قبل أيام؛ مات الفنان المسيحي المنتصر بالله، فاختلف مسلمون مصريون، كالعادة، حول شرعية الترحم عليه. منهم من قال إنه فنان أسعدنا كثيرًا في المسلسلات والأفلام الكوميدية التي قدمها وعلينا أن ندعو له بالرحمة، وكثير قال إنه نصراني كافر بما أنزل على محمد ولا يجوز الترحم عليه. هذه المعركة ليست الأولى من نوعها، ومواقع التواصل الاجتماعي شهدت مثلها يوم موت الممثل جورج سيدهم، ولن تكون المعركة الأخيرة بالطبع.
المؤسف أن موت رموز ومشاهير المسيحيين من غير رجال الدين أصبح محركًا لمشاعر الكراهية المؤسسَة على فتاوى دينية سلفية، وهذا مؤشر لتفاقم الأزمة الاجتماعية بين الجماعة المسلمة والجماعةالمسيحية رغم الإنكار الذي تمارسه السلطة الحاكمة، الذي يضر المجتمع كله وينذر بتزايد العداء المؤدي للانهيار.
عشت طفولتي في قرية كوم العرب التابعة لمركز طما في سوهاج، إحدى محافظات جنوب الصعيد، في بيت عائلتي الواقع بجوار بيوت المسيحيين، كان ذلك في سبعينيات القرن الماضي. ولما التحقت بالمدرسة الإبتدائية، اختار سامي ميخائيل، جاري وزميلي في اللعب، الجلوس بجواري على ذات المقعد في الفصل، وفي يوم من الأيام نادت المعلمة "المسيحيين يطلعوا بره"، وبالفعل خرج سامي ونجيب ومقار من الفصل، وشغلني سؤال اللحظة "هما هيروحوا فين؟".
سألت سامي في نهاية اليوم الدراسي فقال لي إحنا بنروح معمل العلوم عند الأستاذ جرجس، أمين المعمل عشان يشرح لنا درس الدين، ولأن الزمن كان زمن ازدهار الفكر السلفي الجهادي والإخواني وأنا طفل لا أدرك معنى الفكر والمذاهب سمعت كلامًا يقوله الكبار من نوعية: النصارى ريحتهم وحشة، أكلهم زفر، وربنا عرض الدنيا على النصارى والمسلمين، فاختار النصارى المال والجمال، بينما اختار المسلمون الدين والإسلام، وغير ذلك الكثير من الجمل الطائفية المشهورة المكررة سواء في الصعيد، أو في وجه بحري.
هذه العبارات والحكايات كنت أسمعها من المسلمين، وكان النشاط الكنسي زائدًا في تلك الحقبة، نهاية السبعينيات وبدايات الثمانينيات، ولهذا "انفك" أحد جيراننا المسيحيين معي وقال "انتوا بتصوموا رمضان وده بيضر الجسم ويعطل عن العمل والحركة، وانتوا دينكم نزل بعدنا يبقى إزاي تكفرونا، إحنا قبلكم، وانتوا عندكم سورة في القرآن سورة الكهف بتقول عننا إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى علشان أهل الكهف كانوا مسيحيين، يعني باعترافكم أهه إحنا مؤمنين"، وغير ذلك من العبارات الطائفية المضادة.
وفي مدرستي الثانوية في مدينة طما اتسع المسرح، فظهرت "الدقون" وكان في الفصل الذي أدرس فيه فريق من المشايخ الصغار، وكانوا يشيعون جدلًا دينيًا بين الحين والآخر. وفي تسعينيات القرن الماضي زادت المواجهات المسلحة بين الجماعات الجهادية الإسلامية والداخلية وسُجن هؤلاء الزملاء وانقطعت أخبارهم عني.
لما التحقت بجامعة أسيوط فرع سوهاج كانت الجماعات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين يسيطرون على اتحاد طلاب الجامعة ويمنعون اجتماع الطلبة والطالبات والأنشطة الفنية، وكان الطلبة والطالبات المسيحيون يتجمعون في أركان حدائق الكليات المختلفة، تعرفهم بأزيائهم وصلبانهم الذهبية، وملامحهم الهادئة الحزينة.
