تصاعدت وتيرة استهداف تنظيم ولاية سيناء لأبناء العشائر في شبه الجزيرة، بالتزامن مع جهود القبائل للتوصل إلى ضمانات بشأن استسلام أبنائهم المنضمين للتنظيم المتطرف والتحقيق معهم في مقار أمنية تقع خارج محافظة شمال سيناء.
ورصدت المنصة من خلال مصادر أهلية في سيناء، هذه الجهود التي أدت إلى انحسار تواجد عناصر التنظيم في مناطق المقاطعة والمهدية والعجراء ونجع شيبانة. حيث استسلم نحو 11 عنصرًا من أبناء القبائل. ووفقًا للمصادر، فإن هذه التحركات القبلية ستفعل بشكل أكبر بعد عيد الفطر.
ولكن في المقابل، فقد تلقت الأجهزة الأمنية يوم الثلاثاء بلاغًا باختطاف أحد أبناء عائلة الخراتلة من قرية قبر عمير التابعة لمدينة الشيخ زويد عمره 46 سنة من قبل ثلاثة مسلحين، ولم تتحدد بعد أسباب الاختطاف.
وعبر فيسبوك، تبنى حسين المنيعي أحد وجهاء عشيرة المنايعة من قبيلة السواركة دعوات لحشد أبناء القبيلة لملاحقة عناصر ولاية سيناء في مناطق نجع شيبانة والمهدية والعجراء بعد انتهاء شهر رمضان، مؤكدًا أن الجهود القبلية نجحت في تخليص المنتمين لعشيرة المنايعة من براثن التنظيم باستسلامهم، مع تبقي ثلاثة أشخاص فقط من أبناء العشيرة لم يسلموا أنفهسم.
وتابع المنيعى عبر حسابه، أن عناصر التنظيم المتبقين في قرية المقاطعة يبلغ عددهم 15 عنصرًا، بينما يوجد حوالي 70 آخرين في مناطق اللفيتات ونجع شيبانة والمهدية والعجراء، حسب تقديره.
وبدت تلك التحركات على غرار تلك التي قام بها اتحاد قبائل سيناء، ومعظمه من أبناء قبيلة الترابين الذين نجحوا في الحد من تواجد عناصر ولاية سيناء في مناطق القبيلة بمركزي الحسنة ونخل من خلال دعم تحركات القوات المسلحة وحراسة تخوم القبيلة ورصد تحركات الغرباء.
ولكن قبيلة الترابين تكبدت على الأثر خسائر جسيمة في الأرواح خلال المواجهات مع عناصر ولاية سيناء، كان آخرها إعلانها مقتل اثنين من أبنائها هما جزاع البحبح ومحمد أحمد العلاوين "خلال مواجهة عسكرية مع عناصر التكفير والإرهاب".
واقعة جديدة استهدف فيها عناصر تنظيم ولاية سيناء المدنيين، و ذلك باختطاف مواطنين أحدهما من قبيلة الترابين والآخر من عائلة أبو سمري أرميلات من منزليهما جنوب قرية أبو طويلة التابعة لمركز الشيخ زويد. وفي 11 مايو/ أيار، بعد ثلاثة أيام من اختطافهما عثر على رأس أحدهما وهو عليان عبد الله العرجاني ملقاة بالقرب من مسجد المكرفي بقرية أبو طويلة، بينما أفرج عن الآخر.
حادث الخطف الأخير هذا وقع بعد أن خسر التنظيم اثنين من عناصره جنوب قرية أبو طويلة، أبلغ الأهالي عن تسللهما فتصدت لهما قوات الأمن ما أسفر عن مصرع أحدهما في الحال بينما توفي الآخر أثناء تلقيه الإسعافات بمستشفى الشيخ زويد العام، وتبين أنه يدعي أمير سالم حسان من عائلة أبو ذراع من قبيلة السواركة. فيما ذكرت مصادر قبلية للمنصة أن الآخر من قبيلة الرشايدة في حلايب وشلاتين، ما يعطي مؤشرات أن تكون عملية الخطف الأخيرة انتقامًا لمقتل عنصريه.
