منشور
الخميس 25 مايو 2023
- آخر تحديث
الخميس 25 مايو 2023
قبل مئة عام وأكثر، كان الجنيه المصري الصادر عن البنك الأهلي يحمل تعهدًا من البنك بإمكانية استبداله في أي وقت مقابل وزن محدد من الذهب. انتهى هذا النظام تدريجيًا قبل عقود، ولكن ضَعف الجنيه أمام الدولار مؤخرًا أعاد الأمر إلى الضوء من جديد، حيث طُرحت وثائق استثمار لها غطاء من الذهب.
وثائق صندوق Az-Gold، التي طُرحت للاكتتاب هذا الأسبوع، تمنح المستثمر الحق في جني أرباح على الوثيقة تعادل أرباح الذهب، أو استرداد ما يساويها من وزن المعدن النفيس.
لا يزال مبكرًا الحكم على مدى الإقبال على هذه الوثائق، لكن الاحتفاء الذي لاقاه الصندوق من مسؤولين حكوميين يوحي برغبة قوية في تعويض المواطن عن الجنيه الذي اهتزت الثقة فيه كثيرًا خلال الفترة الماضية، فهل تحظى وثائق الصندوق الجديد بمميزات تنافسية أكبر من وسائل الادخار الأخرى؟
يدخل صندوق الذهب الجديد في منافسة مع نحو 130 صندوق استثمار في مصر، لكن على الرغم من ضخامة عدد منافسيه هناك توقعات بأن يجتذب الكثير من العملاء إذا استطاع أن يمنح عائدًا على الوثيقة يوازي قيمة عوائد الذهب.
وكانت أسعار الذهب قفزت بقوة خلال أبريل/نيسان الماضي مع ازدياد الطلب على اكتنازه، لحماية المدخرات من معدلات التضخم المتفاقمة. حيث زاد سعر عيار 21 بنحو 30% منذ بداية الشهر وحتى 27 أبريل، ثم اتجه للانخفاض مجددًا مع هدوء التوقعات بارتفاع السعر.
أمام هذه الأرباح تبدو عوائد صناديق الاستثمار في الأدوات ذات العائد الثابت، مثل السندات وأذون الخزانة، أقل تنافسية.
وبحسب بيانات تقارير الجمعية المصرية للاستثمار، التي تمثل قطاع مديري الأصول، لم تتجاوز مستويات العائد على صناديق الدخل الثابت والأدوات النقدية، نحو 5% وذلك في الفترة منذ بداية العام وحتى نهاية أبريل الماضي.
تبدو عوائد صناديق العائد الثابت متواضعة قياسًا بمستويات التضخم التي تخطت الـ 30% لعدة أشهر منذ بداية العام الجاري، ويرى العضو المنتدب لشركة بلوم لإدارة الأصول والمحافظ وصناديق الاستثمار محمد حسن أن زيادات البنك المركزي لأسعار الفائدة، وإن كانت كبيرة، لم تجارِ مستويات التضخم الحالية، بالإضافة إلى ما تختصمه عمولات مديري الصناديق من العائد على وثائقها.
ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة بـ 10% منذ مارس/آذار 2022.
لذلك يرجح حسن في حديثه للمنصة أن تكون الفرص التنافسية لصندوق الذهب كبيرة قائلًا "فرص نمو أسعار وثائق صندوق الاستثمار بالذهب كبيرة، خاصة وأنه، وفقًا لنشرة الاكتتاب، سيمثل حجم الأصول من الذهب الخالص نحو 95%".
لكن هل سيحقق صندوق الذهب أرباحًا مساوية للقفزات الكبيرة التي حققها المعدن النفيس خلال أبريل؟ ترى العضوة المنتدبة لشركة عكاظ لإدارة الأصول والمحافظ، راندا حامد، أن أسعار الذهب من الممكن أن تتراجع على المدى القصير بعد الارتفاعات الكبيرة التي سجلتها، وبالتالي تصبح وثائق صناديق العائد الثابت أكثر أمانًا.
الاستثمار في الهوس بالذهب
في حديث تليفوني مع المنصة دافع العضو المنتدب لشركة أزيموت مصر، المسؤولة عن إدارة صندوق الذهب، عن فرص الصندوق الاستثنائية في الربح أمام وسائل الادخار الأخرى.
"أدوات الاستثمار الأخرى، مثل شهادات الادخار، لها فائدة محددة ودورية على حسب نوعية الشهادة، بينما صندوق الذهب سيعطي عائدًا استثماريًا أعلى من أي أداة أخرى"، كما قال أحمد أبو السعد.
ويركز أبو السعد على نقطة تميز لوثائق الصندوق تتمثل في إمكانية استبدال وثائقه بالذهب في أي وقت، بينما "شهادات استثمار البنوك تحتاج لأن تتنظر حتى تنتهي مدتها أو تقوم بوقفها، وساعتها ستخسر جزءًا من فوائدها".
ومع الارتفاع القوي في معدلات التضخم منذ 2022، اضطر كثيرون من صغار المستثمرين في شهادات الاستثمار بالبنوك لكسر الشهادات القديمة، ونقل مدخراتهم لشهادات جديدة بحثًا عن عائد يجاري ارتفاع الأسعار، ما أفقد الكثيرين الثقة في الادخار بالعملة المحلية.
وبلغ آخر عائد لشهادات أجل ثلاث سنوات المطروحة من بنكا مصر والأهلي في أبريل الماضي 19%.
ووفقًا لحديث أبو السعد، فإنه في حالة التخارج من الصندوق يتم السماح باسترداد الأموال عند وصول قيمتها لـ50 جرامًا من الذهب، كما أن تسعير الجرام سيكون على حسب السعر العالمي للذهب وليس المحلي.
وبحسب نشرة اكتتاب شركة أزيموت، يبلغ حجم إصدارات الصندوق المستهدفة 250 مليون جنيه "أو ما يعادلها بالعملات المختلفة".
من المستهدفون بصندوق الذهب؟
يرى رئيس قسم البحوث في شركة برايم لتداول الأوراق المالية، عمرو الألفي، أن صندوق الذهب يستهدف فئة معينة من المستثمرين وليست كل الفئات، "فئة تريد أن تستثمر في الذهب بسهولة ويسر".
"ليس من الضروري أن يكون الصندوق منافسًا لصناديق الاستثمار الأخرى، لأن الذهب في حد ذاته يعتبر فئة أصول مختلفة عن الأسهم وأدوات الدين من حيث درجة المخاطرة في كل أداة منهم"، كما يضيف الألفي.
كذلك يرى المدير التنفيذي لشركة آي ماركتس للاستشارات المالية في مصر أحمد معطي، أن وثائق الذهب لن تكون في موقع منافسة مع المجوهرات المعروضة في محلات الصاغة، "صندوق الذهب يستهدف فئة معينة من المستثمرين، ولكن المستهلك العادي يفضل دائمًا شراء الذهب من محلات الصاغة والاحتفاظ بالكميات التي اشتراها لحين اتخاذ قرار البيع" كما يقول معطي للمنصة.
على الأرجح سيتابع المدخرون بالعملة المحلية من فئات مختلفة عوائد الاستثمار في وثائق صندوق الذهب خلال العام الجاري لاختبار مدى قدرة هذه الآلية على حفظ قيمة الجنيه الذي ينخفض بصورة متوالية من منذ مارس 2022 أمام التضخم والتعويم.