وقتها كان الفرز واضحًا؛ فالطالبة المسيحية تعلِّق الصليب ولا تغطي شعرها، والمسلمة ترتدي الخمار والملابس الواسعة، ولا تضع مساحيق التجميل. وانتهيت من دراستي الجامعية، والتحقت بالقوات المسلحة، وهناك رأيت المسيحيين المتخرجين في الكلية الإكليريكية والمسلمين الأزهريين، والمسلمين المؤمنين بالفكر الوهابي، ولكن القانون العسكري لا يسمح بالجدل والصراع الفكري. أنهيت الخدمة العسكرية في بداية تسعينيات القرن الماضي، وكان اﻹخوان في صدارة المشهد مع الجماعات الإسلامية التي ترفع السلاح وتقتل المسيحيين والمسلمين وتكفر الجميع، وشغلني السؤال الكبير؛ من المسؤول عن الشقاق والتنافر بين المسيحيين والمسلمين؟ وهل هذا الوضع قديم أم مستجد؟ وبدأت رحلة البحث عن إجابة لهذا السؤال المؤرق.
الخوف من "النصراني"
مجتمع الفلاحين في قرى الصعيد والدلتا له تاريخ غير طيب مع كلمة "النصراني" وهذا التاريخ موغل في القدم، فالنصراني الذي عرفه الفلاح في عهد محمد علي وأولاده من حكام مصر، هو موظف يتولى تحصيل المال الميري أو الضرائب المقرَّرة على المزارعين، وكان يوم حضور الموظف المسيحي إلى القرية هو اليوم الأسوأ في حياة الفلاحين، فهو يوم دفع المال، وغالبية الفلاحين فقراء، لا يملكون القدرة على دفع الميري، وكانت الإهانة والضرب بالنبوت إجراءً متبعًا لإرغام الفلاحين على دفع الضرائب، فترسخت بذور عداوة بين المسلمين والمسيحيين.
نظر البعض لهذا الموظف باعتباره صاحب السلطة لا ممثلها، وبالتالي هو مَن يتسبب في تجويع وحرمان الفلاحين من ثمرة عملهم في الزراعة لحساب الباشا، والسلطة الغاشمة بالنسبة لهم هي "النصراني" وبالتالي فهم يكرهون رجل السلطة وما يمثله.
ورغم أن هناك "نصارى" آخرين يزرعون الأرض ولا يعملون في الجهاز الإداري لدولة الباشا، إلا أن الكراهية التي تولّدت في نفوس الفلاحين المسلمين لم تفرق بين "نصراني فلاح" يتم تجويعه، و"نصراني يمثل السلطة"، وقد رصد المستشرق الإنجليزي إدوارد وليم لين في كتابه "المصريون المحدثون: شمائلهم وعاداتهم"، صورة للمسيحيين في عهد محمد علي بقوله "وقد وجدت أنه من الصعب أحيانًا أن أدرك اختلافًا ما بين القبطي والمسلم المصري، خلاف ما يوسم به القبطي من الكآبة والعناد، وكثيرًا ما يُخدَع المسلمون عندما يرون قبطيًا يلبس العمامة البيضاء. وملابس الأقباط، مثل ملابس المسلمين، ماعدا عمامة القبطي، فتكون سوداء، أو زرقاء، أوذات لون أسمر، وكثيرًا ما يلبسون جبة قطنية سوداء".
لعل المعنى الذي يدركه القارئ من هذه الفقرة هو اختلاف لون العمامة، لكن لهذه العمامة دلالة ثقافية، فالعمامة والعصا وركوب الخيل، من مظاهر العروبة، ولكي يبقى الاختلاف قائمًا بين قبائل العرب الفاتحين وجماعات القبط الفلاحين، حرمت السلطات الإسلامية المصريين المسيحيين الأوائل من ارتداء العمائم البيضاء وركوب الخيل وحرمتهم من القتال ضمن الجيوش وألزمتهم بدفع الجزية، وفي بعض العصور ألزمتهم السلطات الإسلامية بتعليق صلبان حديدية في رقابهم، وهو ما جعل عظام رقاب القبط ذات لون أزرق أو أسود بسبب ثقل الصلبان، فأصبح القبط يسمون "عضماية زرقا". ولأن الملابس المفروضة عليهم كانت سوداء، فأصبحوا على ألسنة العامة من المسلمين "فتلة كَحلة"، أي خيط أسود دلالة على اختصاصهم بالزي الأسود.
