أعربت المحامية بالنقض ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون انتصار السعيد عن مخاوفها من خطورة تداعيات مشروع قانون الإيجار القديم، الذي يُناقش الآن في البرلمان، خصوصًا على النساء، مؤكدة لـ المنصة أنه "سيضع الساكن والمستأجر في مواجهة ويهدد السلم المجتمعي".
وقالت انتصار السعيد "البيت للستات هو الملاذ الآمن والحماية، ومشروع القانون بهذا الشكل يُهدد أمان واستقرار النساء، بل يُعرض سلامتهن لخطر الإخلاء القسري، ويُضاعف من فرص استغلالهن اقتصاديًا وجنسيًا".
وبدأت اجتماعات اللجنة البرلمانية المشتركة بمجلس النواب لمناقشة تعديلات مشروع قانون الإيجار القديم، الأسبوع الجاري، بشأن الأماكن المؤجرة لغرض السكن وغير السكن، وفقًا لأحكام القانونين 49 لسنة 1977 و136 لسنة 1981.
ويمنح مشروع القانون مهلة لانتهاء عقود إيجار تلك الأماكن حددها بخمس سنوات تالية على العمل به، ما لم يتم التراضي بين المالك والمستأجر على الإنهاء قبل ذلك، وحال امتناع المستأجر عن الإخلاء، يمنح القانون للمالك حق اللجوء إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الكائن في دائرتها العقار، بطلب لإصدار أمر بطرد الممتنع عن الإخلاء.
ووصفت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون المادة الخامسة من مشروع القانون بـ"شديدة الخطورة"، وقالت "شعرت بالقلق والخوف تجاهها، لأنها عاملة فترة انتقالية، بعدها بيحق للمالك ينهي عقود الإيجار، وإخلاء المستأجرين بعد 5 سنوات من صدور القانون، أين تذهب النساء، خاصة المعيلات وكبيرات السن بعد هذا الإخلاء في ظل سياسات سكنية غير عادلة".
ووفقًا لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لعام 2023، فمن بين 25.8 مليون أسرة في مصر، توجد حوالي 4.4 مليون أسرة، بنسبة 17% تعولها امرأة.
وتظهر دراسات حكومية أن الرجال يمتلكون ما يزيد عن 90% من الأصول العقارية في مصر. وتؤكد النتائج التي خلصت إليها دراسة عن التمكين الاقتصادي للمرأة لعام 2019 أن 5% فقط من النساء في مصر يمتلكن أصولًا عقارية، سواء بمفردهن أو بشكل مشترك، مقابل 95% من الرجال.
وأكدت انتصار أن "مشروع القانون غير دستوي، ومخالف للاتفاقيات الدولية الملتزمة بها مصر"، وأوضحت "مش بنقول نظلم المالك، لكن بنطالب بقانون متوازن للطرفين في ظل زيادة أسعار الإيجارات في السنين الأخيرة، القانون ده خطير وهيخلي الناس تاكل في بعض".
وتنص المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي صدقت مصر عليه عام 1982، على أن الدول الأطراف في هذا العهد تقر "بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية".
وفي مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، تقدمت النائبة البرلمانية آمال عبد الحميد بطلب إحاطة بشأن ارتفاع إيجارات الشقق والمحلات، مطالبة بحماية المواطنين من جشع الملاك، بينما علق رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي على أزمة ارتفاع الإيجارات في أغسطس/آب الماضي، قائلًا "ليس لنا تدخل بهذا الشأن، والسوق يحتكم للعرض والطلب".
وتنص المادة 78 من الدستور المصري على أن "تكفل الدولة للمواطنين الحق في المسكن الملائم والآمن والصحي، بما يحفظ الكرامة الإنسانية ويحقق العدالة الاجتماعية".
وأعلنت مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون في بيان، أمس، رفضها لمشروع قانون الإيجار القديم دون دراسة أثره على النساء والفتيات.
وحذرت المؤسسة من مخاطر تطبيق تعديلات قانون الإيجار القديم دون توفير بدائل سكنية آمنة، مشيرة إلى أنه "قد يؤدي إلى موجات من الإخلاء القسري".
وأضاف البيان أن "السياسات السكنية غير الحساسة للنوع الاجتماعي تؤدي إلى تفاقم التمييز ضد النساء، لا سيما غير المتزوجات أو الأرامل أو المطلقات، ممن يجدن أنفسهن محرومات من القدرة على استئجار وحدات جديدة بسبب القيود المجتمعية أو القانونية".
وترى رئيسة مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون أن "الإيجار القديم خط أمان اجتماعي مهم للأسرة في مواجهة ظروف الحياة، ويتضاعف تأثيره وأهميته للفئات الأكثر هشاشة، وعلى رأسها النساء، خصوصًا المعيلات، وكبيرات السن، والناجيات من العنف وذوات الإعاقة، اللي بيتحملوا العبء الأكبر في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة من ارتفاع معدلات البطالة والتضخم".
وبلغ معدل البطالة للإناث 17.8% مقابل 4.7% للذكور ، وتصل مساهمة المرأة في قوة العمل إلى 15.9% من إجمالي قوة العمل (15 سنة فأكثر) مقابل 69.6% للذكور، وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لعام 2024.
وعن جهودهم في مواجهة مشروع القانون، قالت انتصار السعيد "بنجهز كمنظمات نسوية لحملة نطلقها خلال الأيام المقبلة للتعبير عن رفضنا لمقترح القانون، ومطالبتنا بضرورة إشراك النساء خاصة المستفيدات من عقود الإيجار القديم في نقاشات الحوار المجتمعي حول القانون، التزامًا بمبدأ المشاركة، التي نصت عليه أجندة التنمية المستدامة 2030".
وطالبت المؤسسة بالتوقف الفوري عن تمرير أي تعديلات قانونية تؤثر على عقود الإيجار القديمة قبل إجراء دراسة أثر نوعي شاملة لتأثير هذه التعديلات على النساء والفتيات، وأن ينص القانون المقترح على ضمانات حقيقية لحماية الفئات الهشة، وعلى رأسها النساء المعيلات، من الإخلاء والتشرد.