رصد تقرير الخارجية الأمريكية عن حالة حقوق في مصر عن عام 2021، عددًا من الانتهاكات، كان أبرزها التعذيب، لا سيما في السجون، الذي وصل "تعرّض أطفال محتجزين لسوء معاملة"، خاصة مع أوضاع السجون التي وصفها بأنها "قاسية ومهدِّدة للحياة".
وتناول التقرير أيضًا أزمات التقاضي في مصر، والتوسع في إجراء المحاكمات الاستثنائية أمام محكمة طوارئ أمن الدولة، التي تعمل منذ العام 2017، بأحكام غير قابلة للاستئناف.
كما أشارت الوزارة إلى حجب عدد من المواقع الصحفية ومنها المنصة ومدى مصر ودرب.
التقرير الذي نشرته الخارجية الأمريكية أمس الاثنين، في سبعة أقسام، لخَّص حالة حقوق الإنسان في مصر بأنها تشهد "انتهاكات جسيمة، وفرض قيود خطيرة على الحُريات".
كرامة المواطن
بدأ التقرير بالحديث عن "أعمال قتل أثناء اعتقالات، وتعذيب حتى الموت، مع غياب المحاسبة"، كما كان في قضية الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، بجانب "تهديد مَن يُبلغ عن التعذيب" كالناشط علاء عبد الفتاح "الذي قال في إحدى جلسات محاكمته، إنه تعرّض للترهيب بعد أن أفاد بسماع زملائه السجناء يتعرضون للتعذيب بالصدمات الكهربائية".
رأى التقرير حالة السجون "قاسية ومهدِّدة للحياة، بسبب الاكتظاظ، ونقص إمكانيات معيشية"، كما انتقد "الحجز التعسفي، وفرض كفالات عالية، وإعادة التدوير في قضايا جديدة، والحرمان من المحاكمة العلنية".
وعن أبرز وأشد الأحكام، فوفقًا للتقرير "أعدمت الحكومة ما لا يقل عن 81 شخصًا في عام 2021"، لافتًا فيما يخص المحاكمات إلى نوع استثنائي هي "طوارئ أمن الدولة، العاملة منذ 2017، بأحكام غير قابلة للاستئناف".
تقييد الحريات
التقرير أشار إلى "تهديدات ومُضايقات"، منها "حجز ممتلكات وردّها"، كما شكا سكان في شمال سيناء عقب عمليات مكافحة الإرهاب في 2018، بجانب "التدخل في الخصوصية" الذي تعرّض له نشطاء وصحفيون وأجانب.
وعن احترام الحريات، ورد في التقرير أن "حقوقيين وغيرهم، واجهوا ملاحقات جنائية، ردًا على انتقاداتهم للحكومة"، بجانب إجراءات "تقييدية" من السلطات، مثل "حظر التصوير في الأماكن العامة"، أو حبس نشطاء كما حدث في قضية تحالف الأمل، و"ترهيب، واعتقال، ومضايقة صحفيين"، وحجب مواقع منها مدى مصر، والمنصّة، ودرب.
وكانت السلطات المصرية حجبت موقع المنصة، في 14 يوليو/ تموز الجاري، داخل مصر للمرة الـ 13 منذ بدأت حجب المواقع الصحفية المستقلة في عام 2017. يأتي هذا الحجب الذي يحظره الدستور المصري، مثل كل المرات السابقة، دون سند قانوني، ودون أن تعلن أي جهة رسمية أو أمنية بشكل واضح مسؤوليتها عنه. ولكن الجديد هذه المرة أنه لم يطل فقط اسم النطاق، بل تجاوزه لحجب الوصول إلى سيرفر المنصة لدى شركة الاستضافة.
ويأتي ذلك الحجب أيضًا بعد 11 يومًا من إعادة إصدار المنصة موقعها بشكل جديد وتقنيات جديدة، تتيح للقراء تجربة أفضل في تصفح المحتوى والمشاركة في إنتاجه، وهي الانطلاقة التي تزامن معها نشر عدد من التحقيقات والتقارير من بينها تحقيق يوثق عودة شرطي مُدان بتعذيب وقتل المواطن مجدي مكين وتزوير محررات رسمية لإخفاء جريمته، إلى عمله في أحد أقسام الشرطة بالمخالفة للقانون، وذلك بعد صدور عفو رئاسي عنه.
