(1)
في الوقت الذي تقرأ فيه هذه السطور أنهى عدد من أعضاء مجلس النواب زيارتهم إلى مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية (الكنيسة المركزية في القاهرة للأقباط الأرثوذكس)، للقاء البابا تواضروس الثاني بمبادرة من لجنة الشؤون الدينية، التي أعلنت أن الغرض من الزيارة "مناقشة تجديد الخطاب الديني".
الزيارة تأتي في أجواء غضب واستياء لدى الأقباط، نظرًا لأحداث العنف المتتالية الموجهة ضد مواطنين مسيحيين، والتي بدأت في المنيا، وتكررت في بني سويف دون أن يتوقف عندها مجلس النواب، الذي اكتفى رئيسه ببيان إدانة فقط ولم يستجب لمطالب بعض الأعضاء بتشكيل لجنة تقصي حقائق تبحث في أسباب تفاقم الوضع، خاصة في المنيا.
وحتى الآن لم يعرض على عبدالعال رئيس البرلمان أي من مطالب النواب المتعلقة بتشكيل لجنة تقصي للحقائق، للتصويت في اللجنة العامة، رغم تقديم الطلب له مشفوعًا بتوقيع عدد كبير من الأعضاء، صباح الاثنين الماضي.
اللقاء الذي حضره نواب اللجنة الدينية، بمشاركة سعد الجمال رئيس ائتلاف دعم مصر - الأغلبية-، تطرق فيه البابا لما يجري من حوادث عنف ضد الأقباط. وقال البابا تواضروس الثانى إن الكنيسة تعلم ب 37 حالة اعتداء على الأقباط خلال ثلاث سنوات خلت.
ووصف البابا أحداث العنف بأنها "متعمدة وليست جريمة اجتماعية". تواضروس طالب البرلمان بالشفافية، وأبدى تخوفه من قانون بناء كنائس تضطر الكنيسة لرفضه. لقاء بابا الأسكندرية بالنواب، تخللته رسائل هامة أبرزها تتعلق بأقباط المهجر، فأعلن البابا أنه طالبهم بوقف المظاهرات عبر إرسال مخاطبات للكنائس القبطية في أمريكا "قلت لهم فى كنائسنا بأمريكا مباشرة مفيش مظاهرات تتعمل، وأعلم أن مش كلهم هيسمعوا الكلام".
يقارن البابا بين أحداث العنف الحالية، وتبعات فض اعتصام رابعة وحرق الكنائس: "التزمنا الصمت بعد حرق كنائسنا عقب أحداث الفض، وكنا مدركين مسلمين ومسيحيين جميعًا إننا نواجه عدو. أما الحوادث التى تحدث حاليًا؛ أقل حجمًا مما جرى من حرق الكنائس، ولكن الغضب فى الشعب القبطى أكبر بكثير. أرجوكم بكل محبة وإخلاص تصدوا لذلك".
النائب عماد جاد، الذي وصل لمقعد البرلمان عبر مشاركته في قائمة "في حب مصر"، ثم انضم إلى ائتلاف دعم مصر مخالفا تعليمات حزبه المصريين الأحرار؛ أعلن عن استيائه وإحباطه من المشهد، والحال الذي وصل اليه العنف الطائفي وكتب عبر حسابه على فيسبوك: "تنتابني حالة من الإحباط والحيرة الشديدة من المخطط الجهنمي الذي يتعرض له الأقباط بإشراف أجهزة الدولة ومؤسساتها، حاولت على مدار الأسابيع الماضية بذل كل جهد ممكن عبر الاتصالات المباشرة مع المسؤولين بدءً بوزير الداخلية؛ ووصولا إلى البرلمان. الطرق جميعها مسدودة؛ تأخذ كلامًا معسولاً، ويواصلون تنفيذ المخطط الهادف إلى قهر الأقباط وإذلالهم".
