس/آذار الماضي كان صندوق دعم الصادرات قد سدد 42.5 مليار جنيه دعمًا متأخرًا لنحو 2500 مُصدِّر.
ويشعر المصدِّرون أن تباطؤ الدولة في صرف المستحقات كبَّدهم خسائر كبيرة بسبب انخفاض قيمة الجنيه خلال فترة السداد، بحسب ما قاله عضو مجلس إدارة المجلس التصديري للغزل والنسيج، محمد حسن عشرة للمنصة.
"مشكلة المصدِّرين ليست في انخفاض قيمة الجنيه لأنه من المفترض أن يكون مصلحة لهم إذا كان لمنتجهم قيمة مضافة، ولكن في تأخر صرف الدعم التصديري وانخفاض الجنيه" كما يقول رئيس المجلس التصديري الأسبق للملابس الجاهزة، مجدي طلبة.
ويتابع "المشكلة عندما تكون للمُصدِّر مستحقات منذ سنة ونصف وقت أن كان الدولار بـ 16 جنيهًا ويستلمها اليوم بسعر دولار أكتر من 30 جنيهًا، يكون خسر نصف مستحقاته تقريبًا".
وبسبب تجربتهم السابقة، طالب المصدرون من الحكومة أن يكون صرف دعم الصادرات خلال 3 أشهر من تقديم مستندات التصدير، وهو ما قالت الحكومة إنها ستستجيب له خلال العام المال الجاري، ما انعكس على قيمة الدعم في الموازنة.
الدعم وحده لا يكفي
وأثارت موازنة دعم الصادرات جدلًا، بالنظر إلى النمو القوي في قيمتها هذا العام مقارنة ببنود أخرى ذات طابع اجتماعي نمت بوتيرة أقل.
وتضع الدولة خطة لرفع قيمة الصادرات السنوية إلى 100 مليار دولار، مع تراجع متسارع لاحتياطاتها من النقد الأجنبي منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط الماضي، وما استنزفته من مصادر للنقد الأجنبي للبلاد.
وسجلت صادرات مصر في 2022 نحو 54 مليار دولار، وهو ما يضع البلاد في مكانة بعيدة عن خططها الطموحة.
لكن البعض يشكك في جدوى تضخيم قيمة دعم الصادرات طالما أن صرفه يتم وفقًا للمعايير السابقة "الدعم التصديري أصبح من المُسلّمات وكل سنة يزيد في الموازنة.. هل أسهم في زيادة الصادرات بالقدر المطلوب؟ الأرقام ترد عليك" كما يقول طلبة.
ويرى طلبة أن دعم الصادرات في الموازنة العامة للدولة لا ينبغي أن يكون رقمًا مُطلقًا فقط، مطالبًا بوجود آليات للتأكد من إعادة صرفه في العملية التصنيعية.
وزادت الصادرات المصرية في 2022 بنحو 20% مقارنة بالعام السابق، لكن هذه الزيادة تُعزى إلى حد كبير للزيادة التضخمية في قيمة تكاليف الإنتاج، وفقًا لما قاله مُصنّعون في تقرير سابق للمنصة.
ويضيف طلبة "ثمة محفّزات أخرى بخلاف الدعم المالي يجب أن تلتفت لها الحكومة، كالدعم التكنولوجي وإضافة ماكينات وإجراء مقاصة لمستحقات الشركات مع الحكومة لضبط ميزانياتهم، بخلاف ذلك ستظل الصادرات عبئًا على الدولة، لأن الدعم المالي وحده غير كافٍ".