بعد نحو أسبوع من تداول وسائل الإعلام الإسرائيلية أنباء عن ضم رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" المتشدد أفيجدور ليبرمان إلى حكومة بنيامين نتنياهو، أعلن رئيس حزب الليكود اليوم توسيع الائتلاف الحكومي، بتسليم ليبرمان حقيبة وزارة الدفاع. يتزامن تعيين وزير الخارجية الأسبق، المعروف بمواقفه المتطرفة، مع مقترح فرنسي يحاول منح قبلة الحياة لمفاوضات سلام ميتة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وبالتالي، تصاعدت التكهنات باتخاذ الحكومة الإسرائيلية موقفًا أكثر يمينية، يحول دون أي تقدم في مسار محادثات السلام المتوقفة.
ليبرمان سيخلف موشي يعلون في منصب وزير الدفاع، وكان يعلون استقال الأسبوع الماضى من منصبه، احتجاجًا على أنباء التحالف مع ليبرمان. فقال يعلون، عضو حزب الليكود، والجنرال السابق بالجيش الإسرائيلي عبر موقع تويتر إنه فقد الثقة في رئيس الوزراء، وإنه يريد أن يأخذ إجازة من الحياة السياسية. وذكر يعلون في كلمة أمام ملتقى للقادة الشباب إن إسرائيل "فقدت بوصلتها الأخلاقية".
بدوره، صرح ليبرمان بعد إعلان توليه الحقيبة الوزارية أن القضية المحورية هي أمن اسرائيل وإنه سيقوم بكل ما باستطاعته لتحقيق أمن مواطني الدولة.
توسيع الحكومة= أغلبية في الكنيست
منذ فوز نتنياهو في انتخابات العام الماضي، قال نتنياهو إنه سيدرس خيارات لتوسيع أغلبية بفارق مقعد واحد في البرلمان، والبالغة عددها 61 مقابل إجمالي 120 مقعد، مما كان يبقي قرارات الحكومة تحت رحمة تصويت شركائه في الائتلاف. هدف نتنياهو من توسيع الائتلاف الحكومي هو دعم استقرار حكومته وتقويتها فيما يتعلق بالمفاوضات مع الفلسطينين. وفي مسعاه لضم أحزاب جديدة، تفاوض نتنياهو، خلال الأسبوع الماضي، مع زعيم المعارضة إسحاق هيرتزوج، رئيس حزب العمل، الذي رفض الانضمام إلى التحالف الحاكم.
وبناء على الاتفاق الجديد، يزيد عدد نواب كتلة الائتلاف الذي يقوده نتنياهو في الكنيست إلى 67 نائبًا، لمدة 4 سنوات، هي فترة ولاية حكومته كما سيعطي الاتفاق منصبًا وزاريًا آخر لحزب ليبرمان، وهي وزارة استيعاب الهجرة.
وكانت حكومة نتنياهو الحالية التى تحتل المرتبة 34 في تاريخ الحكومات الإسرائيلية، والرابعة في تاريخه السياسي، تشكلت بعد الانتخابات التشريعية في مارس/آذار 2015 وأُقرت في الكنيست وأدى أعضاؤها اليمين الدستورية في 15 مايو/أيار، وحصلت على 61 مقعدًا في الكنيست.
إسرائيل بيتنا
ليبرمان ليس غريبًا عن المناصب الوزارية، فقد شغل منصب وزير الخارجية مرتين في الفترة ما بين 2009 و2012، ثم ما بين 2013 و2015، كما أن الحزب الذي يرأسه "إسرائيل بيتنا"، وهو حزب يميني متشدد قاعدته الأساسية من المهاجرين اليهود الروس، تأسس من اندماج حزب "موليدت" الذي أنشأه رحبعام زئيفي و "يسرائيل بيتينو" الذي أنشأه ليبرمان، وله 6 مقاعد في الكنيست. وبانضمام "إسرائيل بيتنا" إلى الائتلاف الحكومي يصبح سادس حزب في الائتلاف الديني القومي الذي شكله نتنياهو.
