ماذا يحدث لبطل قصتنا عندما يبدأ في السؤال عن جدوى ارتداء الملابس؟ وعن أجزائه الخاصة وعن الفرق بينها وباقي أعضاء جسده كالأنف والفم؟
كل هذه الأسئلة يجيب عنها كتاب "جدًا جدًا.. طبعًا طبعًا.. أبدًا أبدًا"، للكاتبة أمل فرح، الصادر عن دار "الشجرة" بالتعاون مع الهيئة القبطية للخدمات الاجتماعية. يحوي الكتاب قصة تستهدف الأطفال من سنة إلى 3 سنوات، ولكن من الممكن أن تُقرأ أيضًا حتى 5 سنوات.
اختارت فرح أن يكون بطل القصة طفل يحكي يومًا من أيامه من بدايته، عندما سأل والدته أثناء استحمامه بفضول " لماذا نرتدي الملابس؟".
تأخذنا القصة بعد ذلك إلى حوار للطفل مع والدته التي تعاملت بمهارة شديدة مع هذا الفضول، وانتهزت السؤال كفرصة لتنمية ثقافة ابنها الجنسية البادئة بتعريف الطفل على جسده، وأعضائه الخاصة، وأهمية الحفاظ عليها.
كانت البداية مجرد معلومات أساسية، دون الخوض فيما هو مسموح به وما هو غير مسموح، ولم تتطرق أيضًا، إلى وظائف هذه الأعضاء لدى الإنسان.
بعد ذلك، تدخّل الأب في الحوار بسرد معلومات أساسية، للتأكيد على أن بناء ثقافة الطفل الجنسية مسؤولية مشتركة للأبوين؛ وليست فقط من واجبات الأم كما يروج دائمًا في مجتمعنا العربي.
بدأ الأب يعطي أمثلة لبطلنا من خلال الحيوانات والطيور، وأدار الحوار ببساطة وهدوء.
الإطناب في استخدام كلمات "جدًا جدًا.. طبعًا طبعًا.. أبدًا أبدًا" له دائمًا سحر خاص في هذا العمر، ومن الممكن أن يستخدمها الأب أو الأم كلعبة لها وزن موسيقي ما. مثل هذه الكلمات عادة تجعل الطفل يتذكر الكتاب وما جاء فيه لمدة طويلة.
في النهاية وصلت إلى الطفل رسالة عن أعضائه التناسلية، وأن التعرف إليها واستكشافها ليس عيبًا أو شيئًا مقززًا.
استخدمت الكاتبة بدلاً من الأسماء العلمية رموزًا مثل الزهرة التي تنبت الزهور. هذا اختيار مفهوم ولكن كان ممكنًا استخدام المصطلحات العلمية بشكل مباشر أكثر.
الرسومات كانت خيالية، فذيل القطة الطويل الذي تقف عليه العصافير، والكوفية الطويلة الملونة، وبطلنا وهو يقرأ في الحمام؛ كانوا بمثابة رمانة الميزان بين كون الكتاب خيالي وكونه يقدم معلومات. فهو ليس رواية لها بداية وحبكة و نهاية. لكن لا يمكن أن ننسي أنه في النهاية كتاب للأطفال، يحتاج أن يجذب انتباه الطفل، وهو ما حدث بفضل رسوم وألوان محمد طه.
في نهاية الكتاب هناك كارت صغير موجود داخل جيب على شكل "شجرة"، يتضمن توضيحًا لهدف الكتاب ويقدم بعض الجمل المفتاحية لبدء نقاش أوسع مع الطفل خلال القراءة. أيضًا هناك مساحة كبيرة على إحدى جهات الكارت للطفل ليتمكن من رسم صورة أعجبته.
وعلى الرغم من أن الكتاب مطروح لمن هم في عُمر السنة إلى الثلاث سنوات؛ إلا أن هناك اقتراح للطفل بـ"أكتب أجمل جملة أعجبتك"، ومن المفترض أن العمر المستهدف ليس قادرًا على الكتابة بعد.
في ظل قلة الإصدارات الأدبية الموجهة للطفل، وخصوصا الكتب التي تتناول الثقافة الجنسية؛ يعد هذا الكتاب في غاية الأهمية، وأرشحه للآباء كبداية ومدخل للكلام عن هذا الموضوع مع أطفالهم في هذا العمر.