جلسة البرلمان الأولي لمناقشة مشروع موازنة 2016-2017. خاص للمنصة - تصوير صفاء عصام

يوميات صحفية برلمانية| النواب يشكرون "سلمان".. وموازنة الصحة والتعليم تطلق مشاجرات تحت القبة

منشور الأحد 26 يونيو 2016

في الوقت الذي احتشد فيه عشرات المدافعين عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير في مجلس الدولة، لحضور جلسة  نظر الطعن المقدم من الحكومة على حكم إبطال توقيع رئيس الوزراء على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية؛ كان مجلس النواب يمتدح الملك سلمان بن عبد العزيز، ويشكر المملكة العربية السعودية على اتفاقية تنمية سيناء.

لم يتردد النائب محمد أنور السادات في توجيه الشكر للمملكة وسفارتها في القاهرة على موقفها في قضية الجزر، السادات الذي ظهر خلال الفترة الماضية في ثوب المعارض والمدافع عن الحق، أقحم قضية الجزر خلال حديثه عن اتفاقية المشروعات السعودية لتنمية سيناء، وشكر السعودية "على توضيح الحقيقة الكاملة في قضية الجزر".

الاتفاق الذي ينص على تمويل سعودي لمصر قدره 1.5 مليار دولار أمريكي لتنفيذ برامج تنموية في سيناء، وقعته الحكومة المصرية مع نظيرتها السعودية في الرياض في مارس ٢٠١٦، وجرى توقيع الاتفاق الختامي خلال الزيارة التي قام بها الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة في إبريل، الزيارة ذاتها التي وُقِّعت فيها اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين والتي باتت معروفة إعلاميًا باتفاقية التنازل عن تيران وصنافير .

لم يكن السادات النائب الوحيد الذي وجه الشكر لسلمان، فسبقه النائب سلامة الرقيعي، والنائب رمضان سرحان وكلاهما يمثل شمال سيناء.

مضمون الاتفاقية التي وافق عليها البرلمان اليوم، ينص على أن برنامج سلمان لتنمية سيناء يتضمن قروض بفائدة ٢٪‏ سنويا عن كل قرض من القروض المخصصة لمشروعات البرنامج، وفترة السداد تصل إلى عشرين عامًا، منها خمس سنوات فترة سماح قبل تاريخ استحقاق كل قرض، تبدأ من تاريخ تسلم الحكومة المصرية له.

وتشمل الاتفاقية قروضًا لتنفيذ مشروعات منها إنشاء جامعة تحمل اسم الملك سلمان بمدينة الطور، وتنفيذ طرق وتجمعات سكنية ومواصلات.

لم يمر اليوم الأول لمناقشة مشروع الموازنة العامة للعام المالي ٢٠١٦/٢٠١٧  هادئا تحت القبة وتخلله خلافات ومشادات وتحذيرات من عبد العال للنواب وحذف عبارات من المضبطة كما شهد تناقضات بين مواقف الاحزاب، وجدل بشأن النسب الدستورية للصحة والتعليم والبحث العلمي


وداعًا للاستحقاقات الدستورية

 

من اجتماع للجنة الخطة والموازنة 

 

من ايجابيات دستور  ٢٠١٤ التي تباهى بها مؤيدوه؛ وضع حدود دنيا لا يجب أن تقل عنها نسب موازنات الصحة والتعليم والبحث العلمي من إجمالي الناتج القومي، وإلا شاب الموازنة عوارٌ دستوري.

كان هذا مثار الحديث طوال الأيام الماضية في لجنة الخطة والموازنة واللجان النوعية الأخرى المعنية مثل الصحة والتعليم. وحاول أعضاء تلك اللجان الوصول لصيغة تمحو شبهة عدم الدستورية عن الموازنة.

وكان للحديث عن الاستحاقات الدستورية نصيبا من مناقشات اليوم بعدما طرح بعض النواب تساؤلات في هذا الشأن فقال عبد العال بصفته كان أحد أعضاء لجنة العشرة لتعديل دستور 2013: "راجعنا لجنة الخمسين عدة مرات في هذا الأمر [...] الأرقام لا تعرف الدساتير. والدستور يتضمن قاعدة عامة، لكن الجميع يعرف الظروف التي وُضِع فيها هذا الدستور.. كان في اتجاهات معينة".

وطلب عبد العال من النائب حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة توضيح الأمر، وقال عيسى: "الناتج القومي الإجمالي لا يحسب في مصر. و٨٠٪‏ من الدول لا تحسبه ويكتفى بالناتج المحلي الاجمالي".

كلمات عيسى أثارت غضب عدد من النواب، على رأسهم خالد يوسف وضياء الدين داوود وخالد عبد العزيز شعبان، وقاطعوه. فرد عيسى محاولاً -وسط اعتراضات النواب المحسوبين على تيار ٢٥-٣٠- قائلاً: "الرقم غير موجود، فيه منظومة حسابات غير موجودة، الرقم مش موجود أجيبه منين".  

وقاطعه عبد العال محاولاً إسكات النواب المعترضين وقال: "المُقرر يتحدث في نقطة علمية، هو أحد المتخصصين فيها، ولابد أن نسمع حديثه" وواصل محذرًا: "والسيد خالد هذا التصرف غير مقبول. وللمرة الأخيرة؛ لا يحب الحديث بدون إذن عندما يتكلم المتخصص نسمعه. هذه المرة الخيرة". 

تحذير عبد العال كان موجها لخالد يوسف وزملاءه في تكتل ٢٥ - ٣٠، وتجاهل -كالعادة- النواب من الفريق الآخر وعلى رأسهم كمال عامر ومحمد أبو حامد وآخرون ممن دخلوا في مشادات ومحاولات إسكات خالد يوسف. 

