أعلنت الحكومة قبل أسابيع عن مبادرة جديدة لتوفير القروض بفائدة ميسرة للمنتجين، كنوع من التعويض عن مبادرة البنك المركزي لدعم قروض المقاولين والمصنعين والمزارعين والتي أُلغيت بضغوط من صندوق النقد الدولي.
لكن المبادرة الجديدة التي تقدم فائدة متناقصة 11% استبعدت قطاع المقاولات وتركته للسوق، في الوقت الذي رفع فيه المركزي أسعار العائد على الإقراض 10% خلال الفترة بين مارس/آذار 2022 إلى مارس الماضي.
فائدة قروض المقاولين
"قطاع المقاولات يحصل في الوقت الحالي على تمويلاته بفائدة تتراوح بين 19.5% إلى 22% حسب سياسة كل بنك وقوة الشركة الطالبة للقرض"، كما قال مدير عام إدارة المخاطر بأحد البنوك الحكومية للمنصة.
ويشير المصدر إلى أن الفائدة الحالية ترتفع بفارق كبير عن تلك التي اعتاد عليها قطاع المقاولات لسنوات تحت مبادرة المركزي السابقة، التي كانت تمنح القروض بفائدة 8% متناقصة.
وكان البنك المركزي أطلق في 2019 مبادرة لتمويل القطاع الصناعي بفائدة 10% متناقصة، ومع تباطؤ الاقتصاد بتأثير وباء كورونا وسع البنك من نطاق المبادرة في 2020 لتشمل قطاعي المقاولات والزراعة والسياحة مع خفض الفائدة المقدمة من خلالها إلى 8%.
ويشير المصدر المسؤول بأحد البنوك الحكومية إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يتزامن مع زيادات مفاجئة في أسعار مواد البناء مع جعله تحت ضغوط مضاعفة.
وشهدت أسعار حديد التسليح قفزة كبيرة في بداية العام الجاري، حيث ارتفع سعر طن حديد عز من 23.4 ألف جنيه في يناير/كانون الثاني 2023 إلى 32.1 ألف جنيه في مارس الماضي.
"قطاع المقاولات يحتاج حاليًا إلى معدلات سيولة مرتفعة توازي الزيادات المفاجئة في المواد الخام، هذا الوضع دفع البنوك إلى التشدد في تمويل المقاولين والتحسب لوقوع حالات تعثر" كما يقول المصدر.
سياسة أكثر انتقائية في اختيار العملاء
ويؤكد مصدر مصرفي آخر يتولى منصب نائب رئيس بنك حكومي متخصص، تزايد الضغوط الواقعة على قطاع المقاولات في الوقت الحالي، "طلبات المقاولين للحصول على قروض من البنوك أصبحت مرتفعة للغاية في الوقت الراهن بسبب احتياجهم الشديد للسيولة لاستكمال تنفيذ مشروعاتهم، بعد ارتفاع تكلفة التشغيل والخامات".
وبسبب الضغوط التي يتعرض لها المقاولون، أصبحت البنوك أكثر انتقائية في الوقت الراهن في اختيار العملاء الذين ستقوم بإقراضهم، وفقًا لنائب رئيس أحد البنوك الحكومية "يتم التركيز حاليًا على التعامل مع كبار العملاء من شركات المقاولات أو الذين يحصلون على إسناد من جهات حكومية".
ويضيف "المقاولون الذين ليست لهم سابقة خبرة، أو الشركات المصنفة بفئات منخفضة يتم الابتعاد عن تمويلها حاليًا تخوفًا من صعوبة السداد".
ويجمع المصدران السابقان على بطء سداد عملاء المقاولات مستحقات البنوك في الوقت الراهن، ولكن لم يصل الأمر إلى مستويات تنذر بتعثرات كبيرة في القطاع.
بجانب مصاعب الحصول على التمويل البنكي، يعاني قطاع المقاولات في الوقت الراهن من تأخر الحصول على مستحقاتهم لدى جهات تابعة للدولة أسندت إليهم أعمال بناء.
ويقول رئيس اتحاد المقاولين العرب وعضو مجلس إدارة الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، حسن عبد العزيز للمنصة، "جهات إسناد المشروعات التابعة للدولة تتباطأ في منح المقاولين مستحقاتهم لخمسة أو ستة أشهر بعد المواعيد المحددة، وهو ما يضطرهم للبحث عن قروض بنكية".
ويشير عبد العزيز إلى أن الضغوط الحالية جاءت بعد سنوات من النشاط القوي لقطاع المقاولات، بفضل اتجاه الدولة للتوسع في إنشاء المدن الجديدة، وهو ما أدى إلى ارتفاع أعداد شركات القطاع إلى أكثر من 35 ألف شركة في الوقت الحالي "عدم وجود الدعم يعرض هذه الشركات لمخاطر التعثر".
ويرى رئيس اتحاد المقاولين العرب ضرورة تدخل الدولة بتوفير الدعم بشكل مباشر للقطاع لحمايته من تبعات الوضع الاقتصادي الراهن "تعثر شركات المقاولات سيكون له تبعات سلبية كبيرة من زيادة البطال وتراجع دورة الإنتاج للعديد من المصانع مثل الأسمنت والحديد وخلافه، بما يحتم من وجود دعم مقدم لهم وقروض بفائدة مدعمة".