تتجه الحكومة لطرح أكثر من 40 مستشفى على مستوى الجمهورية أمام القطاع الخاص المحلي والأجنبي، لإدارتها وتشغيلها خلال الفترة المقبلة، حسب مصدر حكومي مطلع على ملف الطروحات لـ المنصة.
وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، إن الطرح يأتي في إطار تطبيق قانون تنظيم منح التزام وإدارة المنشآت الصحية للقطاع الخاص، الذي تم إقراره مؤخرًا بهدف تعزيز دور القطاع الخاص في إدارة الأصول الصحية للدولة.
ورغم اعتراض نقابة الأطباء والعديد من المؤسسات المهنية والحقوقية، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي في 24 يونيو/حزيران 2024 القانون رقم 87 لسنة 2024 بشأن منح التزام المرافق العامة لإدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية، الذي يسمح للمستثمرين المصريين أو الأجانب، سواء أفرادًا أو شركات، بإدارة وتشغيل المنشآت الصحية.
وأوضح المصدر أن الطرح المزمع لن يتضمن بيع أي من المستشفيات، وإنما سيقتصر على منح حق الإدارة والتشغيل لفترات تتراوح من 3 إلى 15 سنة، مضيفًا أن الإدارة الجديدة ستكون مخوّلة بإعادة هيكلة المستشفيات، بما في ذلك الإبقاء على العمالة الحالية أو الاستغناء عن جزء منها مع صرف التعويضات المستحقة وفق أحكام قانون العمل.
وأشار المصدر إلى أن "الحكومة تستهدف من هذه الخطوة خفض حجم الإنفاق العام على قطاع الصحة وتمكين القطاع الخاص من إدارة وتشغيل المستشفيات الحكومية بصورة أكثر كفاءة، وبما يحقق الاستغلال الأمثل لأصول الدولة".
وأوضح أن القانون ينص على التزام الإدارة الجديدة بالإبقاء على نسبة لا تقل عن 25% من العاملين في المنشآت الصحية، شريطة موافقتهم، وضمان حقوقهم المالية والوظيفية، ما يتيح في المقابل للإدارة الجديدة الحق في الاستغناء عن 75% من العمالة وفق رؤية الهيكلة الإدارية المطلوبة.
ولفت المصدر إلى أن خطة الطرح تشمل مستشفيات قائمة بالفعل في مختلف المحافظات، إلى جانب 15 مستشفى جديدًا جارٍ الانتهاء من تنفيذها خلال الأشهر المقبلة في عدد من المدن الجديدة منها حدائق أكتوبر وبني سويف الجديدة والعاشر من رمضان والتجمع الأول وحدائق العاصمة الإدارية و15 مايو والشروق والعبور والمنيا الجديدة ودمياط الجديدة وقنا الجديدة والعلمين الجديدة 2.
وبيّن المصدر أن القانون أوجب على الإدارة الجديدة للمستشفيات تخصيص نسبة من إجمالي الخدمات الصحية التي تقدمها المنشأة الصحية لصالح المرضى المنتفعين بخدمات العلاج على نفقة الدولة، أو ضمن برامج التأمين الصحي التقليدي والشامل، وذلك بنفس الأسعار التي تقررها الدولة لتلك الخدمات.
وأكد المصدر أن الحكومة تدرس حاليًا عروضًا من مستثمرين محليين وعرب وأجانب لإدارة عدد من المستشفيات المقرر طرحها قريبًا، على أن "يتم اختيار الجهات الأكثر ملاءمة لتحقيق أهداف الدولة في تحسين جودة الخدمات الصحية وتقليل أعباء الموازنة العامة".
وقبل عام، قال المتحدث باسم وزارة الصحة حسام عبد الغفار في تصريحات صحفية إن القانون الجديد يتيح لوزارة الصحة طرح تطوير أكثر من 500 مستشفى من مستشفيات التكامل على مستوى الجمهورية للقطاع الخاص، دون تحديد جدول زمني لطرحها.
وأُنشئت مستشفيات التكامل في الأساس لتحقيق التكامل بين الرعاية الأساسية والقطاع العلاجي، عبر تقديم خدمات طبية بسيطة للمرضى، لتخفيف الزحام عن المستشفيات العامة والمركزية فى المحافظات والمدن.
كان رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي قال في أبريل/نيسان الماضي إن هناك مؤسسات صحية أصبحت قديمة ومتهالكة، مما يتطلب إدخال خبرات أجنبية لدعم القطاع الطبي العام، نافيًا بيع المستشفيات الحكومية أو خصخصتها.
وفي فبراير/شباط الماضي، نشرت المنصة تفاصيل تخصُّ حصة وزارة الصحة من إيرادات إدارة وتشغيل وتطوير مستشفى جوستاف روسي إنترناشونال- مصر (هرمل للأورام سابقًا) على مدار 15 عامًا، إذ تحصل الوزارة على 3% من الإيرادات في السنوات الخمسة الأولى، ترتفع إلى 5% في السنوات التالية.
وأثار نقل المستشفى إلى الإدارة الجديدة شكاوى عدد من المرضى نتيجة توقف صرف العلاج، ومطالبتهم بشراء الأدوية من الخارج، وإعادة إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة، وتقليص عدد جلسات العلاج الكيماوي المقررة على نفقة الدولة من 16 إلى 6 جلسات فقط، ما نفت الإدارة مسؤوليتها عنه وقالت إنها تسلمت المستشفى بداية يونيو الجاري وغير مسؤولة عما حدث قبل ذلك التاريخ.
وكان المحامي الحقوقي خالد علي وكيلًا عن ستة أطباء من بينهم منى مينا ورشوان شعبان، عضوا مجلس نقابة الأطباء السابقان، أقام دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، طالب فيها بوقف تنفيذ وإلغاء قرارات خصخصة بعض المنشآت الصحية العامة تحت مسمى "الشراكة مع القطاع الخاص".
وتطرقت الدعوى إلى ما وصفته بمخالفات دستورية في مواد القانون، مشيرة إلى أنها "تهدد مصالح المصريين وتعرض حقوق الطواقم الطبية للخطر"، ومنها السماح للمستثمرين بالاستغناء عن 75% من العاملين، وهو ما قد يضر باستقرار الكوادر الطبية ويؤثر سلبًا على برامج تدريبهم في المستشفيات المتميزة.