المعارضون لمشروع الموازنة:

 

تكتل ٢٥-٣٠ الذي يضم عدد من المحسوبين على ثورة يناير والمناصرين للعدالة الاجتماعية، كان صاحب اتجاه قوي في رفض الموازنة، وتحدث من نواب التيار كل من خالد يوسف وأحمد الشرقاوي وضياء الدين داوود وهيثم الحريري.

كلمة يوسف سجل فيها اعتراضه على طلب عبد العال له "بالاستماع للمتخصص"، واعتبرها إهانة له كنائب. ووجه يوسف اتهامات للحكومة بالتدليس ومحاولات الالتفاف على الدستور. وقال: إن الموازنة خالفت المادة ١٢٤ من الدستور، وحمَّلت المواطن أعباءً جديدة. مشيرًا الى زيادة أسعار المياه والكهرباء على حساب الإيرادات المتوقعة، فضلا عن اعتمادها على ضريبة القيمة المضافة، والتي مازالت مشروع بقانون لم يوافق المجلس عليه، ولم يناقشه حتى الآن.

واعترض على ادعاءات عدم امكانية حساب الناتج القومي ورفض ما اعتبره اتهامًا من رئيس المجلس له بالجهل. أثارت تعليقات خالد يوسف غضب رئيس المجلس وجعلته يعقب بنبرة حادة: " إن بداية أي فوضى في أى مجتمع؛ عدم احترام التخصص. واحترام كلام المتخصصين لا يعنى التقليل من النواب".

وسمح عبد العال لمجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب الذى حضر الجلسة بالحديث، واستجاب لمطلبه الخاص بحذف عبارة "تدليس الحكومة" التي وردت على لسان خالد يوسف.

أما النائب هيثم الحريري فوجه الاتهام بالتدليس للجنة الخطة والموازنة "التي حاولت الالتفاف على الدستور" وقال: "الحكومة لم تُدلِّس، لكن اللجنة التي دلست وزايدت على الحكومة وبررت عدم دستورية الموازنة".

وهو ما دفع رئيس اللجنة حسام عيسى للرد قائلا "اللجنة شريفة". ويعقِّب عبد العال: "راجعت المحددات الدستورية للموازنة، وأقول بِقلب مطمئن؛ إن الموازنة راعتها".

النائب ضياء الدين داوود حذر الحكومة من استغلال حب المواطنين للرئيس، وعدم مراعاتهم. وقال: "ما تسفوش منهم تراب تاني".

 

تناقض المصريين الأحرار:

حزب المصريين الأحرار الذي يُعد التكتل الحزبي الأكبر عددًا تحت القبة، وقعت هيئته البرلمانية التي يرأسها علاء عابد في تناقض غريب.

تحدث علاء عابد خلال الجلسة عن مشاكل واضحة في الموازنة، اعتبرها تؤدي لمزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية للمواطنين. وقال: "الناس هيحاسبونا ودوايرنا هتحاسبنا والشعب هيحاسبنا". ووجه عابد تساؤلات للحكومة وقال: "ماذا فعل قطاع الأعمال في الفترة الماضية رغم أننا أنشأنا له وزارة؟ ومن أين ستمول انتخابات المحليات التي ستتجاوز تكلفتها 2.2 مليار جنيه؟". 

وأعلن عابد أن الهيئة البرلمانية للمصريين الأحرار ستعلق إعلان موقفها لحين رد الحكومة على التساؤلات التي طرحها النواب.

بعد دقائق قليلة من إتمام عابد كلمته تحت القبة؛ وفي حوالي الثالثة والنصف عصرًا؛ أصدر الحزب بيانًا صحفيًا أعلن فيه رفض الهيئة البرلمانية بالاجماع وبقيادة عابد للموازنة العامة للدولة، واعتبرها البيان الأسوأ في تاريخ مصر.

نسب البيان لعابد رفض الموازنة خلال الجلسة، وبسؤال رئيس الهيئة البرلمانية للمصريين الأحرار عن هذا التناقض؛ لم يعط عابد تفسيرًا لما حدث، واكتفى بطرح إمكانية صدور بيان توضيحي وهو ما لم يحدث حتى كتابة هذه السطور.

هل كان الحزب قد اتفق بالفعل على موقف ولم يعلنه عابد تحت القبة؟ هل جرت اتصالات بينه وبين آخرين قبل الجلسة ولم يتمكن من إعلام قيادات الحزب بها قبل إصدار البيان؟ ستكشف الأيام القادمة كواليس ما جرى.

 

الموافقون على مشروع الموازنة: 

 

بعد حديث مطول استخدم فيه نفس المقدمات التي تسخدمها الحكومات والتي تؤدي بالضروروة لذات النتائج، أعلن أحمد خليل رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور؛ موافقة الكتلة البرلمانية للحزب على الموازنة.

ائتلاف دعم مصر تحدث ممثله ورئيسه المؤقت سعد الجمال عن كونها "موازنة انتقالية" ولا تلبي مطالب المصريين، "لكن الائتلاف يوافق عليها".

مستقبل وطن أشار لبعض العيوب التي يراها يف مشروع الموازنة، لكنه أعلن قبولها عبر كلمة رئيس الهيئة البرلمانية أشرف رشاد. 

وأعلن اللواء كمال عامر رئيس لجنة الأمن القومي الموافقة على ميزانية الدفاع والداخلية، مع مطالب بزيادة مخصصات الشرطة لمواجهة ارتفاع الأسعار.