لم يجد مستخدمو تويتر السعوديون خير من كلمات الصحفيين المصريين مصطفى بكري وأحمد موسى للاستشهاد بها دليلاً على سعودية جزيرتي تيران وصنافير، بعدما أصدرت محكمة القضاء الإداري في جلستها المنعقدة بمجلس الدولة قرارًا برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي، وبطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، الموقعة فى إبريل/ نيسان ٢٠١٦ وما ترتب عليها من آثار، أخصها استمرار جزيرتا تيران وصنافير ضمن الإقليم البري المصري، واستمرار السيادة المصرية، عليهما، وحظر تغيير وضعها بأى شكل أو إجراء لصالح أى دولة أخرى.
وبينما تربع الهاشتاج على رأس الأكثر تداولاً في مصر لعشر ساعات أعقبت صدور الحكم، وظل الأول عالميًا لأربعة ساعات؛ بدأ الوسم نفسه في المركز الثالث في السعودية، ثم صعد للمركز الأول بين مستخدمي تويتر السعوديين، وظل في هذا الموضع لأربعة ساعات متواصلة، بعد مرور ساعة واحدة على صدور حكم القضاء الإداري.
وفي تغريداتهم، تباينت آراء السعوديين الرافضة للحكم بين الدعوة لعدم الاكتراث به باعتباره "غير ملزم للسعودية"، وبين رفضه بغضب شديد، مستدعين ما كتبه وأذاعه إعلاميون وخبراء مقربون من مؤسسة الرئاسة في مصر، وعلى رأسهم الصحفيان مصطفى بكري وأحمد موسى، اللذان ظلا من أبرز المدافعين عن سعودية الجزيرتين، ورفض أي دفع بالسيادة المصرية عليهما.
حيث استشهد حساب يحمل اسم "بن عويد" بمقطع فيديو من برنامج "على مسئوليتي" الذي يقدمه الإعلامي المصري أحمد موسى على فضائية صدى البلد، وردت فيه مداخلة تليفونية من مصطفى فؤاد أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق جامعة طنطا، للتعليق على منطوق الحكم. واستشاط الأستاذ الجامعي غضبًا محاولاً إثبات "سعودية الجزيرتين"، طبقًا لما رآه وثائقًا مانعة قدمتها الحكومة المصرية.
ووصلت المحكمة المصرية لقرارها بعد امتناع محامو الحكومة عن تقديم نص الاتفاقية أو أية وثائق تدعم موقف سعودية الجزيرتين لهيئة المحكمة، واكتفائهما بالدفع بعدم الاختصاص الولائي للمحكمة في نظر أعمال السيادة.
ورد عليه المغرد السعودي "دكتور آل زهيان" قائلاً: "أحكام المحاكم المصرية .. ليست ملزمة لنا".
وعلق الكاتب السعودي محمد المسعود بعد صدور الحكم ببطلان توقيع حكومة المصرية لاتفاقية ترسيم الحدود
قائلاً "أراضي سعودية بقلوب المصريين".
ونقلت حسابات ومواقع إخبارية سعودية تصريحات للكاتب الصحفي مصطفى بكري ادعى فيها أن القانون المصري "يحرِّم على القضاء الإداري التعرُّض لأعمال السيادة" في إشارة لكون قرار تنازل مصر عن سيادتها على الجزيرتين ليس من شأن القضاء.
وهو ما فعلته مواقع صحفية سعودية أخرى استعانت برأي بكري حول "سعودية الجزيرتين" في تجاهل تام لحكم القضاء الإداري ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية.
إذ نقلت جريدة عكاظ السعودية تصريحات البرلماني المصري مصطفى بكري، بالإضافة إلى حوار من القاهرة مع اللواء ابراهيم محمود الذي وصفته بأنه "أول ضابط مصري يدير الجزيرتين"، والذي زعم سعودية الجزيرتين بالوثائق والمستندات، قائلاً: "إن الجزيرتين سعوديتين، استعارتهما مصر لدواعٍ أمنية".
السعودي عبدالرحمن الديري كان ممن رأوا تجاهل الحكم قائلاً: الجزيرتان سعوديتان تاريخيًا"، وأن الحكم الصادر لا يُوثر على تلك السيادة، مطالبًا بعدم الاهتمام بالحكم تجنبًا "للإزعاج".
وعلى نفس المنوال رأى حساب يحمل اسم "إحساس" أن الجزيرتين واقعتان بالفعل تحت سيادة الحكومة السعودية والكلام الانشائي لا ينفع" على حد قوله، يذكر أن السيادة لم تنتقل للسعودية بالفعل حتى اللحظة حيث صدق مجلس الشورى السعودي على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين ولم يصدق عليها البرلمان المصري بعد لتصير سارية دستوريًا.
وعلق أحمد الشمري استاذ النظم الدستورية والإدارية بجامعة المجمعة السعودية في عدة تغريدات متتالية عبر حسابه الشخصي في تويتر، على حكم القضاء الإداري المصري قائلاً: " الحكم ببطلان اتفاقية تيران وصنافير صدر في غير محله، وعلى هيئة قضايا الدولة أن تسارع في الطعن وتطلب وقف تنفيذ الحكم". مضيفًا أن "الحكم صدر بمخالفة الاختصاص الولائي لمجلس الدولة، حيث تنص المادة 190 من الدستور المصري بأن اختصاص القضاء الإداري فى نظر المنازعات الإدارية، لذلك فإن هذه الاتفاقية ليست نزاع إدارى بالمطلق، ولكنه نزاع يتعلق باتفاقيات دولية". واستطرد الشمري قائلاً: "الاتفاقيات الدولية قد أجمع عليها الفقه والقضاء بأنها من أعمال السيادة لذلك فالقضاء غير مختص بنظر تلك الاتفاقيات".
وقد أبطلت المحكمة أمس الثلاثاء القرار الإداري لرئيس الوزراء بالتوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، باعتباره قرارًا إداريًا مخالفًا لنصوص الدستور التي تحظر التنازل عن التراب الوطني ولا حتى بالاستفتاء الشعبي، وتمنع إبرام أية اتفاقات يستتبعها التنازل عن السيادة والتراب الوطنيين.
وأنهى الشمري تعليقه عن الحكم الصادر قائلاً : "لا مبرر للحكم القضائي لوجود نص دستورى في مادة 151 "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات...." ولم يهتم بإيراد باقي نص المادة الذي يحظر إبرام اتفاقات ومعاهدات يجري بمقتضاها التنازل عن التراب والسيادة الوطنيين، وهو النص الذي استندت إليه المحكمة في قرارها الصادر صباح الثلاثاء.
وعلى غرار هاشتاج "تيران وصنافير مصرية" نشّط هاشتاج "تيران وصنافير سعودية"، الذي لم يخل من مشاركات لمصريين احتفوا بالحكم وأيدوه. بينما جاءت مشاركات السعوديين بالاستعانة بآراء إعلاميين وسياسيين مصريين - مقربين من النظام الحاكم في مصر - يؤكدون فيها على "سعودية جزيرتي تيران وصنافير".
الأمر الذي دفع مذيعة يمينة إلى السخرية مما رأته "حرب تويترية".
وتنازلت اليمن للسعودية عن عدة جزر بموجب اتفاق جدة 2000.
وأعرب مجلس الوزراء المصري عن احترامه لأحكام القضاء، وأصدر توجيهات لهيئة قضايا الدولة بالطعن على حكم القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا.