بينما ينتظر النائب عبد العليم داود تقرير لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبت في صحة عضويته بعد فصله من حزب الوفد؛ بات المستقبل السياسي للبرلماني السابق، هيثم الحريري غامضًا، بعد تحقيق النيابة معه في تهمة كسر الصمت الانتخابي وتقديم رشاوى انتخابية، مما قد يعتبر استمرارًا لتصفية المعارضين السابقين والحاليين تحت القبة. ومعهما ينتظر النائب السابق محمد فؤاد الاستماع له في محكمة النقض التي طلبت حضوره في التاسع من مارس/ أذار المقبل، على خلفية بدء نظر الطعن الذي تقدم به على نتائج الانتخابات التي خسرها بدائرة الطالبية والعمرانية، لصالح مرشح حزب مستقبل وطن، محمد علي عبد الحميد.
ما يجمع كل هؤلاء هو صوتهم المعارض في البرلمان، السابق والحالي.
"صوتك شهادة حق لنائب وطني حر شريف أو صوتك شهادة زور لراشي مستغل أوجاع الناس وبيلعب بها لحماية أطماع ومصالح شخصية"، كانت هذه رسالة النائب السابق هيثم الحريري، لأهالي دائرة محرم بك وكرموز ومينا البصل قبيل ساعات من جولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب.
الحريري الذي رفع في حملته الانتخابية شعار "لا للمال السياسي لا للرشاوى الانتخابية" وجد نفسه متهمًا بعد ثلاثة أشهر بتهمة كسر الصمت الانتخابي وتقديم رشوة انتخابية، فيما وصفه بأنه "استمرار للتصفية السياسية للمعارضين"، بحسب تصريحات للمنصة.
قال الحريري "كل ما يحدث يؤكد أننا أمام محاولة تصفية سياسية قد تؤدي لحرماني من ممارسة حقوقي السياسية خمس سنوات"، وأصر الحريري على ربط الاتهامات التي يتعرض لها بما يحدث مع معارضين آخرين، من ملاحقات بأشكال متباينة.
الحريري الذي قرر الانضمام لحزب التحالف الشعبي الاشتراكي بعد خسارة الانتخابات قال إنه لم يتقدم ببلاغات بشأن الرشاوى الانتخابية التي قدمها منافسوه في الانتخابات، مضيفًا "لم أقدم شكاوى أو بلاغات، فاستخدام المال السياسي كان يحدث تحت سمع وبصر أجهزة الأمن. أبلغ مين؟"، وأشار إلى مشاجرة خاضها خلال أحد أيام التصويت "اتخانقت مع المباحث لأن التجمع كان يتم أمام قسم الشرطة في ميكروباصات لصالح مرشحي حزب مستقبل وطن".
يتعجب الحريري من الاتهام الموجه له ولداعميه الذين أتوا من مسقط رأس أبيه الراحل، أبو العز الحريري، من محافظة الغربية. يقول الحريري "من يوزع رشاوى انتخابية يكون ناس من أهالي المناطق الشعبية وعلى علم بأماكن المواطنين المحتاجين وطرق استقطابهم.
كشف الحريري عقب إخلاء سبيله مساء السبت من سراي النيابة عن أن هذه الاتهامات تعود أحداثها إلى 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عندما ألقى أحد الضباط القبض على ثلاثة من أبناء قرية الدواخلية بمدينة المحلة الكبرى، من ميدان الرصافة بشارع محرم بك، أثناء خروجهم من العقار الذي يوجد به المقر الانتخابي للحريري ومعهم توكيلات خاصة وعامة، بصفتهم مندوبين عنه.
بحسب الحريري، تعرض الثلاثة للتعذيب في نقطة شرطة غربال لإجبارهم على الاعتراف بتوزيع رشاوى انتخابية بتحريض منه، وتسجيل فيديو لهم يتضمن نص الاعترافات، فيما أنكروا هذه الاتهامات عقب الاستماع لأقوالهم في النيابة التي أفرجت عنهم بكفالة ألف جنيه.
الحريري الذي خضع للتحقيق في النيابة نحو ثلاث ساعات يقلِّل من قيمة الأموال التي حرزها الضباط من سيارة المتهمين الآخرين، والتي تتضمن فئات صغيرة. ويتساءل "هل من المعقول الاستعانة بأشخاص من قرية ريفية في محافظة بعيدة مثل محافظة الغربية لتقديم رشاوي انتخابية لأهالي محرم بك في محافظة الإسكندرية، علمًا بأن مرشحي الكرتونة الذين يقدمون رشاوى انتخابية يستعينون بأشخاص معروفين من أبناء المنطقة علي معرفة جيدة بأهالي المنطقة، وقادرون على حثهم علي المشاركة وشراء أصواتهم".
