استغل الرئيس عبد الفتاح السيسي زيارته التفقدية للأكاديمية العسكرية أمس، في التأكيد على قوة الدولة المصرية من النواحي الاقتصادية والعسكرية والأمنية رُغم الأوضاع الصعبة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط.
وخلال كلمة ألقاها امتدت لنحو 27 دقيقة، خصص منها 11 دقيقة تقريبًا للقضية الفلسطينية وتعامل القاهرة معها، وانعكاساتها على مصر خلال العامين الماضيين.
وأكد حرص مصر على ألا تتوسع تطورات الأزمة في غزة وتؤدي إلى عواقب وخيمة في المنطقة بالكامل، مضيفًا "عملنا بكل قوتنا وبكل إخلاص من أجل وقف الحرب، وإدخال المساعدات للفلسطينيين"، لكنه استطرد "محدش يطلب مني أراهن بحياة المصريين وأدخل في صراع من أجل إدخال المساعدات بالقوة".
وشدد السيسي على حساسية اتخاذ القرارات ونتائجها السلبية أو الإيجابية على الدول، ملمحًا إلى هجوم طوفان الأقصى الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.
وقال "التقدير والتقييم والدراسة تؤدي كلها إلى القرار، لو التقدير خاطئ هتكون نتائجه مش سليمة، ولو شفتوا الأوضاع اللي نتجت منذ 7 أكتوبر لحد انهارده كلها فيها تقدير، التقدير السليم يؤدي لنجاح والخاطئ يؤدي لفشل".
وأضاف "إحنا بنقول الكلام ده لينا في مصر عشان نبقى فاهمين يعني إيه دولة، أي قرار يخص 120 مليون بيعيشوا على أرضها، أي سوء تقدير ناخد الناس دي كلها ونخش بيهم في مجهول صعب".
ومع تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، عادت المطالبات بفتح معبر رفح إلى السوشيال ميديا، ما رد عليه السيسي في كلمة مصورة أذاعها التليفزيون المصري، قائلًا إن مصر لم تدخر جهدًا لإنهاء الحرب وإدخال المساعدات، مؤكدًا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو القادر على إيقاف العدوان وإنهاء معاناة الفلسطينيين.
وتطرق السيسي بالحديث أمس إلى أزمة الاعتداء على السفارات في الخارج، وقال "الناس لازم تكون فاهمة إن الموضوع فيه حسن نية أحيانًا، وجهل أيضًا، وكذلك لؤم ومكر من الأشرار"، ثم عاد ليؤكد "إحنا لا بنتآمر على حد ولا نبغي أذية حد، ومش معنى إننا مسالمين إن حد يتصور إننا (مسالمين بقى)، لكن اللي عايز أقوله إن محدش يقدر يؤذي مصر".
وواجهت السفارات المصرية في عدد من الدول الأوروبية حملة احتجاجات ومحاولات لحصارها وإغلاقها أواخر يوليو/تموز الماضي، بدعوى مطالبة القاهرة بفتح معبر رفح وإيصال المساعدات، ما ردت عليه مصر باتخاذ إجراءات أكثر حسمًا مع مرتكبي هذه الاعتداءات.
ورغم تقديره لسلبية قرار السابع من أكتوبر أشار السيسي إلى أن الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية كان مؤثرًا وكاشفًا، مقدرًا أنه "مردود إيجابي مباشر للحرب، وسيكون له تأثير إيجابي على منطقتنا".
وتابع "الجهود اللي اتعملت من خلال اللقاء مع الرئيس ترامب اللي احنا مقدرين إنه يستطيع إيقاف الحرب وإنهاء الأزمة، وصّلت الرسالة. وكان واضح من الوعود بإنه حريص على إنهاء الحرب في أقرب وقت، ونتمنى الكلام ده يكون قريبًا جدًا عشان الأمور تهدأو متتطورش سلبًا أكتر من كده".
والاثنين الماضي، أعلنت 6 دول بينها فرنسا وبلجيكا الاعتراف رسميًا بدولة فلسطين، وذلك بعد يوم من اعتراف مماثل صدر عن بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال.
وفي اليوم التالي، وعد ترامب قادة الدول العربية والإسلامية خلال لقاء جمعهم أثناء اجتماعات الأمم المتحدة بأنه لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية، مؤكدًا حرصه على إنهاء الحرب والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس، وقدّم ورقةً تتضمن خطة لإقرار السلام في الشرق الأوسط.
تأتي التحركات الدولية فيما يشن جيش الاحتلال هجومًا بريًا وجويًا ضمن خطة أوسع "للسيطرة على مدينة غزة والقضاء على حركة حماس"، بدأها الأسبوع قبل الماضي، ومن المقرر أن تستمر أشهرًا وفق التقديرات، ما يسبب نزوحًا متزايدًا بين المدنيين الفلسطينيين الذين يفرون جنوبًا من القصف الذي يلاحقهم في المنازل والخيام وفي الطرق المؤدية إلى الأحياء الجنوبية التي حددها الاحتلال كمناطق آمنة.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023 يتواصل العدوان الإسرائيلي على غزة، الذي ارتكب خلاله جيش الاحتلال مئات المجازر التي أسفرت عن مقتل أكثر من 65 ألف فلسطيني، وإصابة ما يزيد عن 164 ألفًا آخرين، وفق البيانات الرسمية لوزارة الصحة الفلسطينية، كما مارس الاحتلال سياسة التجويع بفرض حصار شديد على إدخال المساعدات ما أسفر عن وفاة 435 شخصًا بينهم 147 طفلًا نتيجة المجاعة.