وتابع التقرير أن بموجب حق الرقابة الذي تتمتع به السلطات على المواطنين عبر الإنترنت؛ ظهرت قضايا كالمتعلقة بمستخدمات تيك توك، مثل حنين حسام، ومودّة الأدهم، وغيرهما ممن دارت الاتهامات الموجّهة إليهن حول "الفجور، وانتهاك القيم الأسرية".
وأشارت الخارجية إلى "تقارير عن قيود حكومية على الحرية الأكاديمية والفعاليات الثقافية، ومنها احتجاز أكاديميين، وفرض تراخيص على المهرجانات ورقابة على الأفلام الأجنبية".
وقالت كذلك إن الحكومة المصرية فرضت "قانونًا يُقيد الحق في المظاهرات والاحتجاجات السلمية"، كما أن قانونًا آخر "يٌقيّد بشكل كبير الحق في تنظيم جمعيات"، بالإضافة إلى ما تفعله السلطات من "حظر سفر بعض الحقوقيين والسياسيين، وإقامة حواجز أمنية في ذكرى الاحتجاجات، مع عمليات تفتيش واعتقالات".
ورغم نص الدستور المصري في مادته 62 على عدم جواز منع أي مواطن "من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة فى جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة، وفى الأحوال المبينة فى القانون"، فإن عددًا من الناشطين السياسيين أشاروا إلى منعهم من السفر دون أمر قضائي، ومنهم المحامية ماهينور المصري.
فيما يخصّ حقوق اللاجئين، ذكر التقرير أنه "غالبًا ما تحتجز السلطات طالبي اللجوء غير المسجلين في أقسام الشرطة أو السجون في ظروف سيئة، أو ترحِّلهم"، بجانب "مُضايقات" يتعرضون لها بصورة عامة مثل "التمييز، والعُرضة للاستغلال المالي والجنسي، وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم".
المشاركة السياسية
ثالث أقسام التقرير تناول حرية المشاركة في العملية السياسية المكفولة دستوريًا، وأورد شكاوى من "حالات تزوير في الأصوات، ورشى في انتخابات مجلس النواب"، وكيف أن منظمات أعربت عن قلقها من الأوضاع المتعلقة بها، كما تحدّث عمّا تعرّضت له أحزاب وقيادات لها مثل مصر القوية، ورئيسه المسجون عبد المنعم أبو الفتوح.
أحد أوجه العنف، أيضًا كان "ختان الإناث، والزواج المُبكر، والتحرش الجنسي الذي يحدث بعضه بواسطة رجال شرطة، ومنع تزوج المسلمة من غير المسلم، وحرمان أرملة المُسلم غير المسلمة من الميراث"
أما رابع أقسام التقرير فتناول "الفساد وانعدام الشفافية في الحكومة"، إذ ذكر أن "الحكومة لم تطبق القانون بشكل فعال حيال قضايا فساد حكومي، كما كان في قضية اختلاس مصر للطيران، التي انتهت ببراءة المتهمين، وعلى رأسهم أحمد شفيق".
بينما القسم الخامس تناول "الموقف الحكومي تجاه التحقيق الدولي وغير الحكومي في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان"، و"عدم تعاون الحكومة" في هذه التحقيقات، مع "تشويه وسائل إعلام حكومية أو موالية للسلطات صورة المنظمات الحقوقية، و فرض قيود على عمل أخرى دولية في مصر".
"انتهاكات مجتمعية"
عددّ التقرير في سادس أقسامه ما يحدث من "انتهاكات مجتمعية"، بدأها بالحديث عن النساء بصور مثل "عدم تجريم الاغتصاب الزوجي"، وتبرئة متهمين من بعض أو كل الاتهامات في قضايا مشهورة تعرّضت فيها نساء لانتهاكات مثل قضيتي أحمد بسام زكي، وفيرمونت نايل سيتي.
أحد أوجه العنف، أيضًا كان "ختان الإناث، والزواج المُبكر، والتحرش الجنسي الذي يحدث بعضه بواسطة رجال شرطة، ومنع تزوج المسلمة من غير المسلم، وحرمان أرملة المُسلم غير المسلمة من الميراث"، وتَعَرُّض النساء على مستوى العمل لـ"تمييز وتحيّز لصالح الرجال".
تحدث التقرير أيضًا عن "العنف والتمييز العنصري أو العرقي الممنهج"، وضرب مثالاً عليه بالنوبيين "وتعرّضهم لسوء معاملة بسبب لون بشرتهم"، كما تحدث عن انتهاك حقوق الأطفال بصور مثل "تسجيل مواليد متأخرًا في مناطق نائية مثل سيناء"، و"تعرّض أطفال محتجزين لسوء معاملة، كالتعذيب".
