كما كان متوقعا "سلق" مجلس النواب مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي ٢٠١٦/٢٠١٧. لكن وسط علامات استفهام بسبب عدم استخدام التصويت الإلكتروني، واعتماد التصويت برفع الأيدي، على وقع خلافات ومشادات بين النواب أدت لرفع الجلسة.
اللافت أن علي عبدالعال رئيس المجلس، تخلّى اليوم بالذات عن عادة لديه في التأكد من اكتمال النصاب الدستوري للتصويت البالغ ثلثي الأعضاء، قبل بدء التصويت. وهي العادة التي يدأب عليها لتفادي شبهة عدم دستورية القوانين المكملة للدستور، والتي تسببت في تأجيل التصويت على قانون النقابات العمالية الجديد لعدة مرات، بسبب عدم اكتمال النصاب عند التصويت. ولكن للموازنة وضع آخر..
١- البداية كانت أمس الثلاثاء عقب اجتماع رؤساء الهيئات البرلمانية مع رئيس الوزراء شريف إسماعيل لمناقشة الموازنة، وخرجوا بعدها مؤيدين الموافقة عليها، مع وعد الحكومة بالاستجابة لبعض التوصيات.
ليتحول موقف حزب المصريين الأحرار من التحفظ وتعليق الموافقة على الموازنة لحين الاستحابة للتوصيات، إلى الموافقة على الموازنة، التي سبق ووصفها بيان رسمي للحزب بأنها الأسوأ في تاريخ مصر، وتؤدي لمزيد من الإفقار.
علاء عابد رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار قال: إن شريف إسماعيل أكد ترحيب الحكومة بتحفظات الحزب، وسعيها للاستجابة للتوصيات. وأغلق عبد العال في جلسة أمس باب المناقشة وأخذ الموافقة من حيث المبدأ، ثم أحال الموازنة لمجلس الدولة وفقا للائحة النواب التي تقضي بمراجعة مجلس الدولة لمشروعات القوانين، قبل التصويت النهائي عليها. وأعاد المجلس المشروع للمجلس دون تحفظات أو تعديل.
٢- قبل بدء جلسة اليوم، عقد تكتل ٢٥-٣٠ الذي يضم عدد من النواب المناصرين للديمقراطية والعدالة الاجتماعية مؤتمرًا صحفيًا في مجلس النواب، لعرض أسباب رفضهم مشروع الموازنة. واعتبرها النواب مخالفة للدستور.
في المؤتمر، قال النائب هيثم الحريري: إن الموازنة لا تستوفي الاستحقاقات الدستورية لقطاعي الصحة والتعليم، وأنه يتمسك بتخصيص 96 مليار جنيه لصالح قطاع الصحة. وعلق على الكيفية التي أديرت بها الجلسات العامة لمجلس النواب أثناء مناقشة مشروع الموازنة. مشيرًا إلى ضيق الوقت المخصص للنواب، حيث حدد رئيس المجلس ٣ دقائق للنواب الذين طلبوا الكلمة في اليوم الأول (الأحد)، ثم أغلق باب النقاش في الموازنة أمس الثلاثاء، مما يعني أن المناقشات استغرقت أقل من عشر ساعات على مدار يومين.
وقال الحريري، إنه تقدم بطلب للدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، بطلب يؤكد فيه على ضرورة إجراء تصويت إلكتروني عند التصويت علي مشروع الموازنة العامة للدولة، ل"أن اخفاء التصويت غير مقبول، فلسنا أوصياء علي الشعب؛ إنما نحن ممثلين عنه ومن حقه يعرف من صوت لصالح الموازنة أو ضدها".
أما خالد يوسف، فكرر اتهامه السابق للحكومة بالتدليس للوصول للاستحقاق الدستوري في قطاعات التعليم والصحة والبحث العلمي. وأشار إلى تحميل الموازنة أعباءً ضريبية مضاعفة على المواطنين .
النائب ضياء الدين داوود وصف الحكومة بأنها حكومة رجال أعمال وصبيان للوزراء السابقين في حكومات مبارك؛ بطرس بطرس غالي، ومحمود محيي الدين.
٣- بعد بدء الجلسة، وعقب إحياء عبد العال لذكرى ٣٠ يونيو وتحية السيسي في خطبة إنشائية؛ تجاهل رئيس المجلس الطلبات المقدمة من نواب تكتل ٢٥-٣٠، وأخذ موافقة النواب على الموازنة برفع الأيدي، متجاهلا مطالب النواب بالتصويت الإلكتروني.
بعد التصويت حدثت خلافات داخل القاعة، بدأت باعتراض نائب المصريين الأحرار عاطف مخاليف على عدم حضور مجلس الوزراء، حيث حضر وزيري المالية، والشئون القانونية فقط. وقال مخاليف: "كان يجب حضور ثلثي مجلس الوزراء على الأقل".
أيد عدد من النواب تعليق مخاليف، وقاطعوا مجدي العجاتي وزير العدالة الانتقالية وشؤون مجلس النواب خلال رده الذي قال فيه:"اليوم الاجتماع الأسبوعي للحكومة ولولا ذلك لحضرت كاملة". فعلق ضياء الدين داوود معترضا على عدم حضور الحكومة لممثلي الأمة، فرد العجاتي ساخرا : "ما كنتش أعرف إنك من ممثلي الأمة". فقال ضياء الدين داوود: "لسنا حملة مباخر للحكومة". وطالب باعتذار رسمي من الحكومة.
وطلب خالد عبد العزيز شعبان الكلمة، وعاتب رئيس المجلس قائلا: "كنت أتمنى إجراء تصويت إلكتروني للمكاشفة"، فقاطعه نائب وقال: "هو ايه؟ احتكرتم توكيل المكاشفة انتو ايه؟". ليبدا بعدها فوضى شديدة في القاعة، وأحاديث من كافة الاتجاهات، وتحرك نواب من أماكنهم للاشتباك أو لتهدئة المنفعلين، ثم رفع عبد العال الجلسة وأجل الانعقاد لما بعد عيد الفطر.