دخل عمال شركة فينيسيا لتصنيع السيراميك في إضراب عن العمل، منذ الأحد الماضي، للمطالبة بتطبيق الحد الأدنى للأجور، وتحسين خدمات الرعاية الصحية، إضافة للمطالبة بحافز شهري ثابت، وكان رد الإدارة أن أصدرت قرارًا بغلق الشركة، ابتداءً من اليوم الثلاثاء، في محاولة منها لكسر الإضراب، وفق عمال تحدثوا لـ المنصة.
وشمل الإضراب كل مصانع الشركة "مصنع الحوائط، ومصنعي 1 و2 لسيراميك الأرضيات"، في وقت امتنعت الإدارة عن إرسال سيارات نقل العمال، منذ مساء الأحد "موعد الوردية الثالثة"، لإجبارهم على فض الإضراب، ما اضطر العمال للذهاب إلى العمل، الاثنين، في سيارات أجرة على حسابهم الخاص، وهو ما تكرر اليوم، لكنهم لم يتمكنوا من دخول الشركة في موعد الوردية الأولى بسبب قرار الإغلاق، وفق العمال.
ويعاني العمال من تدني الأجور، التي يزيد متوسطها قليلًا عن نصف الحد الأدنى للأجور، والمقرر بـ6 آلاف جنيه "شغال في الشركة من 2014، ومرتبي 3150 جنيهًا، إضافة لـ800 تحت بند تميز، بأقبضها في نص الشهر، وفي زملا بقالهم 5 و6 سنين، مرتبهم مش مكمل على بعضه 3 آلاف، طيب يعملوا إيه في الغلا ده؟ وإزاي نقدر نكفي مصاريف بيوتنا؟"، حسبما قال أحد العمال المضربين لـ المنصة.
وأضاف العامل، الذي طلب عدم نشر اسمه، أنهم يطالبون منذ أكثر من 6 أشهر بزيادة الرواتب، إلا أن الإدارة تماطل ما اضطرهم للدخول في إضراب عن العمل "كل شهر يوعدونا بتعديل المرتبات ومش بنشوف حاجة".
وقال عامل ثانٍ لـ المنصة إن غالبية العمال يحاولون البحث عن عمل إضافي، لكن ظروف العمل في أقسام المصانع المختلفة، وهي ذات طبيعة "شاقة"، فضلًا عن نظام الورادي الثلاثة، يمنعهم من ذلك، ما دفع كثيرًا من العمال للاقتراض، سواء من البنوك أو جمعيات الإقراض لسد احتياجات أسرهم.
"تقريبًا مفيش حد من العمال اللي أعرفهم مش مديون، طيب هنعمل إيه؟ بيدخل علينا الأعياد ومواسم المدارس، مفيش في جيوبنا جنيه"، يقول العامل الثاني، الذي طلب عدم نشر اسمه.
ويحكي العامل أن أحد زملائه بكى، الأحد الماضي، أمام العضو المنتدب مصطفى سنبل، عندما حاول الأخير إقناعهم بفض الإضراب، حيث قال وهو يبكي "يا أستاذ مصطفى أنا كنت امبارح وردية ثالثة روحت مفيش في بيتي جنيه ملقتش 20 جنيه أجيب بيها فطار لأولادي".
ولا تقتصر مشكلات عمال شركة فينيسيا، بالمنطقة الصناعية الرابعة في مدينة السادس من أكتوبر، على تدني الأجور، إذ يعانون من سوء خدمات الرعاية الصحية كذلك، لا يوجد في الشركة التي تضم 3 مصانع، ويعمل بها نحو 3 آلاف عامل، سيارة إسعاف واحدة، ما عرض الكثير من العمال للخطر في ظل تكرار حوادث العمل، حسبما قال عامل ثالث لـ المنصة.
منذ عدة أشهر، دهس لودر أحد العمال، وانتظر أكثر من ساعة حتى نقلته سيارة تابعة للشركة، بعدما حمله زملاؤه ووضعوه فيها، ما أدى لتفاقم إصابته، حسب العامل الثالث، الذي قال "عمل أكتر من 3 عمليات ولحد دلوقتي مش قادر يقف على رجليه، وخلال الفترة اللي فاتت كان في أكثر من 4 حوادث قطع إصبع من أيادي وأرجل عمال في قسم الطواحين".
وأضاف العامل، الذي طلب أيضًا عدم نشر اسمه، أنه رغم توفر خدمة التأمين الصحي، لكنهم لا يزالون يحملون البطاقات الصحية الورقية، ويذهبون للكشف بناء على خطاب من الشركة للتأمين الصحي الحكومي "الشركة مش متعاقدة مع أي مستشفى خاص، وبنروح التأمين مش بنلاقي أي إمكانات، والعمليات الجراحية بتاخد وقت على ما يتحدد موعدها وتاخد موافقة من الشركة، بيكون المريض تعب واضطر يعملها على حسابه".
ويعاني مئات العمال بالشركة من أمراض صدرية، من الأتربة والمواد الكيميائية، خاصة في أقسام المعامل والطواحين، وفق المصادر العمالية الثلاثة.
ولم تجرِ الإدارة أي اتصال بالعمال منذ صباح الأحد، عندما تحدث معهم العضو المنتدب مصطفى سنبل، وطالبهم بفض الإضراب مقابل زيادة قدرها 500 جنيه، فتمسك العمال بإقرار الحد الأدنى للأجور، إضافة لتحسين الخدمات الصحية، وصرف حافز شهري ثابت.
إضراب عمال فينيسيا ليس الأول من نوعه خلال الفترة الماضية، إذ سبقهم عمال شركة لينين جروب للمنسوجات بالإسكندرية، وعمال شركة كيرسرفيس، وعمال الشركة التركية للملابس تي آند سي بمدينة العبور، وعمال مطاحن الخمس نجوم، وغيرهم ممن طالبوا بتعديل رواتبهم.
وفي السابع من فبراير/تشرين الثاني الماضي، قرر الرئيس السيسي رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%، ليصل إلى 6 آلاف جنيه شهريًا، لكن القرار لم يشمل شركات قطاع الأعمال العام.
وفي مايو/حزيران 2024، قرر المجلس القومي للأجور رفع الحد الأدنى للعاملين بالقطاع الخاص إلى 6000 جنيه، واستثنى القرار العاملين بالمشروعات متناهية الصغر التي يقل عدد العمال بها عن 10 عمال.