منذ اليوم الأول لترشحه في انتخابات رئاسة النادي الأهلي، أعلن محمود طاهر اقتدائه بصالح سليم أسطورة النادي الراحل.
وعمل طاهر مع سليم، المُلقب بالمايسترو، في تسعينات القرن الماضي حيثُ تم تعيينه في مجلس إدارة النادي دورتين حين كان صالح رئيسًا للنادي الأحمر.
واستمد طاهر شعاره في حملته الانتخابي من إحدى الجمل الشهيرة لسليم "الأهلي فوق الجميع" وأضاف إليها: "تتواصل الأجيال ويستمر العطاء".
وبعد عامين في منصب رئاسة الأهلي، يبدو طاهر أبعد ما يكون عن صالح ونهجه الإداري، في وقتٍ تعصف فيه الأزمات بالفريق الأول لكرة القدم المصدر الأول لشعبية النادي وجماهيريته.
أزمات مبكرة
36 يومًا فقط، فصلت بين فوز طاهر برئاسة الأهلي في 29 مارس/آذار 2014 وبين إقالة محمد يوسف المدير الفني للفريق من منصبه في الأول من مايو/آيار.
ورغم أن طاهر حاول طمأنة يوسف، وقال فور فوزه بالانتخابات إن الجهاز الفني للفريق "في أمان" إلا أنه استغنى عن خدماته بعد نحو شهر من ولايته، وعيّن فتحي مبروك بشكل مؤقت لحين التعاقد مع مدير فني أجنبي.
قبل إقالة يوسف بيومين، تجلّت أزمة، ستتكرر بصور مختلفة لاحقًا، تُظهر اختلافًا جذريًا بين طاهر وقدوته صالح سليم المشهور بصرامته؛ حين قال يوسف "ما يحدث في الأهلي جديد" منتقدًا قرار الإدارة بالتجديد لعماد متعب مهاجم الفريق المخضرم دون الرجوع إليه، ومبديًا غضبه من الطريقة التي يُدير بها المجلس الجديد ملف الكرة.
مع إقالة يوسف، رحل سيد عبد الحفيظ وهادي خشبة وعيّن طاهر بدلاً منهما علاء عبد الصادق ووائل جمعة على الترتيب مع المدير الفني الجديد خوان كارلوس جاريدو.
في تلك الفترة، بدأ الفريق يشهد أزماتٍ لم يكن يعرفها في عهد حسن حمدي، تتردد أنباء عن خلافات بين لاعبي الفريق تصل إلى حد التشاجر، زاد نفوذ حسام غالي قائد الفريق وتعددت أزماته مع زملائه في الفريق.
بينما محمد يوسف، الذي رحل عن الفريق، ما زال يجدد انتقاداته لمحمود طاهر ومجلس الإدارة.
اقرأ أيضًا: تسلسل زمني: غالي "كابيتانو الأزمات"
لم يبرهن جاريدو أنه "مدرب من طراز عالمي" كما قال عنه رئيس الأهلي فور التعاقد معه؛ النتائج تسوء، والأزمات داخل الفريق تتصاعد حدتها، وطاهر يرفضُ إقالة المدرب، يُعاند الجماهير الممنوعة من حضور المباريات.
كان رد طاهر جاهزًا كلما تعرض جاريدو لانتقادات: "لن يرحل في منتصف الموسم، على الجميع أن يعلم أننا لن نغير المدير الفني في منتصف الموسم".
السلبية الأبرز داخل الأهلي خلال تلك الفترة لم تكن تراجع النتائج أو إصرار رئيس النادي على مواقفه؛ لكنها تمثلت في تسريب العديد من الأخبار من داخل اجتماعات مجلس الإدارة، وهو أمر لم يعرفه الأهلي خلال عهد صالح سليم ومن بعده حسن حمدي.
رحل جاريدو بعد ضغوط عديدة وخَلَفه فتحي مبروك في منصبه، تزايدت الأزمات داخل الفريق، اصطدم حسام غالي بوائل جمعة فخسر الأخير منصبه مديرًا للكرة بالفريق.
في تلك الفترة، دشنت جماهير الأهلي حملة للمطالبة بعودة البرتغالي مانويل جوزيه، المدرب الأبرز في تاريخ النادي لكنّ طاهر رفض بشكل قاطع وتردد أنه قال في اجتماع بأعضاء مجلس الإدارة "عودة جوزيه على جثتي".
وقيل إن طاهر رفض جوزيه بسبب تقدمه في العمر (69 عامًا) ما دفع المدرب البرتغالي للسخرية لاحقًا من رئيس الأهلي في حوار تليفزيوني.
لم يصمد فتحي مبروك في منصبه كثيرًا، وبعد توديع الفريق بطولة كأس الكونفيدرالية الأفريقية من نصف النهائي، خسر منصبه وتم إسناد المهمة لعبد العزيز عبد الشافي، ورحل أيضًا علاء عبد الصادق المشرف على الكرة بالنادي.
هاجم مبروك طاهر بعد رحيله عن الأهلي، وقال في حوار تليفزيوني: "كنت شجاعًا لتولي مسؤولية الأهلي في تلك الظروف. أنا لست ضعيفًا يا مهندس محمود" ردًا على ما تردد حول اتهام طاهر لمبروك بضعف الشخصية وعدم القدرة على السيطرة على اللاعبين.
في تلك الفترة، وبينما كانت الضغوط تتزايد على طاهر، خرج رئيس الأهلي في حوار تليفزيوني مطوّل ليرد على الانتقادات ويتحدث عن إنجازاته.
