الحجاب والحجامة واللاجئين.. ألعاب السياسية والثقافة في الأوليمبياد

منشور الخميس 11 أغسطس 2016

قبل 2700 عام؛ كانت الألعاب المقامة في منطقة أوليمبيا جنوب اليونان- حيث الجبال التي تسكنها الآلهة- فرصة للهدنة ووقف الصراعات والحروب المستمرة بين مدن/ أمم اليونان القديمة، وتنافس الأبطال الرياضيين من أجل مجد مدنهم والحصول على رضا الآلهة القديمة. ومنذ عودتها للانعقاد عام 1894 لتحقيق الأغراض نفسها تقريبًا: اللقاء والحوار بين الشعوب والثقافات؛ صارت دورات الألعاب الأوليمبية فرصة لمشاهدة صراعات العالم وقضاياه، مكثفة في مساحة المدينة التي تستضيف تلك المنافسات. 

ظهر هذا جليا في حقبة الثمانينات، عندما قاطعت الولايات المتحدة ومعها 64 دولة حول العالم أوليمبياد موسكو 80، رفضًا للغزو السوفيتي لأفغانستان. ورد الاتحاد السوفيتي ومعه 13 دولة أخرى بمقاطعة أوليمبياد لوس أنجليس 84.  وفي أوليمبياد ميونخ 72، وبعد رفض حكومة ألمانيا الغربية الطلب الذي قدمه المجلس الأعلى لرعاية الشباب الفلسطيني بمشاركة وفد فلسطيني في بطولة الألعاب الأوليمبية؛ احتجزت منظمة أيلول الأسود الرياضيين الإسرائيليين المشاركين في الأوليمبياد التي حُرِم الفلسطينيون من المشاركة فيها. وخلّفت الواقعة التي عُرفت إعلاميا بعملية ميونخ 18 قتيلاً، منهم 11 رياضي إسرائيلي، وخمسة من منفذي العملية وشرطي وطيار ألماني.

ومع عالم أصغر و موصول ببعضه البعض، أصبحت القضايا التي تشغل بال الرأي العام العالمي واحدة، وأصبحت الصراعات تؤثر على الجميع، لهذا جاءت أوليمبياد ريو 2016 مختلفة من حيث القضايا التي برزت فيها، وكيفية تفاعل الجماهير مع تلك القضايا. بدأ اشتباك الأوليمبياد والسياسة قبل الانطلاق الرسمي للمنافسات، مع مظاهرات احتجاجية على استضافة ريو دي جانيرو للدورة، وما ستتحمله البرازيل من التكلفة مالية عالية لاستقبال مثل هذا الحدث العالمي.

سيلفي توحيد الكوريتان

منذ أن هجمت كوريا الشمالية على جاراتها الجنوبية في يونيو 1950، وبدأت الحرب الكورية الأهلية؛ شهدت كل المواجهات الرياضية التي جمعت بينهما حالة من التوتر الناتج عن الأزمات السياسية بين البلدين اللتين تعتبران عمليًا في حالة حرب منذ الخمسينيات.

وبعد شهور من تصاعد التوترات السياسية بين الدولتين، التقطت لاعبتا الجمباز الفني الكوريتان، لي يون جو (كوريا الجنوبية)، وهونج أون جونج (كوريا الشمالية) سيلفي أثناء تدريباتهما قبل انطلاق منافسات دورة الألعاب الأوليمبية الحالية.

 

 لاعبتا الجمباز الفني الكوريتان، لي يون جو (كوريا الجنوبية)، وهونج اون جونج (كوريا الشمالية)

وانتشرت الصورة الملتقطة سريعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن أستاذ العلوم السياسية الأمريكي إيان بريمر كتب عبر حسابه الشخصي على تويتر تعليقا قال فيه: "هذا هو السبب الذي يجعلنا نعقد الأولمبياد"

مهرجان العلم الزائف

منذ اليوم الأول للأولمبياد؛ تُطرح تساؤلات عديدة حول البقع الحمراء الداكنة على أجساد الرياضيين المشاركين في المنافسات، ثم أصبحت "الحجامة" أحد الموضوعات المهمة المرتبطة بأولمبياد ريو 2016.

أخبار ومقالات كثيرة نُشرت خلال الأيام القليلة المنصرمة عن تاريخ الحجامة كواحدة من فروع ما يسمى بالـ"الطب البديل"، والسبب وراء استخدام الرياضيين لهذه الممارسة القديمة، التي يدعي البعض أنها تساعد على تحسين تدفق الدم بتوسعة الأوعية الدموية.

 

السباح الأمريكي مايكل فيلبس

ونشرت مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية مقالا تطالب فيه السباح الأمريكي مايكل فيلبس بالتوقف عن ممارسة الحجامة باعتباره الرياضي الأبرز في العالم. وجاء في المقال أن الحجامة لا تحسن تدفق الدم، وإنما تتسبب في تجلطه.

وغرد تيم كولفيد رئيس معهد الأبحاث في السياسة والقوانين الصحية بمعهد ألبرتا الكندي عبر حسابه الشخصي على تويتر، معلقا على ظاهرة الحجامة في أولمبياد ريو 2016 وقال: "تحولت الألعاب الأولمبية لمهرجان دولي للعلم الزائف".


زواج المثليين

شهد استاد ديودورو في مدينة ريو دي جانيرو أول عرض زواج في تاريخ الألعاب الأوليمبية. فبعد أن حصدت استراليا ذهبية الرجبي السباعي للنساء بعد فوزها على نيوزيلاندا في النهائي، تفرقت الحشود، ودخلت مارجوري إنيا أرض الملعب، لتتقدم بطلب للزواج من لاعبة الرجبي البرازيلية إيزادورا سرولو التي كانت تشاهد المباراة.

