التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، مساء أمس، المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب، في إطار لقاءات يعقدها الرئيس المصري على هامش تواجده في الولايات المتحدة الأمريكية لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة. والتقى الرئيس المصري أيضًا المرشحة عن الحزب الديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، هيلاري كلينتون. وكان الحديث عن التعامل مع "الإرهاب" مادة رئيسية في اللقائين.
وعقب لقاء ترامب تناقلت وسائل الإعلام تعهدًا قطعه المرشح الجمهوري مفاده أنه إذا ما فاز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، سيدفع بمشروع قانون يعتبر الإخوان جماعة إرهابية محظورة.
وذكر مستشار "ترامب" لشؤون الشرق الأوسط، وليد فارس، في تصريحات إعلامية، أنه بجانب السعي نحو إقرار مشروع القرار الحالي المعروض بالفعل على الكونجرس الأميريكي بشأن جماعة الإخوان المسلمين، فإن المرشح الجمهوري شدد على أهمية تعزيز التعاون مع مصر، خاصة في مجال مكافحة الإرهاب.
اتفاق ضد "الإخوان"
لو صدق "ترامب" في تعهده، حال أصبح رئيسًا، في تعزيز موقف مشروع القانون الذي يطالب بتسمية الإخوان "جماعة إرهابية"، فإنه في هذه الحالة سيتسق موقف الإدارة الأمريكية مع النظام المصري في هذا الملف.
ويرى الدكتور محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية- جامعة القاهرة، أن "ترامب" في حديثه عن موقفه من جماعة الإخوان ومكافحة الإرهاب، تطرق لنقطتين يعتقد أن مصر نجحت في التعامل معهما،؛ لذلك فإن حديثه هو تحديدًا عن مكافحة الإرهاب أو تسمية الإخوان جماعة إرهابية، يأتي في سياق فكرته عن سبل حماية بلاده التي أبدى في سبيل تحقيقها نية للتضييق على المهاجرين.
وقال "حسين" لـ"المنصة"، إن هاتين النقطتين تحدث عنهما المرشح الجمهوري، بعد يومين من حادث تفجير نيويورك، الذي قد يمثل دعمًا انتخابيًا له أمام منافسته الديمقراطية، خاصة وأنه قال في السابق أن الولايات المتحدة أضحت دولة "ضعيفة" بسبب الإرهاب، ولا تتحمل سنوات أخرى من "الفشل"، في إشارة منه لحكم "الديمقراطيين" للبلاد، والذين ينتمي لهم كلاً من هيلاري كلينتون وباراك أوباما.
وقررت الحكومة المصرية، في 25 ديسمبر/ كانون أول 2013، إعلان الإخوان "جماعة إرهابية" رسميًا، وهو أوقع أعضاءها ومموليها تحت طائلة القانون المصري.
وصدر قرار الحكومة، التي كان يرأسها في ذلك الوقت الدكتور حازم الببلاوي، في أعقاب تفجير مقر مديرية أمن الدقهلية، وعلى الرغم من إعلان "الإخوان" إدانتها له، وتبني جماعة أنصار بيت المقدس- التي أعلنت الولاء في 2014 لتنظيم الدولة الإسلامية- مسؤوليتها عن الحادث.
ولفت "حسين" إلى إعجاب "ترامب" تحديدًا بأداء الرئيس عبد الفتاح السيسي فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، ما يجعل من لقائهما فرصة لمناقشة سبل تحجيم هذه الظاهرة إلى أن يتم القضاء عليها، وليُظهر المرشح الجمهوري بمثل هذه اللقاءات قدرته على التعامل مع الرؤساء من مختلف دول العالم.
ودأب مؤيدو النظام المصري الحالي- سياسيون وإعلاميون- على الحديث عن علاقات بين أعضاء جماعة الإخوان المسلمين و"واشنطن"، على الرغم من مشروع القانون سالف الذكر المُقدم للجهة التشريعية الرسمية في الولايات المتحدة.
ولاقى مشروع القانون في فبراير/ شباط الماضي ترحيبًا من مصر التي رفضت أي صوت يعارض القرار، كما بدا من السجّال الذي دار بين المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية وصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، لمجرد نشرها تقريرًا يتساءل إذا ما كانت الإخوان بالفعل "جماعة إرهابية"، ليبادر المتحدث بتوجيه انتقادات للصحيفة عبر مدونة الوزارة.
السيسي وهيلاري
وفي لقائه مع المرشحة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، بحث السيسي والمرشحة الأمريكية سبل مكافحة الإرهاب، وآخر التطورات على صعيد السياسة الداخلية المصرية.
ولكن كان من أبرز نقاط الحديث أيضًا قضية آية حجازي، مؤسِسة مشروع "بلادي" المعني بتقديم العون لأطفال الشوارع، والمقبوض عليها منذ أكثر من عامين، على خلفية اتهامها بأمور على رأسها "استغلال الأطفال في ارتكاب أعمال عدائية ضد الدولة".
وعلّق محمد حسين، أستاذ العلاقات الدولية، على هذين اللقائين بقوله إنهما يمثلان أمرًا طبيعيًا، وذلك في إطار محاولة استكشاف مرشحي الرئاسة الأمريكيين للقيادات والزعامات التي سيتعامل معها أحدهما لمدة لا تقل عن 4 سنوات، حال فوزه في الانتخابات.
وأوضح "حسين" أن مقابلة رئيس مصر أمرًا للمرشحين، لكون مصر دولة محورية، تقع في منطقة تعج بملفات شائكة، وعلى منها الصراع العربي- الإسرائيلي، بالإضافة إلى الأزمات السورية واليمنية والليبية، لذلك ينبغي التعرف على وجهة نظر مصر في تلك القضايا.
واختتم أستاذ العلاقات الدولية باستبعاد احتمالية أن يكون أحد المرشحين، بما يمثلانه من فكرين مختلفين لحزبين سياسيين، أكثر ميلاً للنظام المصري أو مرونة في التعامل معه، رغم الحرص على لقاء الرئيس المصري، قائلاً: "الأمريكيون لهم مصالحهم، سواء جمهوريين أو ديمقراطيين". وطالب حسين النظام المصري ببناء علاقات متوازنة، ليس فقط مع أي رئيس أمريكي، لكن مع مختلف الدول أيضًا.