وأضاف جاد أنه يرى أنه لا توجد إرادة سياسية "لوقف المخطط". معلنًا فشله "وزملاء في مجلس النواب مسلمين ومسيحيين في مجرد مناقشة الموضوع تحت قبة البرلمان"، ويأسه من إمكانية إصلاح الأحوال وفق القنوات الرسمية والشرعية، وأنه يفكر جديًا في "التوقف عن الرهان على هذه الوسائل والبحث عن حلول بعيدًا عن الرهان على مؤسسات الدولة التي تواصل مخطط التنكيل بالأقباط"، سائلاً متابعيه: ما رأيكم؟
السؤال الذي طرحه جاد لمتابعيه لم يصل به لنتيجة، وحتى الآن لا زال النائب يمر بحالة تفكير ومحاولة "استيعاب الخذلان والقهر الذي يتعرض له الأقباط بإشراف وتجاهل مؤسسات الدولة في آن واحد"، ويبدأ جاد في التفكير في التعامل مع نواب من التيار المعارض في البرلمان (25-30) لمحاولة العمل المشترك والضغط والتحرك لوقف العنف ومحاسبة المسئولين عنه.
(2)
المشهد تحت القبة في الجلسة العامة أمس بدا هادئًا، إلا من مناورة بدأها النائب محمد السادات ضد النائب أسامة هيكل.
السادات الذي طلب الكلمة من علي عبد العال في بداية الجلسة، وجه كلمته لرئيس المجلس بصفته (الرئيس) شارك في لجنة العشرة التي ساهمت في وضع الدستور، وسأله عن موقفه من التصريح الذي قاله أحد الأعضاء –يقصد أسامة هيكل- في حديث صحفي عن قانون العدالة الانتقالية، الذي ينص الدستور على صدوره في دور الانعقاد الأول للبرلمان.
وقال هيكل في الحديث المنشور إن هذا القانون فخ للبرلمان، أما السادات وجه حديثه لعبد العال وقال "بصفتك عضو سابق في لجنة العشرة، نحن في حاجة لمعرفة موقفك مما قيل عن أن قانون العدالة الانتقالية فخ في الدستور".
عبد العال علق على السادات وقال "لم يكن فخ إطلاقًا، ويجب أن يتم في دور الانعقاد الحالي. وأعتقد أن تمريره [الآن] أو في دور الانعقاد المقبل على حسب الظروف أو حسب المواءمات التي يتفق عليها الأعضاء".
وأضاف عبد العال "الدستور لا يوجد به فخاخ للمواطنين"، ودافع عن هيكل واعتبر أن الصحفي الذي نشر الحديث نقل كلاما غير دقيق.
هيكل الذي رفع يده طالبا الكلمة والتعقيب وسمح له رئيس المجلس بالحديث، قال "أشكر حرص السادات على الدستور بهذا الشكل، وصحفيا أنا مسئول عما قلته، لو قرأت الحوار نصا وإجمالا ستجد أني قلت نحترم الدستور وأنا شخصيا أول من يحترم الدستور في المجلس، وما قلته عن قانون العدالة الانتقالية هو رأي شخصي لي وأشعر أن القانون المقصود به المصالحة مع الإخوان وهذا رأيي وليس المقصود عدم احترام الدستور".
(3)
اليوم يغلق البرلمان النقاش في قانون الخدمة المدنية ويصوت عليه إجمالا ثم يحيله إلى مجلس الدولة لمراجعته وفقا للائحة.
وشهدت جلسة أمس مشادات بشأن العلاوة الدورية التي كان مشروع القانون ينص على أن تكون 7%، بينما طرح عدد من النواب رفعها إلى 10%، لكن أشرف العربي وزير التخطيط حاول إثناء النواب، مُقدمًا مبررات تتعلق بالتضخم وعدم وجود ميزانية واستحالة تطبيق النص القانوني في حالة ال 10%. واستجاب النواب في النهاية وأبقوا على العلاوة 7%.