ترى المديرة التنفيذية لمنظمة جرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، غوى النكت، أن استراتيجية الدول العربية في مؤتمر المناخ لم تعكس ما تتعرض له المنطقة من مخاطر التغير المناخي، وفيما رحبت في حوارها مع المنصة، بتأسيس صندوق تمويل الخسائر والأضرار المناخيّة، حذرت من التقاعس السياسي وإمكانية المماطلة في التنفيذ.
- بداية، كيف ترين النتائج التي وصلت إليها المفاوضات؟
جرى الترويج من قبل رئاسة COP27 إلى أنه "مؤتمر التنفيذ"، ورُفعت مستوى التوقعات بما يتماشى مع الدور القيادي لمصر في إفريقيا والعالم العربي، والنتائج المرجوّة من المؤتمر في ظل تفاقم أزمة المناخ.
ورحبنا في جرينبيس بإجماع الوفود المفاوضة في قمة الأطراف بإنشاء صندوق لتمويل الخسائر والأضرار المناخيّة، وهي خطوة أولى أساسيّة في الطريق نحو تحقيق العدالة المناخية، لكننا حذرنا من التقاعس السياسي وإمكانية المماطلة في التنفيذ كما جرت العادة.
وخلا البيان النهائي من الاتفاق على الانتقال نحو الطاقة المتجددة والابتعاد العادل والمنصف عن استخدام الوقود الأحفوري، للحد من ارتفاع معدل درجات الحرارة دون 1.5 درجة مئويّة.
كان ينبغي للبيان أن يبني على ما جرى التوصل له العام الماضي في جلاسكو، فيما يتعلق بالحاجة إلى الانتقال العادل من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة النظيفة.
- للمرة الأولى في تاريخ مؤتمرات المناخ شارك 700 ممثل عن شركات الوقود الأحفوري للمرة، فكيف تنظرين إلى ذلك العدد؟
أينما نظرنا في شرم الشيخ، نرى ونسمع تأثير ممثلي قطاع الوقود الأحفوري، وقد ظهروا بأرقام قياسية هذا العام محاولة منهم لفصل العمل المناخي عن التخلي عن النفط والغاز والفحم.
الاستراتيجية الحالية المتبعة من قبل مجموعة الدول العربية وفي مقدمتها السعودية، لا تعكس الواقع الذي تعاني منه المنطقة في مدى تعرضها لآثار تغير المناخ الآن وفي المستقبل، وكل ما سيحصل هو المزيد من الخسائر والأضرار إن لم يتم العمل على تقليل المخاطر المحتملة من خلال التخلي عن أشكال الوقود الأحفوري كافة.
بدلًا من التركيز على وضع آلية التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري، تراهن الدول العربية النفطية على تكنولوجيات غير مثبتة وغير مجربة مثل تثبيت وتخزين الكربون، وهذا تحوير خطير وإلهاء للأنظار بعيدًا عن العمل الحقيقي الذي نحن بحاجة له في موضوع أزمة المناخ، ويخدم مصالح هذه الدول النفطية الغنية بينما يغفل الأثر السلبي لهذا التوجه على باقي الدول العربية الأكثر عرضة لآثار الأزمة.
وهذا التقاعس في العمل على تقليل المخاطر لن يؤدي سوى إلى المزيد من الآثار المدمرة لتغير المناخ على شعوب المنطقة.
على دول المنطقة، خاصة تلك التي تتمتع باقتصاديات أقوى وتتسبب بنسب أعلى من الانبعاثات، تقديم المزيد فيما يخص خطط "المساهمات المحددة وطنيًا" لتقليص مستويات الانبعاثات كي تتوافق مع هدف الـ1.5 درجة مئوية كحد أقصى لارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية الذي تم الاتفاق عليه في باريس الاستثمار في الاستثمار في مسار التنمية البديلة المستدامة.
وهذا يتطلب شجاعة وإبداعًا وابتكارًا، ودائمًا ما كانت الإمارات العربية المتحدة رائدة في قيادة طريق الابتكار. نتطلع بكل أمل لتلعب الإمارات التي تستضيف الدورة المقبلة من قمة المناخ دورًا رياديًّا بهذا الموضوع.
- غيَّرت مصر رأيها باستثناء الغاز من الوقود الأحفوري في قرار الدورة الحالية، على عكس مطالبها أول القمة؟ فما تعليقك؟
في جرينبيس نستغرب افتقار المحاور الهيكلية للبيان الختامي الذي قدمته رئاسة المؤتمر لأي مضمون حقيقي يشكل عمودًا فقريًا لها. من غير المعقول تجاهل الوقود الأحفوري تمامًا في هذا النص، والذي نرى أنه ناتج عن التأثير الذي تمارسه كارتيلات وجماعات الضغط التابعة لهذا القطاع خلال المؤتمر.
وضعت الهند التخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري على طاولة المفاوضات صراحةً، وكانت دعوة الاتحاد الأوروبي إلى ذلك واضحة للغاية، كما شددت توفالو (إحدى الدول الجزرية في المحيط الهادئ) على الترابط بين الانتقال من الوقود الأحفوري وعدم تجاوز 1.5 درجة مئوية كحق من حقوق الإنسان. لكن يبدو أن المدوّنين الحاليين لرئاسة المؤتمر فى قمة المناخ فشلوا بطريقة ما في تسجيل أي من هذه المطالب.
