صادق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم السبت على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والمبرمة في أبريل/نيسان 2016، بعد موافقة مجلس النواب عليها الأسبوع الماضي رغم الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري والذي أيّدته المحكمة الإدارية العليا، ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على هذه الاتفاقية لأنها تتضمن نقل السيادة على جزء من إقليم الدولة المصرية ممثلًا في جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.
وقال التلفزيون المصري في نبأ عاجل نقلًا عن بيان أصدره مجلس الوزراء، إن السيسي وقع بالمصادقة على الاتفاق، ولكن لم يتضح موعد الشروع في تنفيذه أو كيفية ذلك.
كان مجلس النواب وافق في 14 يونيو/حزيران الجاري على الاتفاقية بأغلبية تتجاوز الثلثين، بعد تصويت نواب ائتلاف دعم مصر ويبلغ عددهم 317 نائبًا، ممثلين عن 7 أحزاب، وأعضاء حزب المصريين الأحرار ويبلغ عددهم 65 نائبا، وحزب النور وعددهم 12 نائبا، وآخرون، لصالح تمرير الاتفاقية.
اقرأ أيضًا: يوميات "تيران وصنافير" في البرلمان
وبعد أن قرر حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في 21 يونيو/حزيران، والذي أيّده حكم المحكمة الإدارية العليا في يناير/كانون الثاني الماضي، أن توقيع رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل على الاتفاقية باطل، أكد عدم جواز إحالتها إلى مجلس النواب باعتبار أن حكم البطلان يُرتّب اعتبار الاتفاقية والعدم سواء.
وتقدمت الحكومة بطلب إلى محكمة الأمور المستعجلة بوقف تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا، وأصدرت محكمة الأمور المستعجلة بالفعل حكمًا يوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري واعتبرت أن ليس من حق السلطة القضائية النظر في أعمال السيادة التي يدخل ضمنها إبرام المعاهدات.
وتقدمت الحكومة بطلب إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في الحكم الملزم تطبيقه حيث يمنح القانون المحكمة الدستورية العليا وحدها حق تحديد الحكم الواجب في حال صدرت أحكام متناقضة من جهات قضائية مختلفة في القضية نفسها.
وأحالت الحكومة حينها الاتفاقية إلى مجلس النواب الذي أصر رئيسه علي عبد العال على مناقشة الاتفاقية وقرر أن المجلس لن يلتفت إلى أي حكم قضائي في هذه المسألة معتبرًا أن جميع الأحكام الصادرة في هذه الصدد "هي والعدم سواء" واعتبر أنها تنال من حق مجلس النواب في التصدي لدوره بمناقشة الاتفاقية والتصديق عليها من عدمه.
وهذا الأسبوع قرر رئيس المحكمة الدستورية العليا وقف العمل بجميع الأحكام القضائية الصادرة بشأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين حتى تفصل الدستورية في النزاعات أمامها حول هذا الأمر.
وجرى التصويت في الجلسة العامة لمجلس النواب بوقوف النواب الموافقين دون ذكر أسماء أو إجراء تصويت إلكتروني، على خلاف عادة المجلس، وخلافًا لما طالب به النواب الرافضون للاتفاقية.
وشهدت اجتماعات اللجنة الخاصة بمناقشة الاتفاقية اشتباكات بالأيدي بين النواب، وتراشق بالألفاظ والسباب، بحسب صحافيين كانوا داخل قاعة المناقشة، بينما رفض عدد من النواب السماح لخبراء معارضين للاتفاقية الحكومية بإتمام كلمتهم في الجلسات.
وأثارت الاتفاقية التي وقعها عن الجانب السعودي ولي ولي العهد آنذاك (وولي العهد الحالي) محمد بن سلمان احتجاجات كبيرة في مصر هي الأولى ضد السيسي منذ تقلده رئاسة الجمهورية عام 2014، واجهتها الشرطة بالقبض على العشرات، وسط اتهامات من نشطاء وجماعات معارضة للحكومة بالتنازل عن الجزيرتين مقابل استمرار المساعدات السعودية.
وفي أبريل 2016 اقتحمت قوات من الشرطة مقر نقابة الصحفيين المصريين لأول مرة في تاريخها وذلك، حسبما قالت وزارة الداخلية، لتنفيذ أمر النيابة العامة بضبط وإحضار صحفيين اثنين معتصمين بالنقابة، كانا متهمان بإذاعة أنباء كاذبة تتعلق بـ"تنازل" مصر عن جزيرتي تيران وصنافير.
وأثارت هذه الخطوة غضب المئات من الصحفيين الذين عقدوا اجتماعًا في مايو/أيار من العام نفسه للتنديد بها، وطالبوا رئاسة الجمهوية بالاعتذار وإقالة وزير الداخلية، واعتبروا أن اقتحام النقابة يأتي عقابًا بسبب احتماء عشرات المتظاهرين ضد الاتفاقية من الشرطة بداخلها.
ولم تعلق الرئاسة على مطالب اجتماع الجمعية العمومية للنقابة والذي ترأسه نقيب الصحفيين حينها يحيى قلاش وشارك فيه أعضاء مجلس النقابة، ولكن لاحقًا أدين قلاش إلى جانب اثنين من أعضاء مجلس النقابة وهما خالد البلشي وجمال عبد الرحيم بتهمة إيواء مطلوبين للعدالة.