منذ إعلان نتائج الثانوية العامة مطلع الشهر الجاري وحتى فتح باب تسجيل رغبات الطلبة في مكاتب التنسيق اليوم السبت، ارتفعت بشكل لافت نسبة الباحثين عن الأخبار المتعلقة بزيادة أعداد المقبولين في كليات الطب على محرك بحث جوجل، وذلك على خلفية تصريحات رسمية تحدثت مؤخرًا عن خطط لزيادة أعداد الطلبة المقبولين في كليات الطب، لتغطية العجز الذي ظهر أثره خلال الأشهر الماضية مع انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد.
ووفقًا لما كشفته ثلاثة مصادر مطلعة على ملف المقبولين الجدد للمنصة، فإن أعداد المقبولين في كليات الطب البشري وكليات العلاج الطبيعي ستزيد بنحو ألفي طالب هذه السنة عن السنة الدراسية المنقضية، بينما ستقل أعداد المقبولين في كليات الصيدلة، مع إتاحة الفرصة لطلبة الصيدلة بالتحويل إلى كليات الطب وفقًا لشروط معينة.
في 15 أغسطس الماضي، فوض المجلس الأعلى للجامعات الذي يترأسه وزير التعليم العالي بحكم المنصب، اللجنة العليا للتنسيق، بتحديد اعداد المقبولين بالجامعات دون أن يتطرق الاجتماع صراحة للحديث عن زيادة أعداد المقبولين بكليات الطب.
لكن الدكتور حسين خالد وزير التعليم العالي الأسبق في حكومة كمال الجنزوري (ديسمبر/ كانون الأول 2011 – يونيو/ حزيران 2012) والذي يتقلد حاليًا منصب رئيس القطاع الطبي بالمجلس الأعلى للجامعات، قال للمنصة إن هذا العام "سيشهد زيادة في أعداد المقبولين بكليات الطب البشري والتمريض وفقا لخطة وضعت في صيف 2019".
ويوجد في مصر 37 كلية للطب من بينها 26 كلية في جامعات حكومية وست كليات في جامعات خاصة وأربع يتبعون مشيخة الأزهر، وكلية واحدة تابعة للقوات المسلحة.
وأعرب خالد عن توقعاته بأن تقبل هذه الكليات مجتمعة 11 ألفًا و250 طالب مقابل 10 آلاف و250 طالب قبلتهم السنة الدراسية الماضية "لكن العدد النهائي سيكون بعد نهاية المرحلة الأولي من التنسيق التى ستنطلق السبت".
كان الرئيس عبد الفتاح السيسي وجه في مايو/ أيار الماضي بزيادة أعداد خريجي كليات الطب وذلك في ظل توجيه أصابع الاتهام من الحكومة للأطباء بالتقصير في مهمتهم وعدم تقديم الخدمة الطبية والتسبب في حالات وفاة، مما دفع الحكومة لاعتماد خطة زيادة سنوية نسبية في أعداد المقبولين في كليات الطب.
وأعلن المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة الأسبوع الماضي تخفيض الحد الأدنى للقبول بكلية الطب التابعة للقوات المسلحة، وذلك في بيان نشرته صفحته على فيسبوك جاء فيه "تم تخفيض الحد الأدنى للقبول بكلية الطب للقوات المسلحة ليكون 96% بدلًا من 97% وذلك لانتقاء أفضل العناصر طبقًا لمعايير القوات المسلحة".
وأوضح خالد في حديثه إلى المنصة، أن عدد الأطباء الفعلي المسجل في سجلات نقابة الأطباء هو 233 ألف طبيب، لكن عدد من يعملون فعليًا سواء في مستشفيات الحكومة أو القطاع الخاص أو المستشفيات الجامعية أو حتى المستشفيات التابعة للقوات المسلحة يبلغ فقط 82 ألفًا، والباقي إما حصل على اجازة بدون راتب وأتجه للعمل خارج مصر أو توقف عن ممارسة الطب، سواء بسبب ضعف الراتب أو ضعف التدريب المهني والتطور في مهنة الطب.
وأضاف أنه وفقًا لدراسة أجراها المكتب الفنى لوزارة الصحة بالتعاون مع المجلس الأعلى للجامعات والمجلس الأعلى للمستشفيات الحكومية العام الماضي فإن "المعدل الحقيقي في مصر هو طبيب لكل 1162 مواطن أي 8.6 طبيب لكل عشرة آلاف مواطن بينما المعدل العالمي هو 25 طبيبًا لكل عشرة آلاف".