والمدهش أن هذه الأزياء، تحولت في أذهان المسلمين في زمن ازدهار التكفير الوهابي الذي نعيشه إلى أسطورة تقول إن القس يرتدي الأسود حزنًا على مصر التي سلبها المسلمون منهم، ويوم يستردونها سيعودون لارتداء الأبيض. واضطر البابا شنودة للرد على هذه الأسطورة في لقاء شهير مع جماهير معرض القاهرة الدولي للكتاب، وأوضح للحاضرين الظروف التي ربطت بين الكهنة والزي الأسود، وأن هذا الزي لا علاقة له بدخول العرب مصر لا من قريب ولا من بعيد.
ما فعلته بنا الرواسب التاريخية؟
هذه الرواسب الثقافية التي تخلَّفت في الوجدان الشعبي المصري من عصور قديمة، ما زالت تتحكم في سلوك الطبقات الشعبية ذات الوعي المحدود، الخاضعة للخطاب السلفي الجهادي التكفيري القائم على كراهية كل مَن يخالفه في العقيدة والفكر. والمعروف لدى المتخصصين في العلوم الاجتماعية أن العناصر الثقافية والفكرية، مثل المعتقدات والعادات والأفكار، تتكون وتتراكم ببطء وتزول أيضًا ببطء، والدليل نجده في العصر الذي نعيشه، فعلى الرغم من سيطرة الإنسان على الطبيعة وفهمه الكثير من أسرارها، مازال بيننا من يخاف العفاريت والجن والسحر، والمعروف أيضًا أن البيئة تحتضن الأفكار وتجعلها تنمو وتعيش، ولعل هذا يفسر لنا بقاء أغنية فولكلورية يرددها أطفال قرى الصعيد حتى الآن، لكننا لا نقول ذلك على اﻹنترنت، تقول "النصارى دبحوا حمارة، فطّت حتة قالوا خسارة. المسلمين دبحوا عجل سمين، فطت حته قالوا خلوها للمساكين".
وترجمة هذه الأغنية التي تم إنتاجها في فترة من فترات التوتر الديني والصراع بين المسيحيين والمسلمين، تؤكد أن رجال الدين المتعصبين هم صناع أفكارها، فالنصارى في الأغنية يخالفون الشرع الإسلامي وبخلاء، في مقابل المسلمين باعتبارهم أهل الشرع والشريعة الصحيحة والكرم.
دنشواي والخواجة بطرس
يطلق المسلمون من أهالي الصعيد لقب "الخواجة" على المسيحيين، الذين بدورهم كانوا متصالحين مع اللقب في الفترة التي سبقت ثورة يوليو 1952، لدرجة جعلت تجار الذهب منهم يكتبون في بطاقات الدعاية الخاصة بهم الخواجة فلان، لأن قطاعًا كبيرًا من الأغنياء كانت لهم صلات تجارة وعمل مع الأجانب الأوروبيين ومنهم مَن عمل في وظائف القناصل والوكلاء التجاريين، لكن هذا اللقب تحول إلى سبّة في الفترة التي تلت إلغاء الامتيازات الأجنبية والحماية والمحاكم المختلطة، وظل المسلمون يغيظون المسيحيين باللقب، فلو نادى مسلم مسيحيًا به؛ كان يبادر الأخير بالرد "إنت شايف البرنيطة على راسي؟ إيه خواجة دي؟".
بعد "حوادث جباية الضرائب" والرواسب التي تركتها؛ جاءت فترة حادثة دنشواي 1906 الذي حكم فيه بطرس غالي على الفلاحين بالشنق والجلد، لأنهم قاوموا المحتل الإنجليزي، وكانت خطة الاحتلال آنذاك تهدف إلى تمزيق الحركة الوطنية المصرية عن طريق استخدام عناصر قبطية موالية وصحف، ومن هؤلاء رئيس الحزب المصري، أخنوخ فانوس، الذي كان له دور كبير في التحريض الطائفي وتوسيع الشقاق بين المسيحيين والمسلمين، في الفترة التي أعقبت اغتيال بطرس غالي على يد الشاب ابراهيم الورداني في العام 1910.
