تصوير محمد الخولي، المنصة
شارع رمسيس في نطاق منطقة غمرة، 29 يونيو 2025

مرصد العمران يحذر من خطر التشريد في مشروع قانون الإيجار القديم

محمد الخولي
منشور الأحد 29 يونيو 2025

اقترح مرصد العمران تعديلات على مشروع القانون المقدم من الحكومة إلى مجلس النواب بشأن قانون الإيجار القديم، مشيرًا في بيان له اليوم إلى أن المقترحات تهدف إلى تحقيق توازن عادل في العلاقة الإيجارية، ضمن حدود حكم المحكمة الدستورية، ووفقًا للواقع العملي لتطبيق هذه التعديلات.

وفي 17 يونيو/حزيران الجاري قدمت الحكومة تعديلًا على مشروع قانون الإيجار القديم، يتضمن مد الفترة الانتقالية لتحرير العلاقة الإيجارية في الأماكن المؤجرة لغرض السكن إلى سبع سنوات بدلًا من خمس.

وأوضح المرصد أن هناك العديد من الإشكاليات في نص المادة الثانية من مشروع القانون الحالي، التي تنص على انتهاء عقود الإيجار القديم لغرض السكن بعد مرور سبع سنوات من تاريخ العمل بالقانون.

وبيّن المرصد أن الصيغة الحالية للنص تؤدي إلى أزمة اقتصادية وأخرى سكنية جديدة، فضلًا عن حالة من الاختلال في السوق العقارية، نتيجة اضطرار مئات الآلاف من المستأجرين، نصفهم تقريبًا في القاهرة الكبرى، إلى البحث عن سكن بديل في توقيت واحد، سواء بالإيجار أو بالتمليك، مما يؤدي إلى مضاربات واحتكار، ورفع مبالغ فيه للأسعار كما حدث في أزمة اللاجئين مؤخرًا، مع خطر تشريد عدد كبير من الأسر نتيجة عدم توفر سكن بديل.

وأشار إلى أن النص المقترح من الحكومة يدفع الملاك إلى عرض وحداتهم المستأجرة للبيع أو الإيجار الجديد في توقيتات متقاربة، ما يؤدي إلى إغراق السوق بالوحدات، بالتالي انخفاض أسعارها، وهو ما يدفع بعض الملاك إلى إبقاء الوحدات خالية لفترات طويلة، وبالتالي حرمان السوق منها.

وأضاف المرصد أن هناك إشكالية أخرى في الإبقاء على الوضع الحالي، حيث لا يحق للمالك إنهاء العلاقة الإيجارية حتى في حالة احتياجه الشخصي للوحدة، إلى جانب استمرار توريث عقود الإيجار طبقًا للقانون رقم 52 لسنة 1969 وتعميمه على العقود السابقة على سريان القانون.

واقترح المرصد حذف الإلغاء العام للعقود، وقصره على إلغاء التوريث بالنسبة للعقود المحررة قبل صدور اللائحة التنفيذية لقانون 52 لسنة 1969 في 3 يناير 1970، بعد وفاة المستأجر الأصلي وزوجه/زوجته، مع السماح للجيل الثاني بالبقاء لمدة ثلاث سنوات فقط، بشرط أن يكون أقام بالوحدة لمدة لا تقل عن سنة قبل وفاة المستأجر.

كما أوصى المرصد بإلغاء المادة الثالثة من مشروع القانون، التي تنص على تشكيل لجان حصر في المحافظات لتحديد الأجرة القانونية حسب المناطق الجغرافية، معتبرًا أن هذا الإجراء سيفتح الباب لفوارق تقديرية وشبهات عدم عدالة بين اللجان، كما يمثل عبئًا بيروقراطيًا ويتطلب وقتًا طويلًا للتنفيذ.