لا يستبعد الحريري التصعيد ضده وإحالته للمحاكمة بعد إخلاء سبيله من النيابة السبت الماضي بكفالة ألف جنيه "كل الاحتمالات واردة، والتصعيد والمحاكمة من بينها، لو بنتكلم بالقانون موقفنا قوي ولا توجد قضية، لكن لو الأمر فيه استهداف جائز يكون في حكم يمنعني ممارسة حقوقي السياسية ويؤدي لفصلي من وظيفتي".
أصر الحريري على ربط ما يواجهه من اتهامات بوقائع أخرى، مشيرًا إلى فصل النائب الحالي عبد العليم داود من حزب الوفد وخطر إسقاط العضوية عنه في مجلس النواب.
وقال الحريري "ما يحدث ليس صدفة، أعرف كيف يُدار حزب الوفد، واختيار داود لرئاسة الهيئة البرلمانية كارثي بالنسبة لبهاء أبو شقة، وسيكون للنائب مواقف ملفتة تحت القبة، فهو نائب له مواقف وطنية معروفة والتخلص منه أمر مهم".
البرلمان يستخدم كارت إسقاط العضوية
بالأمس أعلن رئيس مجلس النواب، حنفي الجبالي، إحالة قرار حزب الوفد بشأن فصل النائب محمد عبد العليم داود إلى لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، لإعداد تقرير للبت في صحة عضوية نائب كفر الشيخ المنتخب بعد تغيير صفته الانتخابية.
داود الذي افتتح المعارك الانتخابية تحت القبة في الشهر الأول من عمر المجلس بعد وصفه حزب الأغلبية، مستقبل وطن، بحزب الكراتين، يواجه الآن خطر إسقاط العضوية، في حال موافقة ثلثي الأعضاء، استنادًا إلى قانون مجلس النواب.
وقال جبالي خلال الجلسة العامة أمس، إنه تلقى رسالة من المستشار بهاء أبو شقة بفصل النائب محمد عبد العليم داود من عضوية حزب الوفد وكافة تشكيلاته، وأشار إلى المادة السادسة من قانون مجلس النواب رقم 46 لسنة 2014 التي تنص على أن "يُشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظًا بالصفة التي تم انتخابه على أساسها، فإن فقد هذه الصفة، أو غير انتماءه الحزبي المنتخب على أساسه أو أصبح مستقلًا، أو صار المستقل حزبيًا، تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس".
وتعد حالة داود الأولى من نوعها التي ينظرها البرلمان، فخلال الفصل التشريعي السابق فقد عدد من أعضاء مجلس النواب صفتهم الحزبية سواء بالاستقالة من الأحزاب التي ترشحوا ضمن قوائمها، مثل النائب عماد جاد الذي استقال من حزب المصريين الأحرار، أو النائبة نادية هنري التي أقالها الحزب، فيما شهد المجلس السابق حركة تنقلات واسعة لأعضاء المصريين الأحرار إلى مستقبل وطن وفي مقدمتهم النائب علاء عابد، ولم يلتفت مجلس النواب برئاسة علي عبد العال إلى هذه التغيرات التي طرأت على الصفة الانتخابية للأعضاء، ولم يُحل أي من هذه الحالات للجنة الشؤون الدستورية والتشريعية لإعداد تقرير بشأنها.
ويبدو أن موقف الأغلبية البرلمانية التي كانت اعترضت على اتهامات عبد العليم داود، لها تحت القبة لم يتحدد بعد، فنواب الحزب الذين تواصلت معهم المنصة اكتفوا بإجابات مقتضبة والإشارة إلى انتظار تقرير لجنة الشؤون اللدستورية والتشريعية.
معارضون في انتظار النقض
على الجانب الآخر، ينتظر عدد من المرشحين الخاسرين في انتخابات 2020 نظر محكمة النقض للطعون التي سبق وتقدموا بها، وفي الوقت الذي لا يوجد فيه عدد معلن للطعون الانتخابية المنظورة أمام محكمة النقض؛ يقدِّر بعض المختصين في الشأن القضائي أن العدد يتراوح بين 300 و 500 طعن.
النائب السابق محمد فؤاد في انتظار الاستماع له في محكمة النقض التي طلبت حضوره في التاسع من مارس/ أذار المقبل، على خلفية بدء نظر الطعن الذي تقدم به فؤاد على نتائج الانتخابات التي خسرها بدائرة الطالبية والعمرانية.
فؤاد كان تحدث مرارًا عن الرشاوى الانتخابية في دائرته العمرانية والطالبية، واتهم أنصار مرشح مستقبل وطن محمد علي عبد الحميد، الذي فاز بالمركز الأول في الدائرة بتوزيع الرشاوى الانتخابية ووثق تورط موزع مواد تموينية لدعاية انتخابية خاصة بمرشح مستقبل وطن. ولم تتحرك أي من الجهات المنوط بها للتحقيق في وقائع الرشاوى التي وثقها وأبلغ عنها النائب السابق الذي كانت له مواقف معارضة أبرزها رفض التعديلات الدستورية الأخيرة.