قرّر المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي، مساء أمس، استئناف دخول شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل فوري وفق الآلية السابقة، وبإشراف منظمات الأمم المتحدة والمطبخ المركزي العالمي وجهات إنسانية أخرى، حسب ما أفاد مراسل موقع أكسيوس في إسرائيل باراك رافيد عبر إكس.
وجاء القرار رغم معارضة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي صوّت ضده خلال الجلسة، في حين أقره رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد أكثر من شهرين ونصف الشهر من إغلاق المعابر ومنع إدخال الإمدادات.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية، نقلًا عن مسؤول حكومي لم تسمّه، أن هذا الإجراء مؤقت ويستمر أسبوعًا تقريبًا، على أن تبدأ مؤسسة غزة الإنسانية التي ترعاها الولايات المتحدة مهامها في 24 مايو/أيار الحالي لتتولى توزيع المساعدات الغذائية.
وأفادت إذاعة جيش الاحتلال بأن قوافل المساعدات الأولى ستدخل صباح الاثنين محمّلة بالمواد الغذائية والأدوية، مشيرة إلى أن القرار يسمح بإدخال سلع أساسية مثل الطحين في محاولة للتخفيف من حدة المجاعة التي يعاني منها سكان القطاع.
ورغم الإعلان، لم تُحدَّد بعد المعابر التي ستُستخدم لنقل الشاحنات، كما لم يتضح ما إذا كان الجيش سيسمح بمرور المساعدات بين جنوب القطاع وشماله، حيث تتمركز قوات الاحتلال وتمنع الحركة منذ استئناف العمليات العسكرية في 18 مارس/آذار الماضي.
بالتزامن مع القرار الإنساني، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي إطلاق عملية برية جديدة في قطاع غزة تحت اسم "عربات جدعون"، مشيرًا إلى تنفيذ ضربات تمهيدية استهدفت 670 موقعًا خلال الأسبوع الماضي، بزعم مهاجمة بنى تحتية تابعة لحركة حماس.
وشهدت مناطق جنوب وشرق خانيونس تصعيدًا كبيرًا منذ مساء أمس حتى فجر اليوم الاثنين، إذ كثف الاحتلال من غاراته بالطيران الحربي فيما توغلت آلياته العسكرية جنوب شرق مدينة خانيونس وفي مناطق قريبة من مستشفى غزة الأوروبي الذي تعرض لقصف كثيف قبل أيام وأُخرج عن الخدمة.
وقال شاهد عيان لـ المنصة إن عددًا من الآليات العسكرية الإسرائيلية بدأت في التقدم بمنطقة الفخاري جنوب شرق خانيونس، مساء الأحد، مُطلقة الرصاص والقذائف المدفعية، ما دفع عشرات العائلات للنزوح من المنطقة القريبة من محيط مستشفى غزة الأوروبي باتجاه وسط وغرب المدينة.
وأشار الشاهد إلى أنّ جيش الاحتلال وبعدما دفع الغالبية العظمى من سكان المنطة للنزوح قسرًا، تقدمت الدبابات مصحوبة بجرافات إلى منطقة أرض أبو طير على مفترق المطحنة الأقرب إلى المستشفى.
وأكد مصدر صحفي لـ المنصة تقدم الدبابات والجرافات، قائلًا "على ما يبدو أن تقدم الجرافات الإسرائيلية بحماية الدبابات، تنوي القيام بأعمال حفريات في منطقة قريبة أو تجريف للمنازل والأراضي الزراعية في منطقة الفخاري ومحيط مستشفى الأوروبي".
وارتفعت وتيرة القصف المدفعي واستهداف المنازل بالطيران الحربي شرق المدينة، فجر الاثنين، حيث وصلت عشرات من نداءات الاستغاثة من مواطنين إلى قسم الإسعاف بمُجمع ناصر الطبي، وتمكنت الطواقم من نقل عدد من الضحايا والجرحى، إلا أنه لا تزال بعض المناطق الخطرة لم يتمكنوا من الوصول لها حسب ما أفاد مصدر في الإسعاف لـ المنصة.
وفي شمال القطاع، وبعد ساعات من محاصرة مستشفى الإندونيسي بالطائرات المسيرة، وإطلاق النار على الطواقم الطبية والمرضى، التي قتل على أثرها أحد الجرحى الموجودين داخل المستشفى لتلقي العلاج، تقدمت عدد من الآليات والدبابات التي يرافقها جرافات، لتحاصر المستشفى وتعمل على تجريف مبان محيطة له، حسب ما أفاد شاهد عيان لـ المنصة.
وقال الشاهد إنه يوجد داخل مبنى المستشفى 55 شخصًا، بينهم 4 أطباء و 8 ممرضين، إضافة لمرضى وجرحى لا يستطيعون الحركة حيث تعذر إخلاؤهم نتيجة الهجوم الذي تعرضوا له من قبل المسيرات صباح الأحد.
ومع كثافة نيران الدبابات التي أصابت المستشفى بشكل مباشر، حاول الأطباء والمرضى الاحتماء بالأرض تجنبًا لتعرضهم للإصابة، إلا أنهم يعيشون ساعات كارثية تحت الحصار، خاصة بعدما تسبب الجيش بإصابة مولد الطاقة الكهربائية متسببًا في قطعها، حسب شاهد العيان.
ولم تصدر عن جيش الاحتلال أي تحذيرات أو أوامر إخلاء مباشرة للمستشفى والطواقم الطبية قبل التوغل البري ومحاصرتها، كما أفاد مصدر طبي بوزارة الصحة لـ المنصة.
في إطار الضغوط المتواصلة على المدنيين، أصدر جيش الاحتلال أوامر بإخلاء مناطق عدة في شمال خانيونس ودير البلح، متذرعًا بإطلاق صواريخ من تلك المناطق، وقال إنه بمثابة إنذار أخير، وهدّد بشن هجمات عنيفة على كل موقع يُستخدم لإطلاق النار.
وفي بيانه، حمّل حركة حماس والفصائل الفلسطينية مسؤولية النزوح والمعاناة المدنية، مؤكدًا أن تحذيراته الأخيرة تأتي قبل بدء "هجوم واسع النطاق".
وفي 18 مارس/آذار الماضي، عاود جيش الاحتلال الإسرائيلي العدوان على قطاع غزة مستأنفًا حربًا بدأها على القطاع في 7 أكتوبر 2023، بعد أن رفض استكمال اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وكان من المقرر أن ينتهي بتبادل جميع المحتجزين لدى حماس وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة لكن دولة الاحتلال لم تفعل.