يدعو ليبرمان إلى تبني مواقف أكثر تشددًا تجاه الفلسطينيين. وكان خضع للتحقيق بتهمة "استغلال الثقة" عام 2012 مما اضطره للاستقالة من منصبه الحكومي. ومن مقولاته المثيرة للجدل، أنه اقترح عام 2015 "قطع الرأس بالفأس" عقابًا لكل من لا يكن الولاء من العرب الموجودين داخل الخط الأخضر للدولة العبرية.
وعلاقة ليبرمان بالولايات المتحدة كانت متوترة في عهد تولي هيلاري كلينتون وزارة الخارجية الأمريكية، إذ زار واشنطن مرتين فقط، ثم توطدت علاقاته مع الإدارة الأمريكية من خلال وزير الخارجية الحالي جون كيري.
الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل
"يبعث برسالة قوية للعالم بأن اسرائيل تُفضّل التطرف وتكريس الاحتلال والاستيطان على السلام" هكذا استقبلت وزارة الخارجية الفلسطينية أنباء تعيين ليبرمان في حكومة نتنياهو، في بيان صدر يوم 19 مايو/آيار الجاري، واعتبرت الوزارة أن التعيين دليل جديد على غياب شريك للسلام الحقيقي في إسرائيل، متهمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه يفضل دومًا تعزيز التطرف في حكومته.
في مقابل المخاوف من نهج حكومي أكثر تطرفًا إثر تعيين ليبرمان، قال نتنياهو إنه سيواصل السعي لتحقيق سلام مع الفلسطينيين والاشراف على سياسات وزارة الدفاع. وهو ما اتفق معه ياريف ليفين مفاوض حزب الليكود، قائلًا: "توسعة الحكومة بضم إسرائيل بيتنا إلى الائتلاف القومي خطوة مهمة ومطلوبة ستضمن الاستقرار".
من جانبها، كان رد فعل حركة المقاومة الإسلامية حماس، التى تحكم قطاع غزة، لنبأ تعيين ليبرمان في منصب وزير الدفاع الإسرائيلي، هو أن قالت: "إنه مؤشر على ازدياد حالة العنصرية والتطرف لدى الاحتلال الإسرائيلي".
وقبل يوم واحد من تعيين ليبرمان، دعا رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد لله العالم للتدخل من أجل إنقاذ حل الدولتين الذي "بدأ يتلاشى". جاء ذلك بعد أن وصلت مساعي فرنسا لعقد اجتماع تحضيري على مستوى وزراء الخارجية للتحضير لإطلاق مبادرة جديدة تعيد الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات إلى طريق مسدود. فجدد نتنياهو رفضه للمبادرة الفرنسية قائلًا إنه يفضل التفاوض المباشر مع الفلسطينيين.
حذر وترقب في الجيش الإسرائيلي
"خبرة عسكرية لا تذكر"، هكذا يٌعرف ليبرمان في أوساط الجيش الإسرائيلي، مما جعل المحللون العسكريون يستقبلون أنباء تعيينه في منصب وزير الدفاع بمزيد من الحذر والترقب. فقال المحلل العسكري عاموس هارئيل في مقال له في صحيفة "هآرتس"، إن "جنرالات الجيش لم يتوقعوا قرارًا سياسيًا سخيفًا كهذا"، فيما حذر المحلل يوسي يهوشع، في مقال في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، من الثمن الذي سيكون مقابلًا لهذا التعيين، قائلًا إن "الجيش ليس ملعب تنس، وإذا لم يفهم ليبرمان المخاطر والمسؤولية في هذا المنصب، فإن جهاز الأمن سيكون غارقًا في مشكلة".
وعن مستقبل المساعدات العسكرية الأمريكية للجيش الإسرائيلي، نقلت صحيفة "هاآرتس" عن مسؤولين بالبيت الأبيض أن هوية وزير الأمن الجديد لن تؤثر على الاتصالات الأمريكية - الإسرائيلية بشأن المساعدات العسكري الأكبر في تاريخ البلدين، ويتوقعون العمل معه على أكثر من ملف.