رفضت محكمة القضاء الإداري، في 8 نوفمبر/ تشرين ثان 2016، استشكال هيئة قضايا الدولة (الممثل القانوني للحكومة)، المُطالِب بوقف تنفيذ حكم القضاء الإداري، الصادر في يونيو/ حزيران من العام نفسه، ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
يومها، نشر خالد هيكل نائب رئيس حزب الإصلاح والتنمية، كعشرات وربما مئات غيره، الخبر عبر حسابه على فيسبوك، لكنه اختلف عن غيره في سرد عدة مشاهدات تتعلق بقضية الجزيرتين، رصدها خلال تواجده في أروقة مجلس النواب خلال عمله في الفريق السياسي المساعد للنائب السابق محمد أنور السادات.
بعدها بخمسة أيام، ألقت قوّة من قسم شرطة الظاهر، القبض على "هيكل"، بعد يوم من مداهمة منزله في غيابه، وتسليم زوجته "رانيا هيكل" إخطارًا قانونيًا باسباب طلب القبض على زوجها.
تقول رانيا لـ"المنصة": "قالوا لي جايين علشان علي عبد العال (رئيس المجلس) مقدم بلاغ، وياريت تستلموه، وساعتها خالد ماكنش موجود، اتصلت بيه وقال لي استلمه".
أُسقطت عضوية "السادات"- الذي كان على خلاف مع "عبد العال"- في فبراير/ شباط 2017، في الوقت الذي كان مساعده لايزال خاضعًا لتحقيقات ومحاكمة، على ذمة القضية 5924 لسنة 2016 جنح الضاهر، والمُقيدة برقم 847 لسنة 2016 حصر أمن دولة عليا، مُتهمًا بـ"سب وقذف رئيس البرلمان، وتعمُّد مضايقته بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات".
تقول رانيا لـ"المنصّة" عن سبب سجن زوجها "هو كتب بوست عن تيران وصنافير ماعجبهمش، كان ساعتها الحكم القضائي إن الجزيرتين مصريتين، وعلي عبد العال اعترض وقال إنها سعودية، وساعتها خالد كتب الكلام ده [كلام رئيس المجلس] على فيسبوك، وناس أخدوا منه سكرين شوت، واتقدم بيها بلاغ، من رئيس المجلس وحوالي 90 نائب".
أحال قسم شرطة الظاهر، خالد، إلى نيابة أمن الدولة، حيث جرت التحقيق معه. يقول محاميه وشقيقه يسري هيكل لـ"المنصّة": "منعوني من دخول نيابة أمن الدولة (أثناء التحقيق معه)، ووقفوني لغاية الساعة 3 الفجر على الباب. وخرًّجوا لنا واحد يقول لنا ده [خالد] خلّص التحقيق وخد 4 أيام استمرار حبس".
"القانون لا يُجيز التحقيق مع شخص؛ إلا في حضور محاميه"، يقول الأخ، في معرض شكواه من إجراءات اتُخذت بحق موكله وشقيقه "هما أصلاً قبضوا على خالد بالمخالفة للقانون، ﻷنه محامي؛ وباستثناء حالات التلبس، لا يجوز القبض عليه أو استدعائه إلا عن طريق نقابته".
انتهت التحقيقات وعاد "هيكل" لقسم الظاهر، حيث لم يقض وقتًا طويلاً، قبل أن يحال إلى قسم الجمالية "فضل هناك من شهر نوفمبر، لحد ما مشي على وادي النطرون"، تقول رانيا عن زوجها "ماشفش الشارع [من وقت القبض عليه] لحد النهاردة".
صدر الحكم في، 18 أبريل/ نيسان 2017، بمعاقبة خالد محمد محمد إبراهيم، الشهير بخالد هيكل، بالسجن سنة مع الشغل. "كنا مستعدين لحكم حبس بسيط مع كفالة، لكن فوجئنا بالحكم"، تقول الزوجة التي صُدِمَت كما محامي زوجها الذي يقول "الدكتور علي عبد العال، بيحاول يجيّش النواب لسعودة الجزيرتين؛ فخالد اعترض على هذا الكلام غير المنطقي، لكن اتقلبت الآية واتزور منشور لخالد يسبّ علي عبد العال".
