بانتهاء انتخابات اللجان النوعية لمجلس النواب قبل قليل؛ اكتمل الشكل النهائي لبرلمان 2021، بجانب تعيين المستشار أحمد مناع أمينًا عامًا للمجلس خلفًا للمستقيل المستشار محمود فوزي.
الملمح الأساسي لليوم يمكن تلخيصه بـ "يوم ما يسمى بالانتخابات التوافقية" التي شهدت حسم رئاسة 23 لجنة من إجمالي 25 بالتزكية دون انتخابات، فيما أجريت الانتخابات على رئاسة لجنتين، الأولى لجنة الدفاع والأمن القومي، والتي فاز بها نائب جديد مطيحًا برئيسها السابق. إلا أن الفائز تنازل لزميله الخاسر عن رئاسة اللجنة في نهاية الأمر. وفي لجنة الطاقة استطاع مرشح حزب مستقبل وطن هزيمة رئيس اللجنة السابق طلعت السويدي.
قبل بداية الانتخابات كان الشغل الشاغل للصحفيين محاولة الوصول لمعلومات بشأنها، قال أحد المصادر في حديث خاص للمنصة "هذه الانتخابات لا يوجد بها تنافس. هذه انتخابات توافقية"، موضحًا أنه ليس من مصلحة، مَن أسماها، "المعارضة" الدفع بمرشح غير متفق عليه "الآن يوجد حزب أغلبية على عكس الوضع في السابق".
لم تمض ساعات حتى حسمت التزكية رئاسة 23 لجنة.
كواليس انتخابات اللجان بالطبع يتحكم فيها داخل البرلمان حزب مستقبل وطن صاحب الأغلبية والذي سعى لإرضاء "الحلفاء" في القائمة الوطنية من أجل مصر، مع تقدير بعض المعينين من قبل رئيس الجمهورية.
كان النائب مصطفى بكري، نشر صباح اليوم، عبر عدة تغريدات على تويتر تضم تسريبات الأسماء النهائية للمرشحين على انتخابات هيئات مكاتب اللجان.
وتبع هذا النشر الذي اعتاد عليه بكري، نشر كشف بأسماء رؤساء اللجان والوكلاء وأمناء السر، وهو الكشف المعتمد لدى حزب مستقبل وطن وحلفاءه. وتضمن الكشف 24 لجنة من بين 25، إذ خلت التسريبات من لجنة الدفاع والأمن القومي. وهو الأمر الذي أثار تساؤلات حول مصير اللجنة واختفاءها من الكشف.
لجنة الدفاع والأمن القومي التي تولى اللواء كامل عامر رئاستها على مدار السنوات الخمس الماضية تفرض سرية على أعمالها بما فيها انتخابات هيئة المكتب. ولم يتمكن أي من الصحفيين من حضور هذه الانتخابات. لكن مصادر قالت للمنصة إن عامر ترشح على الرئاسة ونافسه اللواء صلاح أبو هميلة الذي تفوق عليه، قبل أن يتنازل الأخير عن رئاسة اللجنة لصالح منافسه. وقالت مصادر المنصة أن أبو هميلة حصل على 17 صوت فيما حصل منافسه على 16.
الضابط يوّدع لجنة حقوق الإنسان
برلمان 2021 جاء مع متغيرات دولية، أبرزها وصول جو بايدن لرئاسة الولايات المتحدة، وهو ما انعكس على تغيّر تشكيل لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، بحسب نواب تحدثوا للمنصة.
اللجنة التي ترأسها من قبل ضابط الشرطة السابق، علاء عابد، انتقلت مفاتيحها إلى تركيبة جديدة متنوعة، إذ حصل على رئاسة اللجنة بالتزكية النائب طارق رضوان من حزب مستقبل وطن، وحصل على مقعدي الوكالة النائب محمد عبد العزيز، عضو تنسيقية شباب الأحزاب وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، والنائب أيمن أبو العلا، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية.
التركيبة الجديدة للجنة التي دفعت عابد للانتقال لرئاسة لجنة النقل والمواصلات يقول عنها نائب تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته "هذه لجنة لها مهام خارجية، اختياراتها تخضع لحسابات وترتيبات مختلفة".
الترتيبات التي تحدث عنها المصدر تشير إلى الدور المتوقع أن تلعبه اللجنة في ظل تغيرات المشهد الدولي. دفع مستقبل وطن بالنائب طارق رضوان، جاء بسبب خبرته السابقة في لجنة الشؤون الخارجية التي ترأسها في البرلمان السابق، وبعدها خبرته في رئاسة لجنة الشؤون الأفريقية. رضوان الذي ينتمي لعائلة برلمانية من سوهاج يتبنى نفس الخطاب الرسمي للدولة الذي يرفض ما يسميه "فرض مفاهيم غربية لحقوق الإنسان على الدول، مفضلًا الحديث عما يسميه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والميل للعمل على تحقيقها بدلًا من الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يهتم بها الغرب".