في المقابل؛ كان لتركيا، الدولة العثمانية، رجالها من دعاة الجامعة الإسلامية ومن هؤلاء الشيخ عبد العزيز جاويش الذي كتب مقالًا في جريدة اللواء تحت عنوان الإسلام غريب في بلاده، وكان سببًا في وقوع المصريين المسلمين في الفخ الذي صنعه الإنجليز، وكان لعباس العقاد كتابًا مشهورًا عن زعيم الأمة سعد زغلول، تحدث فيه شخصية جاويش بقوله عنه "بينما كان سعد زغلول يعمل لاستقلال مصر بأيدي المصريين كان الشيخ جاويش تونسيًا مشمولًا بالحماية الفرنسية، وهو من دُعاة الخلافة العثمانية، لا يريد لمصر إلا منزلة الولاية التابعة من السيد المتبوع، وشقي بدعوته هذه الرجل النبيل محمد فريد رئيس الحزب الوطني فإنه كان معه في الأستانة وكان يدعو إلى استقلال مصر ويتخذ له شعار مصر للمصريين، فكان لا يلقى من جاويش إلا المكيدة والتآمر عليه مع ضباط تركيا الفتاة".
ورغم أن التيار القومي اجتذب المسيحيين والمسلمين في حزب الوفد طوال سنوات النضال الوطني ابتداء من العام 1919 إلا أن فكرتين ظهرتا في الفترة ذاتها وساعدتا على زرع الحقد والكراهية بين قطاعات كبيرة من المسلمين والمسيحيين، اﻷولى هي فرعونية المسيحيين، والثانية الجامعة الإسلامية.
الأولى تنفي عن المسلمين المصريين صفة الحضارة وترى أنهم بدو أجلاف غزاة، وأن المسيحيين هم السلالة النقية التي ورثت حضارة الفراعنة. والثانية ترى أن الخلافة الإسلامية هي الصورة السليمة للحكم وأن أهل الذمة مجرد رعايا لا مواطنين، وترتَّب عليها، بعد سقوط الخلافة العثمانية 1923، ظهور جماعة الإخوان عام 1928، وكانت هذه الجماعة تعمل ضد فكرة الوطنية، ومن الثابت ولاءها للملك والإنجليز، ويقوم منهجها على أن الإسلام دين ودولة؛ مصحف وسيف.
وفي إطار انتهازية حسن البنا السياسية وقبوله الدور الذي طلب منه القصر أن يلعبه ضد مصطفي النحاس وحزب الوفد، أشاعت جماعة الإخوان حالة من الصراع الديني، فقد كتب البنا مقالًا في مجلة الجماعة يطالب فيه بفرض الجزية على المسيحيين، وتصدى له القمص سرجيوس أحد خطباء ثورة 1919.
وفي ظل مناخ اقتصادي مأزوم، سقطت شرائح كثيرة من البرجوازية الصغيرة في فخ المعارك الدينية الصغيرة، وساد مناخ التعصب الذي ازدهر تحت ضغوط الأزمة الاقتصادية والبطالة وسيطرة الشركات الأجنبية على سوق العمل، وغياب الفلسفة الداعية لوحدة المواطنين أمام النظام التعليمي.
فمن ناحية جماعة الإخوان تقسم الناس إلى مسلمين وكفار، بل إن جماعة شباب محمد وهي من تفريعات جماعة الإخوان طالبت صراحة بمقاطعة غير المسلمين، وعدم التعامل معهم، وجماعة الإخوان تعلن في نظامها الأساسى اكتفاء الأخ بأخيه، بمعنى أن عضو الجماعة عليه أن يشتري ويبيع مع أعضاء الجماعة الذين من بينهم التاجر والبقال والنجار والطبيب والمقاول. وفي مقابل ذلك، دعت تلك الأفعال المسيحيين إلى اتباع السلوك ذاته.