وتطرق رئيس النادي للحديث عن إنجازات مجلسه في الرياضات الأخرى بعيدًا عن كرة القدم، إضافة إلى "الطفرة الإنشائية" على حد قوله، متجاهلاً تعثر فريق الكرة.
وظهر خلال الحوار عدم إلمام طاهر ببعض الأرقام والتواريخ الخاصة بالأهلي ليقع في 10 أخطاء تم رصدها له خلال الحوار.
الهجوم يتضاعف
في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني، نشرت صحيفة "اليوم السابع" صورًا من تقرير وصفته بـ"السري" أعدّه عبد الصادق وقام بإرساله عبر البريد الإلكتروني إلى أعضاء مجلس إدارة النادي؛ يكشف بعض التفاصيل عن الفترة التي تولى فيها الإشراف على الكرة.
وطالب عبد الصادق في تقريره بإبعاد طاهر عن رئاسة لجنة الكرة لأنه "ما بيفهمش فيها" على حد قوله، كما قال إن رئيس النادي تواصل مع بعض اللاعبين هاتفيًا دون علم الجهاز الفني، وتواصل مع وكلاء اللاعبين في "سابقة لم يشهدها النادي"، ووافق على احتراف بعض اللاعبين رغم رفض الجهاز الفني.
بعد رحيل مبروك، وبعد أن تجاهل طاهر المطالب المتعددة بعودة جوزيه، أسندت المهمة لبرتغالي آخر هو خوزيه بيسيرو.
كان الأهلي خسر لقب الدوري موسم (2014-2015) لمصلحة الزمالك، كما خسر العديد من الصفقات البارزة في سوق الانتقالات.
ومع بيسيرو، كان طاهر يأمل أن يعود الفريق لمنصة التتويج مرة أخرى لكنه لم يستمر في منصبه أكثر من 3 أشهر في ليودع بعدها الأهلي ويعود لبلاده ويقود فريق بورتو العريق.
خلال تلك الفترة، وفي الأيام الأخيرة من عام 2015 أصدرت محكمة مصرية حكمًا بحل مجلس إدارة النادي بسبب بطلان إجراءات انعقاد الجمعية العمومية، وقالت المحكمة في قرارها وقتها إن هناك مخالفات تضمنتها "إجراءات الدعوة لعقد الجمعية العمومية والتصويت في الانتخابات تستوجب عدم الاعتداد بالنتائج التي أسفرت عنها الانتخابات".
وقرر وزير الرياضة المصري استمرار طاهر في منصبه بالتعيين،
وتقدم طاهر ووزير الرياضة بطعنين على الحكم تم رفضهما في مارس/آذار الماضي من المحكمة الإدارية العليا، وهو رفض لا يجوز الطعن عليه من الناحية القانونية.
بعد بيسيرو، جاء الهولندي مارتين يول الذي سبق له قيادة فرق أوروبية كبرى مثل توتنهام وأياكس.
ورغم نجاح الأهلي في استعادة لقب الدوري الممتاز من غريمه التقليدي الزمالك إلا أن الفريق عانى من تراجع واضح في أدائه بنهاية الموسم.
وبعد أن خسر نهائي كأس مصر لمصلحة الزمالك وودع دوري أبطال إفريقيا من مرحلة المجموعات على غير المعتاد، قال يول إن رئيس النادي طالبه بالتتويج بلقب الدوري فقط هذا الموسم ما تسبب في تجدد الانتقادات لطاهر.
رحل يول عن الأهلي في أعقاب اشتباك بين بعض الجماهير وحسام غالي قائد الفريق، لتبدأ مجددًا مهمة البحث عن مدير فني.
وقبل رحيل يول بيومين، كان عبد العزيز عبد الشافي "زيزو" المشرف على الكرة بالنادي يعلن رحيله، وقال في بيان صدر عنه: "للأسف لم أجد الاستجابة المطلوبة لإنقاذ الموقف؛ بل وصل الأمر من البعض للتشكيك في دوري، وتشويه صورتي أمام المجتمع الرياضي حتى وصلنا إلي ما نحن عليه من أزمة؛ كان من الممكن التعامل معها بشكل أفضل".
وقال زيزو أيضًا إن أزمته لم تكن مع المدير الفني مارتين يول، في إشارة واضحة إلى أن الخلاف كان مع رئيس النادي.
ورغم أن رئيس الأهلي كان من مُفضلي المدرب الأجنبي في السابق إلا أنه هذه المرة أغلق الباب أمام الأجانب ليعين مديرًا فنيًا مصريًا.
استقر طاهر ومجلس إدارته على تعيين حسام البدري، المدير الفني السابق للأهلي، رغم الأصوات المعارضة ومحاولة الجماهير تدشين حملات إلكترونية ترفض قدوم البدري الذي رحل عن الأهلي في منتصف موسم ليتعاقد مع أحد فرق الدوري الليبي.
وأخفق البدري مؤخرًا في قيادة المنتخب الأوليمبي (تحت 23 عامًا) للتأهل لدورة الألعاب الأوليمبية الأخيرة التي أقيمت في البرازيل، رغم أن المنتخب كان مرشحًا لبلوغ الأدوار النهائية من البطولة حال تأهله.
وتنطلق بعد أيام منافسات الموسم الكروي الجديد (2016-2017) الذي يضع طاهر آمالاً كبيرة عليه لترميم علاقته بالجماهير الحمراء محليًا وأفريقيًا.