 

وصار زواج المثليين قانونيًا في البرازيل في مايو/ آيار 2013. وبحسب موقع out Sports فهناك على الأقل 47 رياضيًا مثليًا ينافسون في أولمبياد ريو 2016، بالإضافة إلى ثلاثة مدربين. ويعد هذا رقمًا قياسيًا في الدورات الأوليمبية -التي تعتد بالأرقام القياسية- لعدد الرياضيين الذين أعلنوا عن هويتهم الجنسية كمثليين. ففي أوليمبياد بكين 2008 لم يزد عدد الرياضيين المعلنين عن هويتهم الجنسية المثلية عن 12 رياضيًا، زادوا في أوليمبياد لندن 2012 ليصبح عددهم 27 رياضيًا. 

بدأ الموقع بقائمة نشرها في 11 يوليو/ تموز الماضي، ضمت 27 رياضيًا مثليًا يشارك في منافسات ريو2016، واتسعت حتى وصل عدد المسجلين فيها 47 رياضيًا. ويتوقع الموقع نمو القائمة لتضم المزيد من الرياضيين المثليين قبل نهائة الدورة الحالية.


صراع حضاري أم تنوع ثقافي!

رياضة سريعة وشرسة، تُلعب تحت أشعة الشمس الحارقة، ويشتهر ممارسوها بارتداء الملابس الكاشفة المرتبطة بالشاطئ. جلبت لعبة الكرة الطائرة الشاطئية الثقافات المتناقضة لحلبة الألعاب الأوليمبية في ريو 2016، عندما واجه فريق السيدات المصري نظيره الألماني.

السماح بالتنوع الثقافي ونشر اللعبة عالميًا؛ هو ما دفع الاتحاد الدولي للكرة الطائرة بتخفيف معايير الزي الرسمي للعبة في أولمبياد لندن 2012، والسماح بالأزياء الطويلة الكاملة بدلا من البكيني.

وجاءت ردود الأفعال كذلك متنوعة ومتباينة حول المباراة، فهناك من رأى إن هذه المباراة مثال جيد على تقارب الثقافات المختلفة والمتناقضة، ومن رأوا ف يتلك المباراة مثالا على تصادم الثقافات لا لقائها.

الكاتب الأمريكي روبرت سبنسر، كتب مقالاً على موقع جهاد ووتش التابع لمركز ديفيد هورويتز للحرية، بعنوان "صراع الحضارات: مصر مقابل ألمانيا في الكرة الطائرة الشاطئية الأوليمبية". افتتح سبنسر مقاله بقوله:"لقد منح الله النصر للعاهرات شبه العاريات على النساء المتواضعات المسلمات".

وغرد الصحفي والإعلامي الأمريكي بيل وير على حسابه الشخصي في تويتر معلقا على صورة اللاعبة المصرية دعاء الغباشي: اختبار رورشاخ* الأوليمبي. هل ترى صراع حضارات؟ أم ترى قوة الرياضة على التوحيد؟

واختلفت وسائل الإعلام العالمية في توصيف الصورة، فبينما وصفت مجلة التايم الصورة بأنها "صدام ثقافي" وصفت الديلي ميل الصورة بأنها "انقسام ثقافي هائل"، اما في مصر فقد اتجه النقاش نحو الخلاف على الحجاب وإساءته لصورة الثقافة المصرية أو الفخر بارتدائه في الأولمبياد.


فريق اللاجئين

 

"هؤلاء اللاجئين لا يملكون مأوى أو فريقا أو علما أو نشيدا وطنيا، وفكرة فريق اللاجئين تهدف لمنحهم مأوى في القرية الأوليمبية، ليجتمعوا مع جميع الرياضيين من أنحاء العالم".

بهذه الكلمات قدم رئيس اللجنة الأوليميبة الألماني توماس باخ فريق اللاجئين الذي تشكل للمشاركة في الأولمبياد لأول مرة في الدورة الحالية، بعد تفاقُم مشكلة اللاجئين خلال العامين الماضيين. ويشارك الفريق بشكل مستقل تحت العلم الأوليمبي، غير ممثل لأي من دول العالم، فقط ملايين اللاجئين حول العالم.

مع الاهتمام الدولي بملف اللاجئين، بعد تفاقم الصراعات الأهلية في الشرق الأوسط، ما دفع الملايين لمغادرة أراضيهم بحثا عن الأمن والاستقرار.

 

وحددت اللجنة الأوليمبية الدولية المرشحين المحتملين للفريق، وهي من أشرفت على الاختيار النهائي لقوامه. كما أنشأت صندوقًا خاصًا لتمويل الفريق بـ 2 مليون دولار.

ومع حفل افتتاح دورة الألعاب الأوليمبية تربع الفريق على قمة الأعلى بحثا على جوجل، أثناء الحفل.

 

وأطلق عدد من النشطاء العرب هاشتاج #فريق_اللاجئين لدعم ومؤازة الفريق الذي اتخذ: "أبطال رغم الصعاب" شعارًا له.

ويضم الفريق عشرة رياضيين، خمسة من جنوب السودان، واثنين من سوريا، واثنين من الكونغو الديموقراطية، وواحد من أثيوبيا، ودخل الفريق استاد "ماركانا" في حفل الافتتاح قبل فريق البلد المضيف، رافعًا علم اللجنة الأوليمبية الدولية.


اختبار رورشاخ: اختبار نفسي وضعه الطبيب النفسي السويسري هيرمان رورشاخ لدراسة الشخصية عبر مبدأ الاسقاط، عبر عدة ألواح عليها بقع من الحبر، ويطلب من الشخص وصف ما يراه على هذه الألواح، فتأتي النتائج دائما مرتبطة بتصورات الشخص وخبراته ودوافعه وعلاقاته بالعالم المحيط به