ومن الثمار المُرة لظهور هذه الجماعة، إحراق كنيسة ومدرسة مسيحية في السويس عام 1952، في زمن كان فيه شعار عاش الهلال مع الصليب يتردد في الاجتماعات الحزبية والمؤتمرات والصحف، لأن جماعة الإخوان وقطاعًا من البرجوازية في حزب الأحرار الدستوريين والسفارة البريطانية، والملك فاروق، أرادوا القضاء على حزب الوفد، وكان المسيحيون بمثابة عموده الأساسي في الشارع المصري، فخلقوا وأشاعوا خطابًا يفرق بين المسلم والمسيحي.
حتى جاء يوم على مصر شهدت فيه مولد جماعة الأمة القبطية ردًا على وجود جماعة الإخوان وخطابها المضاد لفكرة الوحدة الوطنية، ونتيجة لهزيمة المشروع الوطني الذي تزعمته البرجوازية المتمثلة في حزب الوفد فلم تحصل على الاستقلال ولم تستطع حل أزمة توزيع الثروة، فاتسع الأفق أمام الخطاب الديني الذي يزدهر عادة في أوقات هزيمة الثورات.
على حافة الخطر
لسنا في حاجة للتذكير بالدور الذي لعبته الولايات المتحدة بمعاونة المملكة السعودية وجماعة الإخوان في تحويل الصراع بينها وبين الاتحاد السوفيتي السابق ودول الكتلة الشيوعية إلى صراع ديني، ترتب عليه إنشاء مجلس الكنائس العالمي، ومهمته استغلال معاناة المسيحيين في دول العالم الثالث، وتحريض الكنائس الوطنية على فكرة الوطنية ذاتها.
ووجود الفكر الوهابي وجماعة الإخوان وغيرها من أدوات تديين الصراع السياسي خلق قادة جدد هم رجال الدين بدلًا من القادة السياسيين، وانعكاس هذا العمل المنظم على مصر تمثل في تباعد وجفاء واستغناء وتقوقع من جانب المسيحيين، وشيوع الخطاب السلفي لدى المسلمين وهو خطاب يجبر الناس على العيش في الماضي، ويدعو لكراهية كل من يخالف فتوى الشيخ، حتى وصلنا لتمييز الرجل والمرأة المسيحيين من الزي والكلام، فالمسلم يضع في إصبعه البنصر دبلة من الفضة، بينما يضع المسيحي خاتمًا ذهبيًا، والمرأة المسلمة ترتدي الحجاب والنقاب والخمار والطرحة، والمسيحية تعلق الصليب ولا تغطي شعرها، وعند الاتصال الهاتفي يبدأك المسلم بقوله "السلام عليكم" بدلًا من آلو التي كانت تستخدم في السابق، ويختم كلامه بعبارة "الله المستعان"، والمسيحي يقول "صدقني" بدلًا من القسم المعتاد بين المصريين "والله/ وربنا.. إلخ".
وأصبح كل فريق مستغن بما عنده؛ المسلم يتلقى العلاج من الطبيب المسلم في المستوصف الإسلامي، والمسيحي يتلقى العلاج في مستشفي القلب المقدس وغيرها من المستشفيات. والمرأة المسلمة لا تتابع الحمل عند الطبيب المسيحي حتى لايطلع على عورتها، والتدين الشعبي الذي كان جوهره قائمًا على المحبة والتسامح انحسر، وضعف في ظل هيمنة الخطاب السلفي والاخواني الذي يحرم على المسلمين تهنئة المسيحيين في أعيادهم أو يترحم على موتاهم، ولم يعد في المجتمع أي سياق يجمع المسيحيين والمسلمين، فلا أحزاب ولا تجمعات مشتركة تصهرهم، والنتيجة هي تزايد الخوف بين شطري المجتمع والخوف أول طريق الحرب، وهذا ما لا نتمناه ولا نرجوه أبدًا.
المراجع:
- حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين- دار الثقافة الجديدة- الطبعة الخامسة القاهرة 1984- رفعت السعيد.
- المصريون المحدثون عاداتهم وشمائلهم- طبعة مكتبة الأسرة القاهرة 2013 - إدوار لين، ترجمة عدلي طاهر نور.
- المسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية- دار الشروق، القاهرة 2004. طارق البشري.
- أقباط مصر: التاريخ والقضية- دار العين، القاهرة 2016 - أبو سيف يوسف.