صفحة وزارة البترول على فيسبوك
وزير البترول كريم بدوي يستقبل سفينة تغويز أمريكية، 26 مايو 2025

انقطاع "غاز الشرق" يربك خطط الحكومة الصيفية

محمود سالم
منشور السبت 14 يونيو 2025

تواجه الخطط الحكومية للتعامل مع الزيادة المتوقعة في معدلات استهلاك الغاز الطبيعي خلال الصيف، أزمة بعد التراجع المفاجئ في إمدادات الغاز الإسرائيلي إلى مصر، على خلفية الحرب التي شنَّتها فجر أمس الجمعة على إيران. 

وقال مصدر في وزارة البترول اليوم السبت لـ المنصة، إن كميات الغاز الطبيعي المتداولة السوق المحلية بعد القرار الإسرائيلي تتراوح بين 4.8 إلى 5 مليارات قدم مكعب يوميًا، فيما تبلغ احتياجات السوق اليومية خلال الشهر الجاري بين 6.1 و6.2 مليارات قدم مكعب يوميًا، وهي كمية مرجحة للزيادة خلال الشهرين المقبلين وزيادة طلب محطات الكهرباء مع ارتفاع درجات الحرارة.

وأشار المصدر المطلع على ملف التوريدات بالوزارة، إلى وجود فجوة بين المعروض والطلب في حدود مليار إلى 1.2 مليار قدم مكعب يوميًا، ما يؤثر على الأداء التشغيلي للعديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية.

وتراجعت واردات الغاز الإسرائيلي إلى مصر على نحو مباغت أمس، مع تعليق تل أبيب العمل في بعض منصات الغاز الخاصة بها، تحسبًا لاستهدافها في أي رد إيراني على الهجوم الذي شنَّته أمس، وتتوقع امتداده لأيام على الأقل. 

طوارئ حكومية

ودون ذكر إسرائيل أو حربها على إيران، أعلنت وزارة البترول أمس تنفيذ خطة طوارئ الخاصة بأولويات إمدادات الغاز الطبيعي، على خلفية توقف إمدادات الغاز "من الشرق" بعد "الأحداث العسكرية" بالمنطقة.

وتشمل الخطة إيقاف إمدادات الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية مع رفع استهلاك محطات الكهرباء للمازوت إلى أقصى كمية متاحة والتنسيق لتشغيل بعض المحطات بالسولار.

وأكد مصدر بغرفة صناعة الأسمدة والبتروكيماويات، أن توريدات الغاز لغالبية القطاعات كثيفة الاستهلاك، مثل مصانع الأسمدة والبتروكيماويات والأسمنت والسيراميك، توقفت منذ صباح أمس.

وأشار المصدر في حديثه لـ المنصة، إلى أن تلك المصانع المصدرة ستكتفي بتلبية احتياجات السوق المحلية لحين عودة تدفقات الغاز، متوقعًا تراجع مبيعات وأرباح الشركات الصناعية بنسبة تصل إلى 30% خلال الربع الثاني من العام نتيجة توقف عمليات التصنيع مرتين خلال أقل من شهر.

كما عقد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي اجتماعًا أمس، مع محافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزيري الكهرباء والبترول، لمتابعة خطة تأمين الاحتياجات من الوقود والغاز، مشددًا على ضرورة سرعة تشغيل سفن التغويز الثلاث لتأمين الإمدادات، خاصة مع قرب ذروة استهلاك الكهرباء في الصيف.

وأكد مدبولي امتلاك الدولة تعاقدات قائمة وشحنات غاز في الطريق، إلى جانب احتياطي ومخزون من المازوت لتعزيز استقرار منظومة الطاقة.

وتعتمد مصر منذ 2020 على واردات الغاز الإسرائيلية لاستكمال احتياجاتها من الطاقة، بمعدل يومي يتراوح من 850 مليون إلى مليار قدم مكعب، ويشكل نحو نصف إجمالي واردتها من الغاز. ومع عدم انتظام تدفق الغاز الإسرائيلي منذ بداية الحرب على غزة، توسعت مصر في استئجار وحدات التغييز (إعادة الغاز المسال إلى طبيعته الأصلية) بالتعاقد مع هوج جاليون الأسترالية عام في 2024.

لا تخفيف "حتى الآن"

رغم ذلك، استبعد مصدر في جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك اللجوء إلى خيار تخفيف الأحمال "حتى الآن"، موضحًا لـ المنصة أنه رغم استثناء قطاع الكهرباء من تخفيضات إمدادات الغاز، فإن استمرار نقص الإمدادات بشكل عام قد يؤثر على قدرات التوليد.

ووفق المصدر، يحصل القطاع حاليًا على نحو 3.1 مليارات قدم مكعب يوميًا، بينما يحتاج فعليًا إلى أكثر من 3.25 مليارات قدم مكعب لمواجهة الأحمال المتزايدة، محذرًا من أن استمرار هذا النقص قد يؤدي إلى تقليص قدرات التوليد التي تبلغ حاليًا نحو 34 ألف ميجاوات، مع تزايد احتمالات خفض كميات الغاز الموجهة للصناعة. 

ولفت إلى أن خيار تخفيف الأحمال غير مطروح حتى الآن، مشيرًا إلى أن الوزارة تحاول تجنبه بالتنسيق مع وزارة البترول، من خلال بدء الاعتماد على كميات من المازوت في تشغيل بعض محطات الكهرباء التقليدية، بدلًا من الغاز الطبيعي.

وبدأت مصر في صيف 2023 تطبيق خطة لتخفيف أحمال الكهرباء في الصيف بقطع التيار ساعة يوميًا، زادت إلى ساعتين مطلع العام الماضي، ثم ثلاث ساعات في يونيو/حزيران 2024، مبررة ذلك بزيادة الأحمال على الشبكة بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، قبل أن تعلن في سبتمبر/أيلول الماضي انتهاء الأزمة عقب التعاقد على استيراد كميات كبيرة من شحنات الغاز والزيت والمازوت.

وطالب الخبير البترولي مدحت يوسف خلال حديث لـ المنصة، بزيادة قدرات الهيئة العامة للبترول التعاقدية لاستيراد النفط الخام والمشتقات لتعزيز الاحتياطي الاستراتيجي، مؤكدًا أن الكميات المستوردة، والبالغة قيمتها نحو 1.4 مليار دولار شهريًا، يتم استهلاكها بالكامل، مما يتطلب مزيدًا من التعاقدات لتلافي اللجوء إلى السوق الفورية وشراء الغاز بأسعار مضاعفة.