- هل كونت الدول العربية لوبي ضد وقف استخدام الوقود الأحفوري في القرار الحالي؟ وما التكتيكات التي استخدمهتا؟
لطالما عارضت الوفود السعودية الاتفاق على نص يحدد 1.5 درجة مئوية كحد أقصى للاحترار، وأصرت على استخدام النص الصادر في اتفاقية باريس "ما دون درجتين مئوية بكثير" خلال مفاوضات التقليل من المخاطر، وكانت شرسة في معارضتها لأي لغة تتحدث عن التخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري في أي بيان ختامي لمؤتمرات المناخ.
كان من المفترض أن يكون هذا المؤتمر إفريقيًا بامتياز، وأن يُبرز آثار تغيُّر المناخ والتحديات التي تواجه المجتمعات في الشرق الأوسط وإفريقيا ودول الجنوب العالمي، وكنا نأمل أن تلعب مجموعة الدول العربيّة دورًا رياديًا في المناداة بمصلحة هذه الشعوب.
الاستراتيجية التي اتبعتها مجموعة الدول العربية لا تعكس الواقع الذي تعانيه المنطقة في مدى تعرضها لآثار تغير المناخ حاليًا وفي المستقبل، وكل ما سيحصل هو المزيد من الخسائر والأضرار، إن لم يتم العمل على تقليل المخاطر المحتملة من خلال التخلي عن الوقود الأحفوري.
- هل يمكن القول إن ثمة نجاحًا تحقق في COP27؟
مشاركتنا في مؤتمر COP27 نابعة عن إيماننا بإمكانية تحقيق تقدم إيجابي في هذا المؤتمر وكلنا أمل بذلك، وشكَّل إجماع الوفود المفاوضة في قمة الأطراف COP27 على إنشاء صندوق لتمويل الخسائر والأضرار المناخيّة، خطوة لتحقيق العدالة المناخية.
لكنَّ فشل النص الختامي أن يوجد مصادر والتزامات جديدة لتمويل جهود التكيف والانتقال العادل نحو الطاقة المتجددة، والاتفاق على التخلي السريع عن الوقود الأحفوري للحد من ارتفاع معدل درجات الحرارة دون 1.5 درجة مئويّة.
كان ينبغي أن يُبنى النص الختامي على ما جرى التوصل إليه العام الماضي في جلاسكو، فيما يتعلق بالانتقال العادل من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة النظيفة.
هذه المسؤولية الأخلاقية تقع عليهم، والاعتراف بها يمثل وسيلة الخلاص لنا جميعا في كافة أنحاء العالم.
- هل استفادت الدول النامية من الدورة الحالية؟ ماذا عن الدول الإفريقية؟
فقط 14% من التمويل المناخي تم إنفاقه في مجال التكيُّف مع آثار تغير المناخ ولم تكن الفرصة متاحة للمجتمعات في الدول النامية، لا سيما الإفريقية، لتطوير وتعزيز قدرتها على مواجهتها، وأغلبيّة تلك الأموال لا تصل حتى إلى تلك المجتمعات إنما تستردها دول الشمال العالمي عبر إرسال الاستشاريين والتكنولوجيا وجني الأرباح على حساب الآخرين.
تلعب إجراءات وخطط التكيف والتأقلم دورا محوريّا في تقليل المخاطر الناتجة وعرضة المجتمعات لها، ولكن لا بد من وضعها بالتعاون الوثيق مع تلك الفئات المهمّشة واستشارتها.
يجب التأكد من رفع نسبة التمويل المخصص للتكيف وأن يتم صرف هذه الأموال بسرعة لضمان وصولها إلى الفئات الأكثر عرضة للمخاطر، والتي تعاني من آثار تغير المناخ، وذلك ينطبق أيضًا على أي مبالغ تخصص للخسائر والأضرار.
- هل يمكن أن تحقِّق الدورة المقبلة في الإمارات تقدمًا؟
من المبكر الحديث الآن عن COP28، لكننا نأمل في ذلك طبعًا، يجب أن تحقق النسخ التالية نجاحات إضافية، ويتم البناء على ما جرى الاتفاق عليه سابقًا، وينبغي أن نمهد الطريق لمزيد من الطموح في الدورات المقبلة، لكن الوقت يداهمنا، وفي هذه الأثناء تزداد آثار أزمة المناخ على الكوكب.
نود رؤية المزيد من الطموح والالتزام من جميع الدول قبل COP28 في دبي العام المقبل، خاصة تلك التي تتمتع باقتصاد قوي وتتسبب بأعلى نسب من الانبعاثات الكربونية، وعليها تقديم المزيد فيما يخص تطبيق خطط "المساهمات المحددة وطنيًا" لتقليص مستويات الانبعاثات لتتوافق مع هدف 1.5 درجة مئوية كحد أقصى لارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية الذي جرى الاتفاق عليه في باريس.
على الإمارات العربية المتحدة، من موقعها كالدولة المضيفة لمؤتمر الأطراف المقبل COP28، أن تعمل وفق مصلحة شعبها ومصلحة شعوب العالم بأكمله، وأن تبعث برسالة قوية مفادها أنه لن يتم استغلال المؤتمر كما حصل هذا العام لتبييض صفحة قطاع الوقود الأحفوري، وإلا سيحكم على المؤتمر بالفشل حتى قبل أن يبدأ.