وتابع خالد أن الأزمة ليست فقط في نقص عدد الأطباء لكن النقص يمتد أيضًا إلى تخصصات بعينها وهناك أيضًا عجز في بعض المحافظات موضحًا "مثلا تلاقي محافظة فيه أطباء باطنة كتير قوي في مستشفياتها الحكومية، لكن تدور على طبيب أورام أو مخ وأعصاب متلاقيش، تلاقي مثلًا المحافظات الحدودية زى الوادي الجديد ومطروح ممكن المستشفى العام فيه 10 أطباء فقط".
وجاء في دراسة أصدرها المجلس القومي للسكان التابع لوزارة الصحة في مايو 2019، أن محافظات السويس والبحر الأحمر وقنا والقليوبية تتصدر قائمة أسوأ محافظات الجمهورية من حيث عدد الأطباء مقارنة بعدد السكان.
وبحسب وزارة التعليم العالي، فإن المرحلة الأولى من تنسيق الجامعات 2020 ستكون بحد أدنى 400 درجة فأكثر للشعبة العلمية بنسبة 97.60% فأكثر وتستوعب 30 الف و855 طالب.
ووفقا لما نشرته صحف محلية نقلًا عن إحصائية للمجمع التكراري للناجحين في الثانوية العامة 2020، تخطى أكثر من 12 ألف طالب حاجز 98.65% علمي علوم، قبل إضافة الحافز الرياضي، ما يرجح ارتفاع الحد الأدنى للقبول بكليات الطب لأكثر من 98.5%، ليقف عند حد أدنى 98.6%.
طالب الصيدلة قد يصبح طبيبًا
رئيس القطاع الطبى بالمجلس الأعلى للجامعات يواصل الحديث "التفكير عندنا في اجتماعات القطاع متوقفتش على فكرة زياد عدد المقبولين، لكن عملنا خطة سيعلن عنها المجلس الأعلى للجامعات خلال أيام بخصوص آليات وقواعد السماح بتحويل طلاب الصيدلة بالجامعات الحكومية لكليات الطب البشري".
وبحسب الشروط التي كشف عنها خالد، فيجب أن يكون الطالب أمضى سنتين دراسيتين على الأقل بكليات الصيدلة التي بدأت منذ السنة الدراسية الماضية في تطبيق نظام دراسي جديد يعرف إعلاميًا بـ (5+1)، وهو يعني 5 سنوات دراسة لطالب الصيدلة، وسنة تدريب عملي، كشرط للحصول على شهادته.
ويضيف خالد أنه "بمجرد تحويل الطالب لكلية الطب سيقضي فيها خمس سنوات مع حذف ما درسه بالفعل من مواد في كلية الصيدلة، الشروط اللى هتتعلن هتكون مين اللي يحق له التحويل لكلية الطب، والقدرات الاستيعابية لكليات الطب الحكومية لاستيعاب العدد المحول من صيدلة، وسنراعي في إعلان العدد المطلوب قبوله ألا نحدث فجوة في أعداد طلاب صيدلة".
على الجانب الآخر، فإن كليات الصيدلة تهدف إلى تقليل أعداد المقبولين بها حسبما ذكر رئيس لجنة قطاع الدراسات الصيدلية في المجلس الأعلى للجامعات الدكتور ماهر الدمياطي للمنصة.
وتابع الدمياطي "السوق بيشتكي من تراكم أعداد الخريجين بلا عمل"، موضحًا أن السنة الماضية شهدت تخفيض أعداد المقبولين بنسبة 25% لأول مرة، والسنة الجديدة ستستمر نفس النسبة"، رافضًا الكشف عن أعداد المقبولين سنويًا.
وفي تصريحات صحفية الصيف الماضي، قال وزير التعليم العالي خالد عبد الغفار إن السوق الصيدلي حاليا "يعاني من تخمة"، حيث من المفترض أن يكون هناك 8 صيادلة لكل 10 آلاف مريض، ولكن يوجد 24 صيدلي لكل 10 آلاف مريض، حيث يتخرج سنويا 17 ألف صيدلي بحسب تصريحاته.
العلاج الطبيعي: أزمات هيئة التدريس
الوضع في كليات العلاج الطبيعي لا يختلف عن كليات الطب البشري، فهذا العام بحسب الدكتور علاء بلبع الأمين السابق أمين لجنة قطاع العلاج الطبيعي بالمجلس الأعلى للجامعات للمنصة، سيكون عدد المقبولين بكليات العلاج الطبيعي الذي يبلغ عددها ما بين الحكومي والخاص 18 كلية، 6 آلاف طالب بدلًا من 5 آلاف.
وذكر بلبع أن سوق العمل في مجال العلاج الطبيعي يحتاج "عددًا أكثر"، لكن الأزمة أن هيئة أعضاء هيئة التدريس تعاني من نقصًا، قائلًا "عدد أعضاء الهيئة مش هيساعدني حاليًا آخد أكتر من 6 آلاف طالب في السنة".