أما مقعدا وكالة اللجنة فتوزعا بين محمد عبد العزيز صاحب الخبرة في التعامل مع هذا النوع من القضايا بسبب عضويته في المجلس القومي لحقوق الإنسان، والنائب أيمن أبو العلا المنضم حديثًا لحزب الإصلاح والتنمية، الذي يرأسه محمد السادات، الذي كان رئيسًا للجنة حقوق الإنسان في بداية برلمان 2016.
الرئاسة لحزب الأغلبية والوكالة للحلفاء
استحواذ حزب مستقبل وطن على اللجان النوعية انتهت برئاسة 17 من أصل 25 لجنة، فيما حصل المعينون على رئاسة خمس لجان، وهي نفس النتيجة التي وردت في تسريبات مصطفى بكري الصباحية. بينما جاءت مقاعد الوكالة وأمانة السر في صورة ترضية لحلفاء حزب الأغلبية، وتنوعت بين شباب تنسيقية الأحزاب، وحزب الشعب الجمهوري، والوفد، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، والإصلاح والتنمية.
وفي الوقت الذي كانت حصلت فيه نائبة وحيدة على مقعد الرئاسة، أختيرت نائبات في مقاعد الوكالة وأمانة السر بالتوافق والتزكية. فلجنة السياحة والطيران المدني ترأستها النائبة المعينة نورا علي، بينما حصلت ثلاث نائبات على مناصب أمانة السر، في لجان السياحة والطيران المدني، والتعليم والبحث العلمي، والتضامن الاجتماعي والأسرة.
وراتفعت نسبة التمثيل النسائي في منصاب الوكالة نسبيًا، إذ حصلت ست نائبات على مقاعد الوكالة في خمس لجان، اثنان منهن في لجنة التعليم والبحث العلمي. وعقب إعلان النتائح النهائية لانتخابات اللجان تحدث ممثل الأغلبية أشرف رشاد، مهنئًا النواب وموجهًا الشكر للنائبات.
واختتم النائب أحمد خليل، ممثل حزب النور، كلمته مشيدًا بالاستقرار البرلماني في مصر وعملية انتخاب المجلس وانعقاده، في الوقت الذي أشار فيه لأزمة اقتحام مبنى الكابيتول في الولايات المتحدة الأمريكية، قائلًا "نشاهد عبر شاشات التلفاز أزمة في الكونجرس الأمريكي والديمقراطية الأمريكية المزعومة".
جبالي وضبط الوقت واللغة
واحدة من الملاحظات التي تحدث عنها النواب في الكواليس كانت المقارنة بين رئيس المجلس الحالي وسابقه. إذ حاول الرئيس الجديد فرض انطباع عنه يتعلق بالوقت والالتزام بالمواعيد، حينما قال خلال رئاسته للجلسة العامة أمس الأربعاء "لن نلتزم بالدقيقة بل بالثانية"، على عكس سابقه عبد العال الذي كان من المعتاد تأخر الجلسات عن موعدها في عهده لفترات قد تتجاوز الساعة. الرئيس السابق للمحكمة الدستورية بدا هادئًا مع استخدم لغة عربية منضبطة خلال كلماته التي ألقاها على مدار الأيام الثلاث الماضية، وهو ما كان محل تعليقات بين عدد من النواب.
وخلال حديث جانبي مع أحد نواب المعارضة عن شخصية جبالي الذي أتى من منصة القضاء، أبدى النائب تخوفه من كيفية تعامل رئيس البرلمان الجديد مع الاختلاف في الرأي، قائلًا "قد يكون الرئيس الجديد متأثرًا بالمسافة التي تفرضها مهنته بينه وبين الناس، لكن هذا لا يجوز أن يستمر في المجلس وسنعمل على إزالة أية حواجز قد تكون بينه وبيننا"، يضيف النائب الذي استمر محتفظًا بمقعد دائرته بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة، وتحفظ كذلك على ذكر اسمه "دخلنا خلافات كثيرة مع الرئيس السابق وسندخل مع أي شخص لا يتيح لنا الفرصة".
المعارضة البناءة
على يسار القاعة جاء اختيار النواب من شباب تنسيقية الأحزاب والسياسيين لمقاعدهم، في إشارة لرغبتهم لعب دور المعارضة في هذا البرلمان، مروّجين لأنفسهم باعتبارهم نموذج المعارضة الجديدة.
اختيار نواب التنسيقية لمقاعد اليسار، الذي يعني تاريخيًا معارضة السلطة، جاء متسقًا مع كلمة النائب وعضو التنسيقية محمد عبد العزيز، الذي ترشح على وكالة المجلس في انتخابات هيئة المكتب الذي تحدث عن "المعارضة البناءة"، وهو نفس المصطلح الذي استخدمه ـعدد من أعضاء التنسيقية الذين توقع لهم رئيس المجلس السابق علي عبد العال، لعب دور كبير في البرلمان الجديد.
صفحة تنسيقية شباب الأحزاب على فيسبوك احتفت بشبابها ونقلت صورهم في مقاعد المعارضة. وأعلنت الصفحة أهداف نوابها في هذه المرحلة متمثلة في "توسيع دعائم الديمقراطية، الحفاظ على الحقوق والحريات، ودعم السلام الاجتماعي".