المتحدث العسكري نشر بيانًا حول هذه الواقعة قال فيه إنه "بناءً على معلومات استخباراتية تفيد بتواجد بؤرة إرهابية بإحدى المزارع بشمال سيناء، قامت القوات بتنفيذ عملية نوعية ونتيجة لتبادل إطلاق النيران تم استهداف عدد (2) فرد تكفيري شديدي الخطورة عثر بحوزتهما على رشاش متعدد وجهاز لاسلكى وكمية من الذخائر".
وتفيد المصادر القبلية، أن الضربات التي نفذتها الطائرات الحربية خلال الأسابيع الماضية جاءت نتيجة للمعلومات والإحداثيات التي أدلى بها من سلموا أنفسهم للجهات الأمنية. هذه المعلومات شملت كذلك، حسب المصادر القبلية ذاتها التي تحدثت إلى المنصة، خرائط انتشار العبوات الناسفة ومواقع استلام المواد الغذائية التي تنقلها سيدات مقابل أجر مالي من الأسواق عبر عربات الكارو إلى نقاط محددة لعناصر التنظيم الذين ينقلونها بالتالي إلى مخابئهم.
قوات الأمن من جانبها أحبطت عدة عمليات من خلال تتبع عمليات تهريب أغذية جنوب قرية الشلاق إلى مسلحين متواجدين في منطقة اللفيتات ومحيطها وكذلك جنوب قرية أبو طويلة، لمد العناصر المتواجدة في منطقة المقاطعة وشيبانة والمهدية وقرب قرية أبو شنار الساحلية، لمد العناصر المتواجدة بمزارع ساحل رفح في أبو شنار وبلعا والحسينات ومربعة الفول والمطلة.
كانت مصادر أهلية رصدت أيضًا أوراقًا ملقاة بموقع إنشاء رفح الجديدة، تتضمن تحذيرات مكتوبة بخط اليد للعاملين في الموقع من الاستمرار فيه، دون أن تتمكن من تحديد مصدرها. وتخضع المنطقة لحراسات مشددة توفر الحماية الدائمة للعاملين فيها.
ورجحت المصادر أن عناصر التنظيم باتوا يعانون الآن من أزمة في توفير المواد الغذائية، حيث رصد الأهالي حالات تسللت فيها عناصر مسلحة إلى مناطق سكنية وهددت العائلات التي تسكن على أطراف القرى واستولت على مواد غذائية، خاصة الدقيق.
ومع استسلام العديد من عناصر التنظيم، إضافة إلى نقص المواد الغذائية وتصاعد تهديدات القبائل بشن حملات تطهير للقرى التي ما زالت عناصر من التنظيم تتمركز بها، يبدو جليًا أن التنظيم الذي يمر بأزمة عميقة، يركز الآن على تنظيم صفوفه في مناطق جنوب بئر العبد ومناطق المغارة بمركز الحسنة، حيث تبنى عملية استهداف مدرعة لقوات الجيش بعبوة ناسفة نهاية الشهر الماضي، على طريق تربط مركز بئر العبد بقرية المغارة، أسفر عن سقوط 13 عنصرًا أمنيًا بينهم ضابط.
أيضًا في 24 أبريل/ نيسان الماضي حرق مسلحون تابعون للتنظيم مواطنًا يدعي عواد أبو رقيع داخل سيارته التي كانت أمام منزله في تجمع الحمة بقرية المغارة، بدعوى تعاونه مع قوات الأمن، وكذلك قتل آخر بدعوى نقله المياه لكمائن الأمن، حيث استقبل مستشفى الحسنة في 28 أبريل جثمان حسن سلمان حسين (52 عامًا) مصابًا بطلق ناري بالصدر.
كما اختطفت عناصر التنظيم يوم 22 أبريل خمسة من أبناء قبيلة الترابين بينهم طفلين، وسرقوا ثلاث سيارات ربع نقل. ولكنهم أفرجوا عن المختطفين لاحقًا.
وبحسب إحصائية لمديرية التضامن الاجتماعي بشمال سيناء؛ بلغ عدد القتلى المدنيين في شمال سيناء منذ العام 2013 حتى يوليو 2017 نحو 600 قتيل، و1240 مصاب غالبيتهم من مركزي الشيخ زويد ورفح.