فئات أخرى
تحدث التقرير عن "ذوى الاحتياجات الخاصة"، إذ ذكر أنهم "لا يتمتعون بإمكانية الوصول على قدم المساواة مع الآخرين إلى التعليم والخدمات الصحية والمباني العامة ووسائل النقل"، وكذلك "عدم تطبيق نسبة 5% التي تكفلها لهم الحكومة كعاملين في الشركات".
ومن الفئات التي تتعرض للتمييز و"وصمة العار المجتمعي"، المصابين بفيروس نقص المناعة (الإيدز)، وذلك في أماكن عديدة.
تحدّث التقرير عن "التمييز في التوظيف"، من قبيل "عدم وجود قانون يمنح أو يمنع اللاجئين من العمل، والضغط القوي على النساء الساعيات إلى العمل
أما "أعمال العنف والتجريم وغيرها من الانتهاكات القائمة على الميول الجنسية والهوية الجنسية"، فوردت في التقرير بالحديث عن "القبض على المثليين والمثليين ومزدوجي الميول الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وثنائيي الجنس، رغم أن القانون لا يجرّم صراحة النشاط الجنسي المثلي بالتراضي".
حقوق العمال
في سابع وآخر الأقسام، كان حديث التقرير عن حقوق العمال، الذي كان في صدارته أن القانون وإن كان يكفّل لهم حقوقًا إلّا أنه "يفرض قيودًا كبيرة" بلغ بعضها حدّ "عقوبات على التورط في إضرابات غير قانونية"، ذكر أمثلة متعددة عليها.
وذكر التقرير قانون "المساهمة التكافلية لمواجهة بعض التداعيات الاقتصادية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا" الذي نص على خصم نسبة 1% من صافي دخل العاملين بكل قطاعات الدولة، و0.5% من دخل المتقاعدين، لمدة سنة، "لتمويل الجهود المبذولة لمعالجة التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا". وأشار إلى تأثير ذلك القرار اقتصاديًا على الفئات المعنية.
وعن النقابات المستقلة، قال التقرير إنها "استمرت في مواجهة ضغوط لحلها"، أما عن عقوبات "العمل الإجباري المحظور بالدستور والقانون"، فقال إنها "لم تكن متناسبة"، كما انتقد القانون المصري الذي "لا يحظر أو يجرم جميع الأشكال الأسوأ لعمالة الأطفال، ولا يوفر حماية كافية لهم من الاستغلال".
وبصورة عامة، تحدّث التقرير عن "التمييز في التوظيف"، من قبيل "عدم وجود قانون يمنح أو يمنع اللاجئين من العمل، والضغط القوي على النساء الساعيات إلى العمل، وعدم المساواة بينهن وبين الرجال في الأجور".
وتناول التقرير مشكلة أخرى عن "فصل العمال بسبب التعبير عن آرائهم المناهضة للحكومة"، مُشيرًا إلى أن "الرئيس صدّق على تعديلات للقانون تسمح للحكومة بالفصل الفوري للموظفين العموميين الذين يرتكبون أفعالاً معينة ضد الدولة"، وهو ما كان سبقه "مُطالبة من وزير النقل للبرلمان بإصدار مثل هذا القانون للتمكّن من إنهاء خدمة 162 موظفًا زعم أنهم أعضاء في جماعة الإخوان".
عن "شروط العمل المقبولة" والفرق بين أوضاع الموظفين حسب جهات عملهم، عامة أو خاصة، ذكر التقرير أن "مزايا حكومية، مثل التأمين الاجتماعي، متاحة فقط لمن في القطاع الرسمي"، لافتًا إلى "طلب العديد من أرباب العمل في القطاع الخاص من العمال التوقيع على خطابات استقالة غير مؤرخة كشرط للتوظيف، والتي يمكن أن يستخدموها لإنهاء عمل الموظفين متى شاءوا".
واختتمت الوزارة هذا القسم، وتقريرها كاملًا، بذكر أن وزارة القوى العاملة "لم تحاول تطبيق معايير العمل على القطاع غير الرسمي. وقد واجه العديد من الأشخاص في جميع أنحاء البلاد ظروف سيئة، لا سيما في الاقتصاد غير الرسمي".