وفيما يخص المادة الرابعة المتعلقة بالزيادات الإيجارية خلال الفترة الانتقالية، أشار الباحث الرئيسي بالمرصد يحيى شوكت إلى أن هناك إشكالية في احتساب الأجرة، إذ كانت في الأصل مرتبطة بمستوى المنطقة في وقت التعاقد، ومع تضخم الأسعار أصبحت الإيجارات في بعض المناطق الأقل تميزًا تتجاوز نظيراتها في مناطق أكثر تميزًا.

وتنص المادة على زيادات إيجارية تتراوح بين 20 ضعفًا للوحدات في المناطق المتميزة (بحد أدنى 1000 جنيه)، و10 أضعاف للقيمة الإيجارية للأماكن المتوسطة والاقتصادية، بحد أدنى 400 جنيه للمناطق المتوسطة و250 جنيهًا للمناطق الاقتصادية.

ويقترح المرصد، توافقًا مع حكم المحكمة بشأن عدم جواز تثبيت الأجرة، رفع القيمة الإيجارية بنسب تراعي تاريخ العقد الأصلي، وتصنيف العقود إلى فترات زمنية موحدة، وتحديد زيادات تدريجية تتراوح من 10 إلى 20 ضعفًا للقيم الأصلية التي تقل عن 25 جنيهًا، مع بدء التطبيق بعد فترة لا تقل عن ستة أشهر من إقرار القانون.

بالنسبة إلى المادة السادسة التي تنص على زيادة سنوية دورية بنسبة 15%، اقترح المرصد خفضها إلى 10% بما يتماشى مع متوسط الزيادة في الأجور.

أما المادة السابعة، التي تنص على إخلاء الوحدة إذا ثبت أن المستأجر أغلقها لمدة تزيد على عام دون مبرر، أو إذا كان يمتلك وحدة أخرى، فيقترح المرصد تنظيم عملية التحقق من تلك الحالات من خلال لائحة تنفيذية تصدر خلال ثلاثة أشهر من تاريخ بدء العمل بالقانون.

وأخيرًا، بخصوص المادة الثامنة التي تعطي المستأجر أحقية الحصول على وحدة بديلة من الدولة، اعتبر المرصد أن هذا الاقتراح يركز فقط على تحرير العلاقة الإيجارية دون تقديم حل واقعي، نظرًا لعدم قدرة الدولة على توفير وحدات لنحو 528 ألف أسرة غير قادرة. واقترح المرصد إضافة برنامج دعم نقدي للإيجار يستهدف محدودي ومتوسطي الدخل، مع إعطاء الأولوية للمستأجرين في ظل نظام الإيجار القديم، ووضع معايير قانونية واضحة لهذا الدعم.

وسبق وحذر نقيبا المهندسين والأطباء من التداعيات الاجتماعية لتعديلات قانون الإيجار القديم المقترحة من الحكومة في وقت سابق، التي تتضمن إنهاء العلاقة الإيجارية بعد مرور خمس سنوات من تاريخ تطبيق القانون، معتبرين أن هذه الخطوة تؤدي إلى "تفجير اجتماعي" يهدد استقرار ملايين المواطنين.

ومطلع مايو/أيار الماضي، حذَّرت المحامية بالنقض ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون انتصار السعيد من خطورة تداعيات مشروع قانون الإيجار القديم خصوصًا على النساء، مؤكدة لـ المنصة أنه "سيضع الساكن والمستأجر في مواجهة ويهدد السلم المجتمعي".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا بعدم دستورية ثبات أجرة الأماكن المؤجرة لأغراض السكن الخاضعة للقانون رقم 136 سنة 1981، المعروف بقانون الإيجار القديم، وألزمت مجلس النواب بالتدخل "لإحداث التوازن في العلاقة الإيجارية".

وسبق ودعا الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2023 إلى ضرورة تحديث قانون الإيجارات القديمة، مشيرًا إلى أن مليوني وحدة "أصحابها ماتوا" فارغة وغير مستغلة بسبب هذا القانون.