استمرت الصحف السعودية في تجاهلها شبه الكامل لحكم محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار يحيى الدكروري بإلغاء توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية وما ترتب عليه من تنازل من عن سيادتها على جزيرتي تيران وصنافير.
واتجه قليل من الصحف السعودية الصادرة داخل المملكة وخارجها للترويج لكون البرلمان المصري قادر على إسقاط حكم المحكمة وتمرير الاتفاقية الموقعة خلال زيارة ملك السعودية لمصر في إبريل/ نيسان الماضي. والتي أثارت جدلاً في مصر وفي بعض الصحف الدولية التي كشفت عن التنسيق الأمريكي- الإسرائيلي في وضع الاتفاقية. وخرجت على إثر التوقيع مظاهرات معارضة عدت الاتفاقية تخليًا عن التراب الوطني، بينما دافعت بعض الشخصيات العامة عن أحقية السعودية في الجزيرتين.
من الصحف المحلية السعودية، حرصت صحيفة عكاظ، على نشر حوار في عددها الذي تزامن مع قرار المحكمة المصرية، في الحادي والعشرين من يونيو/ حزيران الجاري، قال فيه ضابط الجيش السابق ابراهيم محمود- الذي قدمته الصحيفة باعتباره أول ضابط مصري يدير الجزيرتين إن الجزيرتان سعوديتان بما لا يدع مجالاً للشك.
في بداية الحوار حرص الزميل "محمد حفني" الذي أجرى الحوار على التأكيد على الذاكرة الحديدية لضيفه، رغم سنوات عمره التي تقترب من المائة (97 عاما). اللواء ابراهيم محمود الذي يستند رأيه بشأن هوية الجزيرتين إلى تفاصيل عايشها أثناء فترة توليه إدارتهما، قال: "بوضوح تام الجزيرتان تتبعان السيادة السعودية، وقد تركتهما المملكة تحت الوصاية المصرية بسبب الحرب مع إسرائيل".
وتحت عنوان: "مؤلف «الحقيقة الكاملة»: 60 وثيقة تؤكد سعودية الجزيرتين"، نقلت عكاظ تصريحات لنائب البرلمان المصري مصطفي بكري قال فيه إنه أعد كتابًا جديدًا بعنوان "تيران وصنافير .. الحقيقة الكاملة"، يحتوى على نحو 60 وثيقة و11 محضر اجتماع بين مسؤولين سعوديين ومصريين، لمناقشة نقل تبعية الجزيرتين من مصر إلى المملكة.
أما عن تبعات الحكم القضائي المصري، فنشرت الجريدة السعودية تقرير إخباري منشور في عدد اليوم، أعده مراسلها محمد حفني، نقلت فيه عن برلمانيين مصريين تصريحات يقللون فيها من شأن الحكم القضائي باعتباره "غير نهائي"، مؤكدين على أن البرلمان مخول بالفصل في الاتفاقية وفقا للدستور، باعتبارها من أعمال السيادة الوطنية.
اختارت لتقريرها عنوان "وكيل البرلمان المصري: لا نعتد بالأحكام الابتدائية"، ووردت فيه تصريحات لسليمان وهدان وكيل مجلس النواب، قال فيها: إن خطوات عرض الاتفاقية على البرلمان، ستأخذ مراحلها الطبيعية، ولن تتأثر بالحكم الصادر من القضاء الإداري. مشددا: "المجلس يعتد ويتعامل ويحترم الأحكام النهائية، وليس الأحكام الابتدائية التي قد تُلغى اليوم أو غد".
أما صحيفة الرياض، وهي من الصحف السعودية المحلية ذائعة الصيت، فتجاهلت تماما الحكم القضائي المصري بشأن الجزيرتين. وخلا موقعها الإلكتروني من أية تغطية خبرية، أو مقال رأي متعلق بالحكم خلال اليومين الماضيين، على الرغم من وجود مواد صحفية منوعة خلال الشهر الماضي حول أحقية السعودية في الجزيرتين.
ونشرت الرياض أحدث تقرير متعلق بهذه القضية، في 5 يونيو/حزيران الجاري. نقلت فيه تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حول الاتفاقية خلال حواره مع المذيع المصري أسامة كمال. وقال السيسي فيها: "البعض استغل قضية جزيرتي تيران وصنافير لتحريك الرأي العام، ووضعنا في إحراج مع المملكة".
على غرار "الرياض" سارت صحيفة "المدينة"، التى لم تغطي تبعات الحكم بأحقية مصر في الجزيرتين، وكانت الصحفية تباهت في تغطيتها السابقة لتوقيع الاتفاقية، باعتبارها الصحيفة العربية الأولى التى تزور جزيرتي تـيران وصنافير وتكشف تفاصيل الحياة بهما، وذلك بعد يوم واحد من نشر تفاصيل زيارة موقع مصراوي للجزيرتين ولقاء العائلات المصرية فيها.
وبالانتقال إلى الموقع السعودي الإخباري التابع لمجموعة إم بي سي، فإن موقع العربية دوت نت، سار على خطى الصحف السعودية المحلية، التى استندت إلى مصادر مصرية تؤكد أن الاتفاقية من أعمال السيادة ولا تخضع لحكم القضاء.
في تقرير نُشر يوم الثلاثاء بعنوان "قانونيون: تيران وصنافير عمل سيادي لا يخضع لرقابة القضاء"، قال الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة: إن الحكم تجاهل كل الدفوع المقدمة من الدولة في القضية. كما أنه باطل وغير مشروع لعدم وجود قرار إداري نهائي بإتمام الاتفاقية. ومجلس النواب وحده المختص بذلك وفقا للدستور، وبعد أن يقر مجلس النواب الاتفاقية يكون التصديق أو عدم التصديق عليها من سلطة رئيس الجمهورية فقط، ولا يحق وقتها أو قبلها أو بعدها للقضاء الرقابة عليها. ويذكر أن الدفوع التي قدمتها الدولة اقتصرت على عدم اختصاص المحكمة الإدارية بنظر الدعوة وكون التوقيع على الاتفاقية من أعمال السيادة.
وإلى جانب التقرير سالف الذكر، نشر موقع العربية دوت نت، خبرين؛ الأول عن طعن حكومة مصر على حكم بطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي استتبعت التنازل عن تيران وصنافير. ونقلت فيه مجددًا رأي عدد من النواب بأن: "البرلمان المصري هو صاحب الحق في توقيع اتفاقية إعادة تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية". وأما الخبر الثاني فكان عن تبرئة 22 من المتظاهرين الذين قبض عليهم في 15 إبريل/نيسان في تظاهرات ضد الاتفافية.
صحيفة الحياة الصادرة في لندن والمملوكة لرأس مال سعودي، نشرت متابعات إخبارية تتصل باعتزام الحكومة المصرية الطعن على القرار القضائي ببطلان الاتفاقية، وتقديم وثائق تدعم موقف السعودية من ملكية الجزيرتين. ونشرت اليوم تقريرًا لأمينة خيري حول ردود الأفعال الشعبية على حكم المحكمة.