
إلى فلسطين| نبحر وتبحر قلوبكم معنا
يوميات من على متن أسطول الصمود
يقُولون إنَّ هناكَ 35 ألفَ شخصٍ مِنْ حولَ العَالم قدَّمُوا للالتحاقِ بأسطولِ الصّمودِ المتجهِ إلى غزةَ من برشلونة.
عندما تَمّ اختياري بعدَ مَلءِ عددٍ من الاستماراتِ واجتياز بعضِ المُقابلاتِ الشخصيةِ، أَخبرتُ صديقةً فلسطينيةً بهذا الرقمِ، فقالتْ لي "أنتَ إذنْ من شعبِ القافلةِ المختارِ". شعبُ القافلةِ المختارُ يذهبُ لكسرِ الحصارِ ولفتِ أنظارِ العالم من جديد للإبادة التي تمارسُها دولةُ "شعبِ الله المختار".
يومَ 23 أغسطس/آب، ذهبتُ لاجتماعِ إعدادِ القافلةِ في بيتٍ اجتماعيٍّ من البيوت المحتلة في مدريد. أغلبُ الحضورِ ممن سيدعمون القافلةَ من على البَرّ.(*)
الذين لم يقعْ عليهم الاختيارُ لا يَعْلمون من هم الصاعدون للقوارب. لأسبابٍ أمنيةٍ، وحرصًا على السلامةِ، كان محظورًا علينا التصريحُ علانيةً بأننا ضمن الـ300 ناشط الذين اختِيرُوا للمشاركةِ في الأسطول الذي سيبحر من ميناء برشلونة الإسباني، والذي يضمُّ 20 قاربًا، ليلتقي في البحر المتوسط بقوارب قادمة من موانئ أخرى.
أدارت الاجتماعَ امرأةٌ سبعينيةٌ، ترتدي قميصًا لحركةِ "الجدّاتُ والجُدودُ المزعجاتُ والمزعجون"، التي تأسستْ قبل سنواتٍ للدفاعِ عن حقِ الأجيالِ القادمةِ في العمل والسكن والرعاية الصحية والتعليم المجانيين.
أخْرجَتْ اللافتةَ التي سيحملونها لوادعِ الصادعينَ للقواربَ على أحدِ أرصفةِ ميناء برشلونة، مكتوبٌ عليها "احملوا قلوبنا معكم لفلسطين". كدتُ أبكي، لا أستطيعُ إخبارَها بأنني سأحملُ معي قلبَها، وقلبَ أمي، وقلوبَ عائلتي وأصدقائي في إسبانيا ومصر وكوبا، وبلادٍ أخرى.
قلوبُ الملايين الذين يريدون أن يسيرُوا أو يبحرُوا تجاهَ فلسطين، لكنهم لا يستطيعون. تمنعُهم ظروفُهم، أو حياتُهم الفقيرةُ، أو حكوماتُهم.
كلُّ هؤلاءِ معنا على القواربِ باتجاهِ غزةَ. قواربٌ محملةٌ من أكثر من 44 دولةً، يمثّلون أكبرَ حركةِ تضامنٍ منذ حربِ فيتنامَ. هذه المرةَ مع الشعبِ الفلسطينيِّ.
جميعُهم يحلُمون ويعْملُون من أجلِ فلسطينَ حرة من النهرِ للبحرِ، ومن ضمنهم المصريون الراغبون في الصُراخِ. الذين لا تُلْهيهِم حياتُهم القاسيةُ عن الشعبِ الفلسطينيِّ، ولا تُنْسيهِم أن غزةَ تبادُ وتنامُ جائعة.
ولأننا نحملُ قلوبَكم معنا في طريقِنا إلى فلسطينَ، سأحاولُ أن أشاركَكم يومياتِ هذه الرحلةِ، بقدرِ ما توفِّرُه أعالي البحارِ من قدرةٍ على الاتصال.
(*) يشير مصطلح البيوت الاجتماعية المحتلة/casa okupa/squat house إلى المنازل المهجورة التي تحتلها حركات اجتماعية وتُحوِّلها إلى مراكز اجتماعية وثقافية وسياسية.