منشور
الأحد 9 أبريل 2023
- آخر تحديث
الاثنين 10 أبريل 2023
يتزامن شهر رمضان هذا العام مع ضغوط معيشية بالغة، ناتجة عن تراجع الجنيه أمام الدولار مطلع هذا العام، حيث سجل التضخم في فبراير/شباط الماضي أعلى مستوياته في آخر خمس سنوات ونصف، وهو ما انعكس على مستوى التبرعات المقدمة إلى بعض الجمعيات الخيرية هذا العام.
المنصة رصدت أحوال التبرعات في أربع جمعيات عصفت بها أزمة التعويم بهم وجعلتهم غير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم تجاه البسطاء الذين اعتادوا اللجوء إليهم.
الكشري بدل اللحوم
"لأول مرة نقدم وجبات كشري في إفطار رمضان بسبب ضعف التبرعات" هكذا بدأت رئيس مجلس إدارة جمعية أنوار الجنة بالجيزة، نهى أنور، إجابتها عن سؤال للمنصة حول أحوال التبرعات هذا العام.
وبشكل أكثر تفصيلًا قالت أنور "باتت وجبة الكشري أساسية لدينا لعدم توفر بروتين في الكثير من الأحيان ليصل متوسط الوجبات اليومي لـ300 وجبة بعد أن كان العام الماضي يتراوح المتوسط من 500 لـ 1000 وجبة يوميًا".
وتعزو رئيسة الجمعية المؤسسة منذ 2011 تقلص نشاط الجمعية هذا العام لانخفاض واضح في حجم التبرعات الواردة إليها "إجمالي ما وصلنا من بداية العام يقتصر على نحو 30 ألف جنيه، بعد أن كانت التبرعات 150 ألف جنيه تقريبًا خلال العام الماضي، وتقلصت التبرعات العينية للنصف تقريبًا".
وتستشعر أنور بالأزمة منذ فترة غير قصيرة لذلك بدأت إجراءات التقشف من قبل رمضان "بعد أن كنا نُعد الوجبات ونوزعها يوميًا على المحتاجين قبل رمضان، اقتصر إعدادها على يومي الاثنين والخميس، وفي رمضان نعمل وفق ما يتاح لنا من خامات حسب التبرعات، على عكس الأعوام الماضية كنا نوزع الوجبات مرتين أو ثلاثة يوميًا".
وتحت وطأة نقص الموارد اضطر مسؤولو الجمعية إلى تقليص نشاطها على أماكن محددة "بعد أن كانت أنشطتنا تشمل تمتد إلى الشرقية والقليوبية وأطفيح وشبرامنت، بتنا نقتصر هذا العام على كفر طهرمس وبولاق الدكرور" كما تقول أنور.
استبعاد مئات الأسر من الخير
بسبب ضعف التبرعات أيضًا اضطرت جمعية جنوب مصر الخيرية، بالمرج، هذا العام أن تخفض عدد الأسر المستفيدة من مساعدتها هذا العام.
"بسبب ضعف التبرعات تقلص عدد الأسر المنتفعة من خدماتنا من 1500 لـ 230 أسرة هذا العام" كما قالت أمينة صندوق الجمعية، نادية محمد، للمنصة.
واضطرت الجمعية المؤسسة في 2008 أن توقف نشاطها مؤخرًا في منطقة مؤسسة الزكاة التي تعد أكثر المناطق احتياجًا، كما تضيف محمد.
وترصد محمد عددًا من البيانات التي تعبر عن التراجع القوي في نشاط الجمعية في رمضان هذا العام قائلة "تراجعت التبرعات العينية بنحو 60%، كما تقلصت تبرعات المؤسسات الكبرى لنا هذا العام بصورة لم نشهدها من قبل".
وخارج القاهرة الكبرى لا يقل الوضع سوءًا عن النماذج التي رصدناها في العاصمة، رئيس مجلس إدارة مؤسسة تراحم للأعمال الخيرية المؤسسة في 2020 بمحافظة دمياط، سماح فرح، تقول إن التبرعات العينية والنقدية تراجعت هذا العام بنحو 50% عن العام السابق.
"تقلص عدد وجبات الإطعام لدينا إلى ما يتراوح من 200 لـ 300 وجبة يوميًا خلال رمضان 2023 مقارنة بما يتراوح من 500 لـ 600 وجبة العام الماضي" كما تقول فرح، التي تكرر ما قالته المصادر السابقة حول أولوية الغذاء والدواء على رأس طلبات المحتاجين الذين يتقدمون إليهم بطلب المساعدة.
الاستغاثة تجدي أحيانًا
بسبب ضعف التبرعات خلال شهر رمضان الجاري اضطرت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة أنت الخير ، هبة علام، لنشر استغاثة عبر صفحتها على فيسبوك تعلن فيها عن اضطرارهم لغلق مطبخهم الخيري حال عدم توفر تبرعات.
وبفضل هذه الاستغاثة تمكنت الجمعية من جمع تبرعات بنحو 150 ألف جنيه ساندتها في استكمال أنشطتها، كما قالت علام للمنصة.
المؤسسة المشهرة قبل ثلاثة أعوام تقريبًا لها فرعين بالقاهرة وسوهاج و تعد المطابخ الخيرية أحد أهم أنشطتها.
وتشرح علام للمنصة الظروف الضاغطة التي اضطرتها لنشر الاستغاثة "حجم التبرعات تراجع هذا العام بنسبة 41.7% مقارنة برمضان 2022، فيما بلغ عدد شنط رمضان التي قمنا بتوزيعها 700 مقارنة بـ 2000 شنطة خلال الشهر ذاته العام الماضي".
وإلى جانب الطعام، اضطرت المؤسسة للحد من نشاطها في مجال توزيع العلاج على المرضى، كما كان للأطفال أيضًا نصيب من الحرمان "توقفت رحلات الأطفال هذا العام".
وتشعر علام أنها في سباق مع معدلات تضخم لا تتوقف، إذ أن أكثر ما يؤرقها هو مطالبات التجار موردي السلع للجمعية كل يوم بأسعار جديدة.
وأمام هذا السباق حاولت علام أن تركز أولوياتها على الاحتياجات القصوى، مثل باقي الجمعيات، وهذه الأولويات في نظرها كانت إطعام الجائعين وتوفير الألبان للأطفال.