ساعة كاملة أضاعها مجلس النواب انتظارًا لاكتمال النصاب القانوني للتصويت على مشروع القانون المقدم من رئيس الجمهورية بتعديل قانون حالات إجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر برقم 57 لسنة 1959، وذلك بعد أن فشل التصويت علي القانون لـ5 مرات لعدم اكتمال النصاب القانوني. وكذلك التصويت على مشروع قانون آخر بتعديل قانون رقم 35 لسنة 1976 المعروف بقانون النقابات العمالية.
القاعة كانت أشبه بالمدرسة. علي عبد العال كان يطالب النواب بالتصويت الإلكتروني لضمان اكتمال نسبة ثلثي الأعضاء، في الوقت الذي كان فيه الأعضاء منشغلون بالخروج من القاعة، أو الحديث مع وزير الشئون القانونية مجدي العجاتي، ووزير التنمية المحلية أحمد زكي بدر، بينما يتشاجر نواب آخرون على أولوية الجلوس في المقاعد.
لكن وسط هذا المشهد العبثي؛ هناك ما يستحق التوقف عنده وتوضحيه:
- دستور 2014 نص على ضرورة توافر نصاب قانوني يبلغ ثلثي أعضاء المجلس، أثناء التصويت على القوانين المكملة للدستور. لكن المجلس والنواب "المزوغون" لديهم مشكلة كبرى في ضبط هذا النصاب، الذي أصبح عبءً عليهم، وظهر ذلك واضحًا في عدد من الجلسات أحدثها جلسة اليوم.
- علي عبد العال يتحدث بوضوح عن اعتباره "أغلبية الثلثين" عقبة أمام المجلس، وقال: "للأسف وضع لنا دستور 2014 عقبة كبيرة وهي عدم جواز مرور القوانين المكملة له إلا عبر أغلبية الثلثين. واتضح أن قرابة 70 % من القوانين تعد مكملة للدستور، وهناك دساتير لبلدان أخرى، تسمح بتسهيلات أكثر من ذلك فيما يخص التعامل مع القوانين. ولكننا لسنا منهم".
- علي عبد العال كرر التصويت الإلكتروني 6 مرات، محاولاً التأكد من اكتمال النصاب لبدء التصويت على تعديلات أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام النقض. وقال: "أنا أثق أن القاعة فيها 460 عضو! القاعة ممتلئة والشرفة ممتلئة".
الطريف أن الشرفة التي يتصور عبد العال أنها ممتلئة لم يتواجد فيها سوى سبع نواب فقط.
4- الساعة التي ضاعت في مهاترات النِصاب، تخللها خلاف يشبه مشاجرات المدارس. حيث اشتبك النائبان محمد سليم عطا، وأحمد أباظة بعدما طالب أباظة زميله بإخلاء المقعد الذي يجلس عليه: "إنت قاعد في مكاني".
وفجأة صاح عطا موجهًا كلامه لرئيس المجلس، مبديًا اعتراضه مطالبة أباظة له بإخلاء الكرسي، ثم ثار نائب آخر وقال له: "ما تفعله لصالح مين؟"، فرد عطا: "لصالح الشيطان"، ليتدخل وكيل المجلس سليمان وهدان لتهدئة الأجواء، واصطحاب عطا للجلوس في مكان آخر، بينما ارتسمت ابتسامة على وجه عبد العال.
5- كان للأعضاء نصيب جديد من تأنيب رئيس المجلس بسبب التفافهم حول الوزراء، في الجلسة التي كان يحضرها وزيري العدل، والتنمية المحلية والشئون القانونية،.وطالبهم رئيس المجلس بالجلوس عدة مرات في أماكنهم، والتوقف عن الأحاديث الجانبية مع الوزراء.
الطريف في الجلسة أن علي عبد العال الذي لديه مشكلة في التحكم في حضور الأعضاء، تلقى ورقة من وزير العدل، محمد حسام عبد الرحيم، يستأذنه في الانصراف. فقال عبد العال: "وزير العدل استأذنني في الانصراف فليتفضل". وقبل خروج عبد الرحيم من القاعة، قال رئيس المجلس: "لا يمكن لوزير الخروج من القاعة قبل أن يستأذني".
6- نأتي لمضمون التعديلات الخاصة بإجراءات الطعن أمام محكمة النقض:
النائب إيهاب الطماوي، أمين سر اللجنة التشريعية لخص التعديلات في قوله: "هذا القانون يجعل الاختصاص بنظر الطعون بالنقض في قضايا الجنح المستأنفة لمحكمة استئناف القاهرة، وذلك لمدة 3 سنوات تبدأ من أكتوبر المقبل، وبعدها ينتهي الاختصاص".
وقال الطماوي إن هذا القانون ليس جديدًا، ولكنه بمثابة تجديد للمدة، وغرضه تخفيف العبء عن كاهل محكمة النقض وتحقيق سرعة الانجاز. خاصة أنه "طبقا لبعض الإحصائيات يوجد في قائمة الانتظار أمام محكمة النقض نحو 400 ألف طعن.
7- في إطار حديثي مع الطماوي سألته عن كواليس مناقشة اقتراحات حذف الفقرة (و) من المادة 98 من قانون العقوبات الخاصة بعقوبة ازدراء الأديان، بناءً على طلب مقدم من 100 نائب، وهو مشروع القانون الذي بدأ المجلس مناقشته في اللجنة التشريعية في 20 مايو/أيار الماضي. قال الطماوي: إن الأمر في يد مجلس النواب ولا يزال قيد البحث والدراسة، ولكن هذه الجريمة تمس الأمن القومي، وهو ما يؤكد ما أشرت إليه أمس؛ بأن الحكومة ليست لديها نية فعلية لتعديل تلك الفقرة، وأنها راغبة في الإبقاء على عقوبة ازدراء الأديان.
وبسؤال الطماوي عن أثر هذه المادة وتذكيره بواقعة الأطفال القصر الذين اتهموا بارتكاب هذه الجريمة وتم حبسهم في محافظة المنيا؛ قال الطماوي: "أنا نازل الجراج والخط هيقطع"، فأجبت: "نكمل الحديث فيما بعد"، ولكنه رد مقاطعًا: "أو ما نكملش خالص"
8- فشل المجلس في تحقيق النصاب القانوني خلال التصويت على قانون النقابات العمالية ورفع عبد العال الجلسة