سرد المحامي كيف أن هيئة الدفاع عن شقيقه، دحضت الصورة الضوئية لمنشور فيسبوك "الذي قدمه رئيس لجنة الصناعات بمجلس النواب، أحمد سمير"، والمفترض أنه يحتوي "سبابًا موجه من خالد لرئيس البرلمان"، بل وتمسكت هيئة الدفاع، أمام المحكمة، بالتقرير الفني الصادر من وزارة الداخلية، أمام المحكمة، الذي شهد بأن المنشور "لم يتم التوصل له"، مثلما تمسكّت بـ"تضارب أقوال شاهد الإثبات".
ويضيف المحامي أن حبس شقيقه كان سببه "دفاعه عن تيران وصنافير"، مؤكدًا أنه كان دفاعًا بطريقة "غير التي صورها خصومه"، وأن "أي حد هيدافع عن تيران أو صنافير هيتحبس".
وافق مجلس النواب المصري في جلسة عامة، انعقدت يوم 14 يونيو/ حزيران الجاري، على اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، التي تقر بسيادة المملكة على جزيرتي تيران وصنافير، بعد شدّ وجذب بين رافضين، أغلبهم نواب منتمين لتحالف "25/30"، ومؤيدين أغلبهم من تحالف "دعم مصر".
قبل الموافقة، كان الدكتور علي عبد العال، من أشد المؤيدين لطرح الاتفاقية للمناقشة البرلمانية، رافضًا الأخذ بحكم المحكمة الذي قال إن الجزيرتين مصريتين، وإن الاتفاقية باطلة، إذ وصف الحكم بأنه "هو والعدم سواء".
بعد الحكم على خالد هيكل، كانت هيئة الدفاع تبدأ معاركها للنقض، حين كان خالد في طريقه إلى سجن وادي النطرون، أو "المعتقل" على حد وصفه لزوجته في أول زيارة منها هناك.
"كان هيتجنن، بيقول لي أنا اشتغلت قبل كده في حقوق الإنسان، وكانوا بيودونا سجن المرج وطره، بنلاقي جناين والمساجين بتخرج (تريّض)، الكلام ده هنا مفيش، أكتر من 50 بني آدم في أوضة، وكل واحد ليه كام شبر ينام فيه، الناس بتنام بالتناوب علشان مفيش أماكن. وفي آخر زيارة كان منفعل جدا بسبب الشتيمة المتواصلة والبهدلة".
"فساد في الاستدلال، وقصور في التسبيب، وإخلال بحق الدفاع"، أسباب أفردها يسري هيكل، في ملف حصلت "المنصّة" على نسخة منه، وكان من المفترض أن يُقدمه سريعًا لنقض الحكم، لكن حتى هذه الخطوة، قال المحامي إنها لم تخلّ من العراقيل "حصلنا على صور القضية بالعافية، وعاكسونا في النقض، ويادوب يوم 15 يونيو، اتصدّق عليه من نيابة أمن الدولة، قبل انتهاء مُدة النقض بـ48 ساعة (تنتهي يوم 17 يونيو)".
كاد التصديق المتأخر أن يضيِّع فرصة خالد في النقض، إذا ما انقضت المهلة القانونية له، والمُقدّرة بـ60 يومًا، لكن توكيل رسمي من السجين، جعل تقديم النقض أمر مُمكنًا أمام المحامي يسري هيكل، والذي خاض من قبل محاولة للمُصالحة، لم تلقّ قبولاً من الدكتور علي عبد العال: "أنا قدمت له (رئيس مجلس النواب)، طلب، من قبل ما خالد ينزل جلسة محكمة، وقلت له إحنا عائلة لسنا شتامين، لكنه قال حاضر واعتبر الموضوع خلص، حتى صدر الحكم".
وبصدور الحكم، لم يتبق الآن أمام خالد هيكل إلا نقضّ، يُشكّل- حال قبوله- واحدًا من ثالوث، يشمل العفو الرئاسي والإفراج الشرطي، كسبل للخروج من السجن.