دون معارضة، وافق مجلس النواب في جلسته العامة، أمس الأحد، على تعديل القانون رقم 10 لسنة 1972، بشأن "الفصل غير التأديبي"، الذي سينضم بعد الموافقة النهائية عليه، لحزمة القوانين التي صدرت ضمن إجراءات "مكافحة الإرهاب".
مشروع القانون، الذي وافقت عليه لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية صباح أمس، قبل انعقاد الجلسة العامة، ولم يكن على جدول أعمالها المنشور، تقدم به النائب علي بدر، ووقع عليه أكثر من 60 نائبًا آخرين.
بدر، الذي يشغل منصب وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، قدم في مشروعه بنودًا تفصيلية تتيح فصل العاملين وإبعاد الموظفين المنتمين فكريًا إلى الجماعات التي صنفتها الحكومة إرهابية، عن العمل بالجهات التابعة للدولة.
ولم تستغرق الموافقة على مشروعه، المكون من ثلاث مواد، أكثر من خمس دقائق، خلال اجتماع لجنة الشؤون التشريعية برئاسة وكيلها، النائب نبيل الجمل، الذي قرأ المواد الواردة في المشروع، ولم يعلق أي من أعضاء اللجنة عليها، ولم يبد أي منهم كذلك اعتراضًا أو تحفظًا على أي من بنوده.
وخلال الجلسة العامة، عرض الجمل، تقرير لجنة الشؤون التشريعية، ولم يعقب أي من النواب كذلك، بالمعارضة، أو التحفظ، أو إبداء أية مخاوف خلال التطبيق، ومر المشروع بمراحله المعتادة بسلاسة، بدءًا من الموافقة عليه من حيث المبدأ، مرورا بالتصويت على مواده، وانتهاءً بالموافقة عليه في مجموعه، ثم قرار رئيس مجلس النواب علي عبد العال إرساله لمجلس الدولة، لإبداء الرأي فيه وفقًا للائحة.
ويستند النائب علي بدر، في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون، إلى المادة237 من الدستور التي "أوجبت على الدولة مواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمني محدد، باعتباره تهديدًا للوطن وللمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات، وفرض القانون تنظيم أحكام إجراءات مكافحة الإرهاب، والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه". مستعرضًا ما وصفه بحرب شرسة تخوضها الدولة ضد الإرهاب والتطرف، فيما تتحول بيئة العمل إلى "ساحة للاستقطاب الفكري (...) تستغلها الجماعات الإرهابية في تجنيد أتباعها، مع ما يشكله ذلك من خطر داهم على الصالح العام والمجتمع، بما يستلزم إبعاد الموظفين المنتمين فكريا إلى الجماعات الإرهابية عن العمل بالجهات التابعة للدولة".
وأضاف بدر، في المذكرة، أنه "لما كان تجفيف منابع هذا الفكر لا يقف عند حد مواجهة مروجيه من العاملين بالجهاز الإداري للدولة فقط، وإنما تستدعي مواجهتهم بصورة أوسع وأكثر شمولًا، لذلك فقد ارتؤي تعديل قانون الفصل بغير الطريق التأديبي المشار إليه، ليسري على العاملين بكل مواقع العمل والإنتاج التي تملك الدولة توجيهها، إما لكون الدولة هي المالكة لها، أو المساهم الرئيسي وصاحب القرار فيها، باسم شركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، أو لكون تلك المواقع فضلًا عن تبعيتها للدولة، ذات أثر عميق في تشكيل الوعي العام، وتوجيه أفكار الشباب والنشء مثل المؤسسات الجامعية و التعليمية التابعة للدولة".
ويحيي مشروع القانون، الذي قدمه المرشح ضمن القائمة الوطنية من أجل مصر قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد، "من جديد القانون رقم 10 لسنة 1972، الذي لم يتم استخدامه منذ الثمانينات" بحسب المحامي الحقوقي مالك عدلي، الذي أعرب خلال تصريحات للمنصة عن مخاوفه من إعادة تطبيق القانون مرة أخرى، بما يفتح المجال لانتهاكات ضد حقوق العمال والموظفين، تحت دعاوى الإرهاب.
ولفت عدلي إلى أن التعديلات وسعت الجهات التي يشملها تطبيق مشروع القانون، وأضافت إلى دائرة سريانه مؤسسات القطاع العام وقطاع الأعمال، وكان يسري فيما سبق، على العاملين في وحدات الجهاز الإداري للدولة فقط.
وتنص المادة الأولى من مشروع القانون على حالات فصل الموظف بوحدات الجهاز الإداري للدولة، أو الإدارة المحلية، أو الجهات المخاطبة بقانون الخدمة المدنية، بغير الطريق التأديبي، وجاء في مقدمتها الإخلال بواجبات الوظيفة بما من شأنه الإضرار الجسيم بالإنتاج، أو بالمصلحة الاقتصادية للدولة، أو إذا قامت بشأنه دلائل جدية على المساس بأمن الدولة وسلامتها، أو إذا فقد أسباب الصلاحية للوظيفة التى يشغلها لغير الأسباب الصحية، إذا كان فاقدا للثقة والاعتبار، أو إذا أدرج على قوائم الإرهابيين المنظمة بأحكام القانون رقم 8 لسنة 2015، في شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، على أن يعاد إلى عمله فى حالة إلغاء قرار الإدراج.
وحددت المادة الثانية، من مشروع القانون، طرق فصل الموظف، مشترطة صدور القرار من رئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس الوزاء في حال حصوله على تفويض من الرئيس، ويأتي قرار الفصل، بعد سماع أقوال الموظف دون الإخلال بحقه في الطعن. ونظمت المادة الثالثة الحق في الطعن على قرار الفصل أمام مجلس الدولة، وأجازت للمحكمة الحكم بالتعويض بدلًا من إلغاء قرار الفصل، لأسباب تقتضيها المصلحة العامة.
ولا يبدو مشروع القانون الجديد غريبًا على المجلس، إذ ظهرت له بوادر من قبل، فيما قدمه النائب محمد أبو حامد من مشروع مشابه، تحت اسم "إصلاح الوظيفة العامة"، وإن كان اﻷخير حريصًا أن "يخرج (القانون) بتوازن حتى لا يساء فهمه، ومن الممكن أن يصور كوسيلة لمواجهة المعارضة"، بحسب ما صرح به، في وقت سابق، لـ"اليوم السابع".