أستلقي على السرير وأتناول المشروبات الدافئة، أمسك بهاتفي وأتطلع لأي أخبار يرسلها زملائي لأعرف ما فاتني من نوادر ومصائب النواب خلال غيابي، لمعاناتي من دور برد شديد وتناولي لمضاد حيوي أفقدني القدرة على العمل والتركيز.
فضيحة التسجيلات
جائني الخبر بعد جرعة أوجمنتين 1000، قلت "مش ممكن.. يعني إيه نائب وعضو في مجلس نواب ورئيس لجنة يُسجّل فيديو لزملائه ويسلمه لرئيس المجلس؟"
كان الخبر غريبًا بالفعل، وسألت زميلي عدة أسئلة للتأكد من دقته وصحته، ما حدث أن نواب أعضاء في لجنة الثقافة والإعلام تقدموا بمذكرة لرئيس المجلس يشكون فيها من أن أسامة هيكل رئيس اللجنة سلّم تقريرًا عن أزمة الصحفيين ووزارة الداخلية دون إطلاعهم عليه أو الرجوع إليهم، كما أنهم فوجئوا بتسجيل فيديو لهم أثناء مناقشاتهم في الاجتماعات المغلقة للجنة.
دعونا نفند الأمر؛ من هو رئيس اللجنة؟ أسامة هيكل وزير الإعلام الأسبق في عهد المجلس العسكري، وقيادي بارز في ائتلاف دعم مصر.
هل يمكن أن ينفرد بكتابة التقرير؟ وارد جدًا طبعًا.
هل يمكن أن يُسجّل فيديو لزملائه؟ الحقيقة أن البرلمان الذي يمنع رئيسه النواب من الحديث عن السياسات النقدية ويهددهم بلجنة القيم، يكون كل شيء جائزًا.
من هم الأطراف الأخرى؟ خالد يوسف ويوسف القعيد وأسامة شرشر وتامر عبد القادر.
ما هو موقفهم من أزمة النقابة؟ خالد يوسف ظهر في الاجتماع التاريخي للنقابة، وتامر عبد القادر طالب بإقالة وزير الداخلية، لكن وقت الجد وتحت القبة لم يتحدث أي منهما إطلاقًا، وتركا الأمر لنعمات قمر التي قالت: "الصحفيين عاوزين الدبح".
إذن هي مشكلة داخلية في لجنة لا يختلف بالنسبة لي رئيسها عن أعضائها في مجمل توجهاتهم وأفكارهم العامة.
ضريبة الراديو
وسط الهذيان جائني خبر آخر عن اقتراح فرض ضريبة سنوية 100 جنيه على راديو السيارة، لم يكن هذا من ضمن هلوسة المرض والأدوية، لكنه طُرِح في اجتماع حقيقي للجنة الخطة والموازنة التي تركت كل المصائب وناقشت الاقتراح بجدية.
المواطن الذي أخرج من قوته 200 جنيه واشترى راديو صيني يفي بالغرض في سيارته المتواضعة، لماذا يدفع 100 جنيه في السنة؟
هل هذا قانون جديد؟ لا، القانون موجود بالفعل من سنة 1968، وينص على أن "يدفع كل مالك سيارة بها جهاز استقبال رسمًا سنويًا مقداره مائة وأربعون قرشًا يُدفع مع الضريبة الخاصة بالسيارة وتقوم إدارات المرور بتحصيل هذا الرسم لحساب هيئة الإذاعة عند تحصيل ضريبة هذه السيارات وتورّده إليها تباعًا".
ما السبب في إحياء هذا القانون؟ رئيسة التلفزيون صفاء حجازي تريد زيادة الدعم الموجه لماسبيرو فتبحث في جيوب المصريين عن مزيد من الدعم لهذا الكيان الذي لم يعد يشاهده أو يسمعه أحد.
لماذا يدفع المواطن 100 جنيه ضريبة على إذاعات لا يسمعها أصلًا؟ وإذا كان أغلب المواطنين يسمعون إذاعات خاصة لا يوجّه لها الدعم فما العائد الذي يستفيده من الإتاوة التي يدفعها لماسبيرو؟
سعر الدواء يقتل أحيانًا
في الوقت الذي توجهت فيه لإحدى الصيدليات لشراء دواء كان سعره 58 جنيهًا وأصبح 68، كانت لجنة الصحة بمجلس النواب مجتمعة لمناقشة القرار الوزاري برفع أسعار الأدوية التي يقل سعرها عن 30 جنيه.
أولًا: اللجنة تأخرت عن مناقشة موضوع يمس قطاعًا كبيرًا جدًا من المواطنين لمدة أسبوع كامل، ولم تلتفت له إلا بعد مرور سبعة أيام على صدوره. تخيل كيف مر هذا الأسبوع على آلاف المرضى غير القادرين خاصة أن شركات الأدوية الصيدليات تحايلت على القرار ورفعت أسعار أدوية لا يشملها.
ثانيًا: قبل مناقشة القرار في اجتماع اللجنة التقيت نائبين كلاهما يعمل في مجال الطب النائب أيمن أبو العلا، عن حزب المصريين الأحرار، دائرة أكتوبر والواحات، والنائبة شادية ثابت، عن دائرة إمبابة.
كما هو متوقع أيّد أبو العلا القرار واعتبره جيدًا جدًا، ويشجع شركات الأدوية على انتاج الأدوية المتوقفة، وبعدما جادلته في أن المريض سيتأثر بالفعل إذا زاد سعر الدواء 5 جنيهات، قال: "إحنا محتاجين تأمين صحي شامل".
الصدمة بالنسبة لي كانت في شادية ثابت النائبة التي حصلت على آلاف من أصوات سكان امبابة، شادية طبيبة تعمل في مستشفى إمبابة العام وتحتك بطبقة من محدودي أو معدومي الدخل في كثير من الأحيان، شادية قالت لي: "الدواء يزيد أحسن ما يبقى مش موجود".
ثالثًا: هناك نواب انحازوا للمواطن في لجنة الصحة مثل هيثم الحريري وسامي المشد ومحمد الشورى؛ الذين طالبوا بوقف القرار وسحب الثقة من الوزير.
الغريب أن رئيس اللجنة مجدي مرشد طلب من وزارة الصحة مذكرة عن الأدوية التي شملها القرار وأسعارها، لكن في الحقيقة لو تحرك من مكتبه واتجه لإحدى صيدليات شارع القصر العيني سيعرف فعلًا حجم ومقدار الزيادة على جميع الأدوية، أو حتى لو سأل زملاءه الأطباء والصيادلة عن أسعار أدوية الكبد والكلى والقلب سيعرف الحقيقة التي تخفيها المذكرات والتقارير الرسمية.