أنهى عمال شركة وبريات سمنود، إضرابهم عن العمل، بشكل كامل، اليوم السبت، وعادت كافة الأقسام إلى الإنتاج، بعد نحو 35 يومًا من التوقف، تنفيذًا لاتفاق مع الإدارة، بإضافة 200 جنيه إلى الراتب، وعودة الموقوفين عن العمل، لحين رد وزارة العمل على المجلس القومي للأجور بشأن طلب وبريات سمنود استثناءها من تطبيق قرار الحد الأدنى للأجور.
وأكد مصدران عماليان، تحدثا لـ المنصة، أن قرار إنهاء الإضراب جاء تحت وطأة التهديدات المستمرة من قبل الإدارة والأمن الوطني، خاصة لعاملات قسم الملابس، اللاتي يمثلن ثلاثة أرباع القوة الإنتاجية للشركة.
وأُجبر نحو 100 عامل وعاملة في أقسام النسيج والمصبغة والتحضيرات، الخميس، على استئناف العمل تحت ضغوط من الإدارة وأفراد من الأمن بزي مدني، في وقت أصرت 350 عاملة بقسم الملابس، على مواصلة الإضراب، قبل أن يلتقي بهم مرة أخرى رئيس مجلس إدارة وبريات سمنود سعد الدين عبد ربه، ويعدهم بعودة الموقوفين عن العمل.
وقال المصدر الأول لـ المنصة، إنه على الرغم من إعلان الشركة الخميس، انتهاء الإضراب بشكل كامل، إلا أن العمل لم يُستأنف فعليًا في قسم الملابس، إلا في الوردية الأولى صباح اليوم السبت، مشيرًا إلى أن العمال لا يزالون ينتظرون تنفيذ وعد الإدارة بعودة المفصولين.
وذكرت دار الخدمات النقابية، في بوست عبر فيسبوك، أن قرار عودة الموقوفين عن العمل، استُثني منه القيادي العمالي هشام البنا، معتبرة أن استثنائه لم يكن أمرا مفاجئًا "فمنذ اللحظة الأولى أظهرت الجهات الأمنية بإيعاز من إدارة الشركة الشاكية في حق العمال، سوء النية تجاهه".
وأضافت الدار عن البنا أن "الجهات الأمنية اقتادته من منزله في أعقاب بدء الإضراب معصوب العينين، مقيدًا أمام أفراد أسرته، كما جاء قرار الإفراج عنه متأخرًا بأيام خلافًا لزملائه التسعة، وعادت الجهات الأمنية لاستدعائه منفردًا، وتهديده بالعودة إلى السجن في أعقاب الإفراج عنه بأيام، وطالبوه بالضغط على زملائه لفك الإضراب، والصمت عما يجري، انطلاقًا من كونه أحد القيادات النقابية السابقة، الذي عمل كمدير للمبيعات داخل الشركة، ويملك معلومات مهمة عن شبهات فساد تحيط بالإدارة الحالية".
وقالت المصدر الثاني، وهي عاملة بقسم الملابس لـ المنصة، إن قرار إنهاء الإضراب، لم يأت بسبب ما تم من اتفاق، فالإدارة لم تنفذ أي شيء من مطالبهم، لكنه جاء تحت ضغوط وتهديدات كبيرة من قبل الإدارة، وأفراد الشرطة الذين انتشروا بملابس مدنية، وسط العمال، وعرفوا أنفسهم بأنهم من مباحث الأمن الوطني.
وعلقت "طول الأسبوع اللي فات وإحنا بنتهدد بالحبس، لو ما رجعناش للشغل، كنا محاصرين في كل مكان، عربيات الشرطة حوالين الشركة، والأمن الوطني جوه الأقسام، وحتى في بيوتنا اتصالات تهديد، واستدعاء عاملات غلابة كل يوم والتاني لمقر الأمن الوطني بالمحلة".
وخلال الأيام الأخيرة من الإضراب، تزايدت الضغوط على عاملات وعمال وبريات سمنود، وكثفت قوات الشرطة من وجودها في محيط الشركة، فيما استدعى جهاز الأمن الوطني بمحافظة الغربية، الثلاثاء الماضي، 5 عاملات من شركة وبريات سمنود، وطالبهم بإنهاء الإضراب.
وفجر الأربعاء اصطحبت قوة أمنية 5 مشرفين من الوردية المسائية إلى مقر الأمن الوطني في المحلة، وعادت بهم بعد ساعات إلى الشركة، وأجبروهم على استئناف العمل وتشغيل الماكينات، حسب ما قاله عمال لـ المنصة في وقت سابق.
وتعرضت 4 عاملات للانهيار، الأربعاء الماضي، جراء الضغط عليهن لكسر الإضراب، ونقلن بواسطة سيارات الإسعاف، إلى مستشفى سمنود العام، ليغادروا المستشفى بعد وضعهن لساعات تحت الملاحظة.
وكان عمال وبريات سمنود يطالبون الإدارة مرارًا بتطبيق الحد الأدنى للأجور الذي أقرته الدولة بـ6 آلاف جنيه، فلم تستجب لمطالبهم، ما اضطرهم للدخول في إضراب عن العمل في 18 أغسطس/آب الماضي.
وفجر الأحد 25 أغسطس الماضي، ألقي القبض على 8 عمال، واتهمتهم النيابة بـ"التحريض على الإضراب والتجمهر وقلب نظام الحكم"، وقررت في 28 أغسطس الماضي حبسهم 15 يومًا على ذمة القضية 7648 لسنة 2024 إداري سمنود.
ومطلع الشهر الحالي، قررت محكمة مستأنف المحلة إخلاء سبيل 7 منهم، واستمرار حبس النقابي العمالي هشام البنا، الذي أخلت سبيله نيابة طنطا الكلية، في 9 سبتمبر/أيلول الجاري، بشكل مفاجئ قبل موعد تجديد حبسه بيومين.
وسبق أن شارك سياسيون ونقابيون في حملة تدوين واسعة للتضامن مع عمال وبريات سمنود المضربين، كما أدانت الحركة المدنية القبض على العمال الثمانية.
وهذا ليس الإضراب الأول لعمال وبريات سمنود، إذ سبق ونظموا إضرابين في عامي 2017 و2022، احتجاجًا على تجاهل الشركة لمطالبهم بتعديل الأجور وزيادة بدل الغذاء، وعلى مماطلة الإدارة في صرف مكافآت نهاية الخدمة.
وتأسست شركة سمنود للنسيج والوبريات عام 1974 بمحافظة الغربية، وكانت تتبَع منذ نشأتها شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة، وكانت أسهمها موزعة بين عدد من الهيئات مثل مصر للتأمين وهيئة التأمينات الاجتماعية وهيئة الأوقاف المصرية، لكن النسبة الأكبر الآن يمتلكها بنك الاستثمار العربي، ونجح المساهمون في 2015 في تسجيل الشركة وفقًا لقانون الاستثمار، لتتحول من شركة تابعة لقطاع الأعمال العام إلى قطاع خاص.
وكانت الشركة تضم 3 مصانع للملابس والنسيج وتجهيز ومصابغ، وبها ماكينة جينز بطول 50 مترًا، تعطلت عن العمل منذ سنوات، وتقلَّص عدد العمال في الشركة من نحو ألفي عامل إلى أقل